1636641
1636641
عمان اليوم

الدكتور سيف العبري في حوار مع «عمان»: المنحنى الوبائي في السلطنة متذبذب.. ولولا منع الحركة لكان الوضع أسوأ

08 مايو 2021
08 مايو 2021

عاصم الشيدي -

منذ بدأت جائحة فيروس كورونا «كوفيد19» وأنا أحاول اللقاء بالدكتور سيف بن سالم العبري مدير المديرية العامة لمراقبة ومكافحة الأمراض ولو عبر حوار هاتفي، لكن الأمر لم يكن متاحا أبدا؛ فالرجل أحد جنود الخطوط الأمامية في معركة التصدي للوباء. ولأنه لا يترك موقعه في تلك الخطوط فإن اللقاء تأخر كثيرا لكنه تم نهاية الأسبوع الماضي عبر البريد الإلكتروني وعبر عدة محادثات هاتفية متقطعة، قدر الإمكان، معرفة أين وصلنا في الموجة الثالثة من موجات وباء كورونا وهي الموجة التي وصفت بأنها الأعتى والأقسى بين الموجات السابقة. وكانت نتيجة التواصل عبر البريد الإلكتروني أو عبر الهاتف الحوار الآتي:

سألت الدكتور العبري عن تقييمه للوضع الوبائي في السلطنة.. أين نحن الآن حسب الموديلات الرياضية التي يعدها المتخصصون لأي موجة من موجات الوباء، وهل وصلنا إلى الذروة؟

فكان رده: مازال المنحنى الوبائي في السلطنة متذبذبا في اتجاه قمة المنحنى «الذروة»، ولكن توجد مؤشرات لبداية انخفاض بسيط في معدل التنويم الحالي ولا يشمل ذلك الانخفاض الحالات المنومة في العناية المركزة. ويتضح من المنحنى الوبائي «الشكل رقم 1» وهو متوسط 7 أيام لحالات التنويم في أجنحة كوفيد 19 ومدى تأثره بقرارات اللجنة العليا المكلفة ببحث آليات التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا «كوفيد19»، حيث يتضح من خلال المنحنى تأثير الحظر الليلي لحركة الأفراد والمركبات من الساعة 8 مساء إلى 5 صباحا الذي أقرته اللجنة العليا وبدأ سريانه بتاريخ 28 مارس 2021 وأيضا قرار تمديد الحظر الليلي للأفراد والمركبات في شهر رمضان المبارك من الساعة 9 مساء الى 4 صباحا في تباطؤ حدة صعود المنحنى حيث بدأ في التباطؤ بتاريخ 9 أبريل 2021 إلى أن توقف عن الصعود وبلغ ذروته بتاريخ 16 أبريل واستمر بالتذبذب في القمة حتى تاريخ 21 أبريل، ثم بدأ بالنزول التدريجي.

ويوضح المنحنى المرفق «الشكل رقم 2» بأن الإجراءات التي اتخذت خلال الجائحة في السنة الماضية أثبتت فاعليتها في خفض معدل الانتشار خصوصا إذا ما استخدمت كحزمة متكاملة «مثال: الإغلاق الليلي من الساعة السابعة، إغلاق صالات الطعام داخل المطاعم، وتنفيذ خطة استمرارية العمل بإعفاء حضور الموظفين إلى مقار العمل بنسبة 70% إلى 100%» وبالتالي تحسين الوضع الوبائي المحلي وتقليل الضغط على النظام الصحي.

وحول موضوع تأثير إغلاق الأنشطة التجارية ومنع الحركة للأفراد في الفترة المسائية على انتشار الوباء، ولماذا كان التراجع بطيئا في الموجة الثالثة رغم أن هناك نسبة من المناعة المجتمعية التي تشكلت نتيجة الإصابات السابقة ونتيجة التطعيم؟

قال الدكتور سيف العبري: هناك عوامل كثيرة أسهمت في وجود الموجة الحالية رغم الإجراءات الوقائية المعمول بها، فبالنسبة للتطعيم وبسبب محدودية اللقاحات فقد شمل الفئات العمرية فوق 60 سنة بينما بقية فئات عمرية أخرى معرضة للإصابة بالعدوى ممن لم يتلقوا اللقاحات، هذا بالإضافة إلى وجود السلالات المتحورة سريعة الانتشار. وأضاف: هناك الكثير من الدراسات تُثبت مدى جدوى وفاعلية مثل هذه الإجراءات الوقائية من حيث الدور الحيوي الذي تؤديه في التحكم في انتشار مرض كوفيد 19 وما ينجم عن الانتشار من آثار سلبية وتبعات. وكان من المتوقع أن يكون الوضع أسوأ لولا اتخاذ إجراء كإجراء الإغلاق الليلي على سبيل المثال والذي بات معروفا بأن تأثيره لا يأتي مباشرة بعد تطبيقه وإنما يحتاج إلى مدة زمنية لا تقل عن أسبوعين حتى يكون تأثيره واضحا، علاوة على أن أي تأثير الإغلاق يكون مرهونا باتخاذه في الوقت المناسب وللمدة الزمنية الكفيلة بإظهار تأثيره كما تبدى ذلك جليا من خلال إغلاق محافظة ظفار والذي أدى إلى إبطاء التصاعد في المنحنى الوبائي في المحافظة ويشمل ذلك انخفاض عدد الحالات الإيجابية والتنويم. «انظر للشكل رقم3» والذي يوضح تأثير الإغلاق على تحسن المنحنى الوبائي.

