د.خليفة الهنائي يعزف على "القانون" موضحا مفاهيم المحاماة وأساسياتها

قدم د. خليفة الهنائي – وهو محامي عليا وقاضٍ ورئيس محكمة سابق، محاضرة عنوانها "عزف على وتر القانون"، التي نظمتها جماعة بروة القانونية بالجامعة العربية المفتوحة.

ابتدأت المحاضرة على انغام آلة القانون، التي عزف على أوتارها حقيقة لا مجازا العازف المصري محمد علي العوضي، لينطلق بعدها الهنائي بطرح سؤال حول مفهوم القانون، مشبهاً إياه بآلة القانون التي عزف بها ابتداءً.

كانت المحاضرة قد استقطبت شريحة عمرية مختلفة، مما جعل الدكتور خليفة يتنقل بين عددٍ من المواضيع المرتبطة بالواقع المعاش، بعيداً عن فلسفة النصوص الجامدة، متناولاً مفهوم القانون من الواقع العملي والبعد الفلسفي المرتبط بحياة الإنسان وسلوكه داخل نظام الجماعة وعلاقته بالآخر.

• لمن تلجأ ومتى؟

كان ذلك السؤال مثار الحديث الذي أسهب الهنائي في توجيه الرسائل من خلاله للمشتغلين بالقانون، آخذاً في الاعتبار أهمية الاستشارة القانونية المتخصصة، ومحذراً من الفتوى بدون علمٍ في الجوانب القانونية المرتبطية بحيوات الناس وحقوقهم، منبهاً على أهمية البحث والتحري قبل إعطاء أي رأي قانوني، فالدقة في الإجابة يبنى عليها الكثير من المآلات.

• العدل والعدالة

كما تطرق الهنائي إلى مفهوم العدل والعدالة، فهما مفهومان مرتبطان بالمساواة وإحقاق الحق، وكان هذا المحور ذا بعدٍ فلسفي، إلا أنه ربطه بالواقع ربطاً سلساً ومُتَخيّلا، فالنماذج التي ساقها غيّرت من نظرة الحاظرين لمفهوم المساواة والعدل، حتى طال الأحكام القضائية التي عادةً ما تكون محكومةً باعتباراتٍ كثيرة، مما يجعل الأحكام متباينةً في عددٍ من القضايا المتشابهة، ولذلك فرض المشرّع الحدّ في العقوبات بالسجن من سنةٍ إلى خمس سنواتٍ مثلاً؛ فتقدير القاضي هنا يخضع في كثيرٍ من الأحيان لمفاهيم المساواة أو العدل.

ومما قاله الهنائي "لا تجعلوا من أنفسكم قضاة على الآخرين"، قاصدا بذلك اطلاق الأحكلام على علّاتها، والتي غدت أشبه ما تكون بالظاهرة التي سعى الهنائي إلى التحذير منها، فالعدالة نسبية، ولا توجد عدالة مطلقة في دنيانا، وتبقى العدالة الإلهية هي الوحيدة القطعية لا ظن فيها، وعليه دعا الحاضرين إلى التروي في إطلاق أحكامهم، وأن لا يندفعوا إلى الإساءة للآخرين بمجرد صدور حكمٍ ابتدائي عليهم، وأن يراعوا أن الأصل في الإنسان البراءة ولا تثبت إدانته إلا بحكمٍ نهائي وبات.

كما عرج الهنائي إلى العديد من الممارسات والسلوكيات، وبث نصائحه المتتابعة لطلبة القانون، داعياً إياهم إلى امتلاك البصيرة لا البصر، وأن يراعوا المصداقية والأمانة في تعاملاتهم، وأن لا يبخسوا الناس أشيائهم، وأن يؤدوا المهنة وفق أخلاقياتها ومبادئها القيمة، وأن لا ينجرفوا خلف بعض السلوكيات التي تضر بالمهنة وتسيئ إلى العاملين بها.

واختتم محاضرته بقصص واقعية تغذي الخيال وتثبت المعلومة القانونية، وتذكي روح التفرد في البحث عن حلها والتعامل معها، وكيف يصبح الإنسان قانونياً في جميع تعاملاته القانونية، وأن يكون صادقاً في جميع شؤونه، ثم شرع في الإجابة على التساؤلات المثيرة التي طرحها الحضور بعد ان استمع لمحاضرةٍ شيقة دامت قرابة الساعة والنصف.