عمان اليوم

مصابات بالسرطان يروين قصصهن مع المرض والعودة للحياة الطبيعية

01 ديسمبر 2022
تجاوزن الواقع بالأمل ومساندة المجتمع
01 ديسمبر 2022

كيفية التعايش مع المرض والعلاج و مضاعفات ذلك كله من الأمور المؤثثرة على المرضى -

الخوف من عودة السرطان يتلاشى مع مرور الوقت، إلا أنه يزداد في بعض المناسبات -

تمكنت عمانيات مصابات بالسرطان من التعايش مع المرض والتغلب على تداعياته بروح ملؤها الأمل وحب الحياة وأنتصرن على الواقع بالعزيمة والإصرار ومساندة المجتمع .

وفي رحلة العلاج والتعايش يروين لـ "عمان" قصص صراعهن للمرض والعودة لممارسة حياتهن بشكلها الطبيعي .

رضية بنت سيف الهاشمية اكتشفت صدفة وجود ورم في الثدي في عام 2015م وكانت حينها في الشهر السابع من الحمل

والمرض بالمراحل الأولى ، إلا أنه تبين بعد اجراء الفحوصات والاشعات بعد الولادة أن المرض وصل لمرحلة متقدمة جدا وانتشر للكبد والرئتين وفي اكثر من 80% بالعظام .

علاجات مناعية

وتقول الهاشمية بداية العلاج كان عبارة عن جرعة كيماوي واحدة في فترة الحمل وبعدها تمت الولادة بكل يسر والطفلة سليمة ومعافاة ، واستكملت مرحلة العلاج بعد ذلك وخضت كل العلاجات المتعارف عليها لعلاج السرطان من علاج كيماوي و مناعي واشعاعي وهرموني ،مع اعادة التأهيل للجلوس والمشي لأنني أصبت بشلل في الجزء السفلي من الجسم بسبب انتشار المرض بقوة في العمود الفقري والحوض.

وأضافت الهاشمية : معايشتي مع المرض وصل لمرحلة متقدمة فلا زلت اخضع لعلاجات مناعية وهرمونيهة لتجنب عودة المرض ولكن مع ذلك فأنا أعيش ايامي كأي إمرأة وأم متصالحة مع نفسي وأعيش اللحظه ، مشيرة أنه من بعد ما اكملت السنة من العلاج الكيماوي دخلت في مسمى الناجية او المنتصرة على السرطان ومنها بدأت رحلة جديدة في حياتي وهي الدعم النفسي للمصابات بالسرطان ، وأتوجه بالنصح لكل إمرأة باجراء الفحوصات الدورية وبالأخص الفحص الذاتي لسرطان الثدي فمحاربة السرطان يبدأ بكِ أنتِ.

نظرة ايجابية

عواطف العبرية تروي قصتها مع المرض بقولها : اكتشافي للمرض كان عن طريق الصدفة بفحوصات دورية سنوية حيث أتضح أني مصابة بسرطان المبايض في المرحلة الأولى، وفي البداية كان صعبًا علي التقبل وكنت في حالة إنكار للمرض وأحاول ان اقنع نفسي ان التشخيص كان خاطِئً و أن الورم احتمال أن يكون حميد ، كما كنت اشعر بخوف فظيع لأن كل ما كنت افكر فيه أن مرض السرطان مرتبط بالموت خاصة ان جدتي وخالتي فارقوا الحياة بسبب هذا المرض.

وتكمل العبرية : لحظة تأكدي ومعرفتي بأني مصابة بهذا المرض تقبلت وضعي وقررت أن انظر للمرض بطريقة مختلفة وايجابية. وأخبرت أهلي واصدقائي حيث لا يوجد شي يجعلني اخجل منه، لأني بحاجة الى دعواتهم ومساندتهم .

وتروي العبرية رحلة علاجها بقولها: جاء موعد عملية استئصال المبيضين والرحم وبعد فحص العينة تم التأكيد أن الورم كان سرطان فى المبيضين، وشعرت بحزن كبير في اعماقي خاصة بعد استئصال جزء مهم من جسمي كامرأة ،وكانت فاجعة لي ولا يمكنني ان انسى حزني بعد تلك العملية .

وبعد شهر من العملية تقرر اخذي للعلاج الكيماوي للتأكد من عدم وجود اي خلايا سرطانية باقية في جسدي فتقبلت العلاج بقلب صابر ويقيناً انني سوف اتغلب على هذه المرحلة ايضاً.

