No Image
عمان العلمي

الثعبان.. حيوان سام أم غذاءٌ مستدام؟

17 أبريل 2024
17 أبريل 2024

عمان: في ظلّ سعي البشر الدائم لإيجاد حلول تحمي كوكب الأرض، يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: «ما هو اللحم الأكثر ملاءمة للاستدامة البيئية؟». وفقًا لدراسة حديثة أجريت على مزارع تربية الثعابين في تايلند وفيتنام، فاجأتنا الإجابة: قد تكون الثعابين الكبيرة (البيثون) هي الحل!.

وتبيّن الدراسة التي أجراها دانيال ناتوش من شركة الاستشارات «إبيك للتنوع البيولوجي»، أن الثعابين تتفوق على جميع أنواع الماشية الأخرى من حيث كفاءة تحويل الغذاء إلى لحوم. ويصرح ناتوش قائلًا: «لم يُرصد أي نوع آخر من الماشية حتى الآن يضاهي الثعابين في كفاءة الإنتاج وتحويل الغذاء إلى لحوم بمعدلات مماثلة».

ولطالما تمت تربية بعض أنواع الثعابين على نطاق ضيق للحصول على منتجات مثل السموم. إلا أن تربية الثعابين بهدف استهلاك لحومها ظاهرة حديثة نسبيًا. وقام فريق ناتوش بقياس نمو ما يقارب 5000 ثعبان من نوع الشب الشبكي والبرماوي (Malayopython reticulatus و Python bivittatus) على مدار عام، إلى جانب دراسة نظامهم الغذائي ووزن أجسادهم بعد تجهيزها للطهي (باستبعاد الجلد والأحشاء والرأس والذيل).

وأشارت الدراسة إلى أن كتلة الطعام الجافة التي تتغذى عليها الثعابين تعادل 1.2 ضعف وزن لحومها بعد التجهيز، بالمقارنة مع 1.5 بالنسبة للسلمون، و2.1 للصراصير، و2.8 للدجاج، و6 للخنازير، و10 للأبقار.

أما بالنسبة إلى البروتين الجاف الذي تتغذى عليه الثعابين، فإنه يعادل 2.4 ضعف كمية البروتين الموجودة في لحومها بعد التجهيز، بالمقارنة مع 3 بالنسبة للسلمون، و10 للصراصير، و21 للدجاج، و38 للخنازير، و83 للأبقار.

وتؤكد كايْسا ريساره ساهلين من مركز ستوكهولم للمرونة في السويد على صعوبة حساب معدل تحويل الغذاء إلى لحوم بدقة. كما ترى أنه من المهم أيضًا الأخذ بعين الاعتبار نوع البروتين الذي تتغذى عليه الحيوانات ومصدره.

وتكمن إحدى النقاط الرئيسية المفقودة في عملية المقارنة هذه في حقيقة أن الثعابين تتغذى على حيوانات تتغذى على النباتات، بينما تتغذى الحيوانات الأخرى في المزارع بشكل رئيسي على النباتات مباشرة. وعليه، فإنه عند مقارنة إجمالي كتلة المادة النباتية المطلوبة لإنتاج كيلوغرام واحد من لحوم الحيوانات المختلفة، فقد لا تبدو الثعابين حينها الخيار الأكثر كفاءة.

ويوضح ناتوش عند سؤاله عن ذلك أن ما يجعل لحوم الثعابين مستدامة ليس كفاءة تحويل الغذاء، وإنما حقيقة أنها تتغذى على بقايا اللحوم، مثل اللحوم المستخلصة من القوارض التي يتم صيدها والخنازير المولودة ميتة.

ويضيف ناتوش قائلًا: «إن تربية الماشية على البروتين النباتي المستخلص من محاصيل أحادية المصدر والتي حلت محل البيئات الطبيعية، أقل استدامة بكثير من الاستفادة من القوارض الضارة أو استخدام بقايا البروتين لإطعام الثعابين». ولهذا السبب، يعتقد ناتوش أن لحوم الثعابين أكثر استدامة من العديد من الأغذية النباتية البحتة.

ومن جانبها، تؤكد ريساره ساهلين أنه في حال تغذية الثعابين على الفضلات، فهذا يعتبر استخدامًا فعّالًا للموارد. إلا أنها تضيف: «يمكن أن يشمل مصطلح القوارض العديد من الأنواع. فإذا كان المقصود بالجرذان، فقد يكون من المفيد استخدامها على المدى القصير، ولكن إذا تطورت صناعة كاملة تعتمد عليها كمصدر للغذاء، فقد يؤدي ذلك إلى تحفيز غير مرغوب فيه لإبقاء ‹مشكلة الجرذان› قائمة لذلك، حتى لو كانت لحوم الثعابين كما يتم إنتاجها الآن أكثر استدامة من العديد من أنواع اللحوم الأخرى، إلا أن هذه الدراسة لا تُظهر أنها أكثر استدامة بطبيعتها.

ويقدم ناتوش حجتين أخريين لصالح تربية الثعابين. الأولى تتعلق بالأمن الغذائي. فقد أظهرت الدراسة قدرة الثعابين على الصيام لفترات طويلة تصل إلى 127 يومًا دون فقدان سوى بضعة نقاط مئوية من كتلة جسمها. ويقول ناتوش أن هذا يعني أن المزارعين يمكنهم التوقف عن إطعامهم لأسابيع أو أشهر في حال واجه العالم صدمات عالمية تُعيق سلاسل التوريد.

أما الحجة الثانية، فتتعلق بجانب أخلاقي. حيث يعتقد ناتوش أن تربية الثعابين أكثر أخلاقية من تربية الطيور أو الثدييات. ويقول: إن الثعابين لا تمتلك القدرات الإدراكية نفسها، وإنها تفضّل البقاء في أماكن صغيرة مغلقة عندما لا تحتاج إلى الطعام.

أما بالنسبة لمذاق لحم الثعابين، فيقول ناتوش: إنه يشبه مذاق الدجاج. ويضيف: «لقد جربته في الكاري، والشواء، كسيخ ساتيه، وكبلتونج. إذا تم تحضيره بشكل جيد، فهو لحم رائع».

خدمة تربيون عن مجلة «New Scientist»