خريطة سلطنة عمان وتظهر عليها درجات الحرارة العظمى باللون الأحمر
خريطة سلطنة عمان وتظهر عليها درجات الحرارة العظمى باللون الأحمر
عمان اليوم

ارتفاع درجات الحرارة لمطلع الخمسينات على المناطق الصحراوية المكشوفة بالسلطنة

14 يونيو 2021
التنوع الجغرافي والجيولوجي يؤثر على مظاهر الطقس والمناخ
14 يونيو 2021

ضعف تكاثف سحب الخريف المنخفضة على سواحل محافظة ظفار 49 درجة

التكونات المحلية تنشأ بفعل ضخ الرطوبة من مصادرها وتأثير حرارة الصيف

جبال الحجر لها أهمية في رفع الكتل الهوائية الرطبة للغلاف الجوي

كتبت – خالصة بنت عبدالله الشيبانية

شهدت السلطنة ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة خلال اليومين الماضيين، ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة العظمى إلى أواخر الأربعينات ومطلع الخمسينات على المناطق الصحراوية بسبب نشاط الرياح الشمالية الغربية التي قد تتسبب في تصاعد الغبار والأتربة على المناطق الصحراوية المكشوفة، وتسببها في ضعف تكاثف سحب الخريف المنخفضة على سواحل محافظة ظفار بسبب الجفاف المصاحب للرياح الشمالية الغربية، حيث سجلت محطات الرصد التابعة لهيئة الطيران المدني ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة في ولايات محافظات الظاهرة والداخلية والبريمي والوسطى وشمال الشرقية، سجلت محطة المضيبي 50 درجة مئوية حتى الآن بينما سجلت كل من محطات فهود وقرن العلم وعبري وإبراء وإزكي والقابل 48 درجة مئوية تزامنا مع نشاط الرياح الشمالية النشطة، وشهدت المناطق الصحراوية لمحافظة الظاهرة تصاعدا للغبار والأتربة بسبب الرياح الشمالية النشطة، حيث سجلت الرياح 25 عقدة في محطتي فهود وعبري.

ونظرًا لارتفاع درجات الحرارة المتوقع والتي من الممكن أن تتخطى حاجز 50 درجة مئوية (على أجزاء من المناطق الصحراوية من محافظات الظاهرة والوسطى والداخلية)، دعت هيئة الطيران المدني إلى تجنب التعرض لأشعة الشمس المباشرة خاصة وقت الظهيرة لتفادي الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري.

وأشارت الهيئة إلى أن طبيعة مناخ السلطنة يفرض هذه المتغيرات، حيث ترتفع مستويات الحرارة في مناطق السلطنة لتلامس الخمسين درجة مئوية في أقصاها في فصل الصيف، وتهب على سواحل السلطنة المطلة على بحر العرب الرياح الموسمية الباردة والرطبة نسبيًا لتلطف الأجواء بدرجات حرارة منخفضة، حيث تؤدي تلك الرياح اللطيفة والرطبة في تكون سحب الخريف على جبال محافظة ظفار والمناطق المجاورة ليتساقط الرذاذ المستمر على تلك المناطق كاسيًا الأرض بساطًا أخضر خلال أشهر الصيف وتسبب أيضا في تعزيز فرص تشكل السحب الركامية اليومية على جبال الحجر تؤدي إلى هطول الأمطار الغزيرة المتفرقة في فترات ما بعد الظهيرة، وقد واجهت السلطنة مظاهر جوية أكثر حدة خلال فترات الانتقال بين الشتاء والصيف حيث تجتمع الظروف الجوية المتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة، والرطوبة، وزيادة التمايز بين الكتل الجوية وما يصاحبها من فوارق الضغط الجوي المثير لاشتداد الرياح لتتشكل ظروف مثالية تتكون من خلالها العواصف الرعدية الأكثر حدة والأغزر مطرًا، وتحظى جبال الحجر وما جاورها بالنصيب الأوفر من تلك الأمطار وعموم شمال السلطنة على كل حال.

وأكدت الهيئة على أن تميز السلطنة بالتنوع الجغرافي والجيولوجي المتمثل في الجبال والصحاري المكشوفة والسواحل أثر بدوره على مظاهر الطقس والمناخ في مختلف مناطقها، ففي الشتاء تنخفض درجات الحرارة بشكل عام على مجمل المناطق مع وجود تباين واضح بين الشمال والجنوب والساحل والداخل والجبال والسهول نتيجة لانحسار نسبي لكثافة الإشعاع الشمسي بالإضافة إلى تواتر الموجات الغربية الباردة والتي يتباين تأثيرها حسب التنوع سالف الذكر، حيث أشارت إلى أن جبال الحجر والمناطق المجاورة لها تحظى بالنصيب الأكبر من الأمطار ودرجات الحرارة المنخفضة المصاحبة لتلك الموجات، ففي جبل شمس والجبل الأخضر تسجل درجات حرارة متدنية تصل إلى ما دون الصفر أحيانًا ليتكون بسببها الصقيع وتسقط الثلوج عندما تتواءم الظروف، بينما تبقى المناطق الأخرى معتدلة بشكل عام.

