منوعات

طاهيتان عمانيتان تضيفان لمسة عصرية للمأكولات التقليدية

12 يوليو 2023
تمزجان بين التراث والإبداع في الطبخ
12 يوليو 2023

تعكس الأطباق تنوع المطبخ العماني المرتبط بالثراء الثقافي

نظرة المجتمع للمرأة العاملة في مجال الضيافة.. أبرز التحديات

إعداد الأطباق يعتمد على نوع المطبخ وقد يكون من الصعب إدخال أي تغيير في الأطباق الأصلية

بدون شك، الأكل هو جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمعات والدول في كل أنحاء العالم، وتنطبق هذه الحقيقة على المأكولات العمانية أيضا، فهي تشكل جزءا لا يتجزأ من ثقافتنا وعاداتنا.

اعتادت «سارة ومعصومة» على المأكولات العمانية منذ الصغر، حيث تعودتا على الطعم الأصيل والمميز لتلك الأطباق التقليدية، بفضل خبرتهما ومهارتهما كطاهيتين محترفتين، استطاعتا أن تترجما تلك الأطباق التقليدية بطعمهما الأصيل لتتماشى مع الأطباق العصرية وأذواق الجمهور.

تعلمت سارة ومعصومة من خلال الاطلاع على المطابخ العالمية واستلهمتا منها في تطوير الأكلات التقليدية، بتغيير طريقة التقديم أو إضافة بعض المكونات المميزة، دون المساس بأصالة الطعم العماني، مقتنعتان بأن المستقبل يحتاج إلى تطوير المأكولات العمانية وتقديمها بأسلوب عصري يحافظ على طعمها الأصيل، تحب الطاهيتان تقديم وجبات من المكونات المحلية مع لمسات لتطوير الطبخ العماني لتلبية ذوق الزبائن، المحلي والعالمي على حد سواء.

في هذا الحوار توقفنا مع طاهيتين عمانيتين موهوبتين ومبدعتين في مجال المأكولات العمانية، « معصومة البلوشية و سارة الحشار»، قدمتا لنا لمحة عن رحلتيهما المهنية وتجاربهما في العمل بمطابخ الضيافة والفنادق، وكيف تمكنتا من تقديم الأطباق العمانية التقليدية بلمسة عصرية تواكب الأطباق العالمية المعاصرة. وأعربت معصومة وسارة عن سعادتهما في تحقيق إنجازاتهما، خاصة في مجال المأكولات العمانية، حيث استطاعتا تحقيق شغفهما وتحقيق الطموح الذي كانتا تصبوان إليه منذ دخولهما هذا المجال. لذا، يعد هذا الإنجاز دافعا كبيرا لهما للتطور والاستمرار في هذا المجال وتحقيق المزيد من الإنجازات.

شغف وطموح

معصومة البلوشية تحدثنا عن رحلتها المهنية وتجربتها في العمل بمطابخ الضيافة والفنادق وكيف تمكنت من تقديم الأطباق العمانية التقليدية بلمسة عصرية تواكب الأطباق العالمية المعاصرة، وتفخر بنفسها في تحقيق إنجازها، خاصة في مجال المأكولات العمانية حيث استطاعت تحقيق شغفها والطموح الذي كانت تصبو إليه منذ دخولها في هذا المجال، وترسخت المأكولات العمانية في معصومة منذ الصغر، حيث تعودت على الطعم الأصيل والمميز لتلك الأطباق التقليدية، بفضل خبرتها ومهارتها كطاهية محترفة، استطاعت أن تترجم تلك الأطباق التقليدية بطعمها الأصيل لتتماشى مع الأطباق العصرية وأذواق الجمهور.

وهي متخصصة في المأكولات العمانية التقليدية، ودائما ما تبتكر في تقديمها بطريقة عصرية، شاركت العام الماضي وفازت بالميدالية البرونزية في فئة المأكولات العمانية، وعادت إلى المشاركة هذا العام في الفئة نفسها وفازت بالميدالية الذهبية، وفي الوقت نفسه، فازت بالمركز الثالث كأفضل ذهبية، وحصلت على برونزية مقدمة من أكاديمية «ناشيونال دي كوزين»، وتعمل حاليا كشيف محترف في أحد فنادق فئة 5 نجوم «فندق شيراتون عمان».

