روضة الصائم

مهنيون بالحمراء يستذكرون ممارسة أعمالهم خلال شهر رمضان

14 أبريل 2022
ذكريات الشهر الفضيل
14 أبريل 2022

سعيد العبري: نستخرج حبوب الذرة من السنابل تحت أشعة الشمس الحارقة ونحن صائمون

اعتاد المهنيون على ممارسة أعمالهم طوال العام وفي شهر رمضان خاصة حسب ما تمليه مصادفة الشهر في فصول السنة المختلفة كالشتاء والصيف وتختلف من مهنة الى أخرى فممارسة أعمال الزراعة خاصة تختلف عن التجارة أو النجارة والحدادة وأعمال الغزل والنسيج وتصفير الأواني الخزفية وصياغة الحلي والتي تمارس تحت سقف مظل، أما أعمال الزراعة فيتم إنجازها في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس الحارقة في أشهر الصيف وهذه وقفة مع أحد المزارعين القدامى ليحكي لنا ممارسة أعمال الزراعة في الماضي حيث يقول سعيد بن سيف العبري: واجهتنا في الماضي مصاعب كثيرة خلال ممارستنا للأعمال الزراعية فلا وجود للكهرباء وشح المياه أيام الجدب يضطرنا الى بذل جهد مضاعف من بينها إعداد وتهيئة الأرض فنبدأ بتقليب التربة، والتي تتم بواسطة الدواب والمستخدم غالبا الثيران التي تجر معدة تقليب التربة، والبعض يستخدم الحمير، لكن أولئك قلة، لأن الحمير كانت تستخدم غالبا لجلب الحطب والأعلاف الحيوانية من المناطق الجبلية وكذلك حمل الأعلاف من المزارع كالقت والذرة وغيرها الى الحظائر الحيوانية الى جانب الأعمال الأخرى المتعلقة بالزراعة كحمل السماد من حظائر المواشي الى المزارع.

الحصاد في شهر رمضان

وبين الوالد سعيد العبري أن: الحصاد في الماضي يتم من خلال القائمين بأعمال الزراعة والذين يطلق عليهم (البيدار) المفرد والبيادير للمجموعة الى جانب بعض ملاك الحقول الزراعية حيث يتم تشكيل فرق للحصاد الذي يمر بعدة عمليات وأغلب المواطنين يعملون مع المزارعين لكل دوره في عملية الحصاد، منهم من يقوم بجز عيدان القمح أو الذرة وربطها في حزم لنقلها الى «الجنور» مكان عملية الدور أي تخليص الحبوب من السنابل حيث تبدأ زراعة القمح والذرة.

ويتطلب للحفاظ على سلامة المحصول إبعاد الطيور عنه ويقوم بهذه العملية «الشايف» الذي يستخدم المقلاع من «سفة» الخوص وحبل من ألياف النخيل يضع فيها حجارة صغيرة ويلوح بها ويطلقها في الهواء وتحدث أصوات طلقات تسمع من بعيد مع إطلاق صيحات تجعل الطيور تبتعد عن الزرع والسنابل ويقوم الشايف بهذه العملية طوال النهار حتى تستوي وتكون جاهزة للحصاد.

وأضاف: ثم يأتي دور فرق الحصاد بقطع الزرع وحمله الى مواقع «الدوس» وهنا تقوم فرق الدوس بالضرب على السنابل لتخليص الحبوب منها بواسطة أطراف النخيل وهناك خاصية بين القمح والذرة في أوقات القيام بعملية الدوس فالذرة لا بد أن يتم دوسها في أوقات الظهيرة وتحت أشعت الشمس مما يعرض فرق الحصاد لمشقة كبيرة خصوصا مصادفة شهر رمضان أيام الصيف فنصاب بعطش شديد نقوم على أثره بغمس أجسادنا في مياه الفلج أو مصب البئر ونحن نرتدي ملابسنا ونخرج من الماء لتهب علينا الرياح وتعمل على تبريد أجسادنا لنواصل العمل حتى إنجازه.

