عمان اليوم

ثوابت استراتيجية بين القيادتين والشعبين الشقيقين سلطنة عمان والمملكة الأردنية ..علاقات أخوية تاريخية راسخة

03 أكتوبر 2022
03 أكتوبر 2022

عمان:

تقف سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية على إرث تاريخي من العلاقات الأخوية وفق ثوابت استراتيجية راسخة قائمة على أسس من الاحترام المتبادل والتعاون والمصالح المشتركة تعكس قوة ومتانة العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين وتميزها على المستويات العربية والإقليمية والدولية.

وقد أرسى دعائمَ هذه العلاقة المميزة جلالة السلطان قابوس بن سعيد وجلالة الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراهما اللذين ربطتهما علاقة شخصية قوية، انعكست آثارها على مستوى العلاقات المتينة بين شعبي البلدين.

واستمرت هذه العلاقة المتميزة بين البلدين الشقيقين في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه وجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لتمتد جسور تلك العلاقة وتستمر في عهد السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه مرتكزة على الإرث التاريخي والثوابت الراسخة بين القيادتين.

لقد كان للمملكة الأردنية الشقيقة قيادةً وحكومةً وشعباً منذ بواكير النهضة العمانية مواقف تاريخية ودورا مشهودا الى جانب سلطنة عُمان واكبت مسيرة الخير والتنمية والبناء والتطوير.

كان الأردن حاضرا في التعاون مع سلطنة عمان في مجالات عديدة عسكريا وتربويا على وجه الخصوص وسارع الأردن لتلبية احتياجات سلطنة عمان من الكوادر والخبرات في المجالات التربوية والاقتصادية والثقافية والطبية. وعلى المنوال نفسه، ظلت سلطنة عمان سنداً للأردن في مواجهة التحديات، ولم تألُ جهداً في دعم قضاياه.

واتسمت العلاقات العمانية الأردنية على الدوام بتبادل وجهات النظر والتشاور والتنسيق حيال مختلف القضايا العربية والإقليمية، وبما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين اللذين يقفان في خندق واحد لخدمة الأمة ونصرة قضاياها.

وإلى جانب التطابق في وجهات النظر بين البلدين حيال الكثير من القضايا الأساسية العربية والإقليمية والدولية، فإنهما يشتركان في تبنّي النهج الوسطي السلمي والمتوازن الداعم للسلام وللشرعية الدولية.

وتشهد العلاقات العمانية الأردنية في ظل قائدي البلدين حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - وأخيه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين عاهل الأردن نقلة نوعية في العلاقات الثنائية على مختلف المستويات ورغبة في تطوير التعاون المشترك ترسيخا لعمق العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين .

وتأتي زيارة العاهل الأردني للسلطنة في إطار حرص القيادة السياسية العُمانية على مواصلة التشاور وعقد اللقاءات مع زعماء وقادة الدول، على مختلف المستويات الإقليمية والدولية حيث تتمتع السلطنة والأردن بعلاقات قوية على المستوى الرسمي ووشائج متينة بين الشعبين الشقيقين.

ومن شأن اللقاء الأخوي المرتقب بين جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله وأخيه جلالة الملك عبدالله بن الحسين أن يدعم كافة أوجه التعاون الثنائي القائم بين البلدين، كما تُعزز زيارة العاهل الأردني للسلطنة أواصر الأخوة بين الشعبين العماني والأردني، علاوة على تحقيق المزيد من تطلعاتهما نحو التَّقدم والرقي والازدهار.

ويحرص البلدان على تعزيزالعلاقات الأخوية المتميزة وآليات التعاون في مختلف المجالات ومواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، ويخدم القضايا العربية.

كما تحرص قيادتي البلدين على استعراض آخر المستجدات الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مُقدمتها القضية الفلسطينية وسبل تعزيز العمل العربي المشترك والتأكيد على استمرار التنسيق وتعزيز التعاون الإقليمي بما يُسهم في تجاوز التحديات وينعكس إيجاباً على الدول والشعوب العربية.

وتأتي زيارة العاهل الأردني للسلطنة لتعزز الوشائج المتينة بين الشعبين الشقيقين حيث يتقاسم الشعبان الأردني والعُماني أرثا حضاريا وعوامل ثقافية مشتركة تجمعهما الهوية العربية والتعاليم الإسلامية وتمسُّكهما بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة.

وشهد البلدان على مدى العقود الماضية توقيع العديد من مذكرات التفاهم لتعزيز التعاون في مجالات شتى، من خلال اللجنة العمانية الأردنية المشتركة وكذلك لجان التعاون الأخرى، ولجنة الصداقة البرلمانية العمانية الأردنية.

ويأتي التعليم العالي من أبرز صور التعاون بين البلدين، من خلال البعثات الطلابية إلى الأردن، ونيل عدد كبير من الباحثين العمانيين لدرجات علمية مختلفة مثل الدكتوراه والماجستير من الأردن، فضلاً عن استعانة سلطنة عمان بالمعلمين الأردنيين في مراحل التعليم الأساسي المختلفة، وكذلك في عدد من الكليات والجامعات، وهوما يعكس قوة العلاقات بين البلدين والحرص المتنامي على تعزيز التعاون..

