عمان اليوم

الفزايح .. منطقة بحرية تنفرد بمقومات طبيعية ومعالم أثرية وصخور رسوبية في رخيوت منطقة الفزايح

18 يونيو 2021
٣ أبراج أبرز معالمها .. أكبرها يقع على نتوء صخري
18 يونيو 2021

منحوتات صخرية في شكل حديقة تحاكي الحدائق العالمية بين أشكال حوريات وأسود وفيلة وطيور

زارها وصورها - أحمد بن عامر المعشني

تزخر السلطنة بالعديد من المواقع الساحلية الجميلة والتي بدورها تمثل متنفسًا سياحيًا وإرثا حضاريًا بكل مفردات الحياة الطبيعية ليعيش الجميع كل هذه المقومات التي تبهر الزائر إليها من خلال العديد من التفاصيل المميزة التي تنفرد بها تلك المواقع ومن ضمنها منطقة الفزايح الساحلية بولاية رخيوت بمحافظة ظفار التي تقع غرب ولاية صلالة بمسافة 20 كيلومترا.

من تصعد وتتجاوز منطقة المغسيل وتستلمك منحدرات ومرتفعات تكسوها أشجار اللبان الظفاري الناصع البياض وتنحدر بك العديد من الشعاب والوديان حتى تقابل عقبة ( قيشان) التي تبهرك بارتفاعها الشاهق وتميز طريقها الحلزوني المميز، وجمال الطبيعة التي تحيطها، وكل ذلك الجمال تتمتع به حتى تصل إلى إطلالة جميلة وفريدة كما لو كنت تدخل إلى منطقة من الأساطير القديمة، تلك هي منطقة الفزايح، ولما أن تصل إلى نهاية العقبة تنعطف بسيارتك ناحية اليسار وتهبط عبر طريق ترابي لمسافة 6 كيلومترات، ويقابلك المحيط الهندي بلونه اللازوردي، وتقترب شيئًا فشيئًا لتدخل محمية طبيعية تضم منحوتات صخرية تشكل حديقة أحياء تحاكي الحدائق العالمية بين أشكال حوريات وأسود وفيلة وطيور وأشكال كثيرة تشد انتباهك وترحل بخيالك بعيدًا وتستفز مكوناتك النفسية فتجد نفسك في سلسلة تداعب أفكارك ومشاعرك وأحاسيسك تخلع عنك الحالة التي كنت عليها، لترى شاطئا جميلا فسيحا يتيح الحركة والسباحة والمشي والتأمل إلى مسافات تصلك لجبال تارة وبالجزر الصخرية الصغيرة وحركة الحيتان وقوارب الصيادين المتناثرة كالجواهر على الشاطئ وصخب الصيادين الخفيف وهم يستعدون للنزول إلى البحر وأسراب شتى من طيور ملفتة بعضها مهاجر وبعضها من الطيور المحلية، بينما تلبس السماء كتل السحب وفي المساء تبدو النجوم مشعة وصافية، والنسيم العليل يداعب الوجوه والنفوس.

على خارطة السياحة العمانية والأوروبية

هنا نترك الحديث عن جماليات ومفردات هذا المكان لسكان منطقة الفزايح للتحدث عن علاقة الإنسان بهذا المكان وما تتمتع به من مقومات سياحية فريدة وجاذبة حيث تحدث لـ(جريدة عمان) أحمد بن محمد باقي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية رخيوت في الفترة السادسة فقال: بداية أحب أن أشكر (جريدة عمان) على هذه الجهود الملموسة ولا شك أن منطقة الفزايح أصبحت من المواقع السياحية المعروفة على مستوى خارطة السياحة العمانية بل السياحة الأوروبية أيضًا نظرًا لعدد الأفواج السياحة التي تأتي إليها من مختلف الدول الأوروبية إضافة الى السياحة المحلية أو الخليجية خلال موسم الخريف.

والفزايح منطقة ساحلية تنفرد بالعديد من المقومات الطبيعية التي تثري السائح أو الزائر من خلال كل ما تحويه هذه المنطقة من معالم أثرية قديمة وشواطئ رملية جميلة وصخور رسوبية ذات أشكالا مختلفة وجزر متناثرة وخلجان ممتدة على مستوى المنطقة بشكل عام إضافة إلى أشجار اللبان التي تنفرد بها هذه المنطقة وما يميز أيضا هذه المنطقة مرفأ طبيعي قديم يسمى (مرحيت) وهي مشتقة من الراحة أي لا تعب ولا جهد لمستخدمي المرفأ من الصيادين خاصة أن المنطقة تزخر بثروة بحرية هائلة من أسماك السطح والقاع إضافة الى صيد الشارخة والحبار.

ثلاثة أبراج للمراقبة ولتأمين البضائع

ومن الآثار القديمة في منطقة الفزايح هناك ثلاثة أبراج في مواقع مختلفة أكبرها على نتوء صخري كبير والثاني على صخرة أيضا في الخليج الذي ترسو من خلاله القوارب والثالث على الجزيرة التي تقع أمام المنطقة بحوالي ميل إلى ميل ونصف ميل بحري.

