فن الهبوت أحد أبرز الفنون بظفار توارثته الأجيال منذ القدم
فن الهبوت أحد أبرز الفنون بظفار توارثته الأجيال منذ القدم
عمان اليوم

الفنون الشعبية بمحافظة ظفار.. حاضرة في المناسبات والأعراف الاجتماعية منذ القدم

23 أكتوبر 2021
بعضها خاص للرجال وأخرى خاصة بالنساء ومنها المشتركة
23 أكتوبر 2021

للفنون العمانية التقليدية وقعها الخاص في محافظة ظفار ولها مذاقها المتميز إذ ترتبط ارتباطا وثيقا بظاهرتين تاريخيتين

أولهما: ازدواج اللغة في المنطقة حيث يتكلم أهل الجنوب اللهجة العربية العمانية واللهجة الجبالية أو (الحميرية) والبعض منهم يتحدث باللهجة المهرية القديمة.

ثانيا: تميز كل موقع من مواقع التجمع السكاني بتقاليد متوارثة منذ أيام عزلة البلاد فيما قبل النهضة الحديثة المباركة وتمسك سكان هذه المواقع بالكثير من هذه التقاليد المستحبة ويعتبر موسم الخريف من أهم فصول السنة التي تشتهر فيه ممارسة هذه الفنون الشعبية المختلفة ويرجع ذلك لكثرة الأعراس والمناسبات المفرحة في مختلف المحافظات.

وتختص فنون عمان التقليدية في محافظة ظفار بأنماط لا توجد في غيرها من المناطق منها (الهبوت) وهي وان كانت صورة من صور المسيرة الغنائية أو الهمبل أو رزحة الدرب في مناطق شمال البلاد إلا أنها تختلف عن كل هذه الأنماط اختلافا جذريا في النص الشعري واللهجة واللحن والإيقاع كما أن هناك رقصات أخرى مثل (البرعة والقصبة والشرح) وهو يختلف عن شرح صُور أو شرح الوادي والذي يعتبر من فنون المنطقة الشرقية من ولاية صلالة عند النساء.

كما تعد رقصات فرقة (أحمد الكبير) أحد الطقوس الدينية لسكان المنطقة الساحلية ويتم فيها استعراض القدرات بمصاحبة الأناشيد كما نذكر أيضا رقصات اللانزية والسيلام والمكبور والدبرير او الدبرارة ورقصة سامعين سامعين والمدار الشهيرة والشوبانية وهي غير الشوباني في صور وفن آخر وهو نداء الرعاة على الإبل والغنم.

وتمثل منطقة الجازر نقطة التقاء الطبيعة بين محافظة ظفار وشمال عمان، جغرافيا وحضاريا. وليس أدل على صدق هذا الالتقاء من مجموعة الفنون التقليدية في الجازر، والتي تلتقي فيها الرزحة بالهبوت، والقصافية بالبرعة، وفنون البدو مع فنون البحر التقاء طبيعيا مفصحا.

ونذكر هنا معظم الفنون التي يؤديها العمانيون في مواقع التجمع السكاني الرئيسية في محافظة ظفار ومنها الاحتفالات الدينية التي تتوزع على المولد النبوي الشريف والحضرة كما نشير إلى الفنون الراقصة التقليدية في المناسبات وهي هبوت المدن وهبوت الريف باللهجة المحلية (الجبالية) وهبوت البادية والهبوت الواقف بالبادية، إضافة إلى هبوت المهرة وهبوت بيت كثير من البادية وهبوت قبائل الجنبة الخاصة بهم وفن الدانا دون شبيه بفن (العازي في شمال السلطنة) ورقصة البرعة والقصبة والشرح والمدار والزنوج والربوبة أو الربابة في رخيوت ورقصة الشوبانية، وفن خاص بالنساء ويشمل الجبال والمناطق الساحلية لمحافظة ظفار وهو طبل النساء ورقصات أخرى منها دان دان الكركادة بالحميرية القديمة وعروض أحمد الكبير والتغرودو الحوبية.

كما تتواصل الفنون والرقصات وتتنوع في محافظة ظفار وهناك فن الطارق واللولاي- لاولاي غناء الأطفال والرعبة أثناء العلاج والمديمة من فنون ولاية مرباط وأخرى اللانزية والسيلام في مرباط أيضا إضافة إلى الغناء الذي ينشد به مجموعة الصيادين أثناء صيد الأسماك وغناء اللسناوة (في ولايتي طاقة وصلالة) وغناء الصباغة الذي يشترك مع الطبل وفن المشعير في الريف والنعيش أو النعش للبادية وغناء الحرث بالبوش (في طاقة) و غناء الحرث بالثور (في طاقة) والنانا بالجبالي عند حصاد اللبان والمكبور أو المكبير والذي يقال (في الغزل والحب) عند أهل الريف والدبرارة وهي للصغار أو غناء السيكولوكو وأصوات عديدة لفنون البحر وطبل المدينة أو محليا (العرب) وسامعين سامعين وهو أيضا من فنون أهل المدن وفن الهوات أو أوات (في نيابة غدو) والبابي باي والذي يعتبر أيضا من فنون الرعاة في مناطق غدو بجبال صلالة والهوبيل (في ثمريت) وفن التونبان (في ثمريت) وفن صوت الهوج (في أعراس مرباط).

