No Image
منوعات

جورج لوكاس و سبيلبيرج يتوجان هاريسون فورد بطلا في الثمانين من العمر

03 سبتمبر 2023
أنديانا جونز 5: البطل المدهش في تألقه وانطفائه
03 سبتمبر 2023

مزيج من الحركة والمغامرات والصراعات والخيال العلمي -

لا شك أن أفلام الحركة والمغامرات كانت ولا تزال النوع الفيلمي الذي يتمتع بجاذبية خاصة لدى جمهور المشاهدين وخلال ذلك يتم الزج بالأبطال الذين يبقون في الذاكرة أو ذلك النوع من الشخصيات الاستثنائية التي تجمع ما بين الحركة والمخاطرة والقدرة على التأثير في المشاهدين.

تحضر هنا سلسلة الأفلام المأخوذة من الكوميكس التي أبدعت فيها مارفيل في تقديم سلسلة من الأفلام لا يزال جمهور المشاهدين مهتما بمشاهدتها ونذكر منها أفلاما مثل: الرجل الحديدي وكابتن أمريكا وحراس المجرة والمنتقمون والرجل النملة وجيسيكا جونز والدكتور سترينج والرجل العنكبوت والرجل الخفاش والنمر الأسود وغيرها وهي سلسلة أفلام اكتسحت الصالات منذ ظهورها الأول قبل قرابة أربعين عاما، وكان عددها عشرات الأفلام، وحققت إيرادات بمليارات الدولارات.

في موازاة ذلك وفي إطار نوع من الاختلاف والمنافسة كان المخرجان الشهيران جورج لوكاس وستيفن سبيلبيرج يرسخان نجاحاتهما تباعا حتى صارا علامة فارقة في مسار السينما الهوليوودية فضلا عن حضورهما العالمي الكاسح.

هذا الثنائي أوصل إلى الشاشة ذلك النوع الفيلمي الذي وسع نطاق الخيال السينمائي وكسر حاجز الشكل الواقعي وذهب بجمهور المشاهدين بعيدًا باتجاه خارقيات مذهلة واكتشاف آفاق ومجرات وكائنات فضائية وحيوانات ظلت على الدوام بمثابة أيقونات مدهشة وغير مسبوقة.

كان سبيلبيرج قد أسس حضوره السينمائي الفعلي ابتداء من عام 1975 رغم أنه أخرج بضعة أفلام قبل ذلك إلا أن فيلمه ذائع الصيت "الفك المفترس" هو الذي حقق النجاح الكاسح وعُد فيلما استثنائيا في حينه وجمع أكثر من 400 مليون دولار فيما لم يتكلف انتاجيا سوى حوالي 10 ملايين دولار، ثم تلا ذلك فيلمه لقاءات قريبة من النوع الثالث في عام 1977 وفي حينه كان زميله جورج لوكاس يحصد نجاحا مقابلا بواسطة فيلمه الشهير حرب النجوم وهنا وفي احدى لقاءاتهما تداولا فكرة أن يقدما معا فيلما من نوع مختلف.

يذكر موقع كوليدر في توثيقه لتلك اللحظة التاريخية ان سبيلبرج و لوكاس كانا في إجازة معا في عام 1977 خلال عطلة نهاية الأسبوع وذلك بالتزامن مع إطلاق فيلم حرب النجوم، عندما سأل لوكاس سبيلبرج عن نوع الفيلم الذي يريد أن يصنعه بعد ذلك.

قال سبيلبرغ إنه كان يرغب دائمًا في إخراج أحد أفلام جيمس بوند، فأجاب لوكاس: "حسنًا، لقد حصلت على هذا ولكن ببديل آخر".

شرع صانع أفلام حرب النجوم في عرض فيلم مغامرات على غرار مسلسلات الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي من بطولة عالمة آثار بطولية تدعى إنديانا سميث. أحب سبيلبرغ كل شيء ما عدا الاسم، واقترح أن يكون جونز هو اللقب الجديد، وبالتالي وُلدت واحدة من أكثر سلاسل الأفلام ديمومة في التاريخ.

من هنا كانت نقطة ولادة سلسلة انديانا جونز عندما تم ضم كاتب السيناريو لورنس كاسدان إلى فريق عمل الفيلم كي يكتب السيناريو. فالتقوا وناقشوا مشروع الفيلم للتوصل إلى أفكار حوله، فراجعوا واستلهموا أفلام "الويسترن" لجون فورد، وأفلام "كوروساوا" عن الساموراي، وفيلم "كازابلانكا"، إضافة إلى أعمال هوارد هوكس ومغامرات فلاش غوردون، وزورو، وطرزان، وتقريبا كل الأعمال المشابهة التي تخطر في بال المرء.

