سلطنة عمان وجهة عالمية لاستثمارات الهيدروجين والطاقة المتجددة
انتهجت سلطنة عمان خططا طموحة لتحقيق الالتزام بالحياد الصفري الكربوني، وتبنت العديد من المبادرات والمشاريع في قطاع الطاقة المتجددة، وتتمثل الأولوية الرئيسية لرؤية عمان 2040 في إنشاء نموذج اقتصادي يتم فيه تقليل الاعتماد على الهيدروكربونات ورفع إنتاجية الطاقة المتجددة لـ 20٪ من إجمالي استخدام الطاقة بحلول عام 2030، وما بين 35٪ و39٪ بحلول عام 2040. ومن المتوقع أن يصل حجم الاســـتثمارات في الطاقة المتجددة لـ50 مليار دولار مع التوسعات المسـتقبلية لهذا القطاع الذي تسـارع فيه سلطنة عمان لجلب رؤوس الأموال الضخمة وسعيها لتصبح واحدة من كبار المصدرين للهيدروجين الأخضر في العقد القادم.
وحول توجهات سلطنة عمان لرفع حصة الطاقة المتجددة، وتعزيز القطاع بما يضمن صدارتها في هذا المجال، حاورت «عمان» الدكتور فراس بن علي العبدواني مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة والمعادن للوقوف على مؤشرات القطاع والخطط الموضوعة لتطويره بشكل أكبر وأوسع:
فإلى تفاصيل الحوار..
- ما أهمية توجهات حكومة سلطنة عمان وضرورة التحول للطاقة المتجددة ؟
اتخذت سلطنة عمان خطوات ثابتة وحثيثة لتحديد المسار نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارا. فقد أعلنت سلطنة عمان التزامها بتحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، تماشيا مع اتفاقية باريس للمناخ للحد من تغير المناخ العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. ومع هذا الالتزام، تبنت سلطنة عمان استراتيجية طموحة لتنويع مصادر الطاقة من خلال التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة بطريقة تلبي الطلب المتزايد على الكهرباء وتقلل من انبعاثات الكربون.
- ما الذي يعزز نجاح مساعي سلطنة عمان للتحول إلى وجهة عالمية للصناعات الخضراء والطاقة المتجددة؟
لرسم خطة سلطنة عمان للتحول في الطاقة، انتهت وزارة الطاقة والمعادن مؤخرا من رسم السياسة الوطنية للتحول في الطاقة المتجدد وتحديد رؤية سلطنة عمان للتحول في الطاقة والتي جاءت «تحقيق سلطنة عمان الحياد الكربوني بحلول عام 2050، مع ضمان أمن الطاقة، والقدرة التنافسية، والنمو في الاقتصاد منخفض الكربون، وتنمية الوطن والمجتمع».
ويمكن تحقيق ما سبق من خلال استخدام الطاقة المتجددة كمصدر أساسي للطاقة واستخدام تقنيات احتجاز الكربون للحد من انبعاثات الكربون، وإنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر ومنخفض الكربون لدفع الصادرات والنمو في الصناعات المحلية منخفضة الكربون، ورفع كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتوسيع استخدامات الكهرباء في قطاعي النقل والصناعة.
ويجري العمل حاليا على مراجعة هيكلة سوق الطاقة في سلطنة عمان لضمان مناسبة السوق للتوسع في الطاقة البديلة والتكامل مع سلاسل الممكنات الرئيسية للتحول في الطاقة بما في ذلك الهيدروجين الأخضر وتقنيات احتجاز الكربون وكفاءة الطاقة.
وتولي خطة التحول في الطاقة أهمية خاصة لبناء القدرات المحلية وتشجيع الابتكار والتركيز على البحث والتطوير، بالإضافة إلى توسيع سلسلة التوريد للصناعات المرتبطة بالتحول في الطاقة لضمان مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في مشاريع التحول في الطاقة.