وهناك فرقة أخرى وغالبا ما تكون من النساء تقوم بفصل الحبوب عن التبن والتي هي بقايا السنابل وهذه العملية تتم بواسطة هبوب الرياح برمي المحصول الى الأعلى فتنزل الحبوب للأسفل بحكم ثقلها وتحمل الرياح التبن إلى بعيد عنه وبهذا يتم فصل التبن عن الحبوب. مشيرا إلى أنه: بعد الانتهاء من هذه العملية يتم تقسيم الحبوب بواسطة الكيل حيث تأخذ فرق العمل جزءا من المحصول حسب المتعارف عليه ويسمى الجري والجري يصل وزنه إلى 30 كيلوجراما تقريبا فالبيدار يأخذ نصيبه نظير عمله وكذلك الشايف والقائمون على عملية الحصاد والدوس وما يتبقى يأخذه مالك الأرض الزراعية وكان هذا المتعارف عليه في الماضي لا يأخذون أجرا نقديا نظير عملهم بل يأخذون من محصول الحبوب ونظرا لإشغال مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بزراعة المحاصيل فإن ذلك يتطلب إيجاد فرق كثيرة للحصاد وتم تهيئة أماكن كـ«جنانير» لعملية فصل الحبوب عن السنابل كانت معروفة لدى الجميع منها «جنوران» في ساقية الرس عندما تكون خالية من المياه وجنوران في منطقة ظاهر السمر وطوي الغافة والولجة والسفيلة وخب السلم وغيرها الكثير وأيام الحصاد تعد تظاهرة اجتماعية الكل يشارك فيها وهناك أشخاص متخصصون في جمع بقايا السنابل سواء كان مكان الزرع (الضاحية) أو من الجنور حيث يستفيد الجميع من موسم حصاد القمح.

مصادر المياه وعملية الري

وعن مصادر الري يقول العبري: يعد فلج الحمراء المصدر الرئيسي لمياه الري والاستخدامات المنزلية حيث يعتمد عليه المواطنون اعتمادا كليا وعند تضاؤل مياه الفلج يتم الاستعانة بالآبار التي تم حفرها في مواقع عدة من الأراضي الزراعية بالولاية والتي تشكل مساحة واحدة تبدأ من رأس الفلج وحتى أطراف الولاية وقد تم تقسيم الأراضي الزراعية الى أجزاء منها المساحات المخصصة لغراسة النخيل وزراعة أنواع الفواكه والحمضيات وأخرى لزراعة المحاصيل الموسمية كالذرة والقمح بأنواعه الى جانب المساحات المخصصة لزراعة القت والأعلاف الحيوانية وأضاف سعيد العبري القول: عند تضاؤل مياه الفلج أوقات المحل وانقطاع الأمطار لفترات طويلة حتى كان الفلج يجف تماما إلا أن أحد البارعين في خدمة الفلج ويدعى سليمان بن نجيم العبري استطاع شق قناة إضافية تسمى ساعد العور بعد ذلك لو تضاءلت مياه الفلج لكنه لا يجف تماما يبقى جريانه ضعيف يستعان به في ري مساحات زراعية قليلة ويتم الاستعانة بالآبار التي تم حفرها لهذا الغرض وتعد آبارا قوية أشهرها ظاهر الكبيرة وظاهر السمر وطوي الحديثة والسفيلة أي في الجهة السافلية وطوي الحداد والغبرة وغيرها من الآبار ويتم رفع الماء بواسطة الدلو والمنجور الذي يتم تركيبه على جريد من جذوع النخيل أو خشب العلعلان المتين والقوي لحمل المنجور والدلو عند امتلائه بالماء ولكل بئر خب والخب عبارة عن حفرة تم حفرها بأسلوب انسيابي حتى تستطيع الدواب النزول إلى قاع الخب وهي تجر الحبال المربوط فيها الدلو التي تمر عبر المنجور لترفع الماء الذي امتلأ به الدلو ليصب في المصب وهو عبارة عن حوض تم بناؤه بواسطة الحجارة والصاروج الذي عوضه الأسمنت في الوقت الحاضر وعملية رفع الماء من البئر تسمى بالزيجرة وعلى المزارع أو القائم بالعمل في الزيجرة أن يأتي مبكرا قبل أذان الفجر ليحجز وقت الزيجرة ويمكن أن يأخذ دوره في ساعات الظهيرة إلى أن بدأ استيراد مكائن رفع الماء التي تعمل بالديزل والتي أحدثت ثورة في مجال الