الفن التجريدي لغة يتحدثها جميع البشر
"عمان": حينما يشرع الفنان الأردني معاذ الرفاعي في إشهار ريشته وتصفيف أحبار الألوان على باليتته الفنية ينعزل عن العالم المحيط به، بما يحويه هذا العالم من جماليات وأصدقاء وفسحات للنفس وضغوطات ومنغصات تعصف بأيِ انسان كان، فيتجه إلى لوحة بيضاء، يصب عليها من باقة الألوان، ويضرب بريشته الملطخة بالألوان ليملأ البياض فتخرج لوحة تجريدية يحتار فيها المتلقى، وقد تكون بالنسبة للرفاعي ذات مدلولات كثيرة يعبر عنها بلغة فنية مشفرة تعكس ما كان في داخله من طاقات إيجابية أو ربما سلبية.
متنوع الرفاعي في المواد المستخدمة في الرسم، فتارة يرسم على لوحة بيضاء حقيقية، وتارة يتجه نحو الرسم الالكتروني، الذي أتاح عددا غير منتهٍ من الأوان، والتأثيرات، والفرش المستخدمة، فينقل تلك التجارب للجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي أو عبر مشاركات في معارض في المملكة العربية السعودية حيث يقيم.
الوصف بالألوان
معاذ الرفاعي ذو الخامسة والعشرين ربيعا، يقول عن الفن التجريدي: "بعض المشاعر قد يكون من الصعب وصفها بالكلمات، فتكون الألوان كفيلة بذلك عند بعض الفنانين والغالبية مِن مَن يتبع المدرسة التجريدية، الفنان التجريدي ليس من الضرورة أن ينتج عملاً جميلاً ولكن من الضرورة أن يترك طابعاً على متلقيه. الفن التجريدي لغة يتحدثها جميع البشر".
ويقول عن الرسم: "الرسم أداة من الأدوات التي استخدمها لإيصال ما يصعب للكلمات قوله، بمنظوري الرسم ليس كافٍ لوحده لتكوين كينونة فنان، فلا حدود للتعبير والرسم يعتبر مهارة من مهارات كثيرة تستخدم لإيصال الفن".
الاتجاه التجريدي
وأجاب الرفاعي عن سؤال حول اتجاهه للفن التجريدي قائلا: "اتجاهي للفن التجريدي بسبب خيالي العميق وتساؤلاتي الكثيرة عن كثير من الأمور الجدلية والقضايا الإنسانية التي من الصعب على الكثيرين التعبير عنها، فأتحدث بلسانهم غالباً بالفن، كذلك العلوم ومحاولة ربط الفن بالعلوم".
وتابع: "الرسم التجريدي لا يضعك تحت قوانين وحواجز سوى ما تضعه أنت لنفسك كفنان فقط كمحدودية خيالك، يتبع ذلك المدرسة السريالية التي لا حدود فيها للتعبير فأنا أرى بكلتا المدرستين السريالية والتجريدية مساحات شاسعة من التعبير أكثر من غيرها من المدارس الأخرى".
وحول تجاربه في الرسم الواقعي قال: "نعم، كأي فنان لابد بالمرور بهذه المرحلة لتعلم واستكشاف هويته الفنية والرسم الواقعي محطة مررت بها لإيجاد شخصيتي الفنية".
الرسم الإلكتروني
كما دخل الرفاعي في مجال الرسم الإلكتروني، وحدثنا عن تلك التجربة بقوله: "دخولي هذا العالم كان بفترة الحجر المنزلي سنة 2020 تفرغي التام كان سبب اتقاني له، وجدت في الفن الإلكتروني سهولة وسلاسة أكثر من الرسم على أرض الواقع، أيضاً الكثير من الخيارات للإبداع، ولكن يفتقد للروح وشعور العمل الحقيقي مختلف جداً عن الأعمال الألكترونية، فقد تطيل النظر في الأعمال الحقيقية اليدوية أكثر بكثير من مطبوعات الأعمال الألكترونية".
عناوين الأعمال
للرفاعي عدد كبير من الأعمال، وتحمل بعضها عناوين، ومنها عمل بعنوان "متلازمة الجمشت الثقافية" ويصفها الرفاعي بأن اللوحة عرض لأنواع مختلفة من الفنون تحت مظلة اللون البنفسجي، تصف الفنون من شرق الأرض لمغربها.
وعمل آخر بعنوان "الراوي"، وهو مرتبط بالعمل "متلازمة الجمشت الثقافية"، وعمل بعنوان "أيادي العطاء" وهو عمل فني يمثل الأشخاص الذين يجدون السعادة في مساعدة الآخرين ورؤيتهم ينجزون في حياتهم ويكتفون بذلك كهدف في الحياة.
متنفس واسع
ويختتم الرفاعي حديثه قائلا: "لم يكن الرسم كافياً لإيصال ما أود إيصاله لمجتمعي فكان الفن الأدائي متنفسي الواسع، وهناك تجارب كثيرة ومحاولات في دمج الفنون ببعضها عمداً وارتجالاً بهدف إيصال ما يصعب وصفه بالألوان فقط، الفنان شخصية مستقلة بأدوات كثيرة سواء كانت رسما، رقصًا، غناءً، عزفًا، تصميمًا، استعراضًا أو كتابة، كلها تتحدث عنه. فليس كل رسام فنان ولكن يمكن للفنان أن يكون رسامًا".
يعتبر الفنان معاذ الرفاعي متعدد المجالات، إذ لديه تجارب في التمثيل المسرحي والرقص الاستعراضي والفن المفاهيمي والمعاصر إلى جانب الرسم التجريدي.
