«التواصل الحكومي» يستعرض منهجيات الاتصال الاستباقي لتعزيز جاهزية إدارة القرارات
31 ديسمبر 2025
كتب - عبدالعزيز العبري
31 ديسمبر 2025
التهيئة لاستقبال الإجراءات الحكومية ذات الأثر المجتمعي
إبراهيم السالمي: ترسيخ الممارسات المهنية لدعم صنع القرار وتطبيقه بكفاءة -
زمزم الهنائية: رفع مستوى الوعي والحد من الشائعات والتأويلات غير الدقيقة -
استعرض مركز التواصل الحكومي في لقائه الثلاثين، الذي عُقد اليوم بعنوان «الاتصال الاستباقي للوحدات الحكومية»، سبل تعزيز جاهزية دوائر التواصل والإعلام لإدارة القرارات الحكومية في مختلف مراحلها، وذلك بحضور مديري وممثلي دوائر التواصل والإعلام في الوحدات الحكومية.
ويهدف اللقاء إلى توحيد فهم المنهجيات المعتمدة للتهيئة قبل الإعلان عن القرارات، بما يضمن خطابًا حكوميًا متناسقًا ورسائل دقيقة ومتزنة، إلى جانب إبراز تجارب ناجحة في تطبيق الاتصال الاستباقي داخل الوحدات الحكومية.
وقال إبراهيم بن سالم السالمي مدير عام ورئيس تحرير وكالة الأنباء العُمانية والقائم بأعمال مركز التواصل الحكومي، في كلمته: إنّ هذا اللقاء يأتي ضمن النهج المستمر لمركز التواصل الحكومي في تعزيز جودة العمل الاتصالي داخل الوحدات الحكومية، وترسيخ الممارسات المهنية التي تسهم في دعم صنع القرار وتطبيقه بكفاءة.
وأضاف: إن الانتقال من الاتصال التفاعلي إلى الاتصال الاستباقي يُعد محورًا أساسيًا في تطوير منظومة العمل الاتصالي الحكومي، لما يمثله من أهمية في التهيئة المدروسة للقرارات الحكومية ذات الأثر المجتمعي.
وأوضح أن الاتصال الاستباقي يسهم في رفع مستوى الوعي والفهم والقبول لدى المجتمع، إذ إن إدراك الأفراد لخلفيات القرارات وأسبابها، وبنائها على احتياجاتهم، يعزز تقبلها ويحد من التحديات المصاحبة لها، مشيرًا إلى أن التجارب خلال عام 2025 أظهرت الحاجة إلى هذا النهج الاتصالي لما يحققه من مكاسب متعددة.
وبيّن أن التحديات المصاحبة للقرارات الحكومية تُعد أمرًا طبيعيًا في مختلف دول العالم، وليست مقتصرة على سلطنة عُمان، غير أن فهم المجتمع وتلمّس متطلباته يسهمان في الوصول إلى الأهداف المنشودة، كما يساعدان على تقليل الفجوة بين القرار والمتلقي.
وأشار إلى أن الاتصال الاستباقي يسهم كذلك في توحيد الخطاب الإعلامي بين المؤسسات الحكومية، بما يعزز وضوح الرسائل الصادرة عنها ويجعلها أكثر فهمًا لدى المجتمع، ويعكس في الوقت ذاته تكامل الجهود الحكومية ووحدتها في تناول القضايا المختلفة.
من جانبه، قال نصر بن فارس الروشدي مدير دائرة التواصل والعمليات الإعلامية بمركز التواصل الحكومي: إنّ الاتصال الاستباقي يُمثّل ركيزة أساسية في بناء الثقة وتعزيز الشفافية بين الحكومة والمجتمع، إذ يُتيح للوحدات الحكومية الاستعداد المبكر لإدارة الرسائل، وفهم توقعات الجمهور، والتعامل بفاعلية مع التحديات المحتملة قبل ظهورها، بما يضمن وضوح القرار وسلاسة تطبيقه وتحقيق أهدافه بأعلى قدر من القبول المجتمعي.
