No Image
الاقتصادية

الإصلاح الاقتصادي يقود سلطنة عمان إلى الجدارة الاستثمارية والاستقرار المالي

12 يوليو 2025
12 يوليو 2025

جاء إعلان وكالة «موديز» عن رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان من «Ba1» إلى «Baa3» مع تعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة والوصول الى الجدارة الاستثمارية، ليعكس ثقة المؤسسات المالية العالمية بالإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها سلطنة عمان خلال السنوات الماضية، ويعد هذا التطور مؤشر واضح على بداية مرحلة جديدة من الاستقرار المالي والانفتاح على استثمارات نوعية، كما يؤكد على النتائج الإيجابية التي حققتها الحكومة من خلال تعزيز كفاءة الإنفاق العام وبناء قاعدة اقتصادية أكثر مرونة واستدامة.

ويعني هذا التصنيف أن سلطنة عمان لم تعد ضمن الدول ذات المخاطر العالية، إذ أنها تملك مستوى عاليا من الثقة الائتمانية، وقادرة على سداد ديونها في الوقت المحدد، وجذب رؤوس الأموال، والاستفادة من استقرارها المالي لتحقيق نمو مستدام، كما يعد هذا التصنيف إشارة إيجابية قوية للمستثمرين العالميين والبنوك وصناديق الاستثمار، ويمنح عُمان فرصا أوسع للاقتراض بتكلفة أقل.

وهذا ما أكده خبراء اقتصاديون لـ «عمان»، حيث إن هذا التصنيف يعد مكسبا اقتصاديا واستراتيجيا يمكن البناء عليه لتعزيز الاستدامة المالية، وتحفيز بيئة الأعمال، وجذب استثمارات نوعية طويلة الأجل في مختلف القطاعات المستهدفة ضمن «رؤية عمان 2040»، وأوضحوا العوامل الأساسية التي دفعت وكالة موديز لرفع التصنيف إلى «Baa3» تتمثل في التحسن المالي من خلال تراجع كلفة خدمة الدين وتحسن رصيد الحساب الجاري، والإصلاحات الاقتصادية بترشيد الإنفاق وتنويع وزيادة الإيرادات غير النفطية، وانخفاض سعر تعادل النفط.

«وجهة آمنة للمستثمرين»

Image

وقال سعادة أحمد بن سعيد الشرقي، رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى: إن رفع التصنيف الائتماني إلى درجة الجدارة الاستثمارية (Baa3) له أثر بالغ الأهمية على الاقتصاد العُماني، ويتمثل في تعزيز ثقة المستثمرين، إذ إن التصنيف الاستثماري يشير إلى انخفاض المخاطر الائتمانية، ويجعل عُمان وجهة أكثر أمانا للمستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية العالمية، كما أن انخفاض كلفة الاقتراض سواء للحكومة أو القطاع الخاص يشجع على التوسع في المشاريع الكبرى والبنية الأساسية، فضلا عن تحفيز تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية خصوصا صناديق الاستثمار العالمية التي لا تستثمر إلا في دول ذات تصنيف استثماري، وأضاف أن استقرار الاقتصاد الكلي يعود إلى تراجع كلفة خدمة الدين وتحسن رصيد الحساب الجاري ويوفر بيئة أكثر قابلية للنمو المستدام.

وأشار سعادته إلى أن العوامل الأساسية التي دفعت وكالة موديز إلى رفع التصنيف تتمثل في ثلاثة محاور رئيسية أولها التحسن المالي من خلال انخفاض الدين العام إلى الناتج المحلي (من 61% في 2021 إلى 35.5% في 2024)، وتحقيق فوائض مالية، تليه الإصلاحات الاقتصادية جراء التزام الحكومة بترشيد الإنفاق وتنويع الإيرادات، ضمن إطار «الخطة المالية متوسطة المدى»، ثم انخفاض سعر تعادل النفط من 84 دولارا إلى 70 دولارا الذي يعكس قدرة الدولة على تحقيق التوازن المالي حتى مع أسعار نفط معتدلة، والاستقرار السياسي والإداري نظرا لالتزام سلطنة عمان بالاستقرار الداخلي والمؤسسية في تنفيذ السياسات.

ولفت رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى إلى أنه يمكن الاستفادة استراتيجيا من هذا التصنيف ليكون نقطة انطلاق لتعزيز الاستدامة الاقتصادية، ويأتي ذلك عبر 3 نقاط رئيسية أولها تعظيم الاستفادة داخليا من خلال زيادة استثمارات القطاع الخاص عبر تحسين البيئة التشريعية والحوافز الاستثمارية، إلى جانب إعادة تمويل الدين القائم بفوائد أقل، وتوجيه الوفورات إلى مشاريع تنموية، وتحفيز التصنيف الائتماني المحلي للشركات العُمانية لتسهيل دخولها للأسواق العالمية، كما يمكن الاستفادة منه من خلال الترويج الخارجي الذكي جراء استخدام التصنيف في حملات ترويجية دولية عبر وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، واستقطاب استثمارات استراتيجية طويلة الأجل، فضلا عن تحسين ترتيب سلطنة عمان في المؤشرات العالمية مثل «سهولة ممارسة الأعمال» و«التنافسية العالمية»، وأشار إلى أن التحوط من التحديات المستقبلية هو أحد النقاط التي يمكنها الاستفادة من التصنيف (Baa3) من خلال بناء مصدّات مالية لمواجهة أي صدمات اقتصادية محتملة، وتنويع الاقتصاد بواقعية في ظل التغيرات الجيوسياسية وأسواق الطاقة العالمية، إلى جانب رفع كفاءة الإنفاق الحكومي والتركيز على القطاعات الواعدة مثل السياحة، واللوجستيات، والهيدروجين الأخضر.

