سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
شرفات

فتاوى رمضان 1

02 أبريل 2022
02 أبريل 2022

فتاوى يجيب عنها سماحة المفتي العام لسلطنة عمان

السؤال

تتوجه إلينا معارضات كثيرة إذا ما قلنا باعتماد كل بلـد برؤيته للهلال وعدم المتابعة لغيـره من البلدان، وربما احتج علينا البعض أن بلدا ما أحرى بتمثيل الإسلام لمكانتها بين سائر الأقطار، فهلا فندت لنا هذا الإشكال؟

الجواب

الصيام والإفطار منوطـان برؤية الهـلال بالنص الشـرعي، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غـم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»، والحديث مـروي من طرق متعـددة وبألفاظ متنوعة مؤداهـا واحد، ورؤية الهلال تختلف حسب اختلاف البلاد في طلوع الشمس وغروبها، فلذلك لا يمكن التعويل على ثبوتها في بلد ناء يمكن أن يؤثر نأيه في اختلاف الليل والنهار، إما تقدما وتأخرا أو طـولا وقصرا، ذلك لأن المناط في ثبوت الرؤية في غير وجود ما يمنع من سـريان حكمهـا، والاختلاف مانع عند التحقيق، إذ الصيام لا يختلف عن الصلاة، حيث إن كل واحد منهما نيط بأمر طبيعي من حيث التوقيت، فالصلاة نيطت بالـزوال ظهرا، وبكون ظل كل شيء قدره بعد القدر الذي زالت عليه الشمس عصرا، وبالغروب مغربا، وبغيبوبة الشفق عشاء، وببدو الفجر الصادق فجرا، وذلك معتبر في كل مكان بحسبه، فلا يجوز لأهل بلد مثلا أن يصلوا الظهر عندما تزول الشمس في غير ذلك البلد، أو المغرب عندما تغرب في بلد آخر وهكذا، ولو كانت البلد التي زالت فيها الشـمس أو غربت هي التي تمثل الإسلام في نظر المصلي وكذلك الصيام، على أن ادعاء كون بعض البلاد أولى بتمثيل الإسـلام غير صحيح، فإن الإسلام يمثل حيثما حل، وما ذكرته في أمر الصيام هو ورد به الشرع ومضى عليه العمل عند السلف، ودليلا ذلك ما أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن كريب قال: (أرسلتني أم الفضل بنت الحارث والدة عبد الله بن عباس إلى معاوية بالشام، فاستهل على هلال رمضان وأنا بالشام، فلما قضيت حاجتها ورجعت إلى المدينة سألني عبد الله بن عباس فقال: (متی رأيتم الهلال؟)، فقلت: (رأيناه ليلة الجمعة)، فقال: (أنت رأيته)؟ فقلت: م ورآه الناس وصاموا وصام معاوية)، فقال: (ولكن رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نـرى الهلال أو نكمل ثلاثين)، فقلت: (أو ما تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟) قال: (لا، هكذا أمرنا رسول اللہ صلى الله عليه وسلم)، وهو صريح في الحكم، وقول الصحابي أمرنا رسول اللہ صلى الله عليه وسلم له حكـم الرفع بإجماع، ولئن كان ذلك فيما بين المدينة والشام مع تقاربهما، فما بالكم بالأقطار المتنائية؟ فالأخذ بما جرى عليه عملكم من قبل الرأي السديد، ولا تلتفتوا إلى ما يثير الجهلة من الشبه والشغب، والله المستعان وهو ولي التوفيق.

السائل:

نحـن طلبة ندرس فـي الخـارج (الهند) ولا ندري متى نصـوم، لأن المسلمين هنا يصومون إما اتباعا للسعودية وإما اتباعا للتقويم السنوي بدون النظر إلى الهلال، فماذا نفعل؟

الجواب

عليكم أن تصوموا حسب رؤية الهلال في البلد الـذي أنتم فيه، كما تصلون حسب توقيته، والله أعلم.

