No Image
عمان العلمي

هل تغنينا الكينوا حقًا عن اللحوم الحمراء؟

17 أبريل 2024
17 أبريل 2024

تعد الكينوا من محاصيل الحبوب الواعدة التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي إضافة إلى جودتها الغذائية، وتنوعها الجيني وقدرتها على التكيف مع المناخ الجاف وظروف التربة المختلفة وانخفاض تكلفة الإنتاج، حيث إن هذه السمات تجعل منه محصولا يمكن زراعته في مختلف مناطق العالم، ولذلك فإن زراعة الكينوا آخذة في الانتشار، حيث باتت تزرع الآن في ما يزيد عن 100 بلد، وتعتبر من المحاصيل الصالحة للأكل كحبوب بشكل رئيسي وأوراقه تؤكل كخضار أو تقدم كأعلاف للحيوانات.

وتعد حبوب الكينوا مادة مغذية كونها مصدرا جيدا للعديد من المغذيات، إذ تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الضرورية وبالتالي فإنها تعد بروتينا كاملاً، كما أنها أسهل كثيرا في هضمها من بروتينات اللحوم وبها نسبة أقل من الدهون. ويشكل البروتين في جنين بذور الكينوا نسبة 45 % ، حيث يتم فصل الجنين عن باقي مكونات البذرة وإضافته على شكل مركز بصورة مباشرة إلى أغذية الأطفال وذلك من أجل مساعدة الأطفال المصابين بنقص التغذية، وتعد حبوب الكينوا غنية بالفيتامينات والألياف والمغذيات الطبيعية التي تزود الجسم بالطاقة، كما أنها تحتوي على كميات كبيرة من المعادن مثل الحديد والزنك. ونظرا لفوائدها العديدة فقد كانت تلقب بـ«أم الحبوب»، حيث إنها تعد طعاما مناسبا لمرضى حساسية الجلوتين بسبب خلوها من الجلوتين ومناسبة أيضا للذين يعانون من حساسية اللاكتوز في حليب البقر.

وتدخل الكينوا في العديد من الصناعات الغذائية والدوائية والصناعات الأخرى؛ حيث تستهلك كحبوب كاملة، ودقيق خام أو محمّص، ورقائق، كما يمكن تحضير السَّميد والمسحوق سريع الذوبان منها بطرق مختلفة كثيرة، لإنتاج مجموعة واسعة من الوصفات التقليدية والمبتكرة. وقد أثبتت التجارب التي أجريت في منطقة جبال الأنديز وغيرها جدوى إضافة 10 و15 و20 وحتى 40% من دقيق الكينوا إلى الخبز، و40% إلى شرائط المعكرونة، وما يصل إلى 60% في الكعكات الإسفنجية، وما يصل إلى 70% في البسكويت. وتتمثل الميزة الرئيسية لاستخدام الكينوا كإضافة غذائية إلى الدقيق في أنها تساعد في تلبية الطلب العالمي المتصاعد على المنتجات الخالية من الغلوتِين. كما يعزز الصابونين المستخرج من الكينوا المرة كميزة نسبية لها والتي رفعت من جدواها الاقتصادية، حيث يتم استخدامها في مجال الصناعات الدوائية والصناعات التجميلية وصناعة المنظفات الصناعية والمبيدات الحشرية والمشروبات الكحولية وغيرها من الصناعات .

وينتمي محصول الكينوا إلى الفصيلة المرامية وهو نبات عشبي حولي ذاتي التلقيح وذات نورة زهرية تشبه إلى حد ما السبانخ، تعتبر البذور هي الجزء الصالح للأكل، ويتراوح طوله بين( 60 -200سم) حسب الصنف والبيئة المزروعة فيها، كما أن جذورها وتدية تمتد إلى 30 سم تحت مستوى سطح الأرض، وبذورها صغيرة الحجم يتراوح قطرها ما بين 2-3ملم ؛ كما أنها تتباين من حيث الألوان، فمنها الأبيض والأصفر الأحمر والأرجواني والوردي والأسود ويرجع ذلك إلى التنوع الجيني الكبير لهذا المحصول . ويبلغ الإنتاج المثالي في الدول التي تشتهر بزراعة الكينوا من 6-11 طن/هكتار ، إلا أن إنتاج 3.5 طن/هكتار يعتبر جيدا في الدول الحارة، حيث إن الإنتاج يعتمد على الظروف البيئية ونوع الصنف.

ويفضل محصول الكينوا النهار القصير ودرجات الحرارة المنخفضة، حيث تنمو في درجات حرارة تتراوح بين 15-25 مئوية كما توجد مجموعات من الأصناف والطرز الوراثية تتكيف مع جميع المناخات .

هل يمكن زراعة الكينوا في سلطنة عمان؟

للإجابة على هذا السؤال، أجريت دراسة لتقييم خمسة أصناف من الكينوا في ثلاث محافظات (الرميس في جنوب الباطنة والكامل في الشرقية وصحار في شمال الباطنة) لفترة ثلاث سنوات من 2016/ 2017 إلى 2018/ 2019 خلال فصل الشتاء (أكتوبر إلى مارس) بهدف تحديد قدرتها على التكيف مع مختلف المناطق المناخية الزراعية في السلطنة. وأظهرت النتائج أن الأصناف كانت ذات معنوية كبيرة فيما يتعلق بارتفاع النبات (سم) ووزن الحبوب (طن/هكتار) ، حيث كانت هناك فروق معنوية بالنسبة للمواقع (المحافظات)، فيما يتعلق بوزن الحبوب وارتفاع النبات. لم تكن هناك فروق معنوية بين متوسطات طول الإزهار خلال 2016/ 2017 ، 2017 /2018 و2018/ 2019 في المواقع الثلاثة (الرميس، صحار والكامل). ووجدنا أن الصنف Amarllia Sacaca هو الأعلى في ارتفاع النبات (134.92 سم) . وكان أعلى إنتاج من الحبوب في الرميس (5.40 طن/هكتار) والذي اختلف بشكل كبير عن صحار (4.07 طن/هكتار) والكامل (2.00 طن/هكتار). كما أظهر التحليل الغذائي أن نسبة البروتين كانت عالية مع تفوق نسبي للصنفAmarllia Maranagani (17.49% ).

وتشير هذه النتائج إلى أن الكينوا قابل للتكيف بدرجة كبيرة مع المحافظات الشمالية (محافظات جنوب وشمال الباطنة) في سلطنة عمان مع ميزة نسبية لبعض المحافظات الأخرى لإنتاجية الحبوب. وعليه يمكن التوصية بإدخال أصناف الكينوا للزراعة العامة في المحافظات الشمالية من السلطنة. كما تتم دراسة أصناف أخرى تحت ظروف الري بالمياه المالحة. ودراسة أقلمة الأصناف تحت ظروف محافظة ظفار.

ويمكن أن يزرع هذا المحصول في السلطنة في منتصف شهر سبتمبر أو بداية شهر أكتوبر ويمكث في الأرض مدة 6 أشهر، يتميز محصول الكينوا بقدرته على تحمل الظروف الصعبة، فهو يتحمل الجفاف ويقاوم الملوحة.

د. سيف الخميسي ، مدير مركز بحوث الإنتاج النباتي، وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه