تقرير يؤكد ارتفاع مستويات تلوث الهواء بمحافظة مسقط
أكد تقرير رصد الاستجابة الوطنية لسلطنة عمان في مجابهة الأمراض غير المعدية أهمية اتخاذ إجراءات وتدخلات للحد من تلوث الهواء الذي يعد أحد المخاطر البيئية الكبرى على الصحة العامة ومن عوامل الخطر الشائعة المرتبطة بالأمراض غير المعدية، حيث يأتي التلوث في قائمة الأسباب التي تؤدي إلى الوفاة الناجمة عن الأمراض غير المعدية. وعالميا تعزى 7 ملايين حالة وفاة مبكرة إلى تلوث الهواء المنزلي والخارجي كل عام.
ونظرا للتأثير الصحي لتلوث الهواء ينبغي تنفيذ تدخلات للحد من التعرض لعامل الخطر البيئي وليس للحد من عبء الأمراض غير المعدية وإنما أيضا لحماية الصحة العامة بشكل عام، وإيجاد بيئة صحية للتنمية المستدامة وهذا لا يتحقق بدون وضع منهج متعدد القطاعات وتدابير تنظيمية وتدخلات على مستوى المجتمع المحلي موجه للأفراد.
ولفت التقرير إلى أهمية تأسيس لجنة وطنية للحد من تلوث الهواء والآثار السلبية لتغيّر المناخ حيث توجد الآن لجنة تنفيذية متعددة القطاعات مع الدعوة إلى تأسيس مشروعات معتمدة ومبادرات ممكنة للتنفيذ لتحسين كفاءة الطاقة والموارد في قطاعي الصناعة والنفط والغاز بالإضافة إلى تنفيذ مبادرات داعمة للكهرباء الخضراء، ومشروعات لاستبدال الوقود الأحفوري بالهيدروجين الأخضر.
ووفقا لآخر البيانات اتضح وجود ارتفاع في مؤشر تلوث الهواء حيث وصل التركيز اليومي المسجل بسلطنة عمان 18 ميكرو/م3 عام 2022م في محافظة مسقط في حين توصي إرشادات منظمة الصحة العالمية على أن يكون التركيز أقل من 15 ميكرو/م3.
تلوث منزلي
وقال التقرير إنه عند دراسة نتائج الحد من تلوث الهواء وغاياته، فإن تلوث الهواء المنزلي الناجم في المقام الأول عن طرق الطهي والتدفئة غير الفعالة والملوثة مؤثر بشكل كبير على الأمراض غير المعدية، وترتبط أمراض الجهاز التنفسي مثل التهابات الجهاز التنفسي السفلي الحاد ومرض الانسداد الرئوي المزمن بالتعرض لتلوث الهواء المنزلي.
ويزيد استخدام الوقود الصلب في الطهي أيضا من خطر الإصابة بسرطان الرئة خاصة بين النساء بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يؤدي تلوث الهواء المنزلي إلى مشاكل في العين والرؤية ويؤثر سلبا على صحة الأطفال ونموهم.
كما يعد تطبيق تقنيات الطهي النظيف وتعزيز الوقود النظيف وتحسين التهوية من التدخلات الأساسية للتخفيف من المخاطر الصحية لتلوث الهواء المنزلي لاسيما في الأماكن منخفضة الموارد لذا يعد الوصول إلى مصادر الطاقة النظيفة المستدامة والميسورة التكلفة أمر بالغ الأهمية لتحسين النتائج الصحية الشاملة.
ورصد التقرير نسبة السكان الذين يعتمدون بشكل أساسي على الوقود الملوث في المنزل 0.04% وفقا لمسح سلطنة عمان متعدد المؤشرات عام 2014م، وحتى 2030 تسعى إلى تخفيضه إلى أقل من 0.1%.
تغير المناخ
وأوضح التقرير ارتباط تلوث الهواء المحيط الذي يتميز بوجود مواد ضارة في الهواء الخارجي بتطور وتفاقم الأمراض غير المعدية وتعد الجسيمات الدقيقة 2.5PM وثاني أكسيد النيتروجين والأوزون من الملوثات البارزة المتورطة في مشاكل القلب والأوعية الدموية، في حين أن أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو وسرطان الرئة تتفاقم غالبا بسبب التعرض لمستويات عالية من الجسيمات الدقيقة.
كما ترتبط بعض ملوثات الهواء مثل البنزين والفورمالديهايد بزيادة خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان، بالإضافة إلى ذلك تشير الأبحاث الناشئة إلى وجود صلة محتملة بين تلوث الهواء واضطرابات النمو العصبي وكذلك الأمراض التنكسية العصبية التي تصيب المخ وتعد التدابير الفعالية مثل ضوابط أكثر صرامة للانبعاثات وتحسين التخطيط الحضري ضرورية للتخفيف من الآثار الصحية الضارة.
وتناول التقرير بيانات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأشار إلى أن الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تسهم في تغير المناخ ولها آثار غير مباشرة على الأمراض غير المعدية، ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم تلوث الهواء المرتبط بأمراض القلب والأوعوية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي والسرطان، كما تؤثر التغيرات في أنماط درجات الحرارة وهطول الأمطار على انتشار الأمراض المنقولة بالنواقل؛ مما يؤثر بشكل غير مباشر على الأمراض غير المعدية.