كم تبلغ نسبة إيجابية فحوصات البلمرة التي تجرى يوميا؟

بلغت نسبة إيجابية الفحوص التراكمية في السلطنة خلال الجائحة11%، وكانت أعلى نسبة إيجابية للفحوصات في السلطنة قد بلغت41% خلال شهر أكتوبر 2020، أما حاليا فتبلغ نسبة إيجابية الفحوصات 13%.

كم وصل معدل R0 خلال هذه الموجة وكم نسبة الذين يحتاجون إلى التنويم في المؤسسات الصحية من مجمل الإصابات؟

الرقم التكاثري (R0) يُعد مقياسًا وبائيًّا يُستخدم لوصف العدوى ويشير إلى عدد الأشخاص الذين من الممكن أن يصابوا بالعدوى من مريض واحد، فإذا كانت قيمة R0 أعلى من واحد صحيح فإن هذا مؤشر على انتشار العدوى بشكل كبير. ويبلغ الرقم التكاثري خلال هذه الموجة 1.02.

أما نسبة الذين يحتاجون إلى التنويم في المؤسسات الصحية من مجمل الإصابات فقد وصلت إلى ما يقارب 5% من خلال دراسة أعدتها وزارة الصحة. والجدير بالذكر أن الرقم التكاثري يعتبر مؤشرا شديد الحساسية والارتباط بمدى الالتزام بالإجراءات الوقائية مثل الالتزام بالتباعد الجسدي وتجنب التجمعات وغسل اليدين ولبس الكمامة وإغلاق الأنشطة التجارية وتعليق إقامة الفعاليات على اختلاف مستوياتها ومجالاتها.

ما أهم ملامح النماذج الرياضية التي أعددتموها لهذه الموجة من موجات الوباء.. كم من المتوقع أن نسجل من حالات في يوم الذروة؟ وكم الأعداد المتوقعة فيما لو أجريت فحوصات كافية؟

تم إعداد نماذج رياضية من قبل قسم الوبائيات بدائرة الترصد بالمديرية العامة لمراقبة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة وتستند هذه النماذج على الرقم التكاثري (R0)، حيث يتضح من النماذج أن هذا العدد إذا انخفض لحد 0.85 فإن معدل الحالات المنومة في السلطنة سيكون في حدود 15 حالة يوميا في نهاية شهر يوليو، أما في حالة ارتفاعه أو استمراره عند 1.02 فإن عدد الحالات المنومة سيكون بمعدل 102 حالة يوميا خلال الشهرين القادمين حيث يوضح المنحنى المرفق (الشكل رقم 4) العلاقة بين الرقم التكاثري وعدد الحالات المنومة «باللون الرصاصي» وعدد الحالات المنومة في أقسام العناية المركزة «اللون الأخضر».

إذا كان قد تم تطعيم 95% من الذين تجاوزت أعمارهم 65 سنة فلماذا ما زال عدد الوفيات مرتفعا وبشكل يومي؟

الملاحظ بأن الوفيات والمراضة قد قلت بين الفئات التي تلقت اللقاحات ومنها الفئة العمرية فوق 65 سنة فما فوق «كما يتضح من المنحنى المرفق في الشكل رقم 5» حيث يظهر الانخفاض في الحالات المنومة في الفئات العمرية بعد بدء حملة التطعيم بالتاريخ المشار إليه بالخط الأزرق العمودي المتقطع» إلا أنه وبسبب الانتشار المجتمعي الواسع ومع ظهور السلالات المتحورة الأسرع انتشارا ووجود فئات عمرية ممن لم يتلقوا اللقاحات فقد لوحظ وجود وفيات بين هذه الفئات العمرية المختلفة.