وتؤكد سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية دوماً على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية وتنميتها، من خلال تنظيم الفعاليات الاقتصادية المشتركة التي تُساعد على جذب الاستثمار المُشترك، علاوة على دعم جهود تبادل الخبرات في مجال ريادة الأعمال، واستفادة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين..

كما يوجد برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي بين البلدين، وآخر للتعاون التربوي يجدَّد كل ثلاث سنوات، ينظِّم ويؤطِّر علاقات البلدين الشقيقين في المجالين الثقافي والتربوي، وهناك أيضاً عملية ربط وتوأمة بين عدد من الجامعات العُمانية ونظيرتها الأردنية في كثير من التخصصات. وهناك أيضاَ تبادل للبعثات الدراسية.

وتأكيداً على التمازج الثقافي والحضاري بين الشعبين الشقيقين، أُنشئت وحدة للدراسات العُمانية في جامعة آل البيت في عام 1998، لتكون الأولى من نوعها في المشرق العربي ولتشكل جسر التواصل البحثي والأكاديمي بين الأردن والسلطنة، وتقوم الوحدة بعقد سلسلة من الندوات الدولية عن عُمان التاريخ والتراث والحاضر وعن العلاقات الأردنية العُمانية بصفة دورية، ويصدر عنها العديد من الكتب والدراسات ذات الشأن العُماني. وهناك أيضاً تعاون وتبادل مستمر للخبرات بين البلدين في المجالات الطبية والزراعية والإعلامية والعسكرية.

وتعد العلاقات التجارية الأردنية العُمانية مثال يحتذى به على المستوى العربي والإقليمي وتعتبر اللجنة العمانية-الأردنية من أكثر اللجان انعقادا حيث تبحث باستمرار آليات تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وفي الجانب الاقتصادي تُشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية قد ارتفع خلال عام 2021م بنسبة بلغت 33.8 بالمائة ليصل إلى حوالي 61 مليونًا و855 ألف ريال عُماني مقابل 46 مليونًا و236 ألف ريال عُماني في عام 2020م.

وأوضحت الإحصاءات أن الواردات العُمانية من الأردن قد بلغت في عام 2021م حوالي 35 مليونًا و409 آلاف ريال عُماني مقارنة بـ24 مليونًا و624 ألف ريال عُماني خلال عام 2020م بنسبة ارتفاع بلغت 43.8 بالمائة، فيما بلغ إجمالي الواردات العُمانية من الأردن خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022م حوالي 6 ملايين و747 ألف ريال عُماني.

وبلغ حجم الصادرات العُمانية إلى الأردن في عام 2021م حوالي 26 مليونًا و446 ألف ريال عُماني مقارنة بـ21 مليونًا و612 ألف ريال عُماني عام 2020م بنسبة ارتفاع 22.4 بالمائة، بينما وصل إجمالي الصادرات العُمانية إلى الأردن خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري حوالي 15 مليونًا و584 ألف ريال عُماني. وأشارت الإحصاءات إلى أن حجم الاستثمار الأردني في سلطنة عُمان قد وصل بنهاية عام 2021م إلى حوالي 230 مليونًا و400 ألف ريال عُماني. وفي الجانب الثقافي يتمثل التعاون بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية في عدد من الأعمال بما فيها التوقيع على الاتفاق الثقافي التربوي في 1976م وعلى أثره تم التوقيع على عدة برامج تنفيذية كان آخرها البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي والتربوي بين الحكومتين للأعوام 2002-2004، بالإضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات مع مؤسسات المجتمع المدني بين البلدين، ومذكرة تفاهم بين منتدى الفكر العربي والنادي الثقافي العُماني، وذلك عقب لقاءٍ ثقافي مشترك بين الطرفين.

ومن بين المفردات الثقافية المشتركة، تأسيس وحدة الدراسات العُمانية في جامعة آل البيت الأردنية عام 1998م، بموجب منحة كريمة من السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- كما يتشكل التعاون الثقافي بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية في المشاركات الأدبية في الملتقيات والمهرجانات الفكرية والأدبية بين الكتّاب والأدباء العُمانيين والأردنيين، إلى جانب مشاركة البلدين في معارض الكتاب الدولية التي تُنظّم في مسقط وعمّان.

وينتظرأن تُسهم زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية إلى سلطنة عُمان في توطيد هذه العلاقات الأخوية وتعزيزها وتعميقها وزيادة التعاون في مختلف المجالات ترجمة للتوجيهات الحكيمة لقيادتي البلدين، وتسخير ثمار هذه العلاقات للمنافع المتبادلة وتعزيز العمل العربي المشترك وخدمة القضايا العربية الراهنة، فسلطنة عُمان تشقّ اليوم طريقها بخطى ثابتة من نجاحٍ إلى آخر من خلال نقلةٍ نوعية في كل مجالات الحياة، ويتعزز رصيدها من الحكمة والمصداقية والاحترام، والمستقبل واعد بكل النجاحات والتقدم والازدهار في ظل عهد متجدد بقيادة حضرة صاحب الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-.