No Image
عمان الثقافي

«أم كلثوم والمجهود الحربي» ..كتاب يوثق صورة الفنانة المقاتلة بأقوى صوت عرفته الأمة العربية

29 مارس 2023
29 مارس 2023

بالرغم من كل ما كتب عن كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، في خلال حياتها (1898-1975)، ثم منذ وفاتها إلى اليوم، أثبتت الفنانة الكبيرة أنها ظاهرة لا تنتهي، بموهبتها الجبارة وصوتها الذي لا مثيل له في قوته وقدرته على التلون، والذي كان يتردد في أسماع الجمهور العربي من المحيط على الخليج، ويعبر عن مشاعرهم ووجدانهم، لتغدو أسطورة، تتجدد كلما مر الزمن، ولعل كتاب «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي» للباحث المصري كريم جمال، والصادر عن تنمية في القاهرة جاء ليثبت ذلك ليدون صفحة جديدة في سجل أسطورة أم كلثوم التي لا تنتهي.

اختار مؤلف الكتاب أن يقدم سيرة مفصلة لدور أم كلثوم خلال الفترة التي أعقبت هزيمة عام 1967 التي كان وقعها على القلوب في مصر والعالم العربي أصعب من أن يوصف، وهو دور بالغ الأهمية والتأثير حمل عدة عناوين لكن موجزه هو «أم كلثوم معكم في المعركة». فقد اختارت الفنانة الكبيرة أن تشارك في معركة الإعداد للنصر، خلال سنوات حرب الاستنزاف، عبر إعدادها لمجموعة من الحفلات الغنائية في داخل مصر وخارجها بحيث يتم التبرع بدخل الحفلات الغنائية لتكاليف المجهود الحربي الذي كان دائرا على جبهة القتال، وخصوصا في مدن القناة (السويس والإسماعيلية وبورسعيد) التي اضطر الكثير من سكانها للنزوح إلى مدن أخرى بعد تصاعد قوة العمليات بين مصر والكيان الصهيوني في تلك الفترة.

قبل النكسة

كانت أم كلثوم قد بدأت دورها الوطني قبل معركة 1967 بفترة، إذ ولد لديها اليقين بأنها بما تمتلكه من تأثير ونفوذ في وجدان المصريين بشكل خاص، يمكنها أن تلعب دورا في رفع الروح المعنوية للجنود على الجبهة، من جهة، وللشعب الذي ينتظر أن يحسم النظام المصري المعركة لصالحه، في أجواء مصر الناصرية التي كانت تدير معركة التنمية والنهضة، وتواجه القوى الغربية الاستعمارية المتربصة بمصر في الوقت نفسه.

كان حماسها مثل أغلب المصريين شديدا، وكان لديها ما يشبه اليقين في قدرة مصر على هزيمة الإسرائيليين، ولذلك شعرت بالانزعاج الشديد ولم تقبل الإشارة التي لمح لها هيكل، قبل حرب 1967، في إحدى مقالاته التي بدا فيها كأنه يمهد للشعب بأن المواجهة مع إسرائيل ليست سهلة، وأنها قد تقتضي أكثر من مرحلة، وأن مصر لو خسرت جولة فسوف تنتصر فيما بعدها! والتقت أم كلثوم بهيكل لتعاتبه وتستوضح مقاصده. بل ولتطلب مصاحبته للقاء المشير عبد الحكيم عامر للاطمئنان على وضع القوات المصرية.

يبدأ الباحث بتوضيح صورة مفصلة للدور الذي لعبته أم كلثوم في تلك الفترة، بالأغنيات أو بتوجيه رسائل مباشرة للجنود عبر الإذاعة، وصولا لوقع خبر الهزيمة على جموع الشعب المصري وعلى جمال عبد الناصر وعليها.

