عمان اليوم

الكثبان الرملية في بدية.. ثروة طبيعية يمكن استغلالها سياحيا

26 أبريل 2024
26 أبريل 2024

- ضرورة تفعيل الأنشطة الرياضية والترفيهية

- تعزيز تطوير القطاع السياحي بلإستقطاب الزوار

تشكل الكثبان الرملية في ولاية بدية واحدة من أجمل المناطق السياحية في سلطنة عُمان، إذ تبعد عن مسقط حوالي 195كم، وتلعب الطبيعة دورًا جماليًا كبيرًا في ذلك، فتتنوع البيئة بين الرمال والجبال والسهول والواحات الخضراء، وأيضًا تتميز الرمال بلونها الذهبي غالبًا، وتعد رمال الشرقية واحدة من أروع الصحاري الرملية ومناطق التخييم التي تجذب الزوار، فهي تشهد موسمًا سياحيًا شتويًا، حيث تصل مساحتها إلى حوالي 10 آلاف كم مربع، وتحتضن رمالها حوالي 200 نوع.

تلال بدية

وأوضح سعادة منصور بن زاهر الحجري، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية بدية أن المنطقة تحظى بتنوع تضاريسي وجغرافي يمكن استغلاله بكافة الجوانب، فتتمتع بدية بسياحة المغامرات كميزة تنافسية على مستوى سلطنة عمان، تجعل منها مكانًا خصبًا للسياحة الرملية، وتجعلها ذات جذب سياحي مميز، مشيرًا إلى أن إقامة الأنشطة بصفة مستمرة في فترة الشتاء تعزز حركة ونشاط الولاية لجذب السياح. مع الحاجة إلى مزيد من التنويع والتنظيم، وجعلها في برنامج واحد توزع على طول موسم الشتاء؛ لما له من تأثير إيجابي كبير على قطاع السياحة.

وقال حمد بن سيف البدوي، رئيس قسم الترويج السياحي بإدارة التراث والسياحة بمحافظة شمال الشرقية: بلا شك أن الأنشطة الرياضية والترفيهية تحظى بإقبالٍ واسع من عشاق سياحة المغامرات؛ لقضاء تجربة فريدة وجديدة في رمال الشرقية، حيث تزخر بالعديد من المقومات في هذا القطاع تؤهلها لتكون وجهة واعدة لسياحة المغامرات، كما أنها تعد منتجا سياحيا رائجا له سوق كبير وواعد.

وأشار عبدالله بن محمد الحجري أحد أبناء الولاية إلى إن الأنشطة المتنوعة هي أساس جذب السياح بالإضافة إلى الأجواء الطبيعية، فالأنشطة تجعل السياح يتوافدون إلى المنطقة، لذلك تجد المناطق الطبيعية وحدها لا تستقطب السياح بل إن الأنشطة التي تمارس أثناء وجودهم تستقطب الزوار، ومن وجهة نظري أرى أن إقامة الأنشطة الرياضية والترفيهية أساس تطور منطقة رمال بدية، إذ يجب على المعنيين إقامة أنشطة طوال الموسم بحيث تجذب مختلف أنواع السياح وتغطي جميع الأعمار والأذواق، فمثلًا نرى النشاط الرياضي الذي يقام سنويًا في بدية برعاية وزارة التراث والسياحة وبتنفيذ من نادي بدية للسيارات يستقطب السيّاح سواء من سلطنة عمان أو من دول مجلس التعاون أو السيّاح الأجانب، وهذا ساعد على ازدهار سياحة الولاية، لذلك كلما أُقيمت هذه الأنشطة زاد عدد السياح وازدهرت المنطقة، فيجب تنويع هذه الأنشطة وزيادتها وتفعيلها على مدى الموسم.

وأضاف يحيى بن حمد الحجري، مصور فوتوغرافي في الولاية: إن الأنشطة الرياضية والترفيهية في ولاية بدية تطورت وزادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وذلك بفعل حركة الشباب وحماسهم بتطوير الفعاليات والأنشطة بكل أنواعها، وانعكس هذا التطور على المجتمع ككل والاقتصاد المحلي، وأتوقع أن تكون هناك فعاليات أكثر في الأعوام القادمة، حيث إن هنالك فرصا كبيرة لفعاليات وأنشطة أكثر من الممكن أن تسهم في زيادة السياحة المحلية والعالمية للولاية ولسلطنة عمان عامة.

