No Image
الاقتصادية

أزمة التضخم.. هل تعيد تشكيل خارطة أكبر الاقتصاديات العالمية؟

18 نوفمبر 2022
18 نوفمبر 2022

- حجم الناتج الاقتصادي العالمي نحو (94) تريليونًا والولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وألمانيا تسهم بأكثر من النصف

يمر الاقتصاد العالمي حاليا بواحدة من أكبر الأزمات التي شهدها منذ عقود التي تمهد لمزيد من التغيرات في خارطة أكبر القوى الاقتصادية العالمية؛ بسبب الضغوط التي تدفع النمو للتراجع في العديد من الدول، بينما تنجح دول أخرى في المضي قدما لتعزيز النمو عبر زيادة الإنتاجية، وبناء قاعدة قوية للصناعة ومواكبة التطور التقني.

ومنذ بداية العام أصبحت معدلات التضخم القياسية تشجع البنوك المركزية على رفع متوالي لأسعار الفائدة بما يصاحبه من مخاطر تؤثر سلبا على معدل النمو الاقتصادي، واحتمالات دخول عدد من الاقتصاديات الكبرى في وضع الركود والتباطؤ الاقتصادي، وفي الوقت ذاته نجحت عدة دول آسيوية في الانضمام لقائمة أكبر (10) اقتصادات عالمية منها الهند وأندونيسيا، بل وتمكنت الهند خلال العام الجاري من الصعود إلى المرتبة الخامسة بين أكبر اقتصاديات العالم، وإزاحة المملكة المتحدة إلى المرتبة السادسة في وقت تعاني فيه الأخيرة من تبعات الخروج من منطقة اليورو، وأزمة الطاقة، وارتفاع التضخم، وتبعات الحرب الأوكرانية، فضلًا عن مشكلات هيكلية تتعلق بالإنتاجية، وخلل ركائز النمو الاقتصادي، كما يظل من ضمن المتغيرات المهمة في تحديد أقوى اقتصادات العالم طموح الصين التي تعد ثاني أكبر اقتصاد عالمي حاليا للوصول إلى مرتبة أقوى اقتصاد عالمي على الإطلاق، وهي المرتبة التي تنفرد بها الولايات المتحدة حاليًا.

وخلال العام الماضي، سجل إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي (94) تريليون دولار، وتسهم اقتصاديات الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وألمانيا بأكثر من نصف الناتج الاقتصادي العالمي، ومع إجمالي ناتج محلي يقدر بما يقارب من (23) تريليون دولار يحتل الاقتصاد الأمريكي المرتبة الأولى بنسبة تقترب من ربع الناتج الاقتصادي العالمي. وتأتي الصين في المرتبة الثانية بناتج محلي نحو (17) تريليون دولار بما يعادل نحو (18) بالمائة من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، وعلى الرغم من مواجهة العديد من الضغوط منذ تفشي الوباء التي أدت إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، حققت الصين معدل نمو لإجمالي الناتج المحلي بنسبة (8,1) بالمائة خلال عام 2021، وهو معدل قياسي منذ (10) سنوات، ومن المتوقع أن يواصل اقتصادها النمو بنسبة تقدر بحوالي (5,5) بالمائة هذا العام، ويتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة (5.7) بالمائة سنويًا حتى عام 2025، ثم (4.7) بالمائة سنويًا حتى عام 2030، وفقًا لتوقعات مركز الاستشارات البريطاني لأبحاث الاقتصاد والأعمال، وتشير توقعات المركز إلى أن الصين قد تتفوق على الاقتصاد الأمريكي بحلول عام 2030.

وبينما تواصل العديد من الدول الآسيوية تحقيق معدلات اقتصادية مرتفعة، يتوقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل النمو في منطقة اليورو والولايات المتحدة؛ بسبب المتغيرات الحالية خاصة تبعات صعود التضخم والحرب في أوكرانيا، وخلال الشهر الماضي خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي في 2023، محذرًا من أن الأسوأ لم يأتِ بعد، حيث يشهد النشاط الاقتصادي العالمي تباطؤا واسعا فاقت حدته التوقعات، مع تجاوز معدلات التضخم مستوياتها المسجلة خلال عدة عقود سابقة، وبينما تنتشر أزمة التضخم في كثير من دول العالم فقد تم تسجيل بعض من أعلى مستوياته في الاقتصاديات المتقدمة وهو ما يدفع نحو مزيد من تباطؤ النمو.

وتشير التوقعات إلى تباطؤ النمو العالمي من (6) بالمائة في عام 2021 إلى (3.2) بالمائة في عام 2022، ثم (2.7) بالمائة في عام 2023، فيما يمثل أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ عام 2001، باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحرجة من جائحة كورونا.

وتشهد العديد من الدول الآسيوية نشاطا في حركة التصنيع مع هجرة العديد من الصناعات من الاقتصاديات المتقدمة إلى آسيا بحثا عن أيدي عاملة رخيصة وماهرة وانتشار عالمي أوسع، وأصبحت الصناعة هي القوة الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الآسيوي، ويصاحبها قدرة واسعة على توطين الصناعات المتقدمة والتقنيات، وتعد الصناعة هي ركيزة النمو الأساسية في الصين التي تعد أكبر دولة صناعية التي قلصت اعتمادها نسبيًا على قوة التصدير منذ اندلاع النزاع التجاري مع الولايات المتحدة، بينما تعتمد قوة الاقتصاد الأمريكي بشكل رئيسي على صناعات المال، والتمويل والتأمين والعقارات وقطاع التكنولوجيا، ومن المتوقع أن الاقتصاد الأمريكي سيستمر في النمو، رغم مخاوف التباطؤ الحالية، ولكن بدون طفرات حتى عام 2030.

وتعد أكبر (10) اقتصادات في العالم حاليا هي الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، واليابان، وألمانيا، والهند، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وكندا، وكوريا الجنوبية، ومن بين هذه الدول كانت الهند في المرتبة السادسة العام الماضي، وانتقلت للمرتبة الخامسة هذا العام وفقًا لصندوق النقد الدولي. وكانت الهند الاقتصاد الحادي عشر في العالم قبل عقد من الزمن، ويرى صندوق النقد الدولي أن الهند سيظل لديها رابع أعلى ناتج محلي في العالم بحلول عام 2027، مع توقع نمو بنسبة (7) بالمائة لعام 2022.

وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصبح هذا الوضع الراهن في المشهد العالمي هو الواقع الجديد، حيث من المتوقع أن تقفز الهند أكثر قبل المملكة المتحدة حتى عام 2027، مما يجعل الهند رابع أكبر اقتصاد بحلول ذلك الوقت أيضًا، وتبقى المملكة المتحدة في المركز السادس.