No Image
عمان اليوم

إشادة أممية بجهود سلطنة عمان في مكافحة الاتجار بالبشر

30 يناير 2023
في ندوة دولية تبحث وسائل للحد من الجرائم العابرة للحدود
30 يناير 2023

ـ خليفة الحارثي: عمان دولة تحترم الإنسان لإنسانيته قبل أي شيء آخر

ـ حميد المعني: قضايا الاتجار بالبشر رغم محدوديتها إلا أنها تمس قيم المجتمع

أشادت الأمم المتحدة بالدور الريادي لسلطنة عمان في مكافحة الاتجار بالبشر، وعبرت عن ثقتها في العمل مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.

وقال القاضي حاتم فؤاد علي، الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي: تربطنا مع سلطنة عمان أواصر الشراكة والتعاون منذ سنوات عديدة، إذ إنها من أوائل دول المنطقة التي بادرت إلى التواصل مع الأمم المتحدة لوضع رؤية شاملة لإنشاء منظومة وطنية متكاملة لمكافحة الاتجار بالبشر التي أسفرت عن وضع التشريعات والقطاعات المتخصصة، ومنذ تلك الفترة تعمل الأمم المتحدة مع عمان بكافة قطاعاتها المتخصصة كشرطة عمان السلطانية، ووزارة الخارجية، والادعاء العام، واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.

جاء ذلك في ندوة "مكافحة الاتجار بالأشخاص ـ التحديات والفرص وأدوار الجهات الوطنية الفاعلة" التي افتتحت اليوم بالنادي الدبلوماسي بتنظيم اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بالتعاون مع وزارة الخارجية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون الخليجي التي تستمر ثلاثة أيام، برعاية سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية.

كرامة مصانة

واستهلت الندوة بكلمة سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر قائلاً: إن الندوة السنوية "مكافحة الاتجار بالأشخاص: التحديات والفرص وأدوار الجهات الوطنية الفاعلة" تأتي وما سبقها من ندوات وفعاليات وجهود، تأكيدا على أن الفطرة الإنسانية السليمة ترفض جريمة الاتجار بالبشر، وتستوجب منا جمعياً أن نقف صفاً واحداً لمكافحتها وتقديم كل الدعم لضحاياها، لذا أولت سلطنة عُمان اهتماماً بالغاً بمكافحة ظواهر الجريمة، والممارسات المرتبطة بها التي لا تتوافق مع المبادئ والقيم الإنسانية السامية؛ لما فيها من إهانة لحقوق الإنسان المشروعة وكرامته المصانة، لذا تواصل اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بكل حرص العمل وفق المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص للتصدي لهذه الظاهرة في إطار من التعاون مع شركائنا على المستوى الوطني، وأصدقائنا على المستوى الدولي لمحاربة الاتجار بالبشر، وإعلاء سيادة القانون والمحافظة على القيم الإنسانية.

وأشار إلى أن سلطنة عمان قد أظهرت جهوداً حثيثة في التصدي لهذه الجريمة، انطلاقا من النظام الأساسي للدولة الذي جاء على رأس التشريعات التي كفلت العدل والمساواة لجميع فئات المجتمع، وحققت الأمن والحماية للمواطن والمقيم، من أية تجاوزات تمس كرامتهم، وحقوقهم المشروعة، كما أكد قانون مكافحة الاتجار بالبشر توجهات سلطنة عمان نحو تحقيق تلك الأهداف، ومُواكبتها لدول العالم في إصدار القوانين والتشريعات، وتنفيذ الآليات اللازمة؛ للحد من الجريمة، ومعالجة مختلف أسبابها، واستمراراً لذلك النهج والعمل دولياً ومحلياً على ضمان حفظ الحقوق بما فيهم العمال من التعرض للانتهاك انضمت سلطنة عمان مؤخراً إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المعني بمنح الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأفراد غير المتمتعين بالحكم الذاتي، واستكمالا لتلك القوانين والإجراءات، وحرصاً على تجنب تعرض العمال لأية صورة من صور جرائم الاتجار بالبشر، أصدرت شرطة عمان السلطانية في مايو من عام 2020 التعديلات على بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الأجانب التي نصت على جواز نقل إقامة الأجنبي من صاحب عمل إلى آخر لديه ترخيص باستقدام عمال، شريطة تقديم ما يثبت انتهاء عقد العمل أو فسخه أو إنهاءه، الأمر الذي يعد نقلة مهمة في حقوق العمال في عمان، مشيراً إلى أن أولت سلطنة عمان الأهمية القصوى في حماية ضحايا الاتجار بالبشر من الأطفال والنساء والرجال، حيث خصصت دار حماية ـ دار الوفاق ـ الذي يقدم عددا من الخدمات لضحايا الاتجار بالبشر منها: الخدمات النفسية، والخدمات الاجتماعية، والخدمات الصحيّة، والخدمات القانونية، ونظراً للدور البالغ لتوعية المجتمع في مواجهة هذه الجريمة اهتمت عمان بتعزيز وعي المجتمع حول جريمة الاتجار بالبشر، منطلقة من إنشاء الموقع الإلكتروني الخاص باللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار الذي يقدم معلومات شاملة حول التشريعات ذات الصلة، وأدوات تحديد ضحايا الاتجار، وطريقة الإبلاغ عن حالات الاتجار إلى السلطات وطلب المساعدة بـ"14" لغة عالمية، وصولاً إلى إطلاق عدد من حملات التوعية منها "إحسان" عام 2017، وحملة "إنسان" عام 2021، واستمرارا لذلك النهج، تستمر الحكومة ممثلة باللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في جهودها عن طريق عدة محاور، أهمها: مراجعة المنظومة التشريعية، واقتراح مشاريع القوانين الرادعة لمرتكبي هذا النوع من الجرائم وكل من تسول له نفسه ذلك، وتوفير الرعاية والحماية للضحايا، إلى جانب تنظيم الحملات لتوعية مختلف شرائح المجتمع بمفهوم الاتجار بالبشر وآلية الإبلاغ عن حالاته، ونحن فخورون بالنتائج الإيجابية لأنشطة الحملات الإعلامية والإعلانية التي تؤكد إصرار المجتمع على نبذ مثل هذه الظواهر الدخيلة علينا، وتسهم في حفظ النظام.