وتصنف فنون ظفار إلى (فنون الحضر) بالمحلية ويستخدم عادة الطبل فيها و فنون البادية ولا يشارك فيها الطبل والريف باللهجة الريفية، لهجة سكان الجبال ولا يشارك أيضا فيها الطبل إلا أن الهبوت تعتبر من أشهر الرقصات الغنائية ومنها نوع خاص يؤديه أهل محافظة ظفار وهم ذاهبون لنجدة من يحتاج إلى نجدة، ولذلك فهو يسمى "هبوت النجدة" ولكل هبوت شاعر، ويتبارى الشعراء في تجويد شعرهم في المناسبة التي يقام فيها الهبوت، وعلى الأخص في أهمها جميعا وهي مناسبة الاحتفال بالعيد الوطني المجيد.

شعر الهبوت يفرض على أدائه إيقاعا خاصا يتكون من خمس نقرات، ويتغير إيقاع الشعر وزنا وإلقاء في نهاية الاحتفال الذي يقام فيه الهبوت، فيصبح أسرع قليلا ويسمى هذا القسم من الهبوت "العسير".

كما أن رقصة البرعة لا تقل أهمية وشهرة وهي فن مرح للشباب في محافظة ظفار، يؤديه اثنان سويا وقد امسك كل منهما في يده اليمنى بخنجره، بينما يده اليسرى تمسك بدشداشته بقوة عند وسطه ثابتة لا تتحرك.

الحركة في البرعة قفزة قوية ترتفع فيها إحدى القدمين عن الأرض مسافة مرموقة. يتحرك اللاعبان حركة انسجامية متواضعة: يتقدمان ويدور كل منهما حول نفسه دورة كاملة وفي لحظة محدودة يجلسان سويا مقابل الفرقة الموسيقية التي يقوم أفرادها بالغناء وضبط الإيقاع.

وتختص فرقة بن توفيق في صلالة، وفرقة بن شمسة في مرباط جيلا بعد جيل بفن البرعة. وتتكون الفرقة من عازف على القصبة واثنان أو أكثر من ضاربي الطبل المرواس، وهو الطبل الصغير، واثنان أو أكثر من ضاربي طبل المهجر، وهو الطبل الكبير، وضارب على الدف الصغير ذي الجلاجل وتؤدي في كل مناسبة يجتمع فيها الشباب للسمر وفي المناسبات الاجتماعية السارة كالأعراس وغيرها.

غناء البرعه أغلبه في الغزل، والشلة فيها تسمى "الصوب". طبل المرواس يضرب بكف يد واحدة بينما الأخرى تديره في الهواء. وأما طبل المهجر فيضرب بكف اليدين وقد وضعه العازف بالعرض على ركبتيه.

وتعد رقصة الشرح التي اشتق اسمها من "الانشراح" من الرقصات الجميلة في صلالة إلا أنها بدت تفقد جمهورها خاصة وأنها رقصة تراثية لم يعد كثير من الشباب يرغب في أدائها نظرا لصعوبة حركاتها وفيها يقوم رجلان باللعب في حركة وقورة على غناء شعر جاء على نغم القصبة وإيقاع الطبل المرواس وطبل المهجر والدف الصغير ذي الجلاجل.

يتشح كل من المتشاركين في الشرح بوشاح من صوف أو حرير منقوش، ويمسك بطرف الوشاح بيده اليسرى. بدء الحركة الوقورة الوئيدة والمتشاركان جالسان أمام فرقة الموسيقى ثم يتحركان في تناغم واتفاق كامل في حركة من ثلاث خطوات محددة تتخللها ثنية خفيفة من الركبة مع التفاف خفيف من الجسم عند الاستقامة. الشرح يؤدى في قسمين: القصبة والقبوس، والخلاف بينهما في شعر الغناء، شعر القصبة شعر غزل، وشعر القبوس شعر دعاء في الأغلب.

ولعل رقص النساء هو الأشهر في فنون محافظة ظفار من الجانب النسوي وتختص به عدد من الفرق المحترفة، وقد تتسلى به الحرائر في جلسات سمرهن الخاصة. أشهر هذه الفرق فرقة زوينة بنت بكران وزيادة بنت سعد في صلالة، وفرقة حديد بن شمسة في مرباط.

تجلس نساء الفرقة ومعها طبالوها، وقد يكون الطبالون رجالا أو نساء، تتوسطهن العقيدة أو رئيسة الفرقة تغني وبقية النسوة ترد عليها. وتقوم الراقصات من بين الجالسات وقد تحلين بالذهب ترقصن كل اثنتين سويا في خطوة وقورة وثيدة وجسم الراقصة منتصب تماما لا حركة داخلية فيه، والراقصة تمسك بإحدى يديها طرف ما تغطي به رأسها من كساء موشي، القدمان تتحركان حركات قصيرة، وتتناغم حركة الراقصتين وتتفق كما لو كانتا فردا واحدا. وعندما تنتهي الراقصتان من أداء الحركة حول الساحة التي تجلس الفرقة في صدارتها أو على ناحية منها تجلسان، فتقوم اثنتان أخريان مكانهما، وهكذا.