مساندة الأهل والأصدقاء

وتكمل العبرية : قبل العلاج بأيام توفيت والدتي ، التي كانت مصدر قوتي وصمودي ، وحزنت كثيرا ، وفقدت طعم الحياة ورفضت العلاج الكيماوي ، إلا أنه مع مساندة الأهل والأصدقاء وبالعزيمة تمكنت من التغلب على هذه المرحلة وأنهيت علاج الكيماوي بعزم وصبر ، مشيرة إلى أن فترة العلاج تلك كانت من اصعب اللحظات وخاصةً مع التغيرات التي تصاحب الجسم وفقد المناعة والخوف من التقاط اي عدوى خاصة انها كانت فى فترة الكورونا ،وايضاً كوني أم لخمسة اطفال لم يكون بمقدرتي أن اوازن بين مرضي واهتمامي بأولادي وعملي لذلك قررت ان اتنازل عن بعض الامور ، وأطلب التقاعد الطبي رغم صعوبة الحياة ومستلزماتها، القرار كان صعب و لكن كان يجب ان اعيد ترتيب أولوياتي فقررتأن صحتي وعائلتي في المقدمة.

وتضيف العبرية : مر الوقت وانتهيت من العلاج الكيماوي وتفاجأت بوجود كيس فى كبدي وهذا الكيس قد كبر وأعتبر الاطباء انه من النوع الذي يتحول الى السرطان في الكبد ، وتقرر اجراء عملية استئصال جزء من الكبد ، من هنا عادت مخاوفي بأن هذه المعانة لن تنتهي وان حياتي ستستمر في غرف المستشفيات ، إلا أن مساندة الأهل والطبيب المعالج الذين لم بثوا لدي روح الأمل والتمسك بالحياة أجريت العملية ووتم استئصال جزء من الكبد وها أنا في فترة تعافي وأحاول ممارسة حياتي الطبيعية .

وترى العبرية أن نظرة المجتمع لمرض السرطان بأنه مميت ودائما يتعاملون مع المريض بحذر وشفقة هي نظرة خاطئة ، لانهم لا يعرفون الفرق بين الشفقة والمساندة، فمريض السرطان يحتاج الى المساندة والدعم والحب والأمل و تهيئة النفس لتحمّل العلاجات بمختلف مراحلها .

وبروح ملؤها الأمل وتقبل الواقع روت (و. ر.س) قصتها بقولها: اكتشفت وجود كتلة في الثدي منذ سنتين أو أكثر وفي 17 مايو 2022 وذهبت للمستشفى السلطاني وأخبرني الطبيب أن وضعي مطمئن ولا داعي لمراجعة المستشفيات وبعد شهرين (يوليو الماضي) عاودني القلق وذهبت إلى مستشفى خاص وتم تأكيد إصابتي بسرطان الثدي ،وبدأت مشوار العلاج بأخذ الجرعة الأولى واستمرت الأعراض لأسبوعين، وبعدها أخذت الجرعة الثانية والحمدلله وضعي افضل ، وبرمجت نفسي على أنه مرض عادي كأي مرض آخر وبأنها فترة وتعدي مع الأستمرا في العلاج، وأحاول دائما الخروج من البيت لأخذ نقاهة وأعيش يومي رغم التعب والأرق الذي يتملكني.

التعايش مع المرض

وفي السياق تقول الدكتورة أمل بنت سليمان الفهدية ، طبيب استشاري نفسي بمركز السلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان: يؤثر تشخيص سرطان الثدي في أجزاء كثيرة من حياة المريضة - سواء قد تم تشخيصها في اللحظة نفسها أم كانت مصابة به منذ فترة ، أو إن كانت تتعالج منه، أم أنهت العلاج ، فمن المحتمل أن تشعر بالتغيرات الجسدية والعاطفية المؤثرة على حياتها .

ومن الأمور المؤثرة فيها هو كيفية تعايشها مع المرض والعلاج و مضاعفات ذلك كله ،ويضاف إلى ذلك مضاعفة شعور المريضة بسرطان الثدي بالقلق أو الحزن أو الاضطراب المزاجي، وفي بعض الأحيان تستطيع التغلب على هذه المشاعر، ولكن صعوبة التخلص منها قد يؤثر في صفو حياتها. والشعور بالقلق و الحزن يعد من أكثر المشاعر التي يعاني منها مرضى السرطان، ويمكن أن يشعر بالتوتر أوبالتردد في التخطيط للمستقبل. و يمكن أن يكون التوتر في أشده قبل فحوصات المتابعة، أو في مواعيد ذكرى تشخيص السرطان، أو عندما تشاهد شيئاً عن السرطان في مواقع التواصل الاجتماعي أو في برامج الإعلام المختلفة ،بالإضافة إلى الشعور بالوحدة أنها هجرت من قبل الاهل أو الأصدقاء، و أن العائلة لا تفهم وضعها، ولا تستطيع تقديم المساعدة التي تحتاجها. و بعض النساء يشعرن بنقص في الثقة، فيصبحن سريعات التأثر بعد إصابتهن بالسرطان، و يمكن تفسير ذلك بأن الجسم و طريقة التفكير قد تغيرت بعد الإصابة بالسرطان و قد تحتاج إلى بعض الوقت للتأقلم.

