الاقتصادية

خبراء واقتصاديون: ضرورة استكمال المبادرات الجادة لتحقيق الاستدامة المالية ورفع التصنيف الائتماني

10 أكتوبر 2022
توقعات بارتفاع الإنفاق على المشاريع التنموية والاستثمارية في موازنة 2023
10 أكتوبر 2022

د.شمسة الشيبانية: رفع الإيرادات غير النفطية والعودة بالحياة إلى ما قبل كوفيد-19

علي الرئيسي: التحسن في التصنيف يعزى إلى قدرة الحكومة على تنفيذ برنامج التوازن المالي

د. قيس السابعي: سلطنة عمان قادرة على أداء التزاماتها المالية وسداد الديون الخارجية بكفاءة

كتبت - ميّ الغدانية

دعا خبراء وباحثون اقتصاديون إلى ضرورة استكمال المبادرات الجادة التي تحقق الاستدامة المالية والتسريع في عمليات التنويع الاقتصادي، مشيرين إلى أن رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان من قبل وكالة فيتش جاء نتيجة تحسن الأوضاع الاقتصادية جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز وتحقيق فائض مالي ساهم في خفض الدين العام، إلى جانب خطط التوازن المالي التي تنتهجها الحكومة والتي ساهمت بدورها في رفع الإيرادات غير النفطية، متوقعين الاستمرار في تحقيق فائض في الميزانية العامة، وارتفاع الإنفاق على المشاريع التنموية والاستثمارية في موازنة 2023.

كما أفادوا أن تثبيت التصنيف الائتماني للسلطنة من قبل وكالتي "ستاندر اند بورز" و"موديز" جاء نظرا لاعتمادها على القطاع النفطي الذي يشكل 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي و60٪ من إجمالي الصادرات السلعية و75٪ من الإيرادات الحكومية.

وتوقعت الدكتورة شمسة الشيبانية خبيرة اقتصادية أن ترفع وكالة ستاندر أند بورز التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان مع تحسن الوضع الاقتصادي للبلاد نتيجة لارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، والذي يؤدي إلى ارتفاع مضاعف في الإيرادات النفطية مقارنة بما كان متوقعا في الميزانية العامة في بداية العام وتحقيق فوائض مالية، وكذلك استمرار المبادرات والإجراءات المالية و الاقتصادية لتحقيق الاستدامة المالية ورفع الإيرادات غير النفطية والعودة بالحياة إلى ما قبل كوفيد-19 بأسرع ما يمكن.

استكمال المبادرات

وترى الشيبانية أن وكالة ستاندر اند بورز فضلت تثبيت التصنيف عوضا عن رفعه تخوفا من تأثيرات الأوضاع الاقتصادية العالمية حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية قد دخلت إلى دوامة الركود الاقتصادي وتعاني معظم الدول المتقدمة من تباطؤ شديد في النمو الاقتصادي، ورغم محاولاتها في كبح جماح التضخم المالي إلا أنها لم تنجح على الرغم من كل الجهود التي بذلت.

وتقول الشيبانية: يتوجب على سلطنة عمان ليتم رفع تصنيفها الائتماني استكمال المبادرات الجادة التي تحقق الاستدامة المالية والتنويع الاقتصادي، وفي هذا تشير وكالة "ستاندرز أند بورز" إلى مقترحها لرفع ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 10% واستحداث ضريبة الدخل على الأفراد ذوي الدخل المرتفع وضريبة الثروة والكماليات في العام المقبل وغيرها من المقترحات، مثل زيادة احتياطات العملة الأجنبية وتقليص المديونية في الشركات المملوكة للدولة.

توقعات مبشرة

كما تتوقع الشيبانية أن يصل متوسط سعر برميل النفط إلى حوالي 96 دولارا أمريكيا في عام 2023 م وأن تستمر الدولة في تحقيق فائض في الميزانية العامة، وستكون موازنة العام 2023 عالية مقارنة بموازنة العام 2022 مبنية على أساس سعر التعادل لبرميل النفط عند 65 دولارا أمريكيا حسب تقديرها الشخصي وعلى ضوئه من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على المشاريع التنموية والاستثمارية.

من جانبه أوضح علي بن حمدان الرئيسي باحث في قضايا الاقتصاد والتنمية أن وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى، فيتش، ستاندر اند بورز، وموديز أصدرت تصنيفها السيادي لسلطنة عمان، فقد قامت وكالة فيتش Fitch برفع تصنيف السلطنة من BB- إلى BB مع نظرة مستقبلية مستقرة، بينما أبقت كل من ستاندر اند بورز Standard &Poors وموديز Moody’s على تصنيفهما السابق استاندر B-/BB مع نظرة مستقبلية مستقرة، بينما حافظت موديز على نفس التصنيف Ba3 مع نظرة مستقبلية إيجابية من نظرة مستقبلية مستقرة.

