منوعات

الفن التجريدي يتيح مساحة واسعة للتعبير عن الأفكار

30 يونيو 2022
الفنانة التشكيلية مريم الحضرمية لـ«عمان»:
30 يونيو 2022

لوحة «أنا السلام» تجسد حالة الإنسان في مرحلة السلام الداخلي -

تربطني بالفن والفرشاة علاقة فكرية -

الفن يفتح أبواب الفرص والإنجازات -

لم يكن الرسم بالنسبة لها مجرد فرشاة ولوحة تمارس بهما هوايتها، بل تشكلت بينهما علاقة قوية وارتباط وثيق تعبر من خلاله عما يجول في خاطرها وتهرب به إلى عالم يشبهها ويتواءم مع نظرتها للحياة. قيل عنها «مجموعة إنسان» لتعدد مهاراتها وقدراتها، إنها مريم بنت محمد الحضرمية، ممارسة للفن منذ سبعة عشر عاما والملقبة فنيا «دامي»، تبلغ من العمر 21 عاما وتدرس سنتها الأخيرة في تخصص التصميم الداخلي في الكلية العلمية للتصميم. شقت طريقها منذ الصغر في هذا المجال عن طريق الالتحاق بالعديد من الدورات والورش التي تصقل موهبتها وتنميها، ليكبر معها هذا الفن ويحلق اسم «دامي» عاليا في سماء الإنجازات الفنية.

بداياتها الفنية

وللتعرف عن قرب على هذه الفنانة، بدأت حديثها بتفسير لقبها الفني فقالت: «دامي،، كما أحب أن يطلق عليّ، هو اختصار لحروف إنجليزية DAMI، حيث الـ D و A أول حرفين من كلمتي DARK & DAZZLING والـ M هو أول حرف من اسمي، بينما الـ i أول حرف من كلمتي (imagination & identity) وهو يمثل هويتي كفنانة».

وأشارت إلى أن بداية مسيرتها الفنية كانت منذ عمر الخامسة واستمرت بممارسة الرسم في المرحلة الابتدائية والمتوسطة بدعم كبير من والدها الذي كان يلحقها بالعديد من الورش والدورات الفنية منذ عام 2009، حيث درست الفن في الجمعية العمانية للفنون التشكيلية خلال ثلاث سنوات متتالية في فترة الصيف، كما تعلمت الفن على أيدي العديد من الفنانين العمانيين الكبار وأشهرهم الفنان أنور سونيا والفنانة مريم الزدجالية والفنانة زهرة الغطريفية. وعلى الرغم من بدايتها المبكرة في الرسم إلا أنها تنسب اكتشافها لذاتها الفنية بشكل جاد في عام 2019 إذ كانت تلك البداية الحقيقية في تزويد لوحاتها بأفكار عقلانية تهدف إلى توصيلها بطريقة غير مباشرة.

علاقتها بالفن

علاقة مريم بالفن علاقة فكرية ترتبط بالفرشاة، وهي تلجأ دائما إلى التجريد في توجه منها إلى توصيل رسائلها بأسلوب غير مباشر، فهو يتيح لها مساحة واسعة للتعبير عن أي فكرة بطريقة تجعل المشاهد يفكك رموز اللوحة ويحللها مما يجعل المشاهدين يختلفون في تحليلهم وتفسيرهم من خلال تعدد أفكارهم ومنظورهم لها. مشيرة إلى أن ميلها للفن التجريدي واستخدام الرموز التي تتطلب تفكيكا من المشاهد لفهم إيحاءاتها هو ما يميز لوحاتها التجريدية عن الكثير ويساعدها في إيصال رسائلها الحقيقية إلى الناس.

وذكرت أنها تتخذ الرسم كوسيلة للتعبير عن أمر أو وصف موقف أو إيصال رسالة معينة، مشيرة إلى أنها لا تتخذ الرسم للحديث عن حياتها الشخصية لكنه يتيح لها المجال للتعبير عما بداخلها بشكل تجريدي وتخفيه من خلال استخدام الرموز ذات الإيحاءات غير المباشرة، مما يجعل لوحاتها تتسم بالغموض نوعا ما لكثرة التعقيد، ومع ذلك فهذا يشعرها بالاطمئنان لعدم مصارحة المشاهد مباشرة عما يدور حولها وما يخفيه حقيقة رسمها.

أشهر لوحة

وفي الحديث حول أشهر لوحاتها، أشارت إلى لوحة «أنا السلام» حيث قالت: «هذه أشهر لوحة قمت برسمها وأعترف أنها ليست الأقرب لي ولكنها تمثل «دامي» في كل مكان بالرغم من أنها لوحة شبه واقعية وهي بعيدة عن التجريد الذي أستمتع وأتميز به»، وأضافت إن هذه اللوحة تصف حال الإنسان عندما يصل إلى مرحلة السلام الداخلي، حيث جسدتها على شكل فتاة أنيقة ومرتبة ونظيفة متوجة بتاج ملكي وزي أبيض بسيط تعلو شفتيها ابتسامة خفيفة ترسم في عينيها شعورها بالتملك الذاتي والاطمئنان. واتخذت زهرة الفاونيا (البيوني الصينية) خلفية للفتاة وشبهتها بها لقوتها وجمالها وصلابة شكلها.