كما يمكن أن يسهم تغير الإنتاجية الزراعية وتوفر الغذاء بسبب تغير المناخ في سوء التغذية والسمنة والأمراض غير المعدية المرتبطة بالنظام الغذائي.
كذلك يمكن أن تؤدي الأمراض المنقولة بالمياه التي تتأثر بالتغيرات في جودة المياه وتوفرها إلى تفاقم الأمراض غير المعدية؛ لذا يُعد التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتنفيذ استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ؛ أمرا بالغ الأهمية للحد من الآثار الصحية غير المباشرة والتصدي الفعال للأمراض غير المعدية.
وبلغ المجمل السنوي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري حوالي 90 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون وفق بيانات مختبر إدارة الكربون في عام 2021م وتسعى الخطط إلى تخفيضها إلى أقل من 85.
توصيات مهمة
ويستعرض التقرير أهم التدخلات الموصى بها للحد من تلوث الهواء ومستوياته، داعيا إلى إنشاء لجنة وطنية معنية للحد من تلوث الهواء ووضع استراتيجية الحد من تلوث الهواء والآثار السلبية لتغير المناخ، حيث تشير آخر الجهود إلى وجود لجنة تنفيذية متعددة القطاعات فقط، لذا من المؤمل مستقبلا تأسيس لجنة وطنية معنية بتلوث الهواء كهيئة تنظيمية أو استشارية تضم خبراء من مختلف المجالات هدفهم الحد من تلوث الهواء وآثاره الضارة، ومن مهامها تطوير استراتيجيات للتخفيف من الآثار الضارة لتلوث الهواء مثل وضع معايير جودة الهواء والتوصية بضوابط الانبعاثات، بالإضافة إلى ذلك من الممكن أن ترفع اللجنة الوعي حول المخاطر الصحية وتدعو إلى استخدام مصادر الطاقة النظيفة وتطور البنية التحتية الخضراء. وقد تلعب اللجنة دورا حاسما في حماية الصحة العامة من خلال معالجة تلوث الهواء وربطها بالأمراض غير المعدية.
كما تطرق التقرير بالإشارة إلى التداخلات المرتبطة بتنفيذ مشروعات تحسين كفاءة الطاقة والموارد التي تعد أمرا ذا أهمية في قطاع النفط والغاز للتخفيف من الآثار البيئية والصحية، فيمكن لمشروعات تقليل استهلاك الطاقة والحد من النفايات أن تقلل من مساهمة الصناعات في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقليل الآثار السلبية على البيئة كما يمكن أن يؤدي إلى الحد من الملوثات الضارة من هذه القطاعات وحماية الصحة العامة عن طريق التخفيف من أمراض الجهاز التنفسي وغيرها، ومن خلال اعتماد تقنيات جديدة يمكن للشركات ابتكار وتطويرمنتجات جديدة صديقة للبيئة وأفضل للصحة العامة. وتوضح آخر البيانات المرصودة في هذا المجال وجود مشروعات معتمدة مع معظم المبادرات الممكنة للتنفيذ ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية للانتقال المنظم إلى خطة الحياد الصفري وتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد في قطاعي الصناعة والنفط والغاز.
واستعرض التقرير المشروعات المعتمدة على الكهرباء الخضراء كأحد التدخلات الموصى بها حيث يعد اعتماد الكهرباء الخضراء في الصناعة أمرا حاسما لتقليل التأثير السلبي على البيئة حيث تعمل الصناعات مثل إنتاج الصلب والإسمنت بشكل كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويمكن للكهرباء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة أن تقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون في الصناعات، كما يمكن لمرافق التصنيع التي تعمل بالطاقة المتجددة وحلول تخرين الطاقة مثل البطاريات وخلايا الوقود وتخزين وتزويد الطاقة المتجددة مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وتظهر هذه المشروعات قدرة الصناعة على المساهمة في الجهود العالمية للتخفيف من تغير المناخ والانتقال إلى مستقبل أكثر استدامة. ورصد التقرير وجود مشروعات معتمدة على الكهرباء الخضراء مع بعض المبادرات الممكنة للتنفيذ في الاستراتيجية الوطنية للانتقال المنظم إلى خطة الحياد الصفري.
وذكر التقرير مبادرات مشروعات استبدال الوقود الأحفوري بالهيدروجين الأخضر الذي يعد مصدرا للطاقة المتجددة يتم إنتاجه من خلال التحليل الكهربائي باستخدام مصادر مثل الطاقة الشمسية أو الرياح.
ويمكن استبدال الهيدروجين الأخضر بالوقود الأحفوري حتى يقلل بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويقلل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة وله العديد من الفوائد بما في ذلك الحد من انبعاث الكربون وتحسين أمن الطاقة وتحفيز النمو الاقتصادي، ويمكن استخدامه كوقود نظيف للنقل وفي صناعات متنوعة، فالهيدروجين الأخضر لديه القدرة على تحويل مختلف الصناعات وخلق وظائف جديدة وزيادة استقلالية الطاقة وتقليل مخاطر انقطاع الإمدادات.