احترام الإنسان

وأوضح سعادته أن سلطنة عُمان كانت ولا تزال وستبقى الدولة التي تحترم الإنسان لإنسانيته قبل أي شيء آخر، حيث إن سمات وصفات الإنسان العُماني جعلت منه السد المنيع الذي تستند إليه قوى إنفاذ القانون في محاربة الظواهر الدخيلة على المجتمع، لذا فإن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تقدر كافة الجهود التي تبذل في خدمة الإنسان في هذا الوطن الغالي وحمايته، وتحقيق طموحاته وتطلعاته.

وأكد أن العالم خلال السنوات القليلة الماضية مر بعدة أزمات من بينها الأزمة الاقتصادية العالمية، وجائحة كوفيد-19، وأعقبها القلاقل والحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى زيادة الوضع الاقتصادي تأزماً وتضرر العديد من الأشخاص ونزوحهم من أماكن سكنهم وتقطع سبل العيش والعمل بهم، مما أصبح أن هناك العديد المجتمعات القريبة من سلطنة عمان أكثر عرضة للاتجار بالبشر، وهذه الندوة تبين مدى الرغبة الموجودة لدى المسؤولين في عمان في مواجهة هذا الخطر المتجدد، والتطور في مكافحة الاتجار بالبشر.

جلسات الندوة

واستعرضت الندوة في يومها الأول مفهوم الاتجار بالأشخاص وفقا للإطار القانوني الدولي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، والأشكال المتعددة لجريمة الاتجار بالأشخاص والاتجاهات الناشئة، ومؤشرات التعرف على حالات الاتجار بالأشخاص، وأدوار الجهات الوطنية الفاعلة، بالإضافة إلى منهجيات واستراتيجيات المقابلة لضحايا الاتجار بالأشخاص.

وشهدت الندوة عرض مقابلة لإحدى ضحايا الاتجار بالبشر، إضافة إلى عرض مرئي عن جهود سلطنة عمان في مكافحة الاتجار بالبشر على أن تستمر فعاليات الندوة اليوم الاثنين وتختتم غداً الثلاثاء.

مجتمع ناضج

وقال سعادة السفير الشيخ حميد بن علي المعني، رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية: إن دور سلطنة عمان في مكافحة الاتجار بالبشر يتنامى بشكل جيد وينسجم مع القوانين المحلية والدولية، وهذه الندوة تأتي في إطار تكاتف جهود جميع الجهات لبث الوعي المجتمعي لمحاربة الظاهرة، ولتأهيل الكوادر البشرية؛ لتعزيز سيادة القانون في عمان، وتكمن الأدوار التكاملية لمكافحة هذه الظاهرة في الجهد المشترك الذي تقوم به كل الجهات مجتمعة في سلطنة عمان بما فيه ذلك المجتمع المدني الذي له دور كبير في القضاء على الظاهرة، والتكاتف بشكل ملموس يلبي طموحات عمان؛ لتعزيز سيادة القانون، ومحاربة هذه الظاهرة الدولية.

وأشار إلى أن المجتمع العماني هو مجتمع ناضج ويسهم بشكل كبير في محاربة ظاهرة الاتجار بالبشر مع العلم أن الظاهرة أكثرها دولية، وتأتي في إطار تعاون سلطنة عمان الإقليمي لمكافحتها، وتفادي وقوع أي خلل داخلي، مشيراً إلى أن أغلب قضايا الاتجار بالبشر في عمان في إطار العمالة المنزلية، وهي قضايا محدودة، لكنها تمس قيم المجتمع العماني، ولهذا السبب الحكومة تقوم بدور كبير في محاربتها، وتثقيف الرأي العام، إضافة إلى إيجاد الحلول القانونية لها.

جدير بالذكر أن سلطنة عمان أصدرت عددا من التشريعات، واتخذت الإجراءات لمكافحة الاتجار بالبشر منها الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في عام 2005، وانضمام سلطنة عمان إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية حسب المرسوم السلطاني (6/ 2015)، وانضمام سلطنة عمان حسب المرسوم السلطاني (46/ 2020) إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المعني بمنح الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأفراد غير المتمتعين بالحكم الذاتي بمن فيهم العمال، كما صدر قانون الاتجار بالبشر بالمرسوم السلطاني رقم(126/ 2008) الذي عرف جريمة الاتجار بالبشر، ورسم الخطوط العريضة لمكافحة الاتجار بالبشر في سلطنة عمان، وبناءً عليه تم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتحديد اختصاصاتها وفق المادة (23). وتعكف سلطنة عمان حالياً في صدد إصدار قانون جديد لمكافحة الاتجار بالبشر بما يتناسب مع التطورات العالمية لجريمة الاتجار بالبشر، حيث تم إشراك الخبراء الدوليين والمحليين في إعداده بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.