No Image
الاقتصادية

«المكافحة الحيوية».. طــرق مستــدامة لحمــاية المحاصيــل الزراعيــة

29 مايو 2023
محمد هبيس: يمكن استخدام سهل صلالة مستودعا للحشرات النافعة
29 مايو 2023

تعد الآفات الحشرية من الأخطار التي تهدد المحاصيل الزراعية بجميع أنواعها، وتسبب خسائر اقتصادية كبيرة في القطاع الزراعي، وتعمل الكثير من الجهات على تصنيع وإنتاج المبيدات الكيميائية لمكافحة هذه الآفات وقد تدخل في عملية المكافحة مبيدات كيميائية قد تكون لها آثار جانبية على الشجرة نفسها وعلى الصحة البشرية في حالة استخدام هذه المبيدات بكميات كبيرة وبحدود تتجاوز النسبة المحددة للاستخدام من الجهات المسؤولة عن الصحة العامة، إلا أن هناك طرقا أخرى أكثر أمانا لمكافحة الآفات الحشرية ولا تسبب أي أضرار وتعرف بالمكافحة الحيوية.

ويوضح الدكتور محمد بن مسلم هبيس أخصائي أول وقاية النبات وخبير مكافحة حيوية بالمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية بمحافظة ظفار أن المكافحة الحيوية أو المكافحة البيولوجية وتعرف كذلك بالمكافحة الطبيعية؛ بأبسط تعريف هي طريقة استخدام حشرة نافعة ضد حشرة ضارة دون اللجوء إلى المبيدات الكيميائية، وهو أسلوب أكثر استدامة لإدارة الآفات الزراعية والبيئية والصحية وإحدى محاولات إعادة التوازن الطبيعي للبيئة على ما كانت عليه من خلال تشجيع وإكثار الأعداء الطبيعية الموجودة في البيئة أو استيرادها ومحاولة أقلمتها ثم نشرها أو إطلاقها بهدف خفض كثافة الآفات الزراعية إلى المستوى الذي يكون أقل من الحد الحرج الاقتصادي.

أكثر أمانا

وأضاف هبيس أن عناصر المكافحة الحيوية تشمل استخدام الكائنات الحشرية مثل الطفيليات والمفترسات والعوامل الممرضة مثل النيماتودا، والفطريات، والفيروسات، والبكتيريا والبروتوزا وتعد عناصر المكافحة الحيوية آمنة تماما ولا تسبب أي مشكلة على الإنسان والحيوان والبيئة.

واستعرض هبيس خطة عمل للبحث عن الأعداء الحيوية لسوسة أوراق النارجيل والذبابة البيضاء على نخيل النارجيل وآفات أخرى وتطبيق ذلك على مزارع سهل ولاية صلالة، وأشار إلى أن الخطة تعتمد على زيارات ميدانية لمتابعة حالة انتشار الآفات الزراعية في مزارع المواطنين وتوجيه المرشدين الزراعيين في المراكز الزراعية المختلفة بالمحافظة؛ للتعامل السليم في مكافحة الآفات الزراعية وتحليل البيانات والإحصاءات الزراعية الخاصة بالآفات والوصول للاستنتاجات المنطقية لتحليل النتائج المتحصل عليها وتحديد وسائل تقليل المخاطر وكذلك تصميم البرامج المناسبة للحد من انتشار الآفة وتحديد المخاطر البيئية من استخدام مبيدات الآفات المختلفة واستخدام بدائل آمنة مثل المكافحة الحيوية والعناصر الأخرى الصديقة للبيئة.

ولفت إلى أن خطة العمل تتضمن النزول للحقل كل أسبوع مرة شهريا أي أربع مرات في الشهر الواحد، وجمع أوراق النارجيل المصابة بطريقة عشوائية من أماكن متفرقة إلى المختبر، ووضع هذه الأوراق في «برطمانات» وتغطيتها بالشاش القطني الأبيض وتتم المراقبة والفحص اليومي لملاحظة خروج طفيليات أو مفترسات في «البرطمانات» من سوسة النخيل أو من الذبابة البيضاء، وحساب نسبة التطفل ونسبة الافتراس (عالية، متوسطة أو منخفضة) والتركيب النوعي لها، ومعرفة نتائج أعلى نسبة للتطفل والافتراس من بين أشهر السنة ومعرفة تركيزها على أصناف النارجيل المختلفة وكذلك معرفة الطور الحشري الذي تتطفل عليه الطفيليات أو تفترسه المفترسات، ومعرفة كفاءة أنواع الطفيليات والمفترسات المتحصل عليها لكي تتم تربيتها في المختبر وإطلاقها في الحقول، وفي حال كانت الطفيليات والمفترسات المحلية غير فعّالة يمكن البحث عن طريق استيراد أعداء حيوية من الخارج في حال ثبوت كفاءتها في ظروف مناخية مشابهة لظروف سهل صلالة من حرارة ورطوبة.

سهل صلالة

وأكد أخصائي أول وقاية النبات وخبير مكافحة حيوية بالمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية بمحافظة ظفار أن سهل صلالة يتمتع بمناخ معتدل طوال العام، حيث درجات الحرارة في المتوسط 25 درجة والرطوبة النسبية 70% وهذا المناخ يعد مناخا مثاليا لنشاط الأعداء الحيوية من طفيليات ومفترسات، وأن الموقع الجغرافي المتميز لسهل صلالة مناسب جدا لاستخدام المكافحة الحيوية، حيث إن المنطقة معزولة والتنوع في الزراعات المتداخلة متوفر وتشير الدراسة الزراعية المتكاملة عام 1992م إلى إمكانية استخدام سهل صلالة ليكون منبعا أو مستودعا للحشرات النافعة وبعدها يمكن نقل هذه الأعداء الحيوية إلى مناطق أخرى مفتوحة وشبه مفتوحة حيث أظهرت نتائج البحوث والدراسات في سهل صلالة وجود أعداد وفيرة من الأعداء الحيوية المحلية معظمها ذات كفاءة وأهمية عالية ضد الآفات الحشرية الضارة منها 13 نوعا من الطفيليات و14 نوعا من المفترسات.

وأوضح أنه في عام 1995م تم عزل نوع من النيماتودا الممرضة للحشرات (Steinernema Sp) وبعد إرسالها إلى انجلترا للتعريف وجد أنها نوع جديد يسجل لأول مرة في العالم كما أيضا تم عزل نوع آخر من منطقة النجد وهو( Heterorhabditis Bacteriophora ) لأول مرة في سلطنة عمان، وكما تم استيراد وتوطين أغذاء حيوية لبعض الآفات على كل من النارجيل والحمضيات ونباتات الزينة وقد تأقلمت هذه الأعداء الحيوية في ظروف سهل صلالة وتمكنت من السيطرة التامة على عوائلها الحشرية الضارة وبذلك تم التوقف عن استخدام المبيدات الكيماوية في هذا النطاق لأن المبيدات رغم أنها تقتل الآفات لكنها تقتل الأعداء الطبيعيين للآفات أيضا ولذلك فإن الاستخدام المفرط للمبيدات يمكن أن يلحق الضرر بالمزارعين والمستهلكين والبيئة.

مشروعات ناجحة للمكافحة الحيوية

وحول المشروعات الناجحة للمكافحة الحيوية في سهل صلالة قال هبيس: إنه تم وضع مشروع متكامل لمكافحة خنفساء النارجيل السوداء من قبل الوزارة بالتعاون مع المعهد الدولي للكومنويلث C.A.B باستعمال الفيروس Baculovirus في عام 1989م وقد نجح هذا الأسلوب نجاحا باهرا وكما تم استيراد الطفيل Encarsia opulenta من فلوريدا عام 1984م لمكافحة ذبابة الموالح السوداء وتمت السيطرة على الآفة وقد وصلت نسبة التطفل إلى 96% وتأقلم جيدا في ظروف سهل صلالة، وكذلك المفترس أبو العيد Chilocorus nigritus الذي تم استيراده من الهند عام 1985م لمكافحة حشرة النارجيل القشرية وأصبح هذا المفترس يلعب دورا أساسيا في خفض تعداد الآفة على النارجيل والحمضيات وقد تمت تربية وإكثار هذا المفترس في المعمل بصلالة وتم إطلاق منه 750 فردا في مزارع النجد وكما تم العمل على تربية وإكثار مجاميع من الطفيليات والمفترسات المحلية وإطلاقها في مختلف المزارع بسهل صلالة.