أولياء أمور وأخصائيون : التصــدي للسلوكيــات الدخيلــة بيــن الطلبــة مسؤوليــة مجتمعيــة
مناقشة الطلاب وتوعيتهم بالآثار السلبية لهذه السلوكيات وعواقبها الخطيرة -
أبدى أولياء أمور وأخصائيون قلقهم من انتشار سلوكيات دخيلة وغير حميدة بين طلبة المدارس تهدد مستقبلهم وتؤرق المجتمع، كالتدخين والتنمر والعدوانية وإطلاق الألفاظ البذيئة والتخريب وغيرها، مشيرين إلى أن من أسباب ظهور هذه السلوكيات غير السوية الانفتاح والتأثر بالثقافات الأخرى والاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا والرغبة في التقليد.
وأكدوا على ضرورة التصدي لهذه السلوكيات بدءًا من البيت إلى البيئة المدرسية وإشراك مختلف الفعاليات المجتمعية لمعالجة هذه المشكلة وتجنب استفحالها.
وقال أحمد بن سيف الشيدي: كوني ولي أمر دوري أن أضبط ابني في المنزل قبل المدرسة، وأيضًا لا بد أن يكون التوجيه والتوعية المسبقان حاضرين قبل وقوع الخطأ، كالتوعية عن وجود هذه السلوكيات داخل المدرسة أو خارجها، كالتدخين والتعرف على أضراره وعواقبه، وترسيخ تعاليم ديننا الحنيف وتعزيز القيم النبيلة في نفوس أبنائنا، ومحاورة الابن بلطف والابتعاد عن أسلوب النهي والأمر وإعطاء المساحة له للحديث والنقاش ومشاركته الرأي، مما ينفره من السلوكيات غير السوية ويواجه الواقع بوعي وحصانة.
وقالت فاطمة بنت عبدالله العيدية: السلوكيات الخاطئة منتشرة بشكل كبير للأسف في بيئة المدارس وخاصة في السنوات الأخيرة بسبب انفتاح العالم على الثقافات الخارجية بسهولة والتقدم التقني، حيث تظهر سلوكيات غير سوية كالتنمر، والألفاظ البذيئة، وصنع السيجارة بشكل ورقي ومحاولة التدريب على كيفية استخدامها للأولاد، وجلب أدوات التبغ إلى المدارس عن طريق الطلبة لبيعها للطلاب الآخرين بسعر رمزي باعتبارها مادة تزيد من التركيز والذكاء، وغيرها.
المناقشة والسؤال
وأضافت: دوري تجاه أبنائي في عدم الانجراف لهذه السلوكيات جهاد كبير كغيري من أولياء الأمور، لأن ولي الأمر قادر على ضبط الابن في محيط البيت من خلال التوعية المكثفة والمراقبة والملاحظة، ولكنه غير مدرك لحجم المؤثرات الخارجية التي يتعرض لها هذا الطالب في محيط المدرسة، من جانبي أقوم بالحديث بشكل صريح وواضح مع أبنائي عن هذه السلوكيات، وأشرحها لهم بطريقة الفيديوهات ثم نشاهدها مع بعض بشكل مبسط ودرامي تحاكي عقل الطالب، وبعدها تتم المناقشة معهم والرد على أسئلتهم التي تكون غريبة وعفوية، ويجب أن نكون جريئين في مناقشة هذه السلوكيات وإيصال الإجابة لهم عن مدى خطورة هذه السلوكيات وآثارها السلبية على الفرد نفسه أولًا ثم على المجتمع ككل، وقد تكون بعض التصرفات مرت عليهم من قبل ولكن لم يحسنوا التصرف أو التعامل معها، ومع المناقشة تصبح عندهم حصانة وإدراك، مثلا الكلام البذيء يتناقلونه من غير فهم معناه ، والتنمر وغيره، كذلك أحرص بالبحث عن كتب وقصص في السلوكيات وضبطها في بيئة المدارس مثل كتاب خط أحمر، أيضا سلسلة قصص أجنبية مفيدة جدًا تحاكي المشاكل العامة التي يتعرض لها غالبية البشر، ومن ثم التعرف على التحديات التي مر فيها ابني في يومه الدراسي، وأرى من المهم أن تكون المدرسة محاطة بالكاميرات في صفوفها وفي ساحاتها، وأخيرا تظل المسؤولية والتربية مشتركة بين المنزل والمدرسة معًا لبناء جيل ونشء قادر على التغلب على تحديات العصر، وغرس القيم النبيلة.
حب التجربة
من جانبه أوضح عبدالله بن فاضل الحراصي أخصائي اجتماعي قائلا: تعتبر المدرسة المنزل الثاني للطالب، فهي مجتمع يضم عددا كبيرا من الطلاب والمعلمين الذين تجمعهم مساحة جغرافية صغيرة، يختلط بها الطالب مع مجموعة من الطلبة من مجتمعات وفئات مختلفة يكتسب من خلال هذا الاختلاط بعض السلوكيات التي يكون بعضها غير مرغوب، مشيرًا إلى أن تعديل سلوكيات الطلبة لا يتوقف فقط على المعلمين وإنما لا بد من وجود دور مهم لأولياء الأمور والمنزل وأن يكون هناك مسار واحد للطرفين لإيجاد الحلول المناسبة لمعالجة هذه السلوكيات، وعلى أولياء الأمور تخصيص وقت للجلوس والاستماع إلى أبنائهم وتوجيه النصيحة لهم.