ويكشف الكتاب كيف انحازت أم كلثوم لمقاومة اليأس بالغناء ورفع الروح المعنوية لتبدأ رحلة طويلة لدعم الجهد الحربي ستقيم خلالها عدة حفلات غنائية بدأت في مصر، وامتدت إلى عدد من الدول العربية والأجنبية منها الكويت وتونس وليبيا والمغرب والسودان ولبنان وفرنسا وصولا لعدة حفلات اتفق على إقامتها في موسكو وعدد من مدن الاتحاد السوفيتي، لكن هذه الأخيرة ألغيت عقب وصول أم كلثوم وفرقتها والوفد المرافق إلى موسكو بعد إعلان وفاة عبد الناصر خلال وجودهم في الاتحاد السوفييتي، ووصولا لرحلة أبوظبي.

كواليس الرحلة

لكن كيف قدم الباحث كريم جمال هذه الرحلة؟ وكيف تمكن من التعرف على كافة التفاصيل الخاصة بكل رحلة منها: الظروف التاريخية العامة لتوقيت الرحلة أو الحفل، تفاصيل وصول واستقبال سيدة الغناء العربي والمرافقين لها والمستقبلين لها في كل حفل أقيم من أجل المجهود الحربي داخل مصر وخارجها، وكل ما قالته أو قيل لها خلال الرحلة، الأغنيات التي قامت بغنائها، والتغييرات المفاجئة للبرنامج، سواء كان ذلك لأسباب طارئة أو حتى بسبب ملاحظة أم كلثوم للمزاج العام للجمهور، الأجواء المناخية وأثرها على الحفلات، الأداء الذي قدمت به كل أغنية بشكل تفصيلي، والمقاطع التي ارتجلت فيها، والكيفية التي طالبها الجمهور بها بالإعادة لهذا المقطع أو ذاك، الوقت الذي استغرقته كل أغنية، رد فعل الجمهور مع كل أغنية، الحوادث العارضة التي صودف حدوثها وخصوصا الشباب الذي كان يخرج عن وعيه ويهب إلى المسرح ليمسك بقدمي السيدة أم كلثوم تعبيرا عن التقدير، كما حدث في فرنسا مثلا، ثم مرة أخرى في حفل من حفلات ليبيا، المبالغ التي تم جمعها من كل حفل (تمكنت أم كلثوم من جمع ما مجموعه مليون جنيه خلال تلك الحملة)، المقدمات التي تم تقديمها بها على المسرح، وحواراتها الصحفية أو التلفزيونية التي تم بثها خلال الرحلة.

قام المؤلف، وفق ما توضحه هوامش كل فصل، بالبحث الدؤوب في أرشيف الصحافة المصرية، وأرشيف أعمال أم كلثوم بطبيعة الحال، وكتب السيرة التي تناولت سيرتها، أو تلك التي أشارت أو تناولت أي قصة أو حدث أو موقف يخص أم كلثوم، خصوصا خلال تلك الفترة التي تمتد بين العام 1967 وحتى 1971 تقريبا. وأعتقد أنه تابع تسجيل الحفلات بشكل دقيق، لأنه يصفها بشكل بالغ الدقة ويقوم بتحليل الأداء بوصف متخصص موسيقي متمكن.

ثم عمل على ضخ الحياة في هذه المادة الأرشيفية، فقدم التاريخ كصورة متحركة من لحم ودم، المادة الأرشيفية التاريخية جلية، ولكنها محقونة بالعواطف والمشاعر والدموع والآهات والضحكات والابتسامات والألحان، وبمحاولات وصف الصوت الأسطوري الذي لا مثيل له والأداء العبقري الذي ظلت أم كلثوم قادرة على أن تطوع به صوتها حتي بعد أن تجاوز عمرها السبعين!

عواطف ودموع!

وحتى في تقديم قراءتي لهذا الكتاب، لا أستطيع أن أبدو محايدا، ولن أخفي أنني كثيرا ما ضبطت أنفاسي تتهدج من شدة الانفعال، أحيانا، كما لم أستطع مدافعة دموعي، في أحيان أخرى من فرط حساسية النص وقدرته المذهلة على تتبع كافة التفاصيل سواء السياسية العامة أو المواقف التي تعرضت لها أم كلثوم خلال تلك الفترة في لقاءاتها وأثرها المباشر على السيدة أم كلثوم، التي كانت تقوم بهذا الدور العظيم.

وأظن أن الباحث الدؤوب الموهوب كريم جمال قد نجح فيما ابتغاه ممثلا في «محاولة البحث عن وجه آخر لأم كلثوم، وجه غابت عنا معظم ملامحه منذ وفاتها في منتصف السبعينيات، والتنقيب عن السيرة الموازية التي جعلتها في الوعي الشعبي بمنزلة هرم من إهرامات القومية المصرية».

يقدم النص صورة، لن أقول جديدة أو مختلفة، للـ«ست»، فهي أسطورة كبيرة وأغلب تفاصيل حياتها معروفة للناس، لكن يمكن القول إنها صورة مختلفة أو ربما غير معروفة لنا بشكل جيد، وتتمثل في صورة المناضلة المعجونة بحب بلادها، والمؤمنة بدور عبد الناصر الوطني كزعيم ورجل وطني، وكأب بالمعنى المجازي والحقيقي للأمة العربية، التواقة إلى النصر العادل لقضية بلادها والوطن العربي، والمهمومة بالشأن الوطني والعربي التي وبعد أن تشربت دموع النكسة «تلبستها روح فنية متخمة بالأمل وقادرة على قهر المحنة، وزاد على طغيان حضورها، كأهم صوت نسائي في تاريخ العروبة، حضور سياسي ووطني، إذ تقدمت المشهد الفني ليبرز وجودها في ساحة المعركة كرمز للإرادة المصرية الجسورة التي أبت أن تحطمها الهزيمة، وكنموذج للفنان الذي لم تكسره الشدة».

لكن ما يلفت الانتباه أن كريم جمال خلال هذا الرصد الدقيق، يمنحنا في الخلفية، الكثير من المعلومات عن الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد، وكذلك في أرجاء الوطن العربي. وفي كل زيارة نتعرف على حدث أو قضية عامة، وأحيانا بعض التفاصيل ذات الدلالة، من مثل حصولها على جواز سفر دبلوماسي منذ رحلتها الثانية خارج مصر لأجل المجهود الحربي، أو قصة الفيلم السينمائي عن سيرتها والذي كلف المخرج الراحل يوسف شاهين بإخراجه، لكنه لم ير النور للأسف، أو الدور البارز الذي لعبته في تخفيف التوتر بين الزعيمين عبدالناصر والحبيب بورقيبة بفضل حفلاتها في تونس، الدور الذي لعبته الحركة الصهيونية لمحاولة منع غناء أم كلثوم في باريس، اقتراح صحيفة الوطن الكويتية إقامة تمثال لأم كلثوم في العاصمة الكويتية، بسبب علاقة أم كلثوم بالكويت المبكرة التي بدأت منذ قدومها للكويت للاحتفال بالاستقلال في 1963، دور حفل المغرب في إذابة الجليد في العلاقات المصرية المغربية بسبب الموقف المصري من توترات الصراع المغربي الجزائري في تلك الفترة، وغير ذلك من دقيق التفاصيل.

وجوه في بلاد بعيدة

وفي التفاصيل أيضا نتعرف على بعض أبرز الشخصيات التي حضرت تلك الحفلات، أو ظهور شخصيات من فناني مصر خلال فترة وجود أم كلثوم، ومن تلك اللقاءات مثلا لقاء الفنانة فاتن حمامة بأم كلثوم في كواليس حفل باريس، وإلقاء الضوء على أسباب وجودها خارج مصر ونصيحة أم كلثوم لها بالعودة، كما سنعرف عن حضور الملك حسين الذي أخفى شخصيته ليستمع إلى أم كلثوم في حفل باريس، أو السيدة العجوز التي كانت تستمع لأغنياتها وتبكي في لبنان، وسنعرف أنها الفنانة بديعة مصابني، أو عن علاقات الصداقة مع بعض نساء المجتمع الكويتي واللبناني والتونسي، أو النعرات المعادية للدولة المصرية حين كانت تستهدف أم كلثوم، وثمة واقعتان يشير لهما الكتاب في ليبيا مرة (هذه حفلات خصصت لدعم فلسطين)، وفي لبنان مرة، وكيف كان يتم الرد عليها من أبناء تلك البلاد قبل الصحافة المصرية، والتزام أم كلثوم الصمت إزاء أي محاولة من تلك المحاولات. ثم لاحقا سنفهم طبيعة القوى المعادية لعبد الناصر وبينها الإسلام السياسي ومحاولته مهاجمة النظام المصري عبر انتقاد أم كلثوم. وغير ذلك الكثير من التفاصيل التي تمنح الكتاب طابعا لا يؤرخ لرحلة أم كلثوم فقط، بل لعصر كامل خلال تلك الحقبة.

