No Image
الاقتصادية

سوق رأس المال.. ركيزة للنمو الاقتصادي

24 نوفمبر 2022
البرامج الوطنية ومبادرات التنويع تعزز الآفاق المستقبلية
24 نوفمبر 2022

يتمتع القطاع بعديد من مكامن القوة التي تؤهله لدور أوسع في التنمية:

39 مليار ريال إجمالي أصول وموجودات البنوك التجارية والإسلامية -

33.3 مليار ريال موجودات البنوك التجارية -

6.2 مليار موجودات البنوك والنوافذ الإسلامية -

1.1 مليار موجودات شركات التمويل والتأجير -

1.2 مليار موجودات شركات التأمين -

23 مليار القيمة السوقية لبورصة مسقط -

1.1 مليار حجم إصدارات الصكوك والسندات التجارية من قبل القطاع الخاص -

3.7 مليار حجم السندات والصكوك السيادية الحكومية المدرجة في البورصة -

تعد أسواق رأس المال من أهم محركات النمو في مختلف الدول حيث تقوم بدور رئيسي في تجميع المدخرات والاستثمارات وتسهيل انتقالها بين مختلف القطاعات الاقتصادية من خلال عمليات الاستثمار والشراكة والتمويل، وترتبط مساهمة القطاعات المالية في النمو الاقتصادي بمدى مرونتها وقدرتها على النمو وتعظيم الثروات كما يتوقف حجم هذه المساهمة إلى حد كبير على مدى الترابط بين قطاع المال المحلي والقطاعات المماثلة إقليميا ودوليا.

ويمثل سوق رأس المال واحدا من أكبر القطاعات الاقتصادية والاستثمارية في سلطنة عمان، ويتكون هذا القطاع بشكل أساسي من البنوك التجارية والبنوك والنوافذ الإسلامية وشركات التأمين والتمويل والتأجير إضافة إلى بورصة مسقط بما يندرج فيها من شركات ومؤسسات متنوعة الأنشطة وصناديق استثمار وأوراق مالية وسندات وصكوك حكومية وتجارية، كما يستعد هذا القطاع لدخول أنشطة استثمارية متنوعة وفق التعديلات التشريعية المنظمة للقطاع منها بنوك الاستثمار والأدوات المالية الحديثة مثل المشتقات المالية والعقود المستقبلية، كما قام البنك المركزي العماني خلال هذا العام بالموافقة على طلبات تتعلق بتراخيص تقديم خدمات المدفوعات الإلكترونية في سلطنة عمان بهدف دعم ومواكبة التطورات التقنية والمنتجات والخدمات الإلكترونية المتقدمة في شتى المجالات.

نمو جيد وصلابة في مواجهة الأزمات

تشير الإحصائيات إلى أن إجمالي موجودات وأصول القطاع المصرفي التجاري والإسلامي تتجاوز 39 مليار ريال عماني حتى نهاية النصف الأول من هذا العام وتتوزع هذه الأصول ما بين 33.3 مليار ريال عماني أصول لدى البنوك التجارية التقليدية ونحو 6.2 مليار ريال عماني من الأصول لدى البنوك والنوافذ الإسلامية حسب الإحصائيات الصادرة عن البنك المركزي العماني، كما تصل موجودات شركات التمويل والتأجير إلى أكثر من 1.1 مليار ريال عماني، فيما تتجاوز القيمة السوقية للشركات والسندات والأوراق المالية المدرجة في بورصة مسقط 23 مليار ريال عماني، ويبلغ حجم الإصدارات من الصكوك والسندات من قبل القطاع الخاص والمدرجة في بورصة مسقط نحو 1.1 مليار ريال عماني فيما يصل حجم السندات والصكوك السيادية الحكومية المدرجة في البورصة إلى نحو 3.7 مليار ريال عماني، كما ارتفع حجم أصول شركات التأمين في سلطنة عمان بنهاية العام الماضي ليصل إلى حوالي 1.2 مليار ريال عماني، وترصد هذه الإحصائيات مكامن القوة التي يتمتع بها قطاع رأس المال في سلطنة عمان بوصفه واحدا من أهم مصادر التمويل وكان هذا القطاع دائما مساهما رئيسيا في تعزيز النمو من خلال أداء القطاع نفسه كأحد القطاعات التي تحافظ على معدلات جيدة من الاستقرار والنمو أو من خلال مساهمة سوق رأس المال في تعزيز النمو الاقتصادي وتمويل المشروعات، وقد أثبت القطاع صلابة في مواجهة وتخطي تبعات واحدة من أصعب الأزمات التي واجهت سلطنة عمان والعالم بعد تفشي الجائحة في عام 2020، وكذلك خلال أزمات سابقة منها الأزمة المالية العالمية في نهاية العقد الأول من القرن الحالي.

