عمان اليوم

مشروع بحثي بجامعة السلطان قابوس لسقي النخيل بمياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا..قصة نجاح

21 سبتمبر 2021
21 سبتمبر 2021

إجراء أول دراسة عالميا لتبريد البيوت المحمية

كتب : سهيل بن ناصر النهدي :

كشف مشروع بحثي بجامعة السلطان قابوس عن نجاح تجربة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بالطريقة الثلاثية لسقي أشجار النخيل والعديد من المحاصيل الموسمية، بعد تجارب استمرت قرابة 5 سنوات أجريت على أصناف من النخيل بينت ثمارها خلوها من السميات وتماشيها مع المعايير العمانية لقياس السمية، لتفتح بذلك مرحلة جديدة للبدء باستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة واستخدامها في نطاق زراعي اوسع على مستوى السلطنة والتقليل من هدر المياه الجوفية العذبة والاستفادة من الكميات الكبيرة لمياه الصرف الصحي المعالجة التي يهدر معظمها حاليا لعزوف المزارعين عن استخدامها حاليا تخوفا من صلاحية الثمار للأكل .

أعلن ذلك الباحث الدكتور أحمد بن سالم بن عبدالله البوسعيدي مدير المشروع والباحث الزراعي بكلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس في حديث لـ(عمان) خلال زيارة لمحطة التجارب الزراعية التي يتم فيها إجراء التجارب البحثية، حيث كشف ايضا عن تواصل البحوث والتجارب العلمية عن أول دراسة من نوعها على مستوى العالم تبحث استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لتبريد البيوت المحمية، التي تبحث إمكانية استبدال المياه العذبة المستخدمة حاليا في تبريد البيوت المحمية بمياه الصرف الصحي المعالجة، حيث تستهلك البيوت المحمية المياه العذبة للتبريد بكميات تفوق المياه التي يتم استهلاكها للسقي، ومن أجل التقليل من هدر المياه العذبة تجرى هذه الدراسة حاليا ليتم اعتماد (المياه المعالجة) كبديل للمياه العذبة في تبريد البيوت الزراعية المحمية .

وقال البوسعيدي متحدثا عن نجاح المشروع البحثي لاستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بالطريقة الثلاثية لسقي أشجار النخيل وغيرها من المحاصل الموسمية : عمل الفريق البحثي لمشروع دراسة المخاطر الصحية والبيئة المرتبطة بالاستخدام طويل الأجل لمياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة على مدى 5 سنوات حيث أظهرت النتائج البحثية خلو ثمار النخيل (الرطب والتمر) من المواد السمّية بشكل تام، وأظهرت التجارب العلمية قدرة (النخلة) التي تم سقيها بمياه الصرف الصحي المعالجة بالطريقة الثلاثية على امتصاص السميات الموجودة في التربة وتخزينها في السعف (الخوص) وعدم وصولها إلى الثمار، واصفا النخلة بأنها شجرة مباركة حيث تقوم بامتصاص السميات عن طريق الخوص الذي يتم التخلص منه عبر التقليم المعتاد ومن ثم تعطي ثمارا خالية من أي سموم، ومطابقة للمواصفات والمعايير العمانية المتعلقة بجودة الغذاء .

وأشار مدير المشروع إلى أن الدراسة أجريت بالتعاون مع عدد من الشركاء من ديوان البلاط السلطاني (المديرية العامة لمشروع زراعة المليون نخلة) و وزارة الصحة و وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وبلدية مسقط والشركة العمانية لخدمات المياه والصرف الصحي (حيا) حيث أجريت الفحوصات المخبرية على عينات من ثمار النخيل من مشروع المليون نخلة رويت بمياه الصرف الصحي المعالج وتبين خلو هذه الثمار من أي سميات، إضافة إلى ثمار النخيل المزروعة في حرم جامعة السلطان قابوس التي يتم سقيها من هذه المياه منذ سنوات وأثبتت ثمارها صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات والمعايير العمانية الخاصة بجودة الغذاء .

وأضاف الدكتور أحمد البوسعيدي قائلا : في عام 2012م كان هناك مشروع دولي مشترك بين السلطنة والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية التونسية لدراسة تأثير مياه الصرف الصحي على التربة والمحاصيل في إطار التوجه الى البدائل عن المياه العذبة والنقص الحاصل فيها، حيث ركزت تلك التجارب على المحاصيل الموسمية مثل الخضار التي تتطلب زراعتها وجني ثمارها أشهرا بسيطة، وبالمقارنة بين التجارب في الدولتين أظهرت النتائج البحثية بأن ثمار الخضار في السلطنة التي تم سقيها بمياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا أكثر نقاوة ولا توجد بها أي ملوثات كيميائية او بيولوجية إضافة الى مطابقتها للمعايير بشكل كامل .