هل تم تسجيل حالات عدوى بين الذين أخذوا جرعتين أو حتى جرعة واحدة وهل كانت بينهم إصابات بالغة؟

يُعد تسجيل حالة عدوى بين الذين أخذوا جرعتين أو حتى جرعة واحدة أمرا مبررا علميا حيث من المعروف أن اللقاحات تمنع ظهور أعراض المرض أو التعرض للمضاعفات الأشد خطورة ولم يتم الجزم حتى الآن بأن اللقاحات تمنع حدوث الإصابة، بالإضافة إلى أن مفعول اللقاحات يصل إلى الفاعلية المعلن عنها من قبل الجهات المصنعة بعد مدة لا تقل عن أسبوعين بعد أخذ الجرعة الثانية ولذلك وقبل هذه المدة يبقى الشخص الذي تلقى اللقاح عرضة للإصابة بالعدوى، ومن هنا لم يكن مستغربا تسجيل حالات إصابة بعد الجرعة الأولى أو الثانية للقاحات في العديد من الدول. وبالنسبة للسلطنة فقد تم تسجيل حالات عدوى بين الذين أخذوا جرعتين أو حتى جرعة واحدة، غير أن غالبية هذه الحالات كانت إصابات طفيفة استدعت حالات قليلة جدا منها التنويم ولكن لا توجد حالات بلغت حدة إصابتها حد التنويم في العناية المركزة.

هل هناك تطمينات فيما يخص وصول أعداد جيدة من اللقاحات خلال هذا الشهر؟

بإذن الله من المتوقع وصول كميات كبيرة من اللقاح على دفعات خلال المدة بين نهاية شهر مايو الجاري وبداية شهر يونيو.

***

وفيما يتعلق بموضوع تشخيص المرض يقول الدكتور سيف العبري: كان لمختبرات الصحة العامة بوزارة الصحة وقفة بطولية في تسهيل عملية تشخيص المرض وبالتالي رفد القاعدة الوطنية لبيانات الجائحة وذلك رغم محدودية الكوادر البشرية والتحديات التقنية واللوجستية وشح الفحوصات المخبرية مع زيادة الطلب العالمي عليها إبان بدء الجائحة. حيث تم فحص ما مجموعه 1735295 عينة، وما أن بدأ الفيروس بالتحور حتى سخرت المختبرات طاقاتها في إجراء تحليل التسلسل الجيني للوقوف على أي متحور وتقصي سير انتشاره في المجتمع. وقد تمت توسعة خدمات الفحص المخبري «فحص البلمرة» لتشمل جميع محافظات السلطنة في القطاعين العام والخاص.

وفيما يخص اللقاحات قال الدكتور سيف العبري: من أجل ضمان حصول السلطنة على الكميات المطلوبة من اللقاحات بالشروط المناسبة من ناحية الجودة العالية وسرعة التوريد ودراسة الجدوى الاقتصادية، فقد تم فتح عدة قنوات تشاورية وتفاوضية عبر قناتي منظمة التحالف العالمي للقاحات وقناة التفاوض المباشر مع الشركات المصنعة للقاح. ومع تزايد الطلب العالمي للقاح كوفيد -19 وبسبب محدودية القدرة التصنيعية وصعوبة التوفير للكميات المطلوبة، قامت السلطنة بتحديد الفئات ذات الأولوية لأخذ اللقاح حيث تم اعتماد استراتيجية تغطية 70٪ من إجمالي المستهدفين لتحقيق منع انتشار المرض في السلطنة بحيث تكون آلية إعطاء اللقاح على مرحلتين حسب الفئات ذات الأولوية «30٪ في المرحلة الأولى ابتداء من نهاية عام 2020 + 40٪ في المرحلة الثانية لعامي 2021/2022».

وفيما يخص جانب البحوث العلمية التي تبنى عليها توجهات الوزارة وقراراتها وكذلك التوصيات التي ترفع إلى اللجنة العليا قال الدكتور سيف العبري: قامت الوزارة بعدة بحوث وكانت رافدا مهما في صناعة القرارات التي صدرت عن اللجنة العليا أو الوزارة، ومن أمثلة البحوث التي قامت بها وزارة الصحة: دراسة المسح الوطني الاستقصائي المصلي للمجتمع وفي المؤسسات الصحية، ودراسة التحليل السكاني التي أجريت في السلطنة للوقوف على العوامل المؤثرة في الخطورة والوفيات الناجمة عن مرض كوفيد-19، ودراسة التحليل الوبائي الجيني لمرض كوفيد-19 في السلطنة، والمسح الوطني المجتمعي لمستوى المعرفة والمواقف والممارسات المتعلقة بلقاحات كوفيد-19.

واختتم الدكتور العبري حديثه بتسليط الضوء على أهم من الدروس المستفادة من الجائحة وضع الرؤى المستقبلية لقطاع الصحة العامة في السلطنة والتي تتضمن:

1. الاستثمار في الصناعات الدوائية والوقائية والعلاجية وتشجيع البحث والابتكار في هذه المجالات والتي تشكل استثمارا مستقبليا ذا مردود صحي واقتصادي واجتماعي.

2. تسخير التكنولوجيا الحديثة كتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي في خدمة القضايا الصحية.

3. تطوير البنى التحتية للصحة العامة والرعاية الأولية والتخصصية لتتناسب مع الاحتياجات الملحة التي تطرأ خلال الجوائح الصحية.