منوعات

طيور البوم رمز الحكمة تتعرض لمضايقات رغم فوائدها للمدن

08 فبراير 2024
08 فبراير 2024

شيكاغو "د.ب.أ": كانت كاثي كين في طريقها إلى المنزل، بعد يوم عمل طويل، ذات أمسية شتوية مؤخرا، عندما صادفت مجموعة من الأشخاص، يتفرجون في هدوء تام على زوج من البوم ذي القرون الكبيرة، يجثم على شجرة داخل متنزه لينكولن.

وقالت كين لصحيفة شيكاغو تريبيون، "بدأت أسمع صيحة "هوت، هوت"، التي تطلقها البوم عندما يقترب دخيل من منطقتها، وردت البومة الأخرى بنفس الصيحة، وكان الصوت والمشهد رائعين".

وشعرت كين بنوع من الشغف تجاه المنظر، وحرصت في اليوم التالي على أن تمر بنفس المكان، ولكنها في هذه المرة اصطحبت زوجها باتريك كين.

وكانت بومة لا تزال فوق الشجرة، ولكن فجأة حلقت طائرة مسيرة صغيرة، باتجاهها فانزعجت وطارت بعيدا، حينئذ قرر الزوجان كين، الاقتراب من الشخصين الذين يشغلان الطائرة.

ويتذكر باتريك كين أنه وجه اللوم لهما لأنهما أخافا البومة بالطائرة الصغيرة، غير أن أحدهما لم يكترث بل ابتسم، وكأنه يريد أن يقول "نحن أخفنا البومة الأخرى في وقت سابق من المساء".

ويقول الخبراء إن طيور البوم ذات القرون الكبيرة، تتزاوج وتضع أعشاشها في شيكاغو، بينما تتزايد التوقعات بمشاهدة نادرة الحدوث، للبوم الذي يعيش في المناطق الجليدية، القادم من القطب الشمالي، ومشاهدة مثل هذه الطيور، تؤكد أهمية النظر إليها وتصويرها بشكل يكفل لها السلامة.

بينما يقول إدوارد واردن رئيس جمعية شيكاغو لعلم الطيور، إن "مشكلة مضايقة طيور البرية خاصة البوم، ليست جديدة حيث يوجد شيء جذاب للغاية يحيط بها، ويشعر الناس بالشغف لرؤيتها وهي في وسطهم، وسواء أطلقت على نفسك وصف محب للطيور أم لا، فهذا تصرف يحدث في مختلف أنحاء العالم".

ويلاحظ بشكل عام أن الأشخاص الفضوليين لا يتعمدون إزعاج البوم، غير أنه من المرجح بدرجة أكبر أن يحدث الاحتكاك معها في الشتاء، عندما تتساقط أوراق الأشجار، ويصبح من السهل رصد الطيور، خاصة مع بداية موسم التكاثر.

ويوصي الخبراء بأنه عندما يرى الناس بومة في البرية، فيجب عليهم أن يلتزموا الهدوء على قدر الإمكان، ويحتفظوا بمسافة بينهم وبين الطيور، ويستخدموا منظارا مكبرا لتوضيح الرؤية، كما يجب دائما تجنب التصوير بالفلاش الضوئي، خاصة بعد حلول الظلام، ويوصون أيضا بعدم بث الأماكن التي يتواجد فيها البوم بالضبط، على مواقع التواصل الاجتماعي، لكفالة سلامة الطيور.

وتحذر جمعية شيكاغو للطيور، من أن البشر يمكن أن يعرضوا البوم للضغوط، عن طريق التدخل في طريقة ممارستها للصيد، مما يعرضها للإرهاق، ويجعلها أكثر عرضة لتقع فريسة للطيور الجارحة مثل صقور الشاهين والصقور ذات الذيول الحمراء.

ويمكن العثور على أربعة ملايين من طيور البوم ذات القرون الكبيرة، في مجموعة واسعة من البيئات المختلفة عبر أمريكا الشمالية، من بينها ولاية ألينوي، ويتم غالبا تصوير هذه النوعية من الطيور، في أشكال توحي بالحكمة في الثقافة الشعبية وكتب الحكايات.

وتوضح جمعية شيكاغو للطيور، أن طيور البوم ذات القرون الكبيرة، تعد ثاني أكبر أنواع البوم من حيث الكثافة العددية، في الولايات المتحدة بعد بوم المناطق الجليدية، وهي تشتهر بمهاراتها في الصيد، وبأعينها الصفراء الواسعة، وصيحاتها المنبعثة من أعماقها، وبخصل الريش التي تزين رؤوسها، ويأتي موسم تزاوجها مع بداية يناير من كل عام، وتحتاج أفراخها لكثير من الوقت بأكثر من أفراخ أية طيور أخرى، حتى تتعلم الاعتماد على الذات في الصيد، قبل حلول فصل الشتاء التالي.

ويوضح إداوارد واردن أن "طيور البوم يمكنها القيام بكثير من الأعمال، وتستطيع أن تشق طريقها إلى داخل مدينة لتسكن أشجارها، وهي عملية أكثر صعوبة مقارنة بمحمية مريحة داخل غابة، وبالتالي يمكن وصفها بالطيور الكادحة، وهي تبذل أقصى ما في وسعها لتأمين سبل العيش، فيما يمكن أن يوصف بأنه مساحة حافلة بالتحديات".

ويقول مات ليجلسكي المدير التنفيذي لجمعية شيكاغو للطيور، إن إيقاظ هذه الطيور الليلية، مثل البوم ذات القرون الكبيرة في منتصف النهار، يماثل إيقاظ شخص في منتصف الليل، وإجباره على الانطلاق، مع توقع أن يؤدي عمله بشكل جيد في صباح اليوم التالي.

ويشير واردن إلى أن البوم خاصة في فصل الشتاء، "تحاول الاقتصاد في الطاقة التي تخزنها"، ويقول إنها تحتاج إلى الحفاظ على كل سعر حراري لتبقى دافئة وعلى قيد الحياة، وفي حالة تمضية أوقاتها في تجنب البشر والطائرات المسيرة الصغيرة، فإنها بذلك تحرق سعرات ثمينة.

ويضيف "إنه ليس من قبل المبالغة على الإطلاق، القول بأن هذه الطيور إذا تعرضت لقدر كبير من الإيذاء، فقد تتعرض للموت من جراء ذلك، ورأينا حدوث مثل هذه الحالات مرات كثيرة من قبل".

ويشدد واردن على أن البوم وغيرها من الحيوانات مثل الثعالب وذئاب البراري، يمكنها أن تخلص المدينة من مشكلاتها، مثل انتشار الفئران، التي أدت إلى إطلاق لقب "أكثر مدينة ازدحاما بالفئران"، على تكساس للعام التاسع على التوالي.

ويدعو واردن السكان إلى أن يتذكروا، أن الحيوانات عاشت في المنطقة، قبل إنشاء شيكاغو بزمن طويل.

بينما تقول كاثي كين إن الحدود البشرية، ستصطدم بشكل حتمي ومتزايد، مع حدود الحياة البرية.

وتضيف "مع اتساع مناطقنا الحضرية، يجب إتاحة مكان للحيوانات تعيش فيه، ونحن بحاجة لأن نجد وسيلة للتعايش معها باحترام".