شاطئ "ترابا" يمتاز بالتيارات الخطيرة والمياه شديدة البرودة
شاطئ "ترابا" يمتاز بالتيارات الخطيرة والمياه شديدة البرودة
منوعات

جاليسيا الأسبانية.. جنة لعشاق التجول

31 أغسطس 2023
31 أغسطس 2023

كيب فينيستير "د.ب.أ": تعد منطقة جاليسيا الواقعة في شمال غرب إسبانيا بمثابة جنة لعشاق التجول؛ حيث إنها تزخر بالمناظر الطبيعية للغابات الخضراء الشاسعة والوديان والشواطئ البرية والمنارات.

ونظرا لكثافة النباتات والأشجار الخضراء في المنطقة المطيرة الواقعة شمال غرب إسبانيا وفي الطريق الساحلي فإن هذه المناطق تسودها العزلة التامة لدرجة أن الأشجار والنباتات تتضخم بشدة، على العكس من مسارات التجول المشهورة في طريق القديس يعقوب أو كامينيو دي سانتياجو.

طريق المنارات

ويعتبر طريق المنارات "كامينيو دوس فاروس" أحد أجمل مسارات التجول الساحلية في أوروبا؛ نظرا لأن الأجواء تكون أكثر برودة على ساحل المحيط الأطلنطي، وبالتالي فإنه يمكن للسياح التجول عليه بدون أية مشاكل حتى في منتصف الصيف.

ويبدأ طريق التجول هذا من "مالبيكا"، التي تمتاز بميناء خلاب، ويمتد لمسافة 200 كلم بمحاذاة الساحل حتى منطقة "كيب فينيستير" الأسطورية، والتي أطلق عليها الرومان قديما اسم "نهاية العالم".

وخلال مسار التجول يسير السياح صعودا وهبوطا بين الخلجان والمنحدرات الصخرية، ويستعيد المرء مشاهد العصر الجليدي والعصر الحجري الحديث، وخلال رحلة التجول يتعرف السياح أيضا على سبب تسمية هذه المنطقة باسم "ساحل الموت".

وكلما اقترب السياح من الوصول إلى الوجهة البينية الأولى في شبه جزيرة "مالبيكا"، وهي منارة "بونتا ناريجا"، زادت الطبيعة البكر من حولهم، والتي لم تعبث بها يد الإنسان؛ حيث لا توجد طرق ممهدة ولا سيارات، وقبيل الوصول إلى المنارة المهيبة، التي تتخذ شكل سفينة، يظهر أمام السياح مشهد طبيعي بديع لصخور الجرانيت بفعل الرياح والمياه المالحة.

وفي المرحلة التالية من رحلة التجول ينطلق السياح من "نينونس" إلى "بونتيسيزو" ومرورا بمنطقة "كيب رونكودو"، وتنمو على الصخور الساحلية هنا أفضل أنواع محار برنقيل، والذي يعتبر من أشهى الأطباق في جاليسيا، والذي يحظى بإقبال شديد من السياح في قرية الصيادين "كورمي".

وفي اليوم التالي يتعين على السياح صعود جبل "كاستيلو دي لوريدو"، الذي يصل ارتفاعه إلى 312 مترا، ويقع بين "بونتيسيزو" و"لاكس"، وبعد رحلة الصعود الشاقة ينعم السياح بإطلالة بانورامية رائعة على مصب نهر "ريا دي كورمي"، وفي واقع الأمر يمتد مسار المنارة على طول البحر، ولكنه اليوم ينعطف بشدة نحو المناطق الداخلية النائية المغطاة بالنباتات والأشجار.

موقع "كاسترو دي بورنيرو" الأثري

ويمر مسار التجول عبر الغابات الكثيفة والقرى القديمة وصوامع الغلال التقليدية، والتي تنتشر بكثرة في منطقة جاليسيا، وقد تم تشيد هذه الصوامع الحجرية الصلبة على قواعد متينة، كما يشاهد السياح هنا أيضا أطلال الموقع الأثري "كاسترو دي بورنيرو". وتشير الأطلال إلى أنه كان مستوطنة محصنة ترجع إلى العصر الجليدي.

وانطلاقا من منارة "لاكس" وشاطئها الرملي الناعم تتغير طبيعة مسار التجول في البداية ويصبح حادا حتى الوصول إلى جبل "سويستو"، ويوحي المشهد الحالي أمام السياح بمرحلة رائعة من التجول على الشواطئ الرملية الناعمة، ويمتد شاطئ "ترابا" لمسافة 6ر2 كلم، وكثيرا ما يرغب السياح في القفز بين الأمواج، ولكن هذه المنطقة تمتاز بتيارات خطيرة ومياه شديدة البرودة.

المتحف الألماني

وقد قام السكان المحليون في قرية الصيادين "كاميل" بتكريس "المتحف الألماني" للمستوطن مانفريد، والذي عاش في هذه القرية الحالمة منذ 1962، فبعد خيبة الأمل، التي عانى منها بسبب فشل قصة حبه لامرأة من القرية قام ببناء منزل صغير بالقرب من المياه على مشارف القرية، وقد اعتمد في بناء هذا المنزل على الأحجار والأصداف وعظام الحيوانات والحطام المنتشر على الشاطئ، ويمكن للسياح مشاهدة ذلك في متحف الهواء الطلق.

وتوفى الألماني مانفريد في عام 2002 بعدما كان يتمتع بشعبية كبيرة في القرية، وبغض النظر عن سبب الوفاة الرسمي، فإن الجميع هنا في القرية يعرفون أنه مات حزنا بسبب التأثيرات الضارة لحادث التسريب الكارثي من ناقلة النفط "بريستيج" على ساحل الموت 2002، حيث أدى تسريب 64 ألف طن من النفط الثقيل إلى أضرار بالغة بساحل الموت ونفوق أكثر من 250 ألف من الطيور البحرية.

المقبرة الإنجليزية

وقد ترتب على غرق ناقلة النفط "بريستيج" أخطر العواقب على الطبيعية، ولكنها لم تكن أول سفينة غارقة في ساحل الموت في جاليسيا، وهذا ما يتضح من خلال المقبرة الإنجليزية، والتي يتم زيارتها خلال مرحلة التجول بين "آرو" و"كامارينياس"، حيث تنتشر شواهد القبور لأكثر من 170 من أفراد طاقم سفينة التدريب الإنجليزية HMS Serpent، والتي غرقت قبالة "كيب فيلان" في عام 1890.

وأوضحت كريستينا فرنانديز قائلا: "تسود هذه المنطقة تيارات وعواصف شتوية خطيرة لا يمكن التنبؤ بها". وقد شهدت هذه المنطقة غرق الكثير من سفن الشحن الإنجليزية وهي في طريقها إلى مستعمراتها حول العالم في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ولهذا السبب أطلق على هذا الساحل اسمه المخيف "ساحل الموت".