وتكشف المراسلات والخطابات المتبادلة والديباجات التي قدمت بها أم كلثوم في حفلاتها عن المستوى الرفيع الذي كانت تتمتع به اللغة العربية في المجتمعات العربية في تلك الفترة، وليس أدل على ذلك من اختيار كوكب الشرق بعض أبرز القصائد العربية لكي تغنيها ويرددها الجميع بشغف.

ومن اللافت في أسلوب الكاتب أمرين: الأول هو منح الخصوصية اللازمة للمجتمعات التي يتناولها بوصف أم كلثوم لزيارتها، فلا يقدمها بعين خارجية بل عين عارفة بالخصوصية الاجتماعية والسياسية، بالألقاب المستخدمة والملامح السياسية العامة وبعض الملامح الاجتماعية، ويمكن بالفعل تبين بعض هذه التنويعات في خصوصيات المجتمعات العربية بين تونس والمغرب والكويت ولبنان والسودان والإمارات من خلال رصده لتفاصيل دقيقة تتعلق بمراسم الاستقبال والاستضافة ودراسة أم كلثوم وتوقعاتها للجمهور ثم الكيفية التي يظهر عليها الجمهور خلال الحفل. كما أنه من خلال التفاصيل الدقيقة يعرف القارئ على جانب من التراث الشعبي الغنائي والموسيقي في تلك الدول، بسبب حرص أم كلثوم على التعرف على التراث الغنائي للدول التي زارتها وحرصها على مراقبة الرقصات وحفظ الكلمات ثم مشاركتهم في الرقص والغناء. وأيضا كانت في بعض الحفلات ترتدي فستانا أو زيا من الأزياء الشعبية للدولة كما فعلت في المغرب ثم في السودان.

بناء لغوي وتحليل موسيقي

أما الثاني فهو البناء اللغوي الجميل لمقدمات الفصول والتدرج الذكي للمعلومات، ولضيق المساحة أقتطف منها مثلا تقديم الكاتب لزيارة لبنان ص 427 «بعض البيوت كالبشر لها شخصيتها وروحها، وهناك معابد تشبه البيوت تماما. المعابد المتناثرة في صعيد مصر تشبه كثيرا بيوت الفلاحين المصريين بأصالتها وامتدادها في عمق الزمن وانغلاقها على الأسرار. كذلك معابد بعلبك في بقاع لبنان تبدو هي الأخرى مثل إنسان عجوز يمتلئ وجهه بالتجاعيد وقلبه بالأحاسيس، ولم يبق له غير تلك الأعمدة الستة التي ما زالت تقف في ساحة الهيكل التاريخي في شموخ لا يخلو من ضعف أحيانا، وقد زاد هذا الضعف في عقد الستينيات وتحديدا عندما شدت أم كلثوم بجوار قواعد الأعمدة التاريخية مفتتحة مهرجانات بعلبك الفنية، ويؤكد كل من عاصر تلك اللقاءات الغنائية الثلاثة أن الأعمدة التي صارعت الزمان وبقيت كانت تتمايل وتنتحي وهي تنصت إلى ضخامة الصوت المعجزة القادم من بلاد النيل».