وتستخدم هذه الأبراج للمراقبة وأيضًا لتأمين البضائع سواء التي تصدر من المنطقة نفسها خاصة اللبان أو بعض السلع التي تأتي إليها وما زالت كل هذه الآثار موجودة إلى الآن إضافة إلى البئر التي أنشئت من ذلك الوقت وما زالت تستخدم إلى يومنا هذا وتستخدم أكثر شيء لشرب الماشية نظرًا لمياهها المالحة وطبعا هناك عدة آثار منها مستوطنة قديمة وعدة مواقع لتخزين اللبان في عدة مغارات وكهوف أبرزها مغار يطلق عليه الأهالي (أخسيس) كان يستخدم من قبل المرحوم الشيخ سعيد بن سهيل نصيب باقي لتجميع وتخزين اللبان إضافة إلى المقبرة القديمة التي ما زالت آثارها إلى هذا الوقت ومن المواقع المعروفة على مستوى المنطقة نفسها هناك صخرة كبيرة يطلق عليها الأهالي (الحصن) وهي أحد المعالم المعروفة التي يوجد عليها أحد الأبراج وما زالت بكل هذه التفاصيل.

طبعًا هذه الصخرة احتضنت عدة أحداث وقصص إضافة إلى الاستفادة من ظلها وارتفاعها فهي موقع يتجمع الكثير تحت ظلها سواء من أهالي المنطقة أو المارة، لذلك نجد أن الفزايح من المواقع التي تحتضن تفاصيل نادرة من الجانب السياحي أو الأثري أو الاقتصادي أيضا ومن المميز أيضا في الفزايح نبات العود المحلي الذي يطلق عليه محليًا (قطير) وهو أحد أنواع شجرة أو نبات العود الذي يتميز برائحته زكية تشبه رائحة العود.

وأوضح أحمد باقي في بداية الثمانينات قدمت دعوة لدائرة التراث القومي والثقافة أنذاك لزيارة الفزايح للاطلاع على المعالم الأثرية والتاريخية فكانت لنا رحلة مع مختصين من قبل الدائرة وهم المرحوم الكاتب والباحث سعيد بن مسعود المعشني وكذلك الباحث أحمد بن محاد المعشني ومجموعة من المعنيين من أقسام الدائرة ما تحضرني أسماؤهم الآن وصلنا إلى الفزايح عبر قارب من منطقة المغسيل وهذه الرحلة موثقة بكل هذه التفاصيل في أحد الكتب الخاصة بالآثار والهدف منها كان الاطلاع على كل هذه الآثار والمعالم التاريخية تم توثيقها وتصوريها وبعد ذلك وضعت عليها عدة لوائح تشير إلى وجود معلم تاريخي وأثري كانت تلك اللوائح على الأبراج والمقبرة وبعض المواقع التي تشير إلى وجود آثار منها المستوطنات الأهلية والكهوف التي تستخدم والتي كانت آنذاك واضحة بكل معالمها.

ونظرًا لأهمية هذه المنطقة من الجانب السياحي والأثري وبما أنها أصبحت أحد المعالم السياحية المعروفة والتي نشاهد صورها والترويج لها سياحيًا إلا أن هذه المنطقة تخلو من أبسط الخدمات وهو طريق أسفلتي بدلا من الطريق الترابي الحالي الذي يفصل الأهالي خاصة أصحاب الماشية عن بقية القرى في حالة نزول المطر وجريان الادوية نظرًا للأضرار التي تخلّفها تلك السيول حتى أبسط نزول الأودية يلحق ضرر ويعيق الطريق المؤدي إليها مما يتطلب منا سنويا مخاطبة مديرية الطرق بعد نزول الأمطار لفتح الطريق وصيانته بشكل شبه سنوي.

أيضا ضمن ذلك نأمل من المعنيين في التراث والسياحة إعادة النظر للحفاظ على المعالم الموجودة وكذلك البيئة في جانب أشجار اللبان من الرعي الجائر.

الفزايح وجهة سياحية

من جانبه قال سالم بن أحمد بن علي باقي: تمثل الفزايح وجهة سياحية واعدة نظرًا لما تحتضن هذه المنطقة مواقع وتضاريس مميزة مثل الصخور الرسوبية التي تشبه أشكالا مختلفة من المخلوقات منها صخرة تشبه وجهة امرأة وأخرى لرأس فيل وغيرها من الصخور الرسوبية التي تجعل المهتمين يحكون عن تلك الأشكال الكثير ويصفونها حسب قراءتهم لها، بالإضافة إلى موقعها على ساحل يمتد لعدة كيلومترات يتنوع بين الشواطئ والخلجان والجزر إضافة إلى المرفأ الطبيعي الموجود بها والذي يمثل دورا حيويا خاصة لأصحاب مهنة الصيد حيث يستطيع الصياد دخول البحر في معظم أشهر السنة وبما أن الفزايح تنفرد بكل هذه المقومات السياحية والرعوية إلا أنها تفتقر لأبسط الخدمات ومنها طريق أسفلتي وهذا مطلب أهالي المنطقة وكذلك مرتاديها علمًا بأن الطريق الترابي الحالي في حالة نزول المطر ينقطع بسبب انجراف السيول لمواد الكبس والأتربة خاصة في الأودية وغيرها من المواقع التي تجري فيها السيول ومع كل هذا الترويج السياحي للفزايح نجدها بحاجة إلى أبسط هذه الخدمات وبعض المرافق الأساسية.