دارة التصوير بعمّان تحيي جماليات الصورة الإبداعية

عمّان "العُمانية": تعيد دارة التصوير الواقعة في جبل اللويبدة بعمّان، إحياء جماليات الصورة الإبداعية وأدواتها التقليدية والحديثة على حد سواء، منطلقةً في ذلك من أنَّ الصورة الفوتوغرافية لها قواعدها وأسسها التي تتجاوز مجرد التقاط مشهد من الحياة وتحنيطه في إطار ما، فقد أصبحت الصورة في عصر التقدم التكنولوجي، المحركَ للعديد من المجالات والقطاعات.

وتقوم الدارة عبر برامجها التدريبية المخصصة للهواة والمحترفين من جميع الأعمار، على تعزيز فكرة أنَّ التصوير الفوتوغرافي من أفضل الوسائل التي تساعد الإنسان على الاهتمام بالتفاصيل التي تصنع الحياة، ورؤية الأشياء المحيطة به من زوايا متعددة، والتركيز في النهاية على الهدف الذي يضعه المصوّر نصب عينيه، وتطوير معرفته، ليس في تقنيات التصوير فحسب، بل أيضًا في الكيفية التي يمكن بها قراءة الصورة الفوتوغرافية ووصلها بسياقها الذي اجتُزئت منه.

وتؤسس هذه الرؤية لمفهوم الصورة الفوتوغرافية التي تقوم على علاقة وشيجة بين عين الكاميرا والعالم، وهي علاقة تجعل المصور شغوفًا بالمعرفة ونقلها للآخرين أيضًا، وإن كان عبر نماذج مصغّرة للحقيقة يلتقطها الشخص في لحظة زمانية ومكانية محددة، ثم يؤبدها كحكاية تسرد للأجيال، لا تتغير في شكلها، بل وفق التأويلات والتفسيرات التي يراها الرائي على مر الزمن.

وبدأت حكاية تأسيس دارة التصوير حين قررت الفوتوغرافية الأردنية ليندا خوري إعادة الاعتبار لمفهوم الصورة، وتأسيس مكان يدعم المصورين ويهتم بمجال عملهم، بعيدًا عن الغرض التجاري من الصورة، وقريبًا من الهدف الإبداعي لها.

ويشتمل مبنى الدارة على مكتبة متخصصة بالتصوير الفوتوغرافي، تضم موسوعات ومعاجم وكتبًا مصورة تعود للخمسينيات والستينييات من القرن الماضي، وتهدف إلى إتاحة الفرصة لمن يريد الخوض في هذا المجال للاطلاع على تاريخ تأسيس الصورة الفوتوغرافية، والأدوات والتقنيات التي استُخدمت في البدايات وتطوراتها عبر الزمن.

وتم تخصيص جزء من الدارة ليكون معملًا لتحميض الصور باللونين الأبيض والأسود وإعادة إحياء جماليات الصور التي تتخلى عن الألوان لصالح إبراز العمق الذي تعكسه الأشكال على السطح.

كما جُهِّز في الدارة أستوديو لتعليم التصوير، وأجهزة ووسائل خاصة بالتصوير الاحترافي، إلى جانب قاعة كبيرة مخصصة لمعارض الصور الفوتوغرافية التي تقيمها الدارة.

ويتم في دارة التصوير تنظيم ورشات عمل، وإقامة معارض ومسابقات في موضوعات متعددة تتصل بالتصوير الفوتوغرافي، وعقد دورات تصوير موجهة للمبتدئين لتعليمهم مبادئ وأسس التصوير الفوتوغرافي والتصوير الرقمي، إلى جانب الدورات المتقدمة التي تختص بالكيفية التي يتم بها تصوير الأشخاص (فن البورتريه)، وتعليم تقنيات إضاءة الأستوديو، ودورات التصوير بالأبيض والأسود، وتصوير الطبيعة، وتقنيات التصوير المقرب (المايكرو)، والتصوير الوثائقي الصحفي.

وبالإضافة إلى احتضانها العديد من المعارض المحلية والدولية الخاصة بالتصوير الفوتوغرافي، تنظم الدارة كل عام "مهرجان الصورة" الذي حمل في نسخته الحادية عشرة هذا العام عنوانَ "جذور"، وركز على إبراز التراث الثقافي والحضاري والعمراني والبيئي للشعوب، فعلى مدار شهر، أقيم عددٌ من المعارض المتخصصة في التصوير الفوتوغرافي في أكثر من موقع، بمشاركات من دول عربية وأجنبية، مثل: مصر، واليمن، والسويد، وجورجيا.

ويمثل المهرجان عبر مسيرته الطويلة فرصة لتبادل التجارب والخبرات بين المشتغلين في هذا الحقل على مختلف الأصعدة الثقافية والحضارية والاجتماعية، ويشتمل على جلسات عصف ذهني وحوارات تنهض بالتصوير الفوتوغرافي وتعيد له مكانته الجمالية والإبداعية. ويتاح للمهتمين المشاركة في ورشات عمل متخصصة يديرها فنانون راسخون، وينقلون عبرها تجاربهم للأجيال الناشئة.