منفذ تسويقي

وتطرق الباحث في حديثه إلى (قناعة المستهلك المحلي) وقال : على الرغم من تبني عدد من طلبة الجامعة مشروع بيع أنواع من ثمار بعض الخضار والفواكه التي تم إنتاجها في حقل التجارب داخل الحرم الجامعي ونجاح إقبال الطلبة عليها بعد تسويقها بطريقة مناسبة، إلا أن هذا الجانب لم يصل إلى قناعة المستهلك العماني، مشيرا إلى وجود نوع من العزوف من قبل المستهلك عن هذه المنتجات ، موضحا بأن كل التجارب على المستوى القصير لـ الخضار وبعض الفواكه وعلى المستوى البعيد لتجارب أشجار النخيل أثبتت خلو هذه المنتجات من أي تأثيرات سلبية أو صحية او أي ملوثات، وبيّن أن هناك توجها من قبل الجامعة وبالتنسيق مع بلدية مسقط لفتح (منفذ) لبيع المنتجات التي يتم إنتاجها في محطة التجارب الزراعية بسوق الموالح للخضروات والفواكه وذلك بعد نجاح التجارب والتأكد من صلاحيتها للاستخدام .

172 نوعا

وأوضح البوسعيدي أن التجارب البحثية تمت على نخيل من ولايتي الحمراء وإزكي إضافة الى النخيل التي تسقى بمياه الصرف الصحي المعالجة في الجامعة منذ قرابة 20 سنة وبينت التجارب خلوها من أي ملوثات ، حيث أظهرت التجارب البحثية وجود نسب قليلة من السميات في التربة ونسبة أقل في الخوص ولكن الثمار خالية من أي ملوثات وسميات ، مشيرا إلى أن النجاح الذي تحقق في النخيل، يتم حاليا دراسة مستوى السميات في أشجار مثمرة وغير مثمرة يتم ريها بمياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا، مشيرا إلى أن هناك 172 نوعا من الأشجار المثمرة وغير المثمرة بينها أشجار فواكه مثل المانجو والليمون والبرتقال والموز والعنب الفرصاد (التوت) والجوافة والنبق (السدر) وغيرها من الأشجار والأنواع . وعشرات الأنواع من الخضار والورود تجرى عليها التجارب مثل وثبتت التجارب نجاح ثمارها بعد التجربة ولكن سوف يتم إجراء مزيد من التجارب لهذه الأشجار .

وأكد الباحث الدكتور أحمد بن سالم بن عبدالله البوسعيدي مدير المشروع والباحث الزراعي بكلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس على أن المشروع يهدف الى إدخال الثقة لدى المواطن والمستهلك والمزارع بشكل خاص للوثوق في المنتجات والمحاصيل والثمار إضافة الى ثقة المزارعين في مياه الصرف الصحي المعالجة لري مزروعاتهم بهذه المياه التي أثبتت مأمونية استخدامها .

كما أشار إلى انه تم استخدام هذه المياه لري الحشائش (الرودس) وإطعامها لعدد من الحيوانات الموجودة بمحطة التجارب، لقياس اذا ما كانت هناك أي أضرار على لحوم او لبان هذه الحيوانات التي تتغذى على الحشائش المروية بمياه الصرف الصحي المعالجة، حيث سيتم العام القادم فحص لحوم هذه الحيوانات ومن ثم إعلان النتائج العلمية .

أشجار الوقود

وتحدث الدكتور أحمد البوسعيدي عن التجارب التي تجرى على أشجار الوقود الحيوي (الجاتروفا) والتي تحتوي زيوتها على 40% من مادة الديزل ليتم دراسة زراعتها بشكل أوسع في السلطنة لإنتاج مادة الديزل بشكل أوسع ومن ثم دراسة إمكانية ان تكون هذه الشجرة كمنتج للديزل، مؤكدا على ان هذه الشجرة أثبتت نجاح زراعتها في السلطنة.

البيوت المحمية

وتطرق الباحث الى الدراسة الأولى من نوعها على مستوى العالم المتعلقة (باستخدام مياه الصرف الصحي في تبريد البيوت المحمية ) ، موضحا أن عملية التبريد في البيوت المحمية تتطلب كمية مياه عالية بحيث تستهلك البيوت المحمية 60% من المياه للتبريد بينما تستهلك 40% للسقي ، مؤكدا أن هذه الدراسة ايضا تدخل في إطار إيجاد البدائل نظرا لشح المياه الجوفية العذبة ، مشيرا الى الفائض الموجود حاليا بمياه الصرف الصحي المعالجة والتي لا يتم استخدامها بالطرق المثلى.

وقال البوسعيدي : هذه الدراسة ايضا بينت نجاحها بشكل مبدئي حيث تم استخدامها في تبريد البيوت المحمية، وعند الاستخدام تبين وجود نوع من الطحالب على جدران البيوت المحمية ، ولكن تم معالجة هذا الجانب من خلال قيام إحدى الطالبات بوضع مادة على هذه الطحالب وإذابتها، مشيرا الى أن هذه المياه في حالة نجاح تجربتها بشكل دائم قد يتم استخدامها في المناطق الصناعية عبر تبريد الآلات في المصانع .

وبين الباحث ان هذه المشاريع البحثية يتم إشراك الطلبة فيها للاستفادة علميا وعمليا من هذه التجارب، حيث يشاركون ويطبقون دراستهم العلمية على أرض الواقع، مؤكدا أن جامعة السلطان قابوس وعبر محطة البحوث والمختبرات الموجودة تساهم باستمرار في إجراء التجارب العلمية والبحثية والفحوص المخبرية كمصدر موثوق تبنى عليه التوجهات في استخدام العديد من المنتجات والمشاريع كونها تبني نتائجها وفق أسس علمية مدروسة ومضمونة ، وتعد الدراسات التي تتم فيها دليلا يؤكد جودة أي منتج تجرى عليه الدراسات والبحوث .