و أضاف: إن وكالات التصنيف الثلاث تعزو التحسن في التصنيف أو في النظرة المستقبلية إلى قدرة الحكومة على تنفيذ برنامج التوازن المالي وكذلك إلى الزيادة التي طرأت على الإيرادات الحكومية من جراء ارتفاع أسعار النفط مؤخرا، كما أن هذين الحدثين أسفرا عن تراجع كبير في العجز المالي الحكومي وإلى تحسن ميزان المدفوعات وانخفاض الدين الحكومي، غير أن " ستاندر اند بورز" تزعم أن الضغوط المالية العامة ستزداد جزئيا ابتداء من العام 2024، أما بالنسبة للنظرة المستقبلية فهي تأخذ في الاعتبار التحسن الذي طرأ على المالية العامة وكذلك التحديات التي يواجهها الاقتصاد العماني نظرا لاعتماده على النفط.

تطورات الموازنة العامة

وعلى نحو مغاير يقول الرئيسي: رغم أن كثيرا من المراقبين الماليين كان يتوقع أن تقوم ستاندر اند بورز برفع تصنيف سلطنة عمان إلا أن الوكالة بررت عدم قيامها بذلك نظرا لاعتماد سلطنة عمان على مصدر وحيد للدخل وهو قطاع النفط، مع توقع الوكالة أن تستمر الحكومة في تنفيذ برنامجها في إصلاح الموازنة العامة والاستفادة من زيادة الدخل في تقليص الدين العام، مشيرا إلى أن وكالة موديز أعربت في بيانها المنشور في 6 أكتوبر 2022 أن من أسباب تغيير نظرتها المستقبلية إلى نظرة إيجابية هي تطورات الموازنة العامة وتحسن ميزان المدفوعات وانخفاض الدين العام وذلك نظرا لارتفاع أسعار النفط، إلا أن بقاء التصنيف السابق يعود بحسب وجهة نظر "موديز" إلى اعتماد سلطنة عمان على النفط كمصدر مهم للدخل، حيث تبقى أسعار النفط غير مستقرة مستقبلا وخاصة أن الطلب عليه سيكون متذبذبا مما يجعل الوضع الاقتصادي رهينا بتطورات سوق النفط.

وأوضح الدكتور قيس السابعي خبير اقتصادي أن رفع التصنيف من قبل وكالة موديز دليل على أن سلطنة عمان قادرة على أداء التزاماتها المالية وسداد الديون الخارجية بكفاءة وقدرة عالية، إضافة إلى أنها أصبحت بيئة جاذبة ومستقطبة للاستثمار والمستثمرين بشكل عام ولديها القدرة على الاستثمار بشكل أكثر وأفضل مما قبل.

المحافظة على التصنيف

وأما عن تثبيت وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني ففسر السابعي ذلك بقوله: إن الوكالة لديها مؤشرات قد تختلف مع الوكالات الأخرى باختلاف معاييرها ومؤشراتها للتصنيف، ولكن جميع وكالات التصنيف تشترك في نظرة مستقبلية مستقرة لسلطنة عُمان ويؤكد قدرتها على أداء التزاماتها المالية الداخلية والخارجية، وتحقيق نمو جيد في اقتصادها، موضحا أن تصنيف BB في الوكالات يعني أن الدولة أكثر عرضة لإحداث تغييرات في اقتصادها، ولديها قوة استقطاب للمستثمرين سواء من داخل أو خارج سلطنة عمان، وأكثر أمانا للمستثمرين.

وتابع السابعي قوله: إن وكالات التصنيف لديها 18 مؤشرا تقيس به المجالات الاقتصادية والمالية والمصرفية والنقدية لدول العالم، ولعلى أبرزها مؤشر قياس أداء ميزان المدفوعات، والتجارة الخارجية، ويتبدل التصنيف للدول وفقا لقدرتها المالية ومدى التزامها بدفع مستحقات المؤسسات والشركات الدولية في موعدها إضافة إلى مدى نجاحها في خطط السياسات المالية والاقتصادية نحو تنويع مصادر الدخل وتحقيق النمو الاقتصادي.

وللمحافظة على رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان من قبل وكالات التصنيف العالمية لفت السابعي إلى ضرورة أن تتجه سلطنة عُمان إلى تنويع مصادر الدخل وعدم اعتمادها على النفط وحده كونه قطاع يتأثر سريعا بحدوث الأزمات العالمية والتغيرات الجيو سياسية، واستقطاب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الداخلية والخارجية بالتنسيق مع جهاز الاستثمار العماني وأن تستمر في خطط إجراءات الضبط المالي التي أقرتها الحكومة، وتقليل قروض التمويل الخارجية، ودفع الفائض من الميزانية لسداد الدين العام.

وعن التوقعات المستقبلية لميزانية 2023 أوضح أن التوقعات سوف تكون إيجابية ومبشرة، وقد يرفع التصنيف الائتماني من قبل بعض الوكالات من BB إلى A وعلى خطى ثابتة، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى ارتفاع الموازنة بشكل ملحوظ مع ارتفاع

الأداء المالي والاقتصادي للدولة، حيث إن هناك ارتفاعا في حجم الإيرادات والفائض في الميزانية، وارتفاعا في الاستثمارات العمانية الداخلية والخارجية التي تعد جميعها مؤشرات لنتائج إيجابية لارتفاع التصنيف الائتماني وارتفاع الموازنة، إضافة إلى أن سلطنة عمان تقترب من تسجيل فائض مالي في الميزانية يصل إلى قرابة 100 مليار ريال عماني ولم يسجل هذا الرقم سابقا في تاريخ سلطنة عمان.