"تصوير حافظ سويلم"
"تصوير حافظ سويلم"
منوعات

ضمن مهرجان ظفار المسرحي... "سلمى" قصة واقعية بمرباط

10 ديسمبر 2023
10 ديسمبر 2023

شهد مسرح أوبار بصلالة مساء أمس العرض المسرحي "سلمى" لفرقة مرباط الأهلية المسرحية، وذلك ضمن مهرجان ظفار المسرحي الذي تنظمه المديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار، المسرحية تأليف الكاتب المسرحي نعيم فتح، و إخراج محمد دريبي العمري وتمثيل الفنان العاص المشيخي وأمل النويرية، وعبدالله المردوف، وبشرى مغراب وأيمن عبد الشريف، وعمر البلوشي، وكوكبة من شباب المسرح.

شهد العرض حضورًا كبيرًا من فناني المسرح والكتاب والأدباء بالمحافظة، وخارجها والعديد من الجمهور.

العرض المسرحي "سلمى" تدور أحداثه حول انتشار مرض الجدري بولاية مرباط منذ أكثر من خمسين عامًا؛ حيث قضى على أكثر أبناء القرية، كما تطرق إلى الظلم الذي يتعرض له بعض أبناء القرية من شيخ القبيلة، من خلال سلمى التي توفي خطيبها وأراد شيخ القبيلة تزويجها ابنه دون إرادتها، ولكنها تقف أمام ظلمه، وترفض الزواج وتتزوج ابن خالها.

وعقب العرض المسرحي، أقيمت الندوة التطبيقية الخاصة بالعرض والتي أدارها الناقد المسرحي عادل فضل البلوشي بحضور المؤلف نعيم فتح، والمخرج محمد دريبي، حيث قدّم السيرة الفنية لهما، ثم عقّب على العرض المسرحي قائلًا:

"يقوم المؤلف بإعطاء نصه المسرحي لمخرج آخر، وهذا الأمر يضيف للعرض رؤية أخرى اختلفت فيها الشخوص، والأدوار، و الحوارات، وحقيقة أننا أمام عرض مسرحي لم يشبه النص الذي قرأته، وهذا في طبيعة الحال أمر مثير وإيجابي. العرض المسرحي يضعنا أمام جدلية فلسفية من جدليات الحياة، وهي أن النعمة لا تكتمل ولا تدوم لأحد؛ فالشيخ سالم رغم كثرة أمواله ونفوذه ابتلى بابنه سالم الذي أصيب بتأخر عقلي، وسلمى رغم جمالها ألا إنها عاشت تعيسة، ومسلم ابن خال سلمى رغم نقاء قلبه لم يعش حبه النقي مع سلمى إلا في آخر حياته، ومن هنا يقول لنا الكاتب: إن السعادة الحقيقية في الرضا و القناعة، ولقد تنوعت السمات في هذا العرض وتعددت فتجسدت أمام أعيننا صفات بشرية عجيبة، مثل التعالي، والطمع، والمكر والخديعة، والكره والحقد والحسد والجهل، وتجسد أيضًا الوفاء وسمة أخرى تقول لنا أن في الحياة فرصة لا تترك، كفرصة سلمى عندما تركت إقبال مسلم عليها بحبه نادمة بعد فوات الأوان، وكأن لسان حال الأرض يقول لا تتركوا اللحظات الجميلة مع من يحبكم، وتحبونه بسبب خلافات الحياة، أما القيمة الأعمق والأكثر نبلًا كانت قيمة الحب الذي حمله مسلم لسلمى رغم جفائها، وصدها له فحبها حتى الممات، كل ذلك جاء في قالب من الدراما الإنسانية المعبرة، والقريبة إلى النفس مع مزيد من ألوان الطرب والفن الشعبي التراثي الخاص بولاية مرباط.

البداية كانت موفقة، وتصاعدت الأحداث ووصلت إلى ذروتها مع انتشار المرض القادم من مجال مجهول لم يود المخرج أن يذكره، ليقودنا نحو منعطف جديد في المسرحية، أما الصراع فإنه لم يبدُ جليا بين طرفين بل كان يحركه أهواء ورغبات شخصيات متعددة فوجدناه مرة بين سلمى وذاتها، ثم سلمى وزوجة عمها فاطمة، وصراع أهل القرية من أجل غريزة البقاء مع كل هذه التنقلات في الصراع جاءت النهاية لتعطي كل ذي حق حقه، مع الجانب المؤلم لنهاية مسلم؛ لأنه هو الأجدر بحب سلمى.

وعن قصة سلمى قال المؤلف نعيم فتح: سلمى قصة حقيقية حدثت في ولاية مرباط قبل أكثر من ستين عاما حيث انتشر مرض الطاعون، وتوفى على أثره الكثير وحتى هذه الساعة لا تزال قبور هؤلاء موجودة، وقبل كتابتي للقصة جلست مع بعض من كبار السن بالولاية، وحاولت أن أعرف بعض الخفايا والتفاصيل التي حدثت في الواقع وهي قصة مأساوية جدًا. حيث انتشار المرض في ذلك الوقت ولا يوجد له علاج فقضى عدد كبير من الناس، وفي العرض أغلب المشاهدين ذكروا أن القصة كانت مختصرة؛ ولكن هذه رؤية المخرج فإذا عدنا إلى تحليل الناقد عادل البلوشي اليوم نجد أن النص الأصلي كثير الأحداث فيه صراعات وشخصيات كثيرة، فالمخرج له رؤية فنية في اختصار الأحداث، لضيق الوقت فمثلاً هناك بعض الشخصيات لم تظهر بالعمل، منها والد سلمى، وكذلك مسلم الشاب العاشق كانت له مساحة كبيرة، فالكاتب عندما يسلم النص للمخرج يصبح هو قائد السفينة، سواء يحذف أو يضيف، وأكثر المشاهدين اليوم أثنوا على العرض من حيث الطرح والأحداث والتمثيل.

أما المخرج محمد عبدالله دريبي قال: للعام الثاني على التالي أشارك بعرض مسرحي بمهرجان ظفار، وحاولت فرقة مرباط هذا العام أن تقدم عرضا تراثيا من خلال قصة واقعية حدثت في ولاية مرباط في الأربعينيات والخمسينيات، وحقيقة برغم ضيق الوقت، لكن أعضاء الفرقة قدموا اليوم عرضًا رائعا ولهم جميعا الشكر والتقدير وأقول لهم القادم أجمل.