896384
896384
مرايا

د. احمد الوهيبي: طبيب العائلة هو المرجع الأول والأساسي لمشاكلنا الصحية

18 يناير 2017
18 يناير 2017

وجوده له مردود إيجابي على جودة الرعاية الصحية  -

د. احمد بن سالم الوهيبي -

طبيب عائلة- مركز الريم الطبي -

[email protected] -

معظمنا كبشر نتعرض لعدد من الأعراض الصحية، نفسية كانت أم جسدية بشكل أسبوعي إن لم يكن يوميا، وقد نكون بعيدا عن مكان سكننا أو بلداننا وعليه نذهب الى طبيب ما في مكان ما في وقت ما وذلك لحاجتنا الضرورية إليه، ولكن من المهم جدا في الآخر أن يكون مرجعنا الطبي يعود الى طبيب واحد أو اثنين بالكثير في بلداننا نرجع إليه حتى نجد الإلمام الكافي بنا وبأمورنا الصحية والنفسية وحتى الاجتماعية التي لا تتأتى إلا من علاقة مستمرة تكونت من مجمل الزيارات التي نذهب بها الى ذلك الطبيب وعلى مر السنوات، هذه العلاقة بالنسبة لك قد تكون بدأت منذ الطفولة وبمعرفته الشاملة بك وبوالديك وبأفراد أسرتك، وقد تكون بدأت من قبل أن تعاني من أي شكوى صحية، فيكون هو الأدرى بما يخالجك من أمور أو مخاوف تجاه أعراضك الجديدة، وهو الأدرى ماذا يعني لك المرض وماذا تعني لك الحاجة الطبية، فيقدم لك الرعاية التي تشمل فهمه لك الفهم الكامل لأعراضك بأبعادها الثلاثة: النفسية والجسدية والاجتماعية، ومن غير فهم هذه الأبعاد قد يقف الطبيب حائرا وعاجزا عن فهم ما تعاني منه، فكم من مريض يتردد على أطباء مختلفين ولعدة سنوات وقد أجرى له كما هائلا من الفحوصات والاستشارات الطبية بدون أن يتوصل الى فهم لحالته الصحية وذلك لقصور ولقصر العلاقة بينه وبين طبيبه، فالمريض إنسان تتفاعل فيه كثير من العوامل التي تشكل عنده في الآخر تلك الأعراض الصحية التي قد لا تتضح إلا لمن له معرفة جيدة به.

الطبيب قديما كان يقوم بكل الأدوار التي يقوم بها عدة أطباء من تخصصات مختلفة الآن، فهو يقوم بدور الطبيب العام والجراح وطبيب العيون والأطفال والطبيب النفسي وغيره، وعلى مر الزمن وبسبب التطور العلمي السريع وثورة المعلومات الطبية العلمية الهائلة في كل مجالاته، أدى كل هذا الى تشعب الطب والأطباء الى تخصصات مختلفة وكثيرة، وهذه التخصصات تشعبت أيضا الى ماهو اصغر أو الى ما يسمى بتخصص التخصص، وصار من الصعب للطبيب أن يلم تفصيليا بكل هذه التفرعات والتشعبات الطبية، فأصبح الطبيب ملما تفصيليا بتخصصه، واقل إلماما بما هو خارج نطاق تخصصه، فظهرت الحاجة الى طبيب قادر على استيعاب وفهم مجمل الأمراض الشائعة والأمراض المزمنة المنتشرة في مجتمعه في أغلب التخصصات الطبية، وتوفير العلاج الشامل لها وتنسيق متابعتها مع التخصصات المختلفة عند اللزوم، ومعرفة تلك الحالات التي يستدعي متابعتها لدى التخصصات الأخرى منذ البداية او في وقت ما، ومعرفة التوقيت المناسب لتحويلها الى المتخصص وربط هذه التخصصات بعضها ببعض.

إذا اصبح لوجود طبيب العائلة أهمية واضحة، فأي شخص منا لابد ان يكون لديه طبيب كمرجع طبي يعود ويرجع إليه بمشاكله الصحية، فإن كان يعاني من مشاكل في القلب فهو يذهب لطبيب القلب بين الفينة والأخرى، ولكن لابد أن يرجع لطبيبه العائلي للمتابعة الشاملة والمتواصلة، ويقوم الطبيب بتنسيق تلك المتابعة مع توصيات طبيب القلب، وأيضا بمتابعة العوامل النفسية والصحية الأخرى التي تؤثر وتتأثر بمشكلته الأساسية في القلب التي يعاني منها.

فطبيب العائلة هو المرجع الأول والأساسي لمشاكلنا الصحية، وحتى تنعم برعاية شاملة لابد من الالتزام بمتابعته، وقس على ذلك الأمراض الأخرى. فطبيب القلب أو الأعصاب أو الجراح أو غيره ليس لديه متسع من الوقت او الدراية التفصيلية لكل ما تعاني منه خارج نطاق تخصصه، وحتى تجد تلك العناية الشاملة المبنية على الفهم الكامل لما تشكو منه بكامل أبعاده، يجب ان تلتزم وتستمر بمتابعة طبيبك العائلي عندما يستلزم الامر. فطبيب العائلة هو الطبيب الذي يجب الذهاب اليه أو الاتصال به قبل غيره في حالة المرض وطلب العلاج، فمفهوم طبيب العائلة اصبح منتشرا ومتواجدا في كل الدول المتقدمة، وله دور أساسي ومهم في أي نظام صحي، ووجوده بمفهومه الكامل وحسب ما بينت الدراسات له مردود إيجابي كبير على جودة الرعاية الصحية في أي دولة وعلى رضا المستفيدين من هذه الرعاية، وساعد ذلك الى اتساع رقعة توافر خدماتها لكل أفراد المجتمع وسهولة الحصول عليها، وهذا بلا شك سيضمن وجود الخدمات الطبية لكل قطاعات المجتمع بتكلفة فعالة.

وختاما لابد أن نعرف ماهو طب العائلة، فهو يعرف بالتخصص الطبي الذي يوفر خدمات الرعاية الصحية الشاملة للفرد والأسرة من جميع الأعمار ومن الجنسين ولجميع الأمراض، ويهدف بوجوده تقديم رعاية شخصية شاملة ومستمرة للفرد في إطار اسرته ومجتمعه. فاذا طبيب العائلة هو طبيبك الأول والمرجع الأول لك كفرد ضمن عائلتك ومجتمعك لترفل برعاية صحية متكاملة.