100% نسبة الإشغال

وقال صلاح بن سالم الحجري، رئيس لجنة السياحة بفرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة شمال الشرقية: إن إقامة الأنشطة والفعاليات في الولاية له كثير من الإيجابيات، وهو مطلب مهم وأساسي؛ لذلك نحن نسعى دائمًا من خلال الغرفة بدعم هذه الأنشطة سواء بتسهيل الإجراءات أو دعمها أو تنفيذها، أما من الناحية الاقتصادية فنلاحظ زيادة إشغال الفنادق والمخيمات بنسبه 100%، إذ شهدت الولاية حركة اقتصادية ممتازة على المحلات والمؤسسات التجارية، وزيادة الاهتمام بالحرف التقليدية والمشغولات اليدوية؛ لكثرة إقبال السياح عليها.

ثروة طبيعية لم تستثمر

وقال عبد الله الحجري: أرى أن المنطقة ما زالت لم تستثمر سياحيًا، وهناك مدى قد يكون بعيدًا لكي تكون المنطقة مستثمرة سياحيًا، فمن جانب البنية الأساسية، ما زالت بدية تفتقر للشوارع المهيأة لازدحام السيارات، ثم تفتقر للخدمات التي يحتاج إليها السائح من أسواق حديثة، ودورات مياه عامة، ومحطات وقود، ومحطات تصليح السيارات، وأماكن مهيأة للسائح على الرمال. وتحتاج بدية إلى شوارع مرصوفة تقترب من الرمال وتصل إليها؛ كي يستمتع الزائر بالفعاليات المقامة في الأماكن حتى يسهل على الزائر الوصول إليها. كما أنها لم تستثمر سياحيًا في تسهيل تقديم الخدمات داخل الرمال، إذ إن الموسم يشكل حركة اقتصادية كبيرة، فيجب أن تسهل إجراءات فتح المحال التجارية والمطاعم والمرافق التي يحتاج إليها السائح داخل الرمال وعلى أطرافها وفي المدينة نفسها، كما أن الولاية لم تستثمر في جانب تطوير الأيدي العاملة المساعدة في إقامة الفعاليات؛ لأن الجهود الفردية تفوق جهود الوزارة والبلدية، وهذا يؤثر سلبًا في سياحة المنطقة، وكذلك لا يوجد استثمار سياحي في إنشاء عقارات في الرمال وجذب المستثمرين لإنشاء الفعاليات التي تساعد على استثمار هذه المنطقة، هذا كله يجعل المنطقة مكانًا سياحيًا يأتي إليها السائح.

وأضاف خالد الحجري، من أبناء ولاية بدية: إن المنطقة في تطور متزايد وذلك بجهود شخصية غالبًا من تكاتف أبناء الولاية، على سبيل المثال ما ينظمه نادي بدية للسيارات هو جهود شخصية، وإن الجهات المعنيّة تُعرقل المستثمرين وتفرض رسوما وضرائب عليهم، مما يدعو إلى التباطؤ بعيدا عن فرص الاستثمار والتطوير، وأرى أن وزارة التراث والسياحة عليها تعزيز تطوير القطاع السياحي بولاية بدية؛ لأنها وجهة تستقطب زوارًا من أماكن عديدة، وهذه الجهود الحالية أغلبها جهود شخصية، والمهم هو توفير تجربة متنوعة وملهمة للزوار والارتقاء عاليًا بالسياحة في عمان.

من جانبه استكمل البدوي قائلًا: إن المنطقة مستثمرة سياحيًا، وذلك من خلال ترخيص 13 مخيما سياحيا بعدد (522 غرفة فندقية)، بالإضافة إلى وجود العديد من أنشطة المغامرات التي تتوفر برمال الشرقية ويمكن للسائح ممارستها.

مطالبات المواطنين

وأشار خالد الحجري إلى أن تطوير السياحة في بدية يعد تحديًا استراتيجيًا يمكن أن يحقق فوائد عديدة، من خلال التركيز على السياحة المستدامة، وكل ذلك يسهم في تحسين الاقتصاد المحلي وتعزيز الحفاظ على البيئة الطبيعية بتقديم تجارب فريدة، مثل الأنشطة التي ذكرت سابقًا، وعلاوة على ذلك يجب توجيه الاهتمام إلى تشجيع الثقافة المحلية حول التطوير والارتقاء بالولاية، وتطوير البنية الأساسية؛ لضمان راحة الزوار، فهي تعد فرصة لتوفير فرص عمل محلية؛ محققين بذلك تنمية مستدامة وتجربة سياحية غنية.