وتضمن برنامج اللقاء عددًا من العروض المتخصّصة التي استعرضت أهمية التخطيط الاتصالي المنهجي ودوره في دعم اتخاذ القرار وتهيئة الجمهور لاستقبال الإجراءات الحكومية، إذ قدم مركز التواصل الحكومي عرضًا تناول الإطار المفاهيمي والاستراتيجي للاتصال الاستباقي ودوره في تعزيز التنسيق المؤسسي.
بدورها، استعرضت زمزم بنت حمد الهنائية مديرة دائرة الأجندة الإعلامية والتكامل بمركز التواصل الحكومي، أبرز محاور اللقاء الثلاثين للتواصل الحكومي، الذي يأتي ضمن سلسلة تهدف إلى تعزيز التكامل والتعاون بين الوحدات الحكومية، وتبادل أفضل الممارسات في مجال الاتصال، واستعراض تجارب ناجحة في التهيئة المسبقة للقرارات الحكومية.
وأوضحت أن الاتصال الحكومي أصبح جزءًا أصيلًا من دورة حياة القرار، الأمر الذي يتطلب تنظيم الرسائل وتنسيق الجهود بما يضمن وصول القرار إلى جمهوره المستهدف بوضوح ووعي مناسبين، مشيرة إلى أن اللقاءات المتواصلة أسهمت في ترسيخ هذا المفهوم وتعزيز العمل التكاملي بين الجهات.
وبيّنت أن التهيئة الاستباقية للقرارات الحكومية تُعد مجموعة من الأنشطة الاتصالية الهادفة إلى رفع مستوى الوعي والتقبّل لدى المجتمع تجاه القرارات والسياسات والتحديثات، لا سيما تلك ذات الأثر المباشر، مؤكدة أن هذا النهج يسهم في استباق ردود الفعل السلبية والحد من الشائعات والتأويلات غير الدقيقة من خلال التنبؤ المسبق بردود الفعل المجتمعية.
وأشارت إلى أن مراحل التهيئة تبدأ قبل صدور القرار عبر فهم أسبابه وتحديد الفئات المتأثرة به، ووضع خطة اتصال واضحة تشمل الجمهور المستهدف والقنوات والرسائل المناسبة، ثم تمتد إلى مرحلة صدور القرار من خلال شرح آليات التطبيق، والإجابة عن الأسئلة الشائعة والمتوقعة، والتعامل مع الشائعات عبر الرصد والمتابعة المستمرة.
وأضافت: إن ما بعد صدور القرار يتطلب مواصلة متابعة التفاعل المجتمعي وتقييم أثر التهيئة، مع الجاهزية لتقديم رسائل إعلامية إضافية عند الحاجة، بما يعزز الفهم ويضمن وضوح الصورة لدى الجمهور.
ولفتت إلى أهمية تحديد الجمهور المستهدف بدقة، باعتبار أن طبيعة الفئات المتأثرة تحدد نوع الرسائل المستخدمة ولغتها والقنوات الأنسب للوصول إليها، موضحة أن اتساع نطاق تأثير القرار يستدعي فترة تهيئة أطول، في حين تقل هذه الفترة كلما كان نطاق التأثير أضيق.
وأكدت أن الرسائل الإعلامية ينبغي أن تتسم بالوضوح والانسجام والواقعية، وأن تستند إلى البيانات، مع الجمع بين رسائل عامة موجهة للجمهور ورسائل متخصصة للفئات المعنية، بما يعزز الفهم ويضمن وصول المعلومة بصورة دقيقة.
وقدّم عبدالعزيز بن درويش الزدجالي مدير دائرة التواصل والإعلام بوزارة العمل، عرضًا مرئيًا تناول فيه أبرز محاور تجربة الوزارة في تطبيق الاتصال الاستباقي المصاحب لقانون العمل، مؤكدًا أهمية إدارة الوعي المجتمعي عند التعامل مع التشريعات ذات الأثر الواسع.