بالإضافة إلى التحليل الفني لطريقة أداء أم كلثوم في كل أغنية بل في كل وصلة قدمتها على مدى كافة حفلات مشاركاتها في المجهود الحربي، بما في ذلك أداؤها بعد قرار الاعتزال بعد وفاة عبد الناصر، ثم عودتها لتؤدي بعض أغنيات الرثاء التي ظهر عليها خلالها آثار الحزن والتعب وتهدج صوتها بسبب الحزن مما جعلها تطلب عدم إذاعة بعض تلك الأغنيات في الإذاعة.

البورتريهات التي قدمت لأم كلثوم أظهرت أنها بالإضافة لأنها فنانة كبيرة لها نفوذ طاغ، لكنها أيضا إنسانة تهتم بالإنسان وبواقع الفتاة والمرأة في كل مجتمع تذهب لزيارته، وتتلقى مطالب الناس وتحاول أن تعمل على حلها رغم إنها لا تملك النفوذ لذلك. كما تكشف مدى ما تتمتع به من ذكاء اجتماعي في تعاملها مع الرؤساء والقادة، وكذلك في إحساسها الكبير بالجمهور وحساسيتها الشديدة لردود أفعالهم واستجابتهم. كما تكشف بعض تلك البورتريهات عن الحالة الروحانية والإيمانية التي كانت تميز شخصية أم كلثوم وتجعلها تطلب مثلا قبل حفل طنطا أن تزور مقام السيد البدوي وتقوم بالدعاء لأجل مصر والنصر، وتلاوتها من آيات القرآن قبل أي حفل، همسا، وكذلك خلال المواقف الصعبة، التي أثبتت فيها أيضا رباطة جأشها وقوة إيمانها بالقدر، من مثل تعرض الطائرة في إحدى الرحلات لمطبات هوائية أصابت الجميع بالرعب، بينما بقيت هي في مكانها ثابتة تتمتم بما تتلو من آيات القرآن.

ولكن يبقى أن أضم صوتي إلى صوت الفنان د. فيكتور سحاب الذي كتب مقدمة بديعة للكتاب أشار فيها إلى انطباعاته عن الكتاب، لكنه توقف أمام ملاحظات الكاتب في فصل «وطنيات الهزيمة»، التي علق فيه على تنحي عبد الناصر بأن الجماهير خرجت «في مشهد عفوي لا تخلو بعض ملامحه من تعبئة واضحة».

ويبدو لي أن كريم جمال الذي كتب مفصلا عن مشاعر أم كلثوم على مدى صفحات الكتاب بدا في هذا الانتقاد كأنه تعمد أن ينحي استيعابه لكل ردود فعل أم كلثوم التي كانت نموذجا واضحا لمشاعر الشعب المصري آنذاك، وقد كان الوضع السياسي والفهم العام للسياسة في تلك المرحلة له طابع خاص، وصورة النظام نفسه كان ينظر إليه بوصفه نظام أبوي، وأم كلثوم نفسها استخدمت هذه الكلمة بعد وفاة عبد الناصر وهي تتساءل كيف سنعيش وكيف سنحقق الانتصار؟

تخلى كريم جمال في هذه الجزئية عن حس المؤرخ الذي يرصد التاريخ وفق ظروفه وليس وفق ظروف فهمنا المعاصر والتغيرات التي عاصرناها نحن. أخيرا تبقى الإشارة إلى الدور البالغ الأهمية الذي قام به هذا الكتاب في بيان الكيفية التي كانت الشعوب العربية تحيا به تلك الفترة أو كما يقول د. سحاب «أماطت الهتافات العروبية التي أحاطت بأم كلثوم في جولاتها العربية اللثام عن مشاعر دفينة أو ظاهرة، قد لا يعرفها تماما جيل اليوم، بعدما تباعد الزمن عن تلك المرحلة الناصرية حين كانت قلوب الجماهير العربية تنبض على وقع واحد، وتسبح في بحر الثقافة الواحدة، الواسعة، البالغة الثراء والحيوية.. إنه زمان آخر أعادنا إلى كثير من مشاعره هذا الكتاب الممتاز».

إبراهيم فرغلي روائي وكاتب مصري