هذه الخلطة أو التوليفة هي التي أنتجت فيما بعد سلسلة أفلام أنديانا جونز، حيث ظهر الفيلم الأول الذي حمل عنوان "أنديانا جونز وسارقو التابوت الضائع" وذلك في عام 1981 ومن اخراج ستيفن سبيلبيرج بينما كتب القصة جورج لوكاس وانتجته شركة لوكاس نفسه ومن هنا انطلق هاريسون فورد في حصاد ثمار نجوميته عندما كان في أواخر الثلاثينيات من العمر.

روح المغامرة والحركة والدهشة والغرائبية التي انطوى عليها هذا الفيلم كانت كافية بالنسبة للثلاثي سبيلبيرج -لوكاس- فورد للمضي قدما في انتاج جزء ثان في عام 1984 الذي حمل اسم انديانا جونز ومعبد الهلاك، وأسندت كتابة قصة الفيلم الى لوكاس فيما اخرجه سبيلبيرغ ثم جاء الفيلم الثالث في عام 1989 ليحمل عنوان "أنديانا جونز والحملة الأخيرة" ولتختتم مع الجزء الرابع بفيلم "أنديانا جونز ومملكة الجمجمة الكريستالية" وذلك في عام 2008.

وها نحن اليوم بعد قرابة 15 عاما على آخر أجزاء أنديانا جونز على موعد مع فيلم جديد ربما يكون هو الخامس والأخير في هذه السلسلة تحت عنوان أنديانا جونز ونداء القدر ولكن هذه المرة من اخراج جيمس مانغولد وهو مخرج أميركي من مواليد 1963 وسبق له أن اخرج قرابة 12 فيلما كان آخرها فيلم لوجان الذي حظي باهتمام جيد نقديا.

في هذا الفيلم الذي ظهر فيها اسما الثنائي لوكس – سبيليبيرج على أنهما هما من أسسا الشخصيات وليس من كتبا القصة ولا السيناريو بينما شاركت والت ديزني وشركة لوكاس نفسه في الإنتاج.

والحاصل أننا أمام فيلم جدلي كثرت حوله الآراء والتقييمات، وكان الاهتمام قائما على المقارنة بين الأجزاء الأربعة من هذه السلسلة مع الفيلم الأخير.

ولوحظ مثلا أن أغلب من تصدوا للكتابة عن الفيلم وتحليله نقديا كانت النقطة الأولى التي توقفوا عندها هي التي تتعلق بشيخوخة الممثل هاريسون فورد، وقد تخطى الثمانين من العمر، وإذا به يريد العودة بنا إلى أحداث تتميز بطابع الحركة والصراعات والجهد العضلي الفائق، وهو كان تحديًا فعليًا بالنسبة لصانعي الفيلم ولفورد شخصيا ولهذا لم يكن مستغربا إقدام مهرجان كان السينمائي في دورته لهذا العام أن يحتفي بهاريسون فورد ويمنحه السعفة الفخرية؛ تقديرا لأدواره في هذه السلسلة.

لقد حاول المخرج في هذا الفيلم اشباع المشاهد بكل أنواع مشاهد الحركة والصراعات والمعارك فضلا عن تعزيز الفيلم بالعديد من الخدع السينمائي وصولا إلى توظيف عملية الانتقال عبر الزمن في مسحة خيال علمي إضافية لمن لم يتشبعوا بمشاهد الحركة والتشويق إلى درجة أن المخرج قد بالغ في سلسلة من المشاهد الطريفة التي أظهرت هاريسون فورد ممتطيا ظهر حصان وهو يصول ويجول في محطات الميترو وهو ما يقرب الفيلم من نوع من اللامنطق.

صاحب السوط وقبعة الويستيرن يعود إلينا إذا وهو أنديانا الذي يكون قد بلغ سن التقاعد، خسر ابنه في حرب فيتنام، ثم انفصل عن زوجته المكلومة بمقتل ابنها، وإذا بالأستاذ الجامعي وحيدا، وينتظر حفلا وداعيا لإرساله إلى التقاعد.

لكن مغامرات أنديانا لابد أن تصل إلى نهاياتها ولهذا سوف يشتغل الذكاء الاصطناعي في إعادة إنتاج شخصية أنديانا وهو يخوض صراعا ضاريا ضد النازيين وهو في ريعان شبابه، وهو ما أثار هلع ممثلين كبار ومنهم هاريسون فورد نفسه من أن تستغني هوليوود عن ممثليها مستعيرة صورة وجوههم إبان شبابهم ودون الحاجة لحضور الممثلين أنفسهم.

وتمضي تلك القصة الغرائبية متنقلة بنا ما بين المانيا النازية الى اليونان الى المغرب في سلسلة مطاردات تهدف للاستحواذ على آلة الزمن من إنتاج أرخميدس – العالم اليوناني الذي عاش قبل حوالي قرنين ونصف والمغامرة كلها تدور حول ذلك من دون أن تشفع عملية زج كم كبير من المطاردات والخدع السينمائية والتغطية على شيخوخة أنديانا في تقديم فيلم يستطيع أن يتجاوز تلك السلسلة عندما كانت في أوج نجاحها.