656
656
عمان اليوم

سلطنة عمان وإيران.. علاقات تاريخية راسخة

22 مايو 2022
قائمة على أسس حسن الجوار والاحترام المتبادل
22 مايو 2022

«عمان»: تربط سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقات تاريخية متينة، قائمة على أسس حسن الجوار، والاحترام المتبادل، والتعاون المشترك في كثير من القضايا التي تجمع البلدين الصديقين، والزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، ما هي إلا تأكيد على متانة وصلابة هذه العلاقات التي تكللت في الماضي بتعزيز التعاون الثنائي في كثير من المجالات المختلفة، الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية.

ونستذكر في هذا المقام زيارة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- إلى طهران في عام 2009، التي التقى خلالها بالمرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد، ووقعت خلالها الكثير من الاتفاقيات المشتركة في العديد من المجالات، ثم تلتها زيارة رسمية أخرى في 2013.

في المقابل، حط فخامة أحمدي نجاد في مسقط عام 2007، ثم تلتها زيارة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني في 2014.

وتأتي زيارة فخامة الرئيس الدكتور إبراهيم رئيسي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سلطنة عمان، بدعوة سامية من جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تأكيدًا على متانة هذه العلاقات، وحرصًا من قادة البلدين على دفع هذه العلاقات إلى رحاب أوسع ومجالات أشمل.

وفي فبراير الماضي أكد الرئيس الإيراني خلال استقباله معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية في طهران، أن إيران لديها علاقات متميزة مع سلطنة عمان، وأن هناك مجالًا لمواصلة تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية، مشيرًا إلى أن حكومته تنتهج سياسة توسيع التعاون مع الدول الصديقة، وخاصة سلطنة عمان، مشيدًا بمواقف سلطنة عمان بشأن أمن المنطقة والعالم الإسلامي.

من جانبه، أكد معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي لفخامة الرئيس أن العلاقات بين إيران وسلطنة عمان تقوم على الثقة المتبادلة والاحترام والتعاون الإيجابي، لما فيه مصلحة الأمن الإقليمي والأمن الدولي، مشيرًا إلى أن علاقات البلدين الصديقين أصبحت نموذجًا يحتذى به بين دول المنطقة.

التعاون العسكري وترسيم الحدود البحرية

وفي سبتمبر 2013، وقعت سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية على مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري التي من شأنها أن تشكل إطار عمل للتعاون العسكري بين وزارتي الدفاع في البلدين الصديقين، حيث وقع الاتفاقية من جانب سلطنة عمان معالي السيد بدر بن سعود بن حارب البوسعيدي الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع -سابقا- ومن جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية معالي العميد أول حسين دهقان وزير الدفاع، وإسناد القوات المسلحة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية في مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران.

وفي سبتمبر من عام 2016، وقع البلدان على اتفاقية تحديد الحدود البحرية في منطقة بحر عُمان، حيث وقع الاتفاقية نيابة عن حكومة سلطنة عُمان معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، بينما وقعها نيابة عن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية معالي الدكتور محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني السابق.

وجاء في بيان وزارة الخارجية العمانية، أنه «تم التوصل إلى هذه الاتفاقية في أجواء سادتها روح التعاون والصداقة للوصول إلى تحديد خط الحدود البحرية الفاصل بين البلدين وفقًا لمبادئ العدل والإنصاف وأسس القوانين الدولية ذات الصلة».

الاتفاق النووي الإيراني

لعبت سلطنة عمان دورًا مشهودًا في الوصول إلى الاتفاق النووي الإيراني، حيث احتضنت سلطنة عمان مفاوضات ماراثونية سرية منذ عام 2011 بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين التي آتت أكلها بتوقيع الاتفاق التاريخي عام 2015.

وفي مقال لمارك لاندر مراسل البيت الأبيض في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية -ترجمته أثير- تحدث فيه عن دور سلطنة عمان في هذه المفاوضات الشاقة، وكيف استطاعت الدبلوماسية العمانية في تقريب وجهات النظر وجسر المطالب المتضادة من الطرفين، وصولًا إلى توقيع الاتفاق، ومما جاء في المقال: في وقت مبكر من عام 2011م حطت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رحالها في سلطنة عمان لإجراء محادثات مع جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- حول فكرة عرضها أحد المبعوثين الدبلوماسيين على وزارة الخارجية الأمريكية في ربيع 2008، وهي أن تكون سلطنة عمان بمثابة وسيط؛ لإجراء محادثات نووية سرية بين الولايات المتحدة وإيران. وقد ذكرت هيلاري كلينتون أنها لم تكن تتوقع أن المحادثات ستحقق نتائج لذلك استغرق الأمر (18) شهرًا قبل أن تتبنى مقترح جلالته، وترسل فريقًا من الدبلوماسيين إلى سلطنة عمان للقاء الوفد الإيراني.

وأشار المقال إلى أن هيلاري لم تكن هي الوحيدة التي قامت بزيارة سرية لمقابلة السلطان الراحل، حيث قام السيناتور جون كيري الذي كان آنذاك رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ قبل أن يخلفها كوزير للخارجية الأمريكية، بعقد محادثات مع جلالته -طيب الله ثراه- ومبعوثه الخاص سالم بن ناصر الإسماعيلي.

وبيّن المقال أن كيري كان مقتنعًا أن سلطنة عمان قادرة على الوصول لكبار القادة الإيرانيين، لذلك حث الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون لتكون سلطنة عمان هي الوسيط في هذه المحادثات، حيث أشار كيري في إحدى المقابلات قائلًا: «هيلاري كلينتون ومرافقوها كانوا غير واثقين، لكن الرئيس أوباما كان مولعًا بفكرة أن تكون سلطنة عمان هي الوسيط»، لذلك أجرى اتصالين بالسلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وسؤاله عن فكرة الوساطة، وأضاف كيري: «لقد كان الرئيس معجبًا بفكرة وجود وسيط لتحريك المحادثات النووية».

وبالفعل، أدت سلطنة عمان بعد موافقة الأطراف المعنية على لعب دور الوسيط، واستضافت اللقاءات السرية بين الجانبين التي توجت بالتوصل لاتفاق تاريخي بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا في عام 2015، حيث التزمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال هذا الاتفاق بتجميد بعض أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، والتعهد بعدم فرض عقوبات جديدة.