صحافة

الحياة الجديدة :ساندرز الأمريكي الجديد

28 فبراير 2020
28 فبراير 2020

في زاوية مقالات كتب عمر حلمي الغول مقالاً بعنوان: ساندرز الأمريكي الجديد،جاء فيه: الشعب الأمريكي ليس لونا واحدا، ولا يجوز وضع الشعب الأمريكي ونخبه السياسية في سلة واحدة. الشعب الأمريكي أسوة بشعوب الأرض قاطبة فيه اجتهادات، وتوجهات ومشارب فكرية وسياسية متعددة ومتنوعة، وحتى في أوساط الدوائر الضيقة بين صناع القرار توجد تباينات وتلاوين مختلفة. بيد ان فريق أي إدارة حاكمة، وأيا كانت ميول وتوجهات أعضائه، يبقى ممثلا لسياسات الولايات المتحدة العميقة، التي تتصف بالعدائية، والتغول على مصالح وحقوق شعوب الأرض كلها بما في ذلك الشعب الأميركي نفسه حتى تاريخه، إلى ان تأتي إدارة تمتلك رؤية مغايرة لما سبقها منذ تأسيس الولايات المتحدة.

اردت ان اؤكد ضرورة التمييز بين الأمريكيين، ورؤية القديم الجديد في النخب السياسية، التي تحظى بمكانة واسعة في أوساط الشعب الأمريكي، ومنهم المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، وهو من اتباع الديانة اليهودية، وله حظوظ جيدة ليكون المنافس الأبرز للرئيس دونالد ترامب في الانتخابات القادمة (نوفمبر المقبل). هذا الرجل أعلن مواقف سياسية متقدمة في الشأنين الداخلي والخارجي ومن ضمنها مواقفه من مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا سيما وان الأمر يتعلق بمصير ومستقبل الشعب والقضية والمشروع الوطني الفلسطيني. ومن تلك المواقف: أولا- أعلن صراحة رفضه الاشتراك في اعمال مؤتمر «الإيباك» الصهيوني، الذي يعقد هذه الأيام، وحسب تصريحه، ان «الإيباك يشكل منبرا مفتوحا لغلاة التطرف الإسرائيليين، وأنصارهم من الإفنجليكان، ويؤجج مشاعر الكراهية والعنصرية في أمريكا وإسرائيل». ثانيا- في المناظرة الخامسة في ولاية فيرمونت، قال «على الولايات المتحدة ان توفر ظروفا متساوية للجانبين، ويجب عليها ايضا ان تكون مؤيدة للفلسطينيين». ثالثا- أكد يوم الخميس الماضي (20/‏‏2/‏‏202) ان بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، هو رجل عنصري، ودعا إلى سياسة أمريكية توفر مساحة للأمن الإسرائيلي ومنظور «مؤيد للفلسطينيين». رابعا- دعا إلى استخدام المساعدات الأمريكية المقدمة لإسرائيل للضغط على الحكومة الإسرائيلية للامتناع عن توسيع البناء الاستيطاني الاستعماري في الضفة الغربية. خامسا- أكد انه في حال انتخابه سيعيد السفارة الأمريكية من القدس إلى تل ابيب، وهو كرئيس يملك القرار، الذي يتيح له ذلك، رغم قرار الكونجرس بالموافقة على نقل السفارة عام 1995.

ولم يكن بيرني ساندرز المرشح الديمقراطي الوحيد، الذي طالب باتخاذ مواقف معتدلة، وغير منحازة لإسرائيل، انما انضم إليه مرشحان ديمقراطيان آخران، هما إليزابيت وورن، وبيت بوتيجيج، اللذان طالبا في مناظرة لوس انجلوس بـ «ترك الباب مفتوحا أمام استخدام المساعدات الأمريكية لإسرائيل كوسيلة ضغط على الدولة الإسرائيلية لتغيير سياساتها إزاء الفلسطينيين». وركز بوتيجيج غضبه على ترامب في المناظرة ذاتها، لأن خطواته المؤيدة لإسرائيل تعتبر تدخلا في السياسة الداخلية الإسرائيلية»، وكأنه اراد ان يقول بشكل غير مباشر، ان سياسة ترامب اندمجت في السياسة الإسرائيلية، وباتت رهينة لمشيئة اليمين المتطرف بقيادة نتانياهو وزمرته.

المرشحون الثلاثة وغيرهم من النخب السياسية، هم من يحتاجهم الشعب الأميركي لانتهاج سياسات داخلية ودولية تخدم مصالح الشعوب والأمم كلها، وتعيد الاعتبار للشرعية الدولية، وتوقف التغول الصهيوني عن جرائم حربه ضد الشعب العربي الفلسطيني، وتدفع بعربة السلام الممكن والمقبول للامام، وتحول دون اختطاف قادة إسرائيل المنطقة عموما إلى محرقة جديدة.

وأيا كانت نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة، فاز ساندرز فيها، او لم يفز، فإنه كأمريكي من اتباع الديانة اليهودية يشكل رافعة مهمة في فضح وتعرية نتانياهو المتهم بالفساد وائتلافه المتطرف، وبذات القدر وأكثر ساهم مع اقرانه المرشحين الديمقراطيين وورن وبيتجيج، وحتى بايدن، نائب الرئيس الأمريكي السابق بإماطة اللثام عن الوجه القبيح للرئيس دونالد ترامب وإدارته، التي ساهمت بشكل غير مسبوق في تبديد جهود السلام القائمة على اساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، وفتحت فوهة بركان العنف والفوضى والإرهاب الصهيوني ليعيث فسادا في الأرض، وليس ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية فقط.

ساندرز وأقرانه من الحزب الديمقراطي ليسوا جددا بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكن إعلانهم مواقفهم الرافضة لخيار قادة اليمين المتطرف الإسرائيلي، وسياسة إدارة ترامب المتصهينة، ودعمهم لخيار الدولتين في خضم الحملة الانتخابية يشكل نقلة مهمة ونوعية في مسيرة الحملات الانتخابية الرئاسية .