وتسعى سلطنة عمان إلى زيادة الدور الذي يلعبه سوق رأس المال ليتحول إلى ركيزة أساسية للتنمية المستدامة والاقتصاد المتنوع، وتأتي التوجيهات السامية بإطلاق البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي لتدشن مرحلة جديدة من النمو في سوق رأس المال في سلطنة عمان بما يواكب متطلبات النمو الاقتصادي وسياسات التنويع في ظل الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية عمان 2040، وهي متطلبات يعتمد تحقيقها على تعزيز أداء مختلف القطاعات الاقتصادية ورفع كفاءتها وتنافسيتها من خلال تسهيل الأعمال وتسريع الإجراءات وإيجاد قطاعات جديدة تمثل روافد إضافية للنمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل مع استهداف إحداث تغيير جذري في المشهد الاقتصادي في سلطنة عمان بما يضعه على مسار يتمتع بالجاذبية والتنافسية على كافة المستويات.

ومع بداية تنفيذ الرؤية المستقبلية العام الماضي، اتخذت الحكومة العمانية خطوات متسارعة نحو توسيع دور القطاع الخاص ودعمه ليصبح شريكا في التنمية ومحركا للنمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل، كما أعطت الجهود الحكومية اهتماما كبيرا بتعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظرا لدورها المهم في دعم النمو وتلبية طموحات الشباب، وكان من أهم الخطوات التي تمت لدعم القطاع الخاص خطة التخارج والتخصيص لبعض الشركات والحصص الحكومية التي أعلن عنها جهاز الاستثمار العماني لإفساح مجال أوسع لعمل القطاع الخاص فضلا عن عديد من المبادرات والبرامج الوطنية التي تتكامل معا لتحفيز النمو عبر جلب الاستثمارات الجديدة وتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي على ضخ مزيد من الاستثمارات خاصة في قطاعات التنويع الاقتصادي، كما تم التمهيد لانطلاقة الرؤية المستقبلية بحزمة تشريعات متطورة تضمنت قانون الشركات التجارية والإفلاس والتخصيص والاستثمار الأجنبي، وكان من أحدث القوانين التي شهدت تطويرا بهدف تشجيع الاستثمارات قانون الأوراق المالية الذي يعمل على الانطلاق بالمستوى التنظيمي لصناعة الأوراق المالية بسلطنة عُمان إلى مستويات تواكب المتطلبات الراهنة والمستقبلية في ظل الثورة التقنية، وما تفرضه من معالجات قانونية لتنظيم التكنولوجيا المالية وإيجاد مظلة قانونية لأدوات التمويل المبتكر، وضمان توفير بيئة تمويلية ذات خيارات متعددة وقدرة عالية على استقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية من خلال تعزيز الثقة بتوفير بيئة استثمارية عادلة قوامها النزاهة والشفافية، ويسهم إصدار القانون في تحقيق الأولويات الاستراتيجية لرؤية عُمان 2040 والمتمثلة في دعم المبادرات التي تسهم في التنويع الاقتصادي وضمان الاستدامة المالية، ودعم القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي، إضافة إلى توفير بيئة أعمال تنافسية وجاذبة للاستثمار تمارس فيها الحكومة الدور التنظيمي المقترن بكفاءة الأداء، ويعد أحد الجوانب المهمة في هذا القانون توسيع خيارات التمويل من خلال تنظيم طرح منتجات وخدمات جديدة مثل إيصالات المستودعات والمشتقات المالية والعقود المستقبلية، كما يشجع القانون قيام مؤسسات مستقلة تمارس أنشطة بنوك الاستثمار، تعنى بتقديم الخدمات الاستشارية المرتبطة بخيارات التمويل والاستحواذ والسيطرة وغيرها من الخدمات، فضلا عن دعم البرامج والمبادرات الخاصة بتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظرا للأهمية الاقتصادية لهذا النوع من المؤسسات والتي تكون احتياجاتها التمويلية ذات طبيعة خاصة الأمر الذي يعالج واحدًا من أهم التحديات التي تواجه رواد الأعمال من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وقد اتخذت بورصة مسقط أيضا خطوات نحو بدء دراسة الظروف الملائمة لإدراج مشروعات ريادة الأعمال ضمن بورصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وهو ما يساهم في فتح قنوات جديدة لتوسع وتمويل مشروعات ريادة الأعمال.

مرونة التشريعات وتنوع البرامج الوطنية

تعتمد تلبية متطلبات النمو خلال هذه المرحلة المهمة لاقتصاد سلطنة عمان على إرساء ركائز قوية للتنويع الاقتصادي ليكون مصدرا للنمو والعائدات العامة، وتأتي مرونة التشريعات وتنوع البرامج الوطنية الداعمة ومواكبتها للتحولات الإقليمية والعالمية لتمثل أهم الآليات في تعزيز التحولات المهمة التي يشهدها اقتصاد سلطنة عمان، وتقوم البرامج الوطنية لتعزيز التنويع الاقتصادي بدور مهم للغاية في تحقيق المستهدفات الاستراتيجية من خلال عمل هذه البرامج على دعم سياسات التنويع الاقتصادي وجلب الاستثمارات وزيادة الصادرات وتوفير فرص العمل للمواطنين.