مكسب مادي

وفي الوقت نفسه اتجهت مريم إلى تسخير موهبتها فيما يخدمها ماديا، إذ ذكرت أنها لم تلجأ قط إلى بيع لوحاتها في الفترة الماضية، لكنها استغلت هذه الموهبة وقدرتها الفنية في صنع قطع فنية أخرى بعيدا عن الألوان والطرق التي اعتادت استخدامها، ففي عام 2020 اتجهت إلى صنع الكعك لإيجاد طريقة دخل تنتفع بها واستغلالا لموهبتها بأسلوب جديد. حيث قالت: «ما يميزني أنني لا أصنع كعكة مكررة من كعكة أخرى حتى وإن كان كِلاهما من صُنعي، فكان هدفي الأول هوَ صنع كعكات جميلة وذات طلّة جديدة وفريدة وبأسعار مناسبة للجميع». مشيرة إلى أن هذا التوجه منها كان يستحق التجربة إذ أنها لم تتوقع الاندفاع الكبير من الزبائن الذين أعجبوا بعملها.

اقتناص الفرص

وأضافت أنها لم تقف عند هذه النقطة وحسب بل بفضل والدها -الذي تؤكد على دعمه الدائم لها- أتاح لها الفرصة بأن ترسم غلافا لأحد كتبه بعنوان «منازل لا تنسى»، وهذا ما فتح أمامها بابا للعديد من الفرص في هذا المجال، إذ تعرف الكتاب الآخرون على قدرتها الفنية وذائقتها لرسم لوحات تناسب أغلفة كتبهم ومنهم الكاتب سماء عيسى لكتابه «الحنين إلى طوبى». ومن جانب فني آخر، استفادت من موهبتها في دراسة تخصص التصميم الداخلي. ونظرا لميلها للجانب العملي الذي تستطيع فيه أن تبرز طاقة وأفكارا أكبر فضلت أن تكون معظم أعمالها في هذا الجانب كتصميم وتنفيذ استديوهات تصوير أو ديكورات للمسارح أو حتى خياطة أزياء بها ذائقة فنية ومسرحية، كمشاركتها في الحدث الدولي الذي تمت إقامته في الكلية العلمية للتصميم في الفترة من 13 / 15 يونيو من هذا العام من خلال عمل مخططات لمساحات الكلية خلال الحدث والذي كلفت به من قبل إدارة الكلية إلى جانب العمل والإشراف على كل ما يحدث من تجهيزات فنية سواء الإضاءة أو الديكورات أو استوديوهات التصوير، مشيرة إلى أن هذه الفرصة شكلت دافعا لاكتشاف جوانب فنية وعملية لديها تمكنها من استغلالها بطريقة جديدة ومختلفة.

الاهتمام بالفنانين

فيما علقت أن سلطنة عمان بها فنانون كبار يقدسون الفن ويمتلكون حقوقهم كفنانين في امتلاك أندية وجمعيات معروفة في جميع أرجاء السلطنة، بينما الفئة الشبابية والصغيرة من الفنانين تفتقد هذه المزايا بل إن بعضهم ليست لديهم المقدرة لاقتناء أدوات ذات جودة تساعد على تطويرهم ولا توجد جمعيات خاصة تحتضن هذه الأيادي وتطورها بشكل احترافي على أيدي متمرسين محترفين، مما يجعل فرصهم تقتصر على المشاركة في المعارض والورش الفنية البسيطة. وأكدت على أهمية رعاية هذه الطاقات ودعمها حتى تنضج وتصبح جاهزة للمشاركة في معارض خاصة وكبرى داخل وخارج السلطنة.

إنجازاتها الفنية

حصدت مريم العديد من الإنجازات في هذا المجال، فقد حازت على ما يقارب ثلاثين شهادة معتمدة في مجال الفن تتضمن مشاركات في فعاليات ومسابقات فنية والحصول على جوائز محلية ودولية أبرزها: الحصول على المركز الأول في مسابقة الكويت لدول الخليج على مستوى السلطنة وترشيحها لحضور معرض خليفة القطان وحصولها على شهادة خليفة القطان للإبداع الفني سنة 2018. وآخر إنجازاتها مشاركتها في تصميم وتنفيذ وتنظيم أركان حدث «ديزاين مسقط» المقام في الكلية العلمية للتصميم في الفترة من 13 إلى 15 يونيو 2022.

طموح وآمال

واختتمت حديثها لتقول: «أطمح أن تكون أعمالي في متناول الجميع، فمن الرائع رؤية أحدهم يمتلك قطعة فنية صنعت بيدي». وأضافت إن أعظم إنجاز وحافز لإكمال مسيرتها الفنية يتمثل في الحصول على رأي عام يشهد لموهبتها، مشيرة إلى أنها لا تتيح المجال لنفسها بأن تطمح أو تصنع حلما دون وضع خطة مدروسة تمهد لها الطريق للوصول.