- ما هي الأهمية الاستراتيجية لقطاع الطاقة المتجددة في ترسيخ قاعدة الصناعات الخضراء وتعزيز التنويع الاقتصادي؟
سلطنة عمان تمتلك وفرة في موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مما يجعلها قادرة على تلبية الطلب على الكهرباء وتجاوزه بأضعاف عديدة وبأسعار تنافسية نظرا لإمكانية الجمع بين توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مشروع واحد. لذلك وضعت سلطنة عمان أهدافا طموحة لتطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر وتغطية كل من الطلب المحلي والتصدير. وتهدف سلطنة عمان إلى إنتاج حوالي 8 ملايين طن متري سنويا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، انطلاقا من مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، كما تعمل سلطنة عمان على تنمية الصناعات المعتمدة على الهيدروجين الأخضر وحث الصناعات القائمة على التحول إلى إنتاج المنتجات الخضراء.
وترجمة لاستراتيجية تنويع مصادر الطاقة في البلاد، فقد تم إنشاء وتشغيل مشروع محطة عبري للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تبلغ 500 ميجاوات. كما تم إنشاء وتشغيل محطة ظفار لطاقة الرياح، التي تعد أول محطة لطاقة الرياح في المنطقة بطاقة إنتاجية تبلغ 50 ميجاوات وذلك في جنوب سلطنة عمان التي تعد منطقة غنية بمصادر الرياح، ومشروع مرآة للطاقة الشمسية التابع لشركة تنمية نفط عمان (PDO) الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 1021 ميجاوات لتوليد البخار واستخدامه لاستخلاص النفط، ويضاف إلى مشاريع الاستفادة من الطاقة البديلة في سلطنة عمان.
ويجري العمل حاليا على إنشاء محطة منح للطاقة الشمسية المخطط تشغيلها في عام 2025 بقدرة 1000 ميجاوات، ومن المشاريع المستقبلية أيضا مشروع الدقم لطاقة الرياح لعام 2027 بسعة تزيد على 150 ميجاوات.
- ما مدى أهمية التوجه نحو تخصيص مناطق للامتياز؟
إنه من المهم الاتجاه نحو تخصيص مناطق امتياز للطاقة المتجددة والهيدروجين واسعة النطاق لما يوفره هذا التوجه من شفافية واتباع نهج واضح وعادل من حيث المنافسة، وذلك لتقييم القدرات الإنتاجية المختلفة من طاقات الرياح والشمس في هذه المناطق، كما أن تخصيص مناطق الامتياز يسهل عملية تناقص عادلة وتنافسية شفافة على هذه المواقع وفقا للمرسوم السلطاني رقم 10 /2023، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من عائدات هذه الأراضي على سلطنة عمان.
- لماذا تنجح الدقم في جذب المشروعات في قطاع الطاقة المتجددة.. وهل هناك مزيد متوقع؟
تتميز الدقم بموقع استراتيجي وتوفر أراض مستوية ذات مصادر عالية من طاقة الشمس وطاقة الرياح على مدار العام، وتعد المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بما فيها من صناعات وبنى أساسية عالية المواصفات من الموانئ وشبكات الطرق والكهرباء عناصر جذب مهمة للاستثمارات المختلفة.
- ما الذي تملكه سلطنة عمان من مقومات وبنية أساسية تدعم مكانتها العالمية على خريطة تصدير الطاقة العالمية؟
تتميز سلطنة عمان بموقعها الجغرافي المميز الذي يتوسط قارات العالم والمطل على المحيط الهندي، كما يمكن لسلطنة عُمان إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بأكثر من خمسة أضعاف الطلب المتوقع لعام 2050 بسبب وفرة مصادر الطاقة المتجددة محليا.
ولقد بدأت سلطنة عمان خطوات حثيثة لتحقيق الأهداف المرتبطة باقتصاد الهيدروجين الأخضر، حيث وصل عدد الاتفاقيات الموقعة ضمن الجولة الأولى للمزايدات التي عرضتها شركة هيدروجين عُمان «هايدروم» إلى 5 مشاريع، بإجمالي استثمارات تتجاوز 30 مليار دولار وإنتاج متوقع يصل إلى 750 طنا متريا من الهيدروجين الأخضر.
كما جرى إطلاق جولة المزايدة الثانية في شهر يونيو 2023 لمناطق امتياز الهيدروجين الأخضر أمام الشركات الراغبة في الاستثمار في هذا القطاع المتنامي في سلطنة عُمان، حيث تتنافس فيها الشركات على ثلاث فرص استثمارية في محافظة ظفار، على أن يجري إرساء مشاريع الجولة الثانية بحلول نهاية الربع الأول من هذا العام.
