عمان اليوم

المدرجات الزراعية في الجبل الأخضر.. شاهدة على براعة الإنسان ودقة التصميم

27 يناير 2023
تزرع فيها أشجار مثمرة ومحاصيل الذرة الموسمية وتروى بالأفلاج
27 يناير 2023

قرية العين.. حارة قديمة وبيوت تراثية وأفلاج جارية ومسطحات خضراء -

تعد المدرجات الزراعية على سفوح ولاية الجبل الأخضر واحدة من بين أبرز معالم الولاية، الدالة على براعة الإنسان العماني المتمثلة في استغلال المدرجات الجبلية للزراعة، ودقة العمل الهندسي المتناسق، الذي نقشه الإنسان على سفوح الجبال، مسخرا التضاريس الجبلية لتلائم حياته اليومية، حيث استطاع الإنسان عبر حقب زمنية طويلة أن يبني قرى سكنية، ومناطق زراعية عبارة عن مدرجات ذات مساحات صغيرة تتميز بوفرة في الإنتاج من الثمار والمحاصيل، كما استطاع الأهالي إنشاء قنوات أفلاج تاريخية، تنساب فيها المياه من العيون والآبار التي شقت بعناية لتروي تلك المساحات الخضراء بالمدرجات، وتجري قاطعة مسافات طويلة بين سفوح الجبال، في صعود ونزول، وانحدار لتروي البساتين والمحاصيل وتسقي الحرث، حتى أصبح الجبل الأخضر واحة زراعية تكتسي باللون الأخضر طوال العام.

إضافة إلى الأشجار المثمرة التي يزرعها الأهالي في المدرجات والبساتين الزراعية، مثل الرمان والزيتون وغيرها من الفواكه، فقد اهتموا بزراعة محاصيل موسمية في المدرجات الزراعية بين فصل وآخر، ففي فصل الشتاء، يستغل الأهالي المساحات والمدرجات لزراعة محصول الذرة الذي يستفاد منه في الاستهلاك اليومي أو أعلاف خضراء للماشية .

ففي بلدية (العين) بالجبل الأخضر، تكتسي المدرجات الزراعية باللون الأخضر القاني بعد نمو محصول (الذرة)، مع بداية الشتاء، حيث يستفيد الأهالي من وفرة المياه وبرودة الجبل الأخضر في زراعة المحصول.

ومع بدء فصل الشتاء، يبدأ المزارعون حرث الأرض، وتسميد التربة بالأسمدة الطبيعية وإزالة الحشائش، وسقي الأرض لعدة مرات، وريها وتقليب الأسمدة مع التربة، ثم تتم عملية بذر بذور الذرة، ومواصلة سقيها وانتظار نمو المحصول الذي تتراوح فترة نموه من البذر إلى جني الثمار قرابة 30 يوما، وقد تقل في حالة رغبة المزارع أن يستخدم محصول الذرة علفا حيوانيا أخضر يستفاد من أغصانه اللينة المليئة بالأوراق المرتوية بالمياه.

والزائر لقرية (العين) بالجبل الأخضر، تستقبله الحارة القديمة، ببيوتها الطينية ذات الطابع المعماري القديم، حيث تأخذك الممرات وسط المنازل إلى الواحات الخضراء التي زرعت بمختلف أنواع الأشجار المثمرة التي يجود بها الجبل، وفي بعض المدرجات تتمايل أغصان محصول الذرة المتراصة في حقول صغيرة على المدرجات الزراعية، حيث تحميها جدران بنيت من الطين والحصى قديما، وهي التي تسمى (الظفر)، أما في الوقت الحالي قد يستخدم الأسمنت مع الحصى أو الطابوق، كما حافظت بعض جدران الحماية على تاريخها، وحافظ الأهالي على ترميمها بالحصى والطين، وتقويتها في بعض الجوانب بالأسمنت.

وعند نمو محصول الذرة الذي يزرع في قرى الجبل ومنها قرية العين، ينتظر المزارعون حتى يشتد عود المحصول ويكتمل نموه، ثم يتم جنيه على هيئة أعلاف خضراء لإطعام المواشي أو انتظار بزوغ ثمار الذرة ونضوجها وجنيها ليتم بيعها في الأسواق، حيث يجلب الباعة الثمار والمحاصيل من المزارعين إلى أسواق الولاية أو توزيعها إلى أسواق الولايات الأخرى.