صحافة

الحياة الجديدة :النصف المملوء من الكأس

06 مارس 2020
06 مارس 2020

في زاوية مقالات كتب باسم برهوم مقالاً بعنوان: النصف المملوء من الكأس،جاء فيه: عندما شاهدت الفيديو الذي نشره رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة، بعد إعلان نتائج الانتخابات الاسرائيلية، خرجت من لحظة الاحباط التي انتابت الغالبية، للفوز النسبي لنتانياهو ويمينه المتطرف. بعد هذه المشاهدة قررت أن أرى النصف المملوء من الكأس، أو حتى الربع المملوء، تماما كما رأى أيمن عودة الأمور. هناك عنصر إيجابي، عنصر مهم جدا وكبير جدا، وهو أن الحقيقة الفلسطينية انتصرت انتصارا كاسحا على كل محاولات الطمس والتغييب والانكار، ومحاولات شطب الهوية والتجزئة.

بالتأكيد أن رقم 15 مهم جدا، فاليوم وللمرة الأولى للفلسطينيين داخل الخط الأخضر، هذا الرقم من المقاعد في الكنيست الإسرائيلي، إلا أن الأهم أنه للمرة الأولى، أو أنها المرة الأكثر وضوحا الذي ينتصر الفلسطينيون في مناطق الـ 48 لهويتهم الوطنية ولوحدتهم الوطنية. وليس هذا وحسب بل ان كل ذلك يتم في إطار المشروع الوطني العام للشعب الغلسطيني. فهؤلاء لم يخفوا انهم جزء من الشعب الفلسطيني، وأنهم ينتمون للهوية الوطنية ولأهداف الشعب الفلسطيني عامة.

وفي التفاصيل، أن يصوت للقائمة أكثر من 90 في المائة في كل المدن والبلدات والقرى العربية، وبين كل الطوائف، هو أمر في غاية الأهمية وتعبير عن وعي عميق. ويعد لهذا الموقف وهذا الجهد الوطني الفضل في عدم تحقيق اليمين المتطرف في اسرائيل نصرا محسوما، وأن ينتزع المقاعد السحرية من نتنياهو واليمين التي بها يمكنهم تشكيل الحكومة بسهولة وسلاسة، أو حتى أن يحرمهم كل فرصة تشكيل الحكومة.

هذا التطور يمنح الانسان الفلسطيني ثقة أكبر بأن لصوته تأثيرا، كما يمنح الكل الفلسطيني بأن هناك دائما فرصة للتأثير، وأن يراكم إنجازات تمكنه في نهاية المطاف من تحقيق أهدافه. لا أحد ينكر صعوبة وتعقيد النضال الوطني الفلسطيني، وصعوبة ظروفه، ولكن هناك دائما نوافذ وأبواب لتحقيق المكاسب، خصوصا إذا امتلكنا الارادة والإصرار وعدم الاستسلام لليأس والاحباط.

وبعيدا عن الدور الذي لعبه نتانياهو المتغطرس، ومواقفه المتطرفة في توحيد موقف فلسطينيي الداخل، ولكن دون شك أن التنظيم الجيد والجهد الكبير والتكتيكات والشعارات الذكية التي استخدمتها القائمة العربية لعبت دورا كبيرا في هذا الانجاز الوطني الفلسطيني الكبير. كما أن لأعضاء القائمة شخصيا دورا مهما وحاسما في هذا النصر، إنه الوعي والوحدة والارادة والأداء كلها اجتمعت، وهذا أمر يحصل للمرة الأولى في تجربة النضال الوطني، لعل هذه التجربة تتحول إلى نمط نضالي عام للكل الفلسطيني، فعندما تجتمع هذه العوامل يمكن أن نهزم هذا العدوان.

لذلك فإن الشكر والتقدير والاعجاب لكل مواطن فلسطيني شارك وصوت للقائمة العربية المشتركة لأنه انتصر لذاته ولهويته ولقضيته الوطنية وقضاياه ومطالباته بالمساواة. إنها فرصة للخروج من مربع الاحباط إلى مربع الكفاح ومواصلة الكفاح وأن نرى، وبرغم كل السواد. أم نرى النصف المملوء من الكأس.