وتقول معصومة: المطبخ العماني يندرج ضمن المطبخ العربي والخليجي، وأهم ما يتميز به تأثره الكبير بالثقافات الخارجية ودول الجوار بسبب العلاقات السياسية والتجارية، مضيفة بقولها: فخورة بنفسي بأنني حققت هذا الإنجاز خصوصا في فئة المأكولات العمانية، كوني حققت شغفي والشيء الذي كنت أطمح له منذ دخولي لهذا المجال سيكون دافعا كبيرا لي لأستمر ولأحقق إنجازات أكثر. وتبين معصومة أن المأكولات العمانية ترسخت لدينا منذ الصغر وتعودنا على الطعم الأصيل وكوني «طاهية» محترفة عرفت كيف أترجم هذه الأطباق التقليدية بطعمها الأصيل لتواكب الأطباق العصرية، من خلال الاطلاع على المطابخ العالمية والاستلهام منها في تطوير الأكلات التقليدية بتغيير طريقة التقديم، وإضافة بعض المكونات مع التأكيد على الحفاظ على أصالة الطعم. مشيرة إلى أن أحد التحديات التي واجهتها هي نظرة المجتمع للمرأة العمانية التي تعمل في مجال الضيافة والفنادق، ولكن حينما دخلت المجال اكتشفت أن هناك فئة كبيرة من النساء يعملن في المجال نفسه وبالتالي شجعتني بأني استمر في هذا المجال، كما أن ساعات العمل الطويلة إلى ساعات متأخرة تعتبر تحديا آخر، إلا أن حبي لهذا المجال وتشجيع أهلي جعلاني أتغلب عليها واستمر بكل شغف وحب.

وتوضح معصومة أن بعض الأطباق تعتمد على نوع المطبخ الذي نعمل فيه، وفي بعض المطابخ من الصعب جدا إدخال أي تغيير في الأطباق الأصلية ولكن في بعض الأحيان يمكن عمل تغيير بسيط في بعض المكونات أو الشكل لتناسب الذوق المحلي.

وتتابع: كوني متخصصة في المأكولات العمانية أحب أن اشتغل بالمكونات المحلية وأطور من المأكولات العمانية وتقديمها بشكل عصري مع المحافظة على طعمها الأصيل، فالأكل جزء لا يتجزأ من ثقافة أي مجتمع أو دولة وهذا أيضا ينطبق على المأكولات العمانية، فهي جزء لا يتجزأ من ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، مضيفة أن تحقيق النجاح في هذا المجال ليس سهلا لأنه يتطلب قوة تحمل وصبر، ويجب الاستمرار في وعدم الاستسلام والتراجع لأنه عمل شاق، وأن يبقى «الطاهي» على اطلاع مستمر ليتعلم الأشياء الجديدة في هذا المجال.

وتؤكد: أحب أن أتعمق وأدرس في هذا المجال بشكل أكبر وأطور من قدراتي ومهاراتي، فالمطبخ العماني غني بمكونات وأطباق متميزة يمكن أن تكون في صف المأكولات العالمية في المستقبل، ونحتاج إلى تعاون واجتهاد كبير من الطهاة العمانيين لإخراج المطبخ العماني إلى الواجهة العالمية، وبدعم من الجهات المعنية للطهاة العمانيين وإلى تكاتف الجهود.

أطباق مبتكرة وجذابة

أما الطاهية العمانية الثانية فهي سارة الحشار، وبفضل موهبتها وإبداعها، استطاعت تحقيق إنجاز استثنائي بفوزها بالجائزة الذهبية في فئة الباستا في مسابقات معرض هوريكا، تتميز سارة بتقديم أطباق مبتكرة وجذابة، حيث تجمع بين الطهي التقليدي والعصري، وتضيف إليها النكهات العربية والمنتجات العمانية، وتستخدم المكونات العضوية والمنتجات المحلية في أطباقها، مما يعكس التراث العماني وتنوعه. أما الطبق الذي صنعته، فهو نوعية جديدة من الباستا دمجت فيه الطبخ التقليدي والطبخ العصري بإضافة نكهات عربية ومنتجات عمانية. وتقول بأن الباستا هي في الأصل طبخة إيطالية استخدمت الطريقة التقليدية تعلمتها من طاه إيطالي، لكن استخدمت فيها المنتجات العمانية مثل الطحين العماني والبيض المحلي، واستخدمت مكونات عضوية من مزارع محلية مثل الشمندر وغيره، واستخدمت أيضا فن الطهو الجزيئي من ضمن عناصر الطبخة، والطبق عبارة عن باستا التورتيليني بحشوة اللبنة المصنوعة في المنزل مع الزعتر وصلصة الشمندر مع بيستو وكافيار الريحان، معظم المكونات محلية أو مصنوعة في المنزل وهذا ما ميز الطبخة.

وتشير سارة إلى أن المطبخ العماني يتميز بتنوعه الذي جاء من حضارات عمان التاريخية وعلاقاتها التجارية مع دول العالم وتوضح بأنها لا تقدم الطبق حاليا في أي مكان لكن هناك خطة لتقديمه في مشروع قيد الإنشاء.

