No Image
عمان العلمي

افتتاحية

18 نوفمبر 2025
18 نوفمبر 2025

ثمة طريقتان للنظر إلى العلم. فإما أن تعده نشاطًا موضوعيًا محايدًا، وتضع فيه ثقتك الكاملة، وأما أن تضعه في سياقاته التاريخية، الاجتماعية، السياسية، والاقتصادية التي يُمارس ضمنها. يهتم هذا العدد بالعلاقة الملتبسة بين العلم والسياسة. ففي عصر الذكاء الاصطناعي -قبلنا بقدومه أو رفضناه-، نجد أنفسنا مع أسئلة مهمة حول الثقة بالآلة، حول إمكانية أن تُقدم نموذجًا أكثر عدالة، وحول استخدام إدعاءات مثل حياد الخوارزميات لاستدامة العنف والظلم.

يأخذنا المعتصم الريامي في عرض تحليلي للتجربة الألبانية حين واجهت الحكومة فضائح الفساد بتعيين أول وزيرة افتراضية في العالم مطورة بالذكاء الاصطناعي. ويتسائل الريامي إن كان إنصاف وحياد الآلة -الذي تدعيه الحكومة- قابل للتحقق، أم أنها وسيلة لتُحل من المسؤولية.

وفي السياق نفسه، ترجم لنا بدر الظفري مقالاً لميلاني أوت وآخرين، يُعالج تراجع ثقة الجمهور بأبحاث الفيروسات، ويدعو إلى تبني معايير سلامة دولية موحدة لاستعادة هذه الثقة. لكن لا يفوتنا أن نقرأ هذه الدعوة في السياق السياسي والاقتصادي. إذ يتكشف لنا أن موضوعات البحث العلمي محكومة بقرارات التمويل، والتي يحكمها هي الأخرى ايديولوجية صناع القرار وتوجهاتهم.

وفي مقالها «الدعم النفسي في عصر الذكاء الاصطناعي» تتساءل سارة علي إن كانت المحادثات مع أدوات المحادثة الصناعية تخدم صحتنا النفسية، أم أنها تمثل عائقًا في تواصلنا مع البشر إثر اعتمادنا عليها.

ووسط كل هذا الحديث حول الذكاء الاصطناعي تتساءل زهرة ناصر -في المقال الذي ترجمته- كيف لنا أن نهتم كل هذا الاهتمام بأدوات الذكاء الاصطناعي، نمنحها المناصب وندرس «حقوقها» في عالم لا تسلم فيه الحلزونة والبزاقة والمحارة من أذانا، رغم أن أدلتنا العلمية تُشير إلى أنها تشعر مثلنا بالألم، شيء لا تفعله الآلة ولن تفعله.

أما سعد السامرائي فيحدثنا عن «المجتمع الحيوي في الهواء». حيث السحب فوقنا لا تحمل الماء فحسب، إنما أصبحت حاملًا متنقلاً للجينات المقاومة للمضادات الحيوية التي صنعناها.

وبعيدًا عن هذه التجاذبات، يقدم د. سيف الخميسي حلولًا عملية لتحدي الأمن الغذائي، مستعرضًا آفاق «الزراعة الملحية» كاستراتيجية واعدة لاستغلال الأراضي المتأثرة بالملوحة في المناطق الجافة. وأخيرًا، يأخذنا د. إسحاق الشعيلي في رحلة عبر الزمن، متتبعًا «نظرتنا للكون» من مراصد الحضارة العربية الإسلامية إلى القدرات الفائقة لتلسكوبات الفضاء الحديثة.

نوف السعيدي محررة الملحق