وأوضح أن التجربة انطلقت من تحليل المشهد الإعلامي ورصد مصادر الالتباس، والعمل على توحيد الخطاب الإعلامي بالتنسيق مع مركز التواصل الحكومي، واعتماد رسائل واضحة ومتزنة تسهم في بناء الفهم والحد من التفسيرات الخاطئة.
وأشار إلى أن وزارة العمل ركزت على تبسيط مضامين القانون وتحويله إلى رسائل قابلة للتداول، مع إعداد متحدثين مختصين للتعامل مع وسائل الإعلام، وتنفيذ لقاءات ومواد توعوية متعددة اللغات لتوضيح الحقوق والواجبات وتعزيز الاستقرار في سوق العمل.
وبيّن أن العمل شمل التواصل المباشر مع أطراف الإنتاج، وتكثيف الحضور الإعلامي عبر القنوات المختلفة، بما أسهم في معالجة التحديات المصاحبة، وبناء الثقة، وتحقيق التكامل المؤسسي في تطبيق القانون.
وخلال الرد على نقاشات الحضور، أوضح عبدالعزيز بن درويش الزدجالي أن تجربة وزارة العمل في الاتصال الاستباقي ارتكزت على الانتقال من منطق ردّ الفعل إلى إدارة الحوار، عبر رصد التفاعل العام وقياس الأثر، وتوحيد الخطاب الإعلامي بالتنسيق مع مركز التواصل الحكومي، مع الحرص على تبسيط الرسائل وصياغتها بلغة واضحة ومتوازنة.
وبيّن أن إتاحة المعلومات في مراحل مبكرة، إلى جانب إعداد متحدثين مختصين، أسهمت في تقليل الاستفسارات وتعزيز الثقة بمضامين قانون العمل، مؤكدًا أن التجربة ما تزال قابلة للتطوير من خلال توسيع المشاركة المجتمعية وتبادل الخبرات بين الجهات الحكومية، بما يعزز التكامل المؤسسي ويرسّخ نهج الاتصال الاستباقي.
فيما قدّم أسامة بن سالم الشكيلي محلل الاتصال الرقمي والتسويق بجهاز الضرائب، عرضًا تناول فيه تجربة الجهاز في تطبيق الاتصال الاستباقي المصاحب لمشروع ضريبة الدخل على الأفراد، موضحًا أن التجربة ارتكزت على التهيئة المسبقة وإدارة الوعي المجتمعي قبل صدور التشريع.
وبيّن أن العمل انطلق من رصد التفاعل العام وتحليل اتجاهات الرأي، ووضع خطة اتصال تمر بمراحل ما قبل صدور المرسوم وأثناءه وما بعده، مع تبسيط الرسائل وتوضيح الفئات المستهدفة، والتأكيد على أن الضريبة تستهدف شريحة محدودة من أصحاب الدخول المرتفعة.
وأشار إلى اعتماد أدوات تواصل متعددة، شملت محتوى مرئيًا ومكتوبًا باللغتين العربية والإنجليزية، إلى جانب إشراك مختصين ومؤثرين في إيصال الرسائل، بما أسهم في الحد من التأويلات وتعزيز الفهم العام.
وأكد أن متابعة التفاعل وتحديث الرسائل بشكل مستمر شكّلا عنصرًا أساسيًا في نجاح التجربة، التي مثّلت نموذجًا عمليًا للانتقال من الاتصال التفاعلي إلى الاتصال الاستباقي، وتعزيز الثقة في السياسات العامة.
ويأتي هذا اللقاء في إطار جهود مركز التواصل الحكومي المتواصلة لتطوير العمل الاتصالي الحكومي، وتعزيز تبادل الخبرات بين دوائر التواصل والإعلام في الوحدات الحكومية، سعيًا إلى تحقيق اتصال حكومي منظم وفعال يخدم المصلحة العامة ويُعزّز الثقة والتفاعل مع المجتمع.