وتعبر سارة عن فخرها وحماسها بدخولها للمسابقة التي فازت فيها، حيث أشارت بأن المشاركة كانت من باب التجربة فقط وليس للفوز، وتضيف: حفزني حصولي على الجائزة بأن مساري المهني وشغفي لن يضيع، وأن هناك المزيد الذي يمكنني تقديمه في هذا المجال في سلطنة عمان. مضيفة بأن الشغف وحب الشيء، والدعم الأسري، وتوفر الكمية من المعلومات في هذا المجال، هو ما صنع الفوز، ولا اعتقد أنني ابتكرت شيئا مميزا، وإنما اللمسات والتفاصيل التي أضفتها كانت مميزة. وتتابع: إلهامي يتحقق مع توفر الكثير من المنتجات العمانية عالية الجودة وتنوع فن الطبخ العماني، وخلال رحلتي الدراسية، ورؤية عدة طباخين من جميع أنحاء العالم لأتعلم منهم كيفية الابتكار. وتشير سارة إلى أن أهم التحديات التي تواجهها كطاهية هي: احتكار السوق، مقارنة بالبلدان الأخرى، فإن عدد السكان في سلطنة عمان لا يقارن بعدد السكان في البلدان المجاورة، ولم أتغلب على هذا الشيء حتى الآن، لكن يجب أن أتعايش معه إلى أن أصل إلى الحل الأنسب لي، وعدم وجود جميع الأدوات محليا التي تعودت عليها في دراستي بالخارج، لكنني أحاول الحصول على البدائل، فضلا عن الأجواء أو المواسم. لدي الكمية من الوصفات التي دونتها من خلال دراستي في بريطانيا، لكن الجو العام يؤثر كثيرا في نسبة المكونات التي يجب استخدامها في الوصفات مثلا الرطوبة تؤثر كثيرا على كمية استخدام الطحين في الوصفة فيجب أن أقوم بالتجارب لأصل إلى النسبة المناسبة للوصفة على حسب الأجواء المحلية. مشيرة إلى أن الذوق العام مهم جدا في سوق المطاعم بسلطنة عمان، لكن يبقى ألا يتم المساس بالطبق الأصلي، متسائلة إن أخذ أحد من دولة أخرى الأكل العماني وغيره لتكييف ذوقهم المحلي.. فهل سنقبل بذلك؟! وتضيف: لكن اعتقد أننا يمكننا أن نأخذ تفاصيل بسيطة من الطبخات التقليدية ونكون طبخات جديده منها، فأنا أحب استخدام الخضروات العضوية، وأيضا استخدام النكهات التي تتميز بها سلطنة عمان مثل: اللومي الجاف واللبان وإضافته إلى الأطباق وأيضا استخدام نكهات غير معتادة مثل الياسمين واستخدامها لإضافة نكهة مميزة في الحلويات مثلا.

وتؤكد سارة بأن تدوين الطبخات العمانية مهم ويسهم في الحفاظ على الثقافة والتقاليد، وتستعرض تجربتها في الحفاظ على الخميرة الطبيعية وصنع خبز «الساور دو»، مشيرة بقولها: بدأت الاكتشاف من حوار مع جدتي أن في ثقافتنا القديمة كنّا نستخدم طريقة لتخمير العجينة لصنع اللقيمات لعدم وجود الخميرة الفورية قديما، ولولا تجربتي التي قادتني إلى هذا الحوار مع جدتي، ما كنت سأعرف هذه المعلومة. وتنصح سارة كل من يحب أن يدخل عالم الطبخ بالتأكد من شغفه، لأن العمل في هذا المجال مرهق جدا جسديا وعقليا، وألا تتبع خطوات أحد، فقط تعلم منهم، وكوّن خطواتك الخاصة، مبينة أن لديها خططا كثيرة في هذا المجال، أريد أن أصنع بصمتي في عمان وأبرز المهارات والإبداعات العمانية عالميا، لكن كيفية الوصول لهذا الهدف غير واضح تماما بالنسبة لي. وترى سارة بأن المأكولات العمانية مشهورة، وهناك جهود بالاهتمام بها قدر المستطاع محليا، لكن ليس لدينا الكثير من المدونات على الإنترنت توضح تنوع المأكولات العمانية عالميا. وتضيف: لدينا العديد من صناع المحتوى على مواقع التواصل يدونون الأكلات العمانية، معظمها تصل إلى المجتمع العماني فقط أو القليل منها يصل إلى المجتمع العربي، وأتمنى أن ندون المعلومات من أجدادنا، وجداتنا في جميع أنحاء سلطنة عمان لتكون لدينا مجموعة متكاملة من المعلومات عن تاريخ وتقاليد الأكل العماني.