وضمن هذه البرامج الوطنية يأتي البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير قطاع المال حلقة مهمة في سلسلة المبادرات والبرامج التي تستهدف توسعة الدور الاقتصادي للقطاع الخاص ورفع تنافسية قطاع الأعمال حيث يستهدف البرنامج تطوير منظومة السياسات والأعمال في القطاع المالي لتحقيق المساهمة الفاعلة للمؤسسات المالية الحكومية والخاصة في برامج التوسع الاقتصادي والاستثماري؛ لتحقيق أهداف "رؤية عُمان 2040" وسيعمل البرنامج على رفع كفاءة سوق المال ومعدلات السيولة المالية، وفرص جذب الاستثمار المتاحة من خلاله مع تمكينه ليكون ممثلا حقيقيا للاقتصاد الوطني، وتعزيز الشمول المالي والتقنيات المالية الحديثة لرفع قدرات القطاع المالي بشقيه القطاع المصرفي وقطاع سوق رأس المال والتأمين من خلال تطبيق المعايير العالمية المبنية على أفضل التجارب الناجحة في مجال التقنيات المالية الحديثة؛ لتحقيق الترابط مع مؤسسات المال والأعمال الإقليمية والدولية، وفق ما أعلنته وزارة المالية من ملامح أساسية ومستهدفات للبرنامج.

تعزيز جاذبية البورصة

وبالتزامن مع بدء انطلاقة الرؤية المستقبلية، توالت العديد من الخطط الاستراتيجية لدعم أداء كافة المؤسسات سواء في قطاع المال أو في غيره من القطاعات الاقتصادية، وكان من أهم الخطوات التي تمت بدء تنفيذ الخطة الاستراتيجية لبورصة مسقط ومن ضمن أهم أهداف الخطة ترقية البورصة إلى بورصة ناشئة حسب تصنيف وكالات ومؤسسات التقييم العالمية التي تحدد معايير معينة لتصنيف البورصات، وقد انتهت بورصة مسقط من إكمال جميع المتطلبات الفنية للوصول إلى تصنيف الأسواق الناشئة، ويتم حاليا التركيز على المعايير المتعلقة بالسيولة ورأس المال السوقي، كما كان من التطورات المهمة لتعزيز جاذبية البورصة صدور قانون الاستثمار الأجنبي الذي أتاح للمستثمر الأجنبي تأسيس وتملك 100 بالمائة من الشركات بشكل عام، وتساهم مثل هذه الحوافز للمستثمرين في زيادة حجم الأوراق المالية المتاحة للتداول حسب تصنيف مؤسسات التقييم التي تأخذ في الاعتبار نسبة الاستثمار المتاحة للجميع دون قيود على الجنسية أو أي قيود تحدد المستثمرين المخولين لتملكها، وبالتالي فإن أغلب الشركات المدرجة تخضع تباعا إلى إلغاء سقف التملك الأجنبي، ويمهد إلغاء حدود تملك المستثمرين الأجانب للبورصة اجتياز المعايير المتعلقة بسهولة الاستثمار والانفتاح على المستثمر الأجنبي، مما يسهم بشكل فاعل في زيادة جاذبية البورصة للمستثمرين الدوليين وتوجيه استثماراتهم نحو بيئة ذات سلاسة ومرونة وبها كافة المقومات لتنمية استثماراتهم، وتتواصل في الوقت ذاته العديد من الجهود والمبادرات لرفع مستويات السيولة وإيجاد مزيد من الإدراجات من مختلف القطاعات الاقتصادية، ومن المتوقع أن تساهم عمليات الإدراج المرتقبة خلال الأشهر المقبلة من جانب جهاز الاستثمار العماني في زيادة عمق البورصة وفتح مزيد من مجالات الاستثمار وتنويع الاستثمارات خاصة أنه من المنتظر أن يكون أحد الاكتتابات التي سيقوم بها جهاز الاستثمار في قطاع النفط الذي يمثل ثقلا كبيرا في الاقتصاد ويسجل حتى الآن غيابا عن التواجد ضمن الإدراجات العامة في بورصة مسقط، كما وقعت البورصة اتفاقية لدراسة ووضع المبادرات الخاصة بتطوير البورصة ووضع خطط تهدف إلى تحسين مشاركة سوق الأوراق المالية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية بما يتماشى مع رؤية عمان 2040 حيث تهدف بورصة مسقط إلى تعزيز المشاركة في الاكتتابات العامة وتنويع حلول أسواق رأس المال وتشجيع الاستثمار والتسهيل على المستثمرين من أجل تحقيق الارتقاء بالسوق والسعي بأن يكون سوق رأس المال العماني لاعبا رئيسيا في التنمية الاقتصادية في السلطنة من خلال توسيع عمق السوق وزيادة السيولة، وتعزيز القيمة السوقية وخلق بيئة استثمارية من شأنها تعزيز السوق الأولية وتحفيز تدفقات الاستثمار المحلي والأجنبي.