وبينت الدكتورة أمل بقولها : قد تؤثر هذه التغييرات على الحياة اليومية للمريضة، ولكن هناك طرائق للتعامل معها؛ فعندما تدرك المرأة بأنها أُصيبَت بالسرطان تشعر أن حياتها قد انقلبت رأسًا على عقب ،وقد يبدو الأمر مربكًا في البداية، ولكن معرفة ما يمكن توقعه قد يساعدها على الشعور بالراحة والطمأنينة، ويخفف من عبء المرض ، فبمجرد زوال الصدمة (صدمة االتشخيص بأنها مصابة بالسرطان)، تبدأ عملية إجراء التغييرات في حياتها، وقد تضطر إلى إعادة ترتيب أمورحياتها عند بدء العلاج. ومن واجبنا باعتبارنا طاقما طبيا أن نركز على تصحيح المفاهيم و نظرة المجتمع الخاطئة .

أفكار سلبية

وتضيف الدكتورة الفهدية : للأسف بعض الأحيان يتعامل البعض مع التشخيص والتحديات المصاحبة بمرض السرطان بطرائق غير صحية قد تجعل الناس المحيطين بهم يبتعدون، ومما يشعرهم بالإحباط . وسأذكر بعضًا من هذه الطرائق غير الصحية و الشائعة التي يتعامل بها الأشخاص عن الإصابة بالسرطان "أتمنى أن يتركني الناس وشأني." و" لا يسعني التفكير في أنني فعلت شيئًا سيئًا لأستحق ذلك"و"الإصابة بالسرطان أمر سيئ بما فيه الكفاية، والذي يجعل الأمور أسوء، هو أنه لا أظن أن هناك من هو قادر على الاعتناء بي." وغيرها من الأفكار السلبية.

ووصفت الدكتورة بعض النساء اللواتي خضعن لعلاج مرض السرطان بأن الأشهر الأولى هو الوقت الذي يحدث فيه الكثير من التغيرات. ولا يتعلق الأمر بالعودة إلى الوضع الطبيعي بقدر ما هو اكتشاف ما هو طبيعي في هذه الفترة ، والكثيرمن الناس يقول إن الحياة بعد السرطان صارت ذات معنى جديد ؛ فأصبحوا ينظرون إلى الأشياء بنظرة مختلفة، فيكون الوضع الجديد في التغييرات في طريقة تناول الطعام والأشياء التي تفعلها ، وإيجاد مصادر جديدة أو مختلفة للدعم المالي أو الاجتماعي أو العاطفي، والحاجة إلى المساعدة في القيام بأشياء اعتادت القيام بها دون مشكلات والتغيرات والندوب الدائمة على الجسم والندوب العاطفية لشدة ما تمر به من معأناة.

أما عن المشاعر السلبية فتقول الدكتورة هناك بعض النصائح على المريضة ان تتبعها وهي التحدث عن مشاعرها بغض النظر عن ماهيتها، وأن لا تتخلى عن العادات الصحية وان تحافظ على تناول الغذاء المتوازن وممارسة الرياضة بإنتظام ، وإن كانت عند المريضة مشاعر مؤلمة، مثل الغضب أو اليأس أو الحزن أو الفراغ أو القلق أو الشعور بالكابة لأكثر من أسبوعين؛ فيجب أن تضع في اعتبارها أن هذه المشكلات العاطفية يجب أن تخضع للعلاج، مثلها مثل المشكلات الجسدية؛ فيجب أن تطلب المساعدة من الفريق المختص المتمثل بالطب النفسي و الاجتماعي للأورام .

حزن وقلق

وذكرت الدكتورة أمل عندما تنتهي المريضة من رحلة العلاج فمن المحتمل أن تكون سعيدًة بذلك، ولكن في الوقت نفسه، قد تشعربالحزن والقلق من احتمالية رجوع المرض مرة أخرى، و من الشائع هو التفكير فيما إذا كان السرطان سيعود؛ فالخوف من عودة السرطان هو التحدي العاطفي الأكثر شيوعًا الذي يواجهه كثير من الناس بعد التعافي ، مشيرة إلى أنه من الطبيعي أن تقلق النساء المصابات بالسرطان بشأن عودة السرطان، لا سيما خلال العام الأول بعد العلاج، و قد يشعر الناجون بالقلق من أن أي أعراض جديدة قد تؤشر إلى عودة أو تكرار السرطان ، فقد يكون من المفيد الاحتفاظ بمذكرات الأعراض لمناقشتها في الزيارة مع الطبيب المختص ، وعلى الرغم من أن الكثير من الناس يقولون إن خوفهم من عودة السرطان يتلاشى مع مرور الوقت، إلا أن الخوف يزداد أو يعود في بعض المناسبات، مثل زيارات المتابعة و أحداث الذكرى السنوية للتشخيص وبداية العلاج أو مرض أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء وهذا أمر طبيعي، وهو وقت مناسب لطلب الدعم من المختصين.