منوعات

كيف قضى ضحايا "تيتان" لحظاتهم الأخيرة؟

07 يوليو 2023
07 يوليو 2023

الزمن المحدد للرحلة السياحية على متن الغواصة "تيتان " هي 10 ساعات فقط، كمية الأكسحين المتاحة للحياة تكفي لمدة 5 أيام، أما الهدف من الرحلة فهو زيارة حطام سفينة "تيتانيك" الأسطورية في عمق المحيط الأطلسي والمستقرة منذ عشرات سنين في الأعماق البعيدة دون أن يفكر العالم في استخراجها بشكل جدي.

أما النتيجة النهائية فهو "مقتل" جميع الركاب وعددهم خمسة أشخاص بسبب يُرجَّح بأنه انفجار داخلي، وهذه الحادثة ستظل تثير الكثير من التساؤلات سواء من الخبراء أو المهتمين في هذا المجال عن جدوى الذهاب إلى الأعماق، وما هي قواعد السلامة المطلوبة لمثل تلك المغامرات أن قررت بعض الشركات تكرار التجربة مرة أخرى.

من المعلومات الموثقة أن انقطاع الاتصال مع الغواصة تيتان حدث بعد ساعة و45 دقيقة من نزول الغواصة إلى العمق، وبعد أربعة أيام من بقاء الضحايا في عمق المحيط فوق موقع تيتانيك، تم الإعلان عن العثور على حطام من الغواصة المفقودة" تيتان" والسؤال المهم هو: كيف قضى ضحايا "تيتان" لحظاتهم الأخيرة؟ ربما الإجابة على هذا السؤال في الوقت الراهن هو جزء من فرضية ربما تكون غير دقيقة وإن كان البعض قد ذهب إلى أنهم كانوا يعانون من الظلام والخوف من الهلاك في أي لحظة.

التفاصيل، منذ أن تم الإعلان عن غرق الغواصة " تيتان " في أعماق المحيط الأطلسي، والجدل يزيد حدة يوما بعد آخر، ونظريات الموت السريع تأتى من خلال روايات متفرقة، وذهب البعض إلى مواساة عائلات الضحايا بأن الأشخاص الخمسة "لم يشعروا بألم أثناء مرحلة الموت" بسبب سرعة الحدث وعدم توقعه في تلك اللحظة العصيبة.

في الناحية الأخرى بدت تبرز عدة روايات تفسر أسباب وقوع الانفجار الضخم داخل الغواصة، والذي أدى إلى تحطمها بالكامل في غضون وقت قصير، ثم استقرار أجزائها في الأعماق على مسافات طويلة، فيما تم الحديث عن وجود بعض أشلاء الضحايا متناثرة في المحيط بسبب قوة الانفجار.

قد فسر البعض هذا "الموت الجماعي" لخمسة من أثرياء العالم هو بمثابة عقاب رباني لهم، فيما رأى آخرون بأن المال قد يكون وبالا على أصحابه وقد يحرمهم من الحياة في بعض الأحيان " فالمال لا يمنح الأموات فرصة العودة إلى الحياة مرة أخرى" وإن دفعوا كنوز الأرض لإرجاعهم بعد الموت.

لا أعتقد مطلقا بأن الثراء هو الذي جلب لهم هذه النهاية المأساوية، فلا علاقة ما بين المال والموت، لكن يمكن أن يكون شغفهم في استكشاف ورؤية أسطورة البحار التي كان العالم ينظر إليها قبل نحو قرن من الزمن " السفينة التي لا تعرف الغرض"، فهي السفينة العملاقة التي لا يزال الغموض يكتنف أسباب غرقها واستقرارها في أعماق تصل إلى 5000 قدم تحت الماء.

ومن لا يعرف كثيرا عن "سفينة تيتانيك " فإن تاريخ غرقها يعود إلى عام 1912 عندما اصطدمت بجبل جليدي في أول رحلة بحرية لها، وأسفر هذا الحادث عن مقتل أكثر من 1500 شخص، وقد جُسدت أحداث السفينة في فيلم سينمائي حمل اسمها " تيتانيك"، ولقي إقبالا كبيرا من الجمهور رغم أنه يجسد مأساة إنسانية صعبة، ولكن الأغنية التي تم إدراجها في الفيلم لمغنية البوب الكندية "سيلين ديون" اعتبرت من أشهر الاغان التي لا تزال تسجل حضورا عالميا وأكثر مبيعا وإقبالا على سماعها من الجمهور رغم مرور عشرات السنين على إنتاج هذا الفيلم السينمائي.

وبحسب المعلومات المتداولة والموثقة في المواقع الإلكترونية فإن الغواصة «تيتان» بدأت التجارب البحرية عام 2018، قبل أن تبدأ رحلتها الافتتاحية عام 2021. وفي العام الماضي2022، قامت بعشر غطسات على الرغم من أن جميعها لم تتمكن من رؤية حطام "تايتانيك" إلا أنها كانت ناجحة.

وقبل موعد المغامرة المثيرة، كانت هناك العديد من الأصوات تحذر من عدم استطاعت هذه الغواصة الصمود طويلا في الأعماق السفلى، أو مقدرتها على إتمام رحلتها بنجاح بسب التيارات والضغط الكبير في أعماق المحيط، إلا أن المسؤولين عن الغواصة لم يأخذوا بهذه التحذيرات، وبقي " 250 ألف دولار " هو ثمن تذكرة الموت لكل شخص كان يود خوض التجربة الفريدة، وربما كان هذا المبلغ هو أحد أهداف الشركة المالكة للغواصة بحسب ما تم الحديث عنه في وسائل الإعلام بشكل مباشر دون الالتفات إلى بعض إجراءات السلامة.

وبعيدا عن كل ما سبق ذكره، علينا أن نكون اكثر قناعة وتفهما بأن هناك أسرار كثيرة في هذا الكوكب نجهلها، والمجازفة بالأرواح يمكن أن تنعكس سلبا علينا كبشر، فالمسألة ليست في المال أو الشجاعة في المغامرة حتى وإن كان القصد منها سياحيا وترفيهيا، ولكن يبقى أن نعرف جيدا بأن الحياة قد تنتهي من خطأ "غير محسوب" أو من نقص في إجراءات الأمان، وأحيانا من التهور غير المنطقي.

في هذه الحادثة كان للقدر دور كبير في إنقاذ بعض الأرواح والذين نسميهم دائما "الناجين من الموت"، أو الذين كانوا من الممكن أن تدرج أسماؤهم ضمن قائمة الأموات.

فهناك شخصان تنازلا طوعيا لشخصين آخرين بسبب خوفهما من فشل المهمة، فما كان منهم إلا أن أبدوا عدم رغبتهم في المشاركة، فتنازلوا عن مقاعدهم للآخرين، وأم تنازلت لابنها حتى يرافق أباه في هذه الرحلة فمات الابن وعاشت الأم.

إن أي تجربة في العالم يجب أن تدرس بعناية فائقة، خاصة إذا كان هناك أي احتمالية لحدوث مشاكل أو تأثيرات تغير من النتائج النهائية فيجب على الشركات التي تنظم مثل هذه الرحلات إلى أعماق البحار والمحيطات أن تضع حزمة الأمان ضمن أولويات عملها.