السائل

رجل أصبـح مفطرا في أول يوم من رمضان، ثم علـم أن الهلال تمت رؤيته البارحة، فهل يجزئه صوم ذلك اليوم؟

الجواب

بما أنـه أصبح مفطرا فـإن عليه أن يعيـد صيام ذلك اليـوم، وهذا بلا خلاف، والخـلاف فيما إذا صام ذلـك اليوم، على أنه إن كان من رمضان فهو صائم لرمضـان، وإن كان من غير رمضان فهو صائـم احتياطا، فبعض أهل العلـم اكتفى بصيامـه هذا، ومنهم من لم يكتف به، والراجح عدم الاكتفاء به، لثبوت النهي عن صيام اليوم الذي يشك فيه عن رسول الله ﷺ والأحاديث التي وردت بذلك كثيرة، فمنها قوله : «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تـروه»، فقد جعل الصيام منوطـا برؤية الهلال مع نهيه عن الصيام حتى يرى ونهيه عن الإفطار حتى يرى، وفي هذا ما يؤكد أن صيام ذلك اليوم حرام، وكذلك ما ثبت من نهيه صلى الله عليه وسلم عن تقدم صيام رمضان بیوم أو بيومين، وإنما استحب الناس الإمساك عندما يكون غيم حتى يأتي الخبر من الأطراف البعيدة، وذلك حتـى يأتي الرعاة من أماكن رعيهم لاحتمال أن يجدوا هنالك من تطمئن له النفس، ويصدقه العقل والقلب أنه رأى الهلال إن شـهد برؤيته، وإذا كان صيام ذلك اليوم ممنوعا على القول الراجح، فأحرى أن لا يعتد به إن صامه الإنسـان مجازفـة، على أن الصيام عبادة تتوقف علـى النية الجازمة، لا على النية التي يتردد فيها، فلا يكتفي بصيامه لو أصبح على نية الصيام إن كان من رمضـان فهو من رمضان وإن من غيره فهو احتياط، والله أعلم.

السؤال

ما قولكـم في رجل من المنطقـة الداخلية بعمان وهـو مقيم بالعاصمة مسقط، وعندما يدخل شـهر رمضان لا يصوم بحجة أنه مسافر ويصعب عليه الصوم في الحر، ثم يقضي رمضان في أشهر الشتاء البارد؟

الجواب

إن كان مقيما بالعاصمة إقامة استيطان فلا يصح له ذلك، وعليه الكفارة عن كل شـهر يفطر فيه، اللهم إلا أن يكون مريضا مرضا يباح له معه الفطر، وذلك بأن يتعذر عليه الصوم أو يشـق عليه مشقة ظاهرة أو يخشى منه زيادة مرض، ففي هذه الحالات كلها يباح له الإفطار شريطة القضاء، لقوله تعالى: (فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ)، أما تأخير الصيام من الصيف إلى الشتاء لسبب الحر نفسه مع قدرته على التحمل فلا يصح بحال، والله أعلم.

السؤال

بعض الأقطار في شمال أوروبا يقصر فيها الليل كثيرا ويطول فيها النهار كثيرا، حيث تصل ساعات الصيام في بعض هذه البلدان إلى عشـرين ساعة أو تزيد، وكثير من المسلمين يجدون مشقة زائدة في الصيام، فهل يجوز اللجوء في هذه البلدان إلى التقدير، وما نوع التقدير الذي يمكن اعتماده إذا كان جائزا، وهل يكون التقدير بسـاعات الصيام في مكة أو بساعات النهار في أقرب البلدان اعتدالا، أو بماذا؟

الجواب:

الأصل في الصيام أن يكون جميـع نهار رمضان، لقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) وإنما يستثنى ذلك ما إذا بلغ قصر الليل وطول النهار إلى قدر ما لا يحتمل معه صوم جميع النهار عـادة، فيرجع في هذه الحالة إلى تقدير وقت الصوم بالساعات، والأولى اتباع أقرب بلد يتيسر فيه صوم النهار كله، والله أعلم.