No Image
الاقتصادية

كيف تؤثر العادات وتجارب الآخرين في قراراتنا الاستهلاكية؟

10 أكتوبر 2022
10 أكتوبر 2022

يتخذ الإنسان ما يزيد عن 35 ألف قرار في اليوم الواحد، وسط الكثير من المؤثرات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، ويمكن أن ينعكس وعينا بهذه المؤثرات في التقليل من تأثيرها عندما يتعلق الأمر بالاستهلاك. حيث وجدت دراسة أن 95 بالمائة من قرارات الشراء تتخذ دون وعي المستهلك، باستخدام وسائل خداع تصل إلى العقل اللاواعي.

ووضعت وزارة الاقتصاد في أحدث منشور لها مجموعة من الخطوات التي يمكن اتباعها لتحسين قرارات الاستهلاك من أهمها وضع خطط مالية محددة ومراجعتها باستمرار. يأتي ذلك في ظل ارتفاع معدلات التضخم العالمية لمستويات غير مسبوقة منذ عام 1982، حيث وصلت في أبريل الماضي لـ7.8 بالمائة، وكانت تلك المعدلات في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في حدود 9.4 بالمائة.

وبين أغسطس المنصرم وأغسطس عام 2021م، نما المؤشر العام للتضخم في سلطنة عمان بنسبة 2.4 بالمائة. وكان هذا الارتفاع في أعلى مستوياته بالنسبة لمجموعة الزيوت والدهون وذلك بنسبة بلغت 19.2 بالمائة، واللحوم 8.8 بالمائة، ومجموعة الفواكه بنسبة 7.5 بالمائة.

وتنفق الأسر العمانية على الطعام ما نسبته 27.9 بالمائة من إجمالي إنفاقها، وتأتي وسائل النقل في المرتبة الثانية بنسبة إنفاق بلغت 15.5 بالمائة، يليها المسكن التجهيزات المنزلية بنسبة 9.1 بالمائة، والملابس والأحذية بنسبة 7.5 بالمائة، والاتصالات بنسبة 5.7 بالمائة.

ويرجع المنشور أسباب الارتفاع غير المسبوق للأسعار إلى تأثيرات جائحة كورونا غير المسبوقة على الاقتصادات العالمية، وتغييرها لأنماط الاستهلاك، والاضطرابات في سلاسل الإمداد والتوريد، وتدابير تنشيط الاقتصاد والتعافي من تأثيرات الجائحة وزيادة الطلب إضافة إلى الاضطرابات الدولية وتأثير الدول المصدرة للمواد الغذائية.

مؤثرات نفسية واجتماعية

ويميل الإنسان بطبيعته إلى اتخاذ قرارات تعتمد على معلومات أو تجارب سابقة. ويؤثر "تحيّز التوافر" في قرارات الاستهلاك الفردي، فمثلا عند رغبتنا في شراء منتج مجدد نتأثر بالمعلومات التي تتبادر إلى أذهاننا في وقت الاختيار، كتذكر إعلان للمنتج، أو سماعنا أحدًا يتحدث عنه، دون تقييم المنتج فعليًا، الأمر الذي ينتج عنه شراء منتجات غير ضرورية أو مناسبة.

وتلعب الأعراف الاجتماعية دورًا كبيرًا في تشكيل السلوك الاستهلاكي، فقد يُقبل الأفراد على بعض المنتجات كونها تستخدم من قبل معارفنا، أو تم التسويق لها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال الترويج لعدد أو نسبة مستهلكي المنتج. وقد تكون هذه المؤثرات في بعض الأحيان إيجابية، إلا أنها في الغالب تكون لمنتجات استهلاكية بحتة وبسعر مرتفع وتأتي من رغبة لأن نندمج ضمن فئة معينة من المجتمع.

وهناك مؤثر آخر، يعرف باسم "تحيّز المرساة"، أي أننا في الكثير من الأحيان نقيم بعض القرارات والخيارات بالاعتماد على أول معلوم نحصل عليها، ونقوم باعتمادها لتقييم المعلومات الأخرى. كتأثرنا مثلا بأول منتج نطلع عليه، من ثم نقوم بمقارنته مع باقي المنتجات المشابهة بسعر هذا المنتج، وقد نكون المقارنة صحيحة إذا كان المنتج الأول يمثل متوسط ماهو موجود بالأسواق، ولكن في الغالب يكون المنتج مكلفًا ويعطي مقارنة خاطئة مع المنتجات الأخرى.

ويتخذ الأفراد الكثير من قراراتهم الاستهلاكية بناء على العادات والتي عادة ما تمثل 40 بالمائة من السلوكيات اليومية. كعادات التسوق في المناسبات كالأعياد، أو ترك الأجهزة الإلكترونية في وضعية الشحن طوال فترة النوم.

طرق لتحسين الاستهلاك

ووفقًا للمنشور تكمن الخطوة الأولى في تحسين الاستهلاك من خلال إعداد ميزانية وخطة واضحة للإنفاق. ولإعداد ميزانية ناجحة لابد من تحديد أهداف مالية من خلال كتابتها واختيار أولويات الصرف والإنفاق بصورة أقل على الكماليات. ويوصي المنشور باستخدام آلية تحديد الأهداف الذكية «SMART» لزيادة فرصة تحقيها والوصول إليها، ويمكن تلخيص هذه الآلية من خلال كتابة أهداف محددة، وقابلة للقياس والتطبيق، وملائمة وذات صلة ومرتبطة بوقت محدد.

وتكمن الخطوة الثانية في تتبع جميع النفقات الشهرية، الأمر الذي يسهم في ظهور أمرين على الفور وهما: البدء في إدراك أن كل معاملة تقوم بها إما تسهم في تحقيق الأهداف المالية، أو الابتعاد عنها، كما يسهم تتبع النفقات في إنشاء سجل للتقدم المحرز في تعديل الصرف ومدى الاقتراب من تحقيق الأهداف.

ويتم في الخطوة الثالثة مراجعة وتقييم الصرف، فالمرونة خلال تطبيق الميزانية أمر هام وضروري، فقد تطرأ بعض البنود التي تستدعي إضافتها أو أخرى يجب حذفها بحيث يجب أن تتوافق الميزانيات مع طبيعة واحتياجات الصرف الشخصية.

ويتم خلال هذه الخطوة أيضًا مكافأة النفس لتشجيعها والاحتفال بالتقدم المحرز، لضمان استمرارية التقدم. فالحصول على المكافأة والاستمتاع بها يخلق شعورًا جيدًا يجعل العقل يرغب في الحصول عليه مجددًا ويدفع الفرد للمزيد من الإنجاز.

كما توجد العديد من الأساليب لمساندتنا في تحسين قرار الاستهلاك منها: إعداد قائمة تسوق مسبقة لتجنب التسوق العشوائي لمتطلبات المنزل، واستخدام عنصر التأثير الاجتماعي كمشاورة الأصحاب عند شراء المنتجات غير الضرورية. وإعطاء الفرد نفسه مهلة لا تقل عن يوم واحد عند رغبت في شراء منتج استهلاكي غير ضروري.