وفي السياق ذاته، يرى عبدالله الحجري أن تطوير المنطقة يبدأ من تكاتف الجهات المختصة بالإضافة إلى البلدية ثم المستثمرين وأهل الولاية، فليس من السهل جعل هذه المنطقة مزارًا سياحيًا عالميًا، ولكنه ليس مستحيلًا، فقرب الولاية من العاصمة يجعلها مقصدًا سياحيًا للقادمين إلى سلطنة عمان، واستغلال هذه النقطة يكون من خلال توفير وسائل النقل إلى الولاية، وتقديم خدمات الضيافة، وإنشاء الفنادق سواء في المدينة نفسها أم الفنادق المتنقلة في الرمال، ثم تقديم الفعاليات التي تناسب الجميع.

وأضاف: إن استغلال بدية في تطوير السياحة يؤثر إيجابًا في اقتصاد سلطنة عمان، فلو ركزت وزارة التراث والسياحة على هذه المنطقة الجميلة سيكون ذلك دافعًا اقتصاديًا، يجعل من المنطقة محط أنظار المستثمرين.

وفي سياق متصل، طالب سعادة ممثل الولاية بمجلس الشورى الحكومة بتسريع وتيرة العمل في تنفيذ ما رسم من استراتيجيات وخطط؛ لتطوير قطاع السياحة في الولاية، وضخ الكثير من الخدمات الأساسية التي تفتقر الولاية لها، إذ يعد القطاع ثريا ويستطيع المساهمة في خلق وظائف لفئة كبيرة من الشباب، ونوصي المعنيين بضرورة استغلال المواقع والمقومات، والتركيز على القطاع خلال الفترة القادمة.

وأضاف سعادة منصور الحجري: إن "الاستراتيجيات والرؤى التي يضعها المعنيون بالأمر سواء مكتب المحافظ أو وزارة التراث والسياحة، إن لم تجد التنفيذ الجيد فلا تُجدي نفعًا، ونحن بحاجة إلى تنفيذ واقعي، وإلى الآن لم نرَ من الحكومة ما هو ملموس على أرض الواقع في الولاية.

وتابع سعادته: إننا كأعضاء مجلس الشورى معنيين بصفة كبيرة بالتشريع والمتابعة بالتعاون مع مكتب محافظ شمال الشرقية ووزارة التراث والسياحة؛ نسعى لإيجاد خطط وفعاليات واستراتيجيات مستمرة، كإقامة الأنشطة بشكل دائم ومنظم، وصيانة الحصون والقلاع في الولاية.

وتابع عبدالله الحجري حديثه: الجهات المعنيّة متمثلة في وزارة التراث والسياحة ومكتب محافظ شمال الشرقية والبلدية لها دور في تنشيط السياحة، ولا ننسى الجهود الفردية من أبناء الولاية في دعم هذه الفعاليات والترويج لها، بالإضافة إلى أن هؤلاء قدّموا أدوارًا في تنشيط حركة السياحة وتسهيلها للزوار، ولكن أرى أن على الوزارة والمعنيين تكثيف الجهود في الاهتمام بالمنطقة، وتطوير بنيتها الأساسية، وتطوير المرافق التي يحتاج إليها السيّاح، ثم الترويج بشتى الطرق عبر المنصات الإعلامية وبرامج التواصل الاجتماعي، وعبر الإعلاميين سواء العمانيين أو غيرهم؛ كي تبرز بدية بين العالم وتكون مزارًا سياحيًا موسميًا مثلما هي صلالة، إذ لا تكفي إقامة الفعاليات بل الترويج وضخ الأموال في مجال الإعلانات والترويج لها.

خطط مستقبلية

وبيّن صلاح الحجري أن غرفة تجارة وصناعة عمان تسعى إلى التركيز على الترويج للمحافظة، وزيادة وإيجاد حلول للمعوقات والتحديات التي تواجه القطاع الخاص وأصحاب المؤسسات السياحية، وأرى أن المنطقة تحتاج إلى تطوير من خلال تخصيص موسم سياحي مدعوم من الحكومة، وإقامة المهرجانات والفعاليات، وزيادة الفرص الاستثمارية، وإنشاء المرافق العامة كدورات المياه وغيرها.

كما أوضح البدوي أن وزارة التراث والسياحة تعمل في الوقت الحالي على إعداد مشروع دراسة شاملة لمنطقة رمال الشرقية من خلال وضع مرافق الخدمات الأساسية، وتحديد أماكن التخييم الدائم والمؤقت، ووضع اشتراطات الأمن والسلامة في منطقة الرمال، وتحديد مواقع المرافق الخدمية والمحلات والواحات، وسيتم لاحقًا الترويج للمنطقة بشكل متكامل كفرص استثمارية وفعاليات ومناشط ومشاريع صغيرة ومتوسطة.