وأوضحت الهيئة العوامل المؤثرة على شدة ما يسمى محليًا بـ "خريف صلالة" أهمها شدة الرياح الموسمية واتجاهها التي توفر بخار الماء اللازم لتكون السحب الطبقية المنخفضة، ودور الرياح الموسمية في عملية تبريد مياه بحر العرب المحاذية لسواحل السلطنة عن طريق جرف المياه السطحية إلى عمق البحر بعيدًا عن السواحل لتستبدلها بمياه القاع الباردة، وقالت إن هطول الرذاذ يعتمد على مستوى برودة مياه البحر السطحية والتي تساهم في تكثّف الكتل الهوائية الدافئة القادمة من البحر بالإضافة إلى اتجاه الرياح وسرعتها.

وذكرت الهيئة أسباب نشاط التكونات المحلية خلال هذه الفترة من العام، حيث شرحت مبدأ ظهور التكونات المحلية، وقالت إنها ظاهرة تنشأ من تكون السحب الركامية الماطرة ولها أسباب جيولوجية وجوية محلية على نطاق جغرافي، وأضافت أن كثير من الظواهر الجوية تتكون لأسباب ذات ظروف مؤثرة على مساحات واسعة من الكرة الأرضية مثل المنخفضات الشتوية التي يكون تأثيرها على مساحات شاسعة، كما أضافت أن عوامل تشكلها وتطورها تعتمد على متغيرات تنشأ بعيدًا عن السلطنة، وذكرت أهم عوامل نشوء التكونات المحلية المتمثلة في الرطوبة، والتسخين الحراري، وسلسلة الجبال، وتقارب الرياح.

وأكدت على دور بحر العرب وكذلك بحر عمان كمصادر بخار الماء الرئيسي في نشاط التكونات المحلية، حيث أوضحت أنه يتم ضخ الرطوبة من هذه المصادر خلال فترة الصباح، وتعمل حرارة الصيف على توفير التسخين الكافِ لرفع هذه الرطوبة المتوفرة وبالتالي يحدث التكثّف ونشاط السحب الركامية المحلية، بالإضافة إلى ذلك أشارت الهيئة إلى أهمية سلسلة جبال الحجر كعامل رئيسي في عملية رفع الرياح الرطبة التي تصل إليها من بحر عمان وبحر العرب لتساهم بشكل فعّال في رفع الكتل الهوائية الرطبة إلى مستويات عالية من الغلاف الجوي والتي يحدث فيها التبريد والتكثّف وبالتالي نشاط السحب الركامية المحلية.

وفي تساؤل حول كيفية تأثير التضاريس في التكونات المحلية في السلطنة وأسباب تركز الأمطار على جبال الحجر، قالت الهيئة: إن التوزيع غير المتجانس لأنظمة الأرض المتفاعلة مع الغلاف الجوي له أثر كبير على كل مظاهر الطقس والمناخ، منها وجود الجبال التي تساعد مع قربها من مياه البحر الذي يعتبر مصدر الرطوبة الأساسي للمنطقة على إيجاد أنماط جوية مناسبة لتكون السحب الركامية على رؤوس الجبال، حيث قالت: إن الجبال تعمل على تشكيل منخفضات جوية محلية تجلب من خلالها الرياح الحاملة لبخار الماء من على المسطحات المائية الرطبة المتمثلة في بحر عمان وبحر العرب لترتفع لطبقات الجو العليا الباردة والموائمة لتكون المطر، إضافة إلى دور الجبال في تفاعلها مع الموجات الماطرة العابرة سواء كانت مدارية صيفية أم غربية شتوية حيث تصطدم تلك الموجات بالجبال لتزيد من فعاليتها.

وشرحت الهيئة علاقة المناخ بالتنوع الجيولوجي والحيوي لأي منطقة جغرافية، حيث أشارت إلى وجود علاقة وثيقة بين طبيعة المناخ والتنوع الحيوي، وقالت: إن التنوع الحيوي يعتمد كثيرًا على الظروف المناخية لكل منطقة مثل بداية الفصول وطولها ودرجات الحرارة، وانحسار الأنهار الجليدية، وانخفاض حجم الجليد البحري، وارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف وغيرها من العوامل المناخية، وأضافت إن التغيرات في هذه العوامل المناخية أو بعضها تؤدي إلى التأثير المباشر على التنوع الحيوي من حيث إعادة التوزيع والهجرة وانخفاض الأعداد، وقد تتطور هذه التأثيرات لتتسبب أحيانًا في تهديد الكثير من الكائنات الحية بالانقراض.