منوعات

«أمسيات الإنشاد والمدائح».. تجليات روحية تعم جمهور الأوبرا السلطانية

31 مارس 2023
قدمتها فرقة الإنشاد الديني بدار الأوبرا المصرية
31 مارس 2023

«عمان»: تعيش سلطنة عمان مع العالم أجواء شهر رمضان المبارك، بما فيه من تجليات وروحانيات وإيمانيات تبرز أكثر في هذا الشهر الفضيل لما فيه من خصوصية الصيام والقيام وصالحات الأعمال، وتتميز أجواء الشهر الفضيل بحضور الفنون الإسلامية المرتبطة به، من أناشيد دينية صوفية ومدائح نبوية تنشط خلاله بشكل ملفت، وتزامنا مع هذه الأجواء الإيمانية استضافت دار الأوبرا السلطانية على مسرح دار الفنون الموسيقية أمس الخميس فرقة الإنشاد الديني بدار الأوبرا المصرية، التي أحيت أمسية عنونت بـ «أمسيات الإنشاد والمدائح»، أخذت الجمهور إلى سماوات الذكر الديني والنبوي من خلال تقديم وصلات إنشادية من روائع الموروث الإسلامي، لتتجلى روعة الكلمات مع روعة الأداء المقترنة بالأجواء الرمضانية.

تجلت في الأمسية كلمات روحانية مليئة بالرجاء والإيمان وحسن المعتقد بالله عز وجل، من ذلك كلمات عبدالفتاح مصطفى التي تقول: مَوّلاي إنّي ببابك قَد بَسطتُ يَدي مَن لي ألوذ به إلاك يا سَندي؟ أقُوم بالليّل والأسّحار سَاهيةٌ أدّعُو وهَمّسُ دعائي بالدموع نَدي بنُور وجهك إني عائد وجل ومن يعد بك لَن يَشّقى إلى الأبد مَهما لقيت من الدُنيا وعَارضها فَأنّتَ لي شغل عمّا يَرى جَسدي تَحّلو مرارة عيش رضاك ومَا أطيق سخطاَ على عيش من الرغد من لي سواك؟ ومن سواك يرى قلبي؟ ويسمَعُه كُل الخلائق ظل في الصَمد أدّعوك يَا ربّ فأغّفر زلّتي كَرما وأجّعَل شفيع دعائي حُسن مُتَقدّي وأنّظُر لحالي.. في خَوّف وفي طَمع هَلّ يرحم العَبّد بعد الله من أحد؟ مَوّلاي إنّي ببابك قَد بَسطتُ يَدي مَن لي ألوذ به إلاك يا سَندي؟ فتأتي روعة الكلمات مع روعة الأداء لتأخذ الجمهور في تجليات روحة إيمانية، ومن بين ما قدمَ أنشودة «قمرٌ سيدنا النبي» الذي يعد من التراث الصوفي الجميل وتطرب له النفس وتهفو من روعة الأداء والكلمات في آن معًا.

وهكذا مضت الأمسية في جمال يتلوه جمال، تارة بصوت مجموعة إنشادية جماعية، وأخرى بصوت أفراد من أعضاء دار الأوبرا المصرية، لتكون المحصلة 14 وصلة إنشادية قادها المايسترو علاء عبدالسلام.

ويقول الدكتور خالد داغر رئيس دار الأوبرا المصرية، في رسالة له عبر كتيب الأمسية: «الفنون هي اللغة المشتركة بين شعوب العالم، فهي تتجاوز كل الفوارق لتصنع حوار حضاريا متميزا، فعن طريق الفن تستطيع الشعوب مد جسور التواصل والتقارب، وفي هذا الإطار، وتفعيلا لبروتوكول التعاون الثقافي بين وزارة الثقافة المصرية ودار الأوبرا السلطانية، تشارك دار الأوبرا المصرية اليوم بحفل فني مميز، حيث تقدم فرقة الإنشاد الديني باقة من الفقرات الفنية المتنوعة في دار الفنون الموسيقية التابعة لدار الأوبرا السلطانية مسقط. ومن الجدير بالذكر أن هذا الحفل هو التعاون الثقافي الثاني، حيث قدمت فرقة باليه أوبرا القاهرة سابقًا عرضي (الليلة الكبيرة) وباليه (زوريا) في ٢٤ و٢٥ فبراير الذي لاقى نجاحًا كبيرًا واستحسانًا من الجمهور العماني المتذوق للفن الرفيع، وأخيرا، أتمنى أن يلقى حفل الإنشاد الديني هذا الاستحسان والتقدير من جانبكم، كما نأمل بالمزيد من التعاون المتميز والهادف بين دار الأوبرا المصرية ودار الأوبرا السلطانية مسقط».

وعن فرقة الإنشاد الديني بدار الأوبرا المصرية، فهي فرقة ذات تاريخ طويل، إذ تعود نشأتها إلى عام ١٩٧٢م في عهد الرئيس محمد أنور السادات، حيث اجتمع مع الأستاذ أسامة أنور عكاشة وعبد الحليم نويرة؛ لبحث تأسيس فرقة الإنشاد الديني وذلك لحفظ التراث الديني الذي كان قد اشتهر في جميع المحافل والموالد والأعياد، وبعراقة المصريين في حفظ تراثهم.

وقد بدأ عبد الحليم نويرة في وضع اللبنة الأولى للفرقة من الأصوات التي ستوصل وتحفظ التراث الديني، وكانت البداية بـ 12 صوتًا من أجمل الأصوات، حيث استعان بعظماء المشايخ وقتها، أمثال الشيخ سيد موسى، والشيخ عبد السميع بيومي والشيخ محمد عبد الله والشيخ محمد الفيومي، والشيخ حنفي وجميعهم من حفظة التراث الديني من تواشيح وقصائد وابتهالات.

واهتم بتدريب الفرقة وعمل مقدمات للتواشيح فاستعان بالأستاذ نعيم الحريري: ليضع ما يتم تقديمه في ثوب جديد يظل محفوظا في أذهان المستمعين.

وكان من لمسات عبد الحليم نويرة أن بدل القفطان والجلباب والعمامة إلى البدلة السوداء وربطة عنق القوس حتى تتلاءم مع الوضع الجديد.

فكانت أولى حفلات فرقة الإنشاد الديني في انتصارات أكتوبر عام ١٩٧٣م في مسرح سيد درويش بمعهد الموسيقى بالهرم ولاقت وقتها نجاحا كبير. ولم تتوقف الفرقة عن التطوير والتحديث، فاستمرت خلال الخمسين عاما من١٩٧٢ م وحتى الآن، فتم دمج التراث الديني بالأغاني المعاصرة والحديثة من خلال القادة الذين تعاقبوا على قيادتها الفنية.

وقد مثلت فرقة الإنشاد الديني مصر في المحافل الدولية بجميع الدول العربية والأوروبية والمدن مثل باريس وبلجيكا وبولندا وغيرها وما زالت الفرقة تبحث عن كل إبداع وكل جديد في مجال الإنشاد الديني وتنشر فنونها وتراثها في كل أنحاء العالم.