ومن أهم هذه السلوكيات التي انتشرت في الآونة الأخيرة استخدام التبغ غير المدخن والشيشة الإلكترونية وأيضا مشكلة التنمر وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، ربما طلاب اكتسبوا هذه السلوكيات من بعض زملائهم في المدرسة نتيجة التأثر بهم، أو حب التقليد والتجربة أو مرافقة أصدقاء السوء في المجتمع المحلي، وأيضًا لعبت الإلكترونيات كالهواتف وأجهزة الألعاب دورا كبيرا في اكتساب السلوكيات الخاطئة نتيجة الاختلاط مع ثقافات وفئات عمرية مختلفة.
برامج توعوية
وأضاف: تلعب إدارة المدرسة إلى جانب المعلمين دورا مهما في التوعية والإرشاد من خلال البرامج التوعوية والإرشادية التي تنفذ خلال العام الدراسي، فضلا عن البرامج التوجيهية والحصص الإرشادية التي يقدمها الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة وتهدف إلى معالجة السلوكيات الخاطئة والحد من انتشارها لدى الطلبة، وتكثيف البرامج الوقائية، وتنفيذ محاضرات وقائية وإرشادية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي. وأوضح الحراصي أن التعرف على هذه الفئة يتم من خلال التفتيش وأيضاً عن طريق إبلاغ الطلاب عن بعض السلوكيات، وبعدها يتم التعامل مع الطالب من خلال الأخصائي بتقديم النصح والإرشاد والتوجيه الصحيح، وتحويل الطالب لشؤون الطلبة وأيضاً إخطار ولي الأمر.
ضعف الشخصية
ويشاركه الرأي الأخصائي الاجتماعي ناصر بن سيف الفهدي بقوله: هناك سلوكيات خاطئة يكتسبها الطالب عند اختلاطه بزملائه ويعتمد على الطالب نفسه، هل يتقبل ذلك أم لا، مع ذلك فإن طبيعة الطالب بين سن 12 و18 تدفعه إلى التعرف على كل ما هو جديد وإن كان يعلم أن ذلك السلوك خاطئ، فهو يحب الاكتشاف قبل كل شيء، وكذلك يعتمد على نوعية زملائه الطلاب، كما قد يكون الطالب نفسه قابلًا للتأثير عليه من قبل زملائه الآخرين نظرًا لضعف شخصيته.
وهنا يجب على ولي الأمر مراقبة الطالب والتعرف على زملائه سواء في المجال المدرسي أو خارجه كي لا يقع في أي سلوك خاطئ يندم عليه فيما بعد، وكذلك تقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أثناء فترة الدراسة.
العنف والتنمر
وقالت الأخصائية النفسية علياء باعمر: من ضمن السلوكيات الخاطئة المنتشرة في المدارس تعرض بعض الطلبة للعنف والتنمر والتهديد في مدارسهم من قبل طلاب آخرين، وهذا يؤثر على صحتهم البدنية والنفسية، مشيرة إلى أن العنف هو أي سلوك يتسم بالعدوانية الظاهرة في المدرسة، ويترتب عنه أذى بدني أو نفسي أو جنسي على التلميذ، وله أشكال متعددة، منها العنف الجسدي حيث تتم استخدام القوة الجسدية للضرب وهو من أكثر أشكال العنف انتشارًا، والعنف النفسي يتم استخدام الإساءات اللفظية مثل السخرية والاستهزاء والكلمات البذيئة.
وأوضحت أن أسباب العنف كثيرة أبرزها طلاق الوالدين أو غياب أحدهما مما يسبب للطالب فقدان الأمان، وقسوة الآباء في معاملة أبنائهم واستخدام العقاب الجسدي بحقهم، وقد يكون هذا الطالب الذي يمارس العنف على أصحابه في المدرسة نشأ في بيئة يسودها العنف ، وتمييز الآباء في المعاملة بين أبنائهم، والتأثر السلبي بألعاب الفيديو العنيفة، وكذلك الألعاب الإلكترونية التي لها تأثير قوي خاصة على الأطفال والمراهقين ومع انتشار هذه الألعاب الإلكترونية العنيفة زادت العدوانية في تصرفات الأطفال والمراهقين فأصبحنا نرى العنف بين طلاب المدارس بكثرة. وأكدت أن دور الأسرة يكون بالتوعية المكثفة لأبنائهم عن هذه الظاهرة السيئة وآثارها، وزرع الوازع الديني لديهم لما له من دور كبير في التقليل من مثل هذه السلوكيات، وأيضا تهيئة بيئة مستقرة وآمنة وخالية من العنف وحل مشاكلهم وخلافاتهم بعيدا عن أبنائهم. كما أن للمدرسة دورا من خلال توعية الطلاب وتنبيههم بضرورة الالتزام بآداب الحديث مع بعضهم، وتدريب الطلاب على حل مشاكلهم بطرق سليمة دون اللجوء للعنف، وتعليم الطلاب مهارات إدارة الغضب وحل المنازعات بطرق سلمية بعيدًا عن العنف، والامتناع عن السلوكيات غير الحميدة، ومناقشة الطلاب وتوعيتهم بالآثار السلبية لهذه السلوكيات والعواقب الخطيرة لها، وكيفية التصرف الصحيح عند التعرض لمواقف مشابهة، وتحفيزهم على اكتساب السلوكيات الحسنة ، كذلك على المدرسة أن تضع قوانين رادعة للطلبة وحمايتهم من هذه السلوكيات.
كما أشارت إلى أن دور الطالب يكمن في الاعتراف بوجود هذه السلوكيات السلبية والتوعية بآثارها تجنبا للوقوع في الخطأ والتسبب بإيذاء الطلاب الآخرين.