«فرص عمل»

Image

من جهته قال المكرم د. محمد الوردي، عضو مجلس الدولة: يرجع رفع التصنيف إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والمالية التي عكست تحسّن الأداء الكلي للاقتصاد العُماني أبرزها انخفاض الدين العام لسلطنة عمان الذي يشكل 35% من الناتج المحلي، والذي بلغ على نهاية الربع الأول من 2025 قرابة 14.3 مليار ريال عماني، بالإضافة إلى مواصلة الحكومة في ترشيد الإنفاق، موضحا أنه كان سابقا الإنفاق الحكومي يصل إلى 41% من الناتج المحلي في الفترة من 2016 إلى 2020، بينما انخفض ذلك في 2024 ليشكل قرابة 29% فقط من الناتج المحلي، إلى جانب العوامل الأخرى منها انخفاض تكلفة خدمة الدين العام لتسجل قرابة 7.2% من إجمالي الإيرادات، حيث بلغت خدمة الدين بناء على الحساب الختامي لموازنة 2024 قرابة 936 مليون ريال.

وأضاف: إن انخفاض متوسط سعر التعادل للنفط أحد العوامل التي عكست تحسّن الأداء، فبعد أن كان يمثل 84 دولارا في الفترة من 2016 إلى 2020 انخفض إلى 70 دولارا للبرميل في الفترة الواقعة من 2024 إلى 2025، بالإضافة إلى مواصلة سلطنة عمان تحقيق فوائد بموازنتها السنوية وتحقيق نمو اقتصادي، بلغ قرابة 1.7 بالأسعار الثابتة 2024 مع المحافظة على معدلات معقولة للتضخم.

لافتا إلى أن تحسن التصنيف الائتماني سيعمل على تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي لعُمان، ويثبت نجاعة خططها المالية والاقتصادية، مما سيشكل عاملا مهما لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية، كما أنه سيعمل على تقليل التكلفة المالية على الاستثمارات الخارجية والداخلية، مما سيعمل على تسهيل تمويل الديون والمشاريع في سلطنة عمان، سواء كان ذلك للشركات الحكومية أو شركات القطاع الخاص، مما سيؤدي إلى تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي وتعزيز التنويع الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل.

وأكد أنه يمكن الاستفادة بشكل استراتيجي من رفع التصنيف الائتماني من خلال عدة محاور أولها أنه يمكن للحكومة والشركات الحكومية والخاصة إعادة تمويل قروض ديونها السابقة ذات التكلفة العالية بديون ذات تكلفة منخفضة، حيث إن رفع التصنيف للدرجة الاستثمارية يتيح الاستقراض بفوائد أقل، ثانيا تعزيز خطط الحكومة لجذب الاستثمار الأجنبي فرفع التصنيف سيزيد من جاذبية الاستثمارات المحلية والأجنبية ويعزز من الاستقرار المالي والاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز الإنفاق الاستثماري سواء للحكومة أو للشركات الحكومية والخاصة، حيث ستتمكن من الحصول على قروض بفوائد منخفضة لتمويل مشاريع استثمارية، مما سيساهم في تحقيق مزيد من النمو والتنويع الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل.

«ثقة المستثمرين»

Image

من جانبه قال خالد بن سعيد العامري، رئيس مجلسي ارادة الجمعية الاقتصادية العمانية والخليجية: إن رفع وكالة «موديز» تصنيف سلطنة عُمان من «Ba1» إلى «Baa3» مع تعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة له تأثيرات إيجابية، وتكمن في تعزيز ثقة المستثمرين للاستثمار في سلطنة عمان فضلا عن جذب الاستثمارات الخارجية، مما يسهم في استقطاب المشاريع النوعية في مختلف القطاعات المستهدفة ضمن «رؤية عمان 2040»، كما يسهم في تعزيز البيئة الاستثمارية وتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط، الذي بدوره يعود إلى استقرار الاقتصاد الوطني واستدامته.

وأوضح أن هناك عوامل كثيرة ساهمت في ارتفاع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان منها تحسن أسعار النفط في الأسواق العالمية التي كان لها الأثر الإيجابي الكبير، وكذلك انخفاض الدين العام من 37.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2023م إلى 35.5% في نهاية عام 2024م مع توقع استمرار انخفاضه خلال السنوات القادمة، إضافة الى تراجع سعر تعادل النفط من 84 دولارا للبرميل خلال الفترة 2016 الى 2020 ليصل الى 70 دولارا للبرميل خلال الفترة من 2024 إلى 2025، بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات غير النفطية وترشيد الإنفاق الحكومي، وأكد أنه من الممكن الاستفادة مع الوصول إلى الجدارة الاستثمارية من خلال تكثيف الجهود لاستقطاب الاستثمار الأجنبي وتحسين بيئة الأعمال، وإعادة جدولة الدين العام مع سماح التصنيف الجديد لإعداد سلطنة عمان جدولة الديون السابقة، والاقتراض بعدما رفعت وكالة «موديز» تصنيف سلطنة عمان إلى درجة استثمارية.

ويعد رفع التصنيف الائتماني شهادة دولية على فعالية السياسات الاقتصادية العُمانية، والتزامها بمسار إصلاحي متزن وطموح، وهذا التطور يفتح آفاقًا واسعة لتعزيز بيئة الأعمال، ومع استمرار تنفيذ الخطط الوطنية وزيادة التنويع الاقتصادي، سيمهد لسلطنة عمان الثبات نحو مستقبل اقتصادي أكثر استقرارا وتنافسية على المستوى الإقليمي والعالمي.