1836929
1836929
عمان اليوم

المنفذ البري .. جسر يعمق الإخاء

05 ديسمبر 2021
معجزة في الربع الخالي
05 ديسمبر 2021

يترقب العمانيون والسعوديون في الأيام القادمة افتتاح المنفذ البري الذي طال انتظاره لسنوات عديدة متحديًا التضاريس الصعبة ودرجات الحرارة المرتفعة. ويعد المنفذ البري أهم المشاريع التي بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية الذي يمثل نقطة انطلاقة لإتاحة الفرص بينهما.

وتعد السعودية من أهم الشركاء التجاريين لسلطنة عمان، حيث جاءت خلال العام الماضي في المرتبة الثانية في قائمة أهم الدول المستوردة للصادرات العمانية غير النفطية، وفي المرتبة الرابعة من حيث إعادة التصدير، وجاءت في المركز الخامس في قائمة الدول التي تستورد منها سلطنة عمان.

كما تعد المملكة شريكًا استراتيجيًا في عدد من المشاريع الاقتصادية في سلطنة عمان منها تطوير مدينة خزائن الاقتصادية، إضافة إلى مشاريع في قطاع الطاقة كمشروع محطة الكهرباء المستقلة «صلالة 2»، ومشروع محطة صلالة المستقلة لتحلية المياه الذي يعتمد على تقنية التناضح العكسي، ومحطة كهرباء «منح» ومشاريع أخرى.

والمنفذ البري عبارة عن جسر بري يربط البلدين بشكل مباشر، إذ يختصر هذا المنفذ المسافة 800 كيلو متر على مواطني سلطنة عمان، بعد أن كانوا يقطعون ليال عبر طريق طويل يبلغ 1638 كيلومترًا مرورًا بدولة الإمارات العربية المتحدة.

ويشكل «منفذ الربع الخالي» كما يسميه السعوديون، و «منفذ رملة خيلة» من جانب العمانيين، أهمية كبيرة في فتح آفاق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لاسيما من الناحية الاقتصادية، إذ يسهم في توسيع حجم التبادل التجاري وانتعاش السياحة. كما سيمكن المنفذ الجديد الصادرات السعودية من الوصول إلى بقية دول العالم مباشرة عبر بحر العرب، كذلك سيمكن الصادرات العمانية للوصول لبقية دول العالم عبر بوابة البحر الأحمر.

وقد اتفقت إدارة البلدين على إنشاء هذا الجسر البري في 2006 بتكلفة إجمالية قدرت بـ250 مليون دولار، إذ استغرق إنشاؤه سنوات كثيرة نظرًا لتغطية صحراء الربع الخالي بالكثبان الرملية الضخمة، فقد تم رفع وإزاحة 130 مليون متر مكعب من الرمال أي ما يعادل 26 هرمًا. ويبلغ طول المنفذ البري أكثر من 680 كيلومترًا، منها 155 كيلومترًا داخل سلطنة عمان، و566 كيلومترًا في السعودية.

التبادل التجاري

تلعب المنافذ البرية المباشرة بين الدول دورًا كبيرًا في تعزيز التبادل التجاري لما توفره من سهولة في سلاسل الإمداد، ويشكل المنفذ البري الذي يربط بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية أهمية في رفع حجم التبادل التجاري وتنشيط حركة النقل البري بين البلدين، إذ ستصل البضائع مباشرة بين الأسواق العمانية والسعودية، الأمر الذي يسهم في خفض أسعار العديد من السلع المتبادلة أهمها المواد الغذائية كالخضروات والفواكه، والمنتجات الصناعية والمعدنية واللدائن.

كما أن سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية يتطلعان من خلال هذا المنفذ البري إلى إقامة تكامل اقتصادي يسمح بتعزيز العمل التجاري والاقتصادي فيما بينهما، ويدعم التبادل والتنمية بين الدولتين ويسهم في تعزيز القدرات الهادفة إلى استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال، خاصة بعد تحقيقهما عدة خطوات رئيسة وفي مقدمتها إزالة العوائق أمام حرية حركة السلع وفتح الخطوط البرية بين البلدين.

وقد بحث البلدان فعليًا تحقيق التكامل في المناطق الاقتصادية الخاصة بينهما، مثل إقامة منطقة صناعية في سلطنة عمان، بحيث يقوم السعوديون بتطوير وتشغيل وإدارة المنطقة من خلال بناء مسارات لوجستية لنقل البضائع بين المناطق الاقتصادية الخاصة السعودية والعمانية. كما قام البلدان في الأشهر الماضية ببحث الفرص الاستثمارية المعنية بالربط بين المملكة والمناطق الاقتصادية الحرة بحرًا وجوًا وبشكل مباشر.

وكان حجم التبادل التجاري بين البلدين قد نما بشكل مستمر خلال العشر سنوات الأخيرة، إذ يقدر بـ 1.4 مليار دولار في 2010، وارتفع إلى 2.5 مليار دولار في عام 2020.

وقد استحوذت سلطنة عمان على نحو 7.32% من إجمالي حجم التبادل التجاري غير النفطي بين السعودية ودول الخليج خلال الربع الأول من العام الجاري أي ما يعادل 570 مليون دولار، مقارنة بـ610 ملايين دولار خلال الربع الأول من 2020، ومن المتوقع زيادة حجم التبادل التجاري بعد افتتاح المنفذ البري بين البلدين.

كما ارتفع عدد الشركات السعودية في سلطنة عمان إلى 1235 في عام 2021، مقابل 467 شركة في 2010 .

التخلص من الرسوم

ويسهم المنفذ البري الذي طال انتظاره كثيرًا في اختصار الوقت والجهد على الشركات العاملة في القطاع الخاص والمعنية بنقل البضائع والسلع عبر الحدود، إذ ستتوجه الشاحنات المحملة بالبضائع التي تخرج من سلطنة عمان مباشرة إلى المملكة العربية السعودية دون الحاجة إلى المرور إلى أكثر من منفذ، الأمر الذي من شأنه يسهم في تقليل التكاليف التي تدفعها شركات القطاع الخاص أثناء مرور الشاحنات في المراكز الحدودية المختلفة مثل رسوم التخليص الجمركي والتأمين وتأشيرات الأيدي العاملة الأجنبية.

ومن ناحية أخرى، يتوقع الكثير من رجال الأعمال والمسؤولين في البلدين أن يوفر هذا المنفذ البري فرص عمل للكثير من الشباب في البلدين، من خلال إقامة مشاريع خدمية على طول الطريق كمحطات الوقود، والاستراحات، والمطاعم والمقاهي ومحلات بيع المواد الغذائية. ومن بين المحطات التي افتتحت مؤخرًا على جانب الطريق الذي يصل إلى المملكة العربية السعودية محطة شاملة تابعة لشركة النفط العمانية في وادي الهيثم بمحافظة الظاهرة. كما يعد مشروع المدينة الصناعية بولاية عبري بمحافظة الظاهرة بمساحة إجمالية 10 ملايين متر مربع، أهم المشاريع الحيوية والمهمة التي أطلقت مؤخرًا على الطريق المؤدي إلى المنفذ الحدودي بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية مشروع المدينة الصناعية. كما من المتوقع تأسيس مناطق جديدة على الحدود بين البلدين، والعمل على الربط بين مدينة الدقم ومدينة نيوم بالمملكة.

انتعاش السياحة

ولا يسهم المنفذ البري الذي يربط بين سلطنة عمان والمملكة العربية في تعزيز الحركة التجارية فقط، وإنما من المتوقع أن يسهم في انتعاش السياحة في كلا البلدين، إذ أن كلا منهما يتمتعان بمقومات فريدة من نوعها تستقطب الزوار والسياح. وتتميز سلطنة عمان بوجود شواطئ ممتدة يبلغ طولها 3165 كم، تسمح للسائح القادم من المملكة بالاسترخاء على الرمال وممارسة هواياته المختلفة كالسباحة والقراءة والمشي، بل ورؤية السلاحف في شواطئ رأس الحد ورأس الجينز في ولاية صور. كما أن الجبال الشاهقة التي تنتشر في محافظات سلطنة عمان تمنح للسائح فرصة للمغامرة عبر التسلق فيها. وإن كان السائح تستهويه القلاع والحصون والأسواق التقليدية، فيستطيع زيارتها في كل من نزوى وبهلا والرستاق وعبري وغيرها من ولايات سلطنة عمان. أما السائح العماني الذاهب إلى المملكة العربية السعودية فقد يظن أن زيارة المعالم الدينية هي الطاغية على رحلته، ولكن قد يكون ظنه ليس في محله، فبعد أداء مناسك العمرة أو الحج، يستطيع التجول في ربوع المملكة، كزيارة برج المملكة في الرياض وهو واحد من أهم المعالم الحديثة في السعودية، الذي يتميز بالتصميم المعماري الفريد، ويضم عددًا كبيرًا من المحلات التجارية والشقق السكنية والمطاعم. إضافة إلى مقاهي الشلال في قلب جدة وهي عبارة عن مدينة ملاهي كبيرة مناسبة لتنزه العائلة والأطفال، بينما تشتهر منطقة الهدا والشفا في الطائف بالهواء العليل في الشتاء، والجبال الخضراء، وروائح الورد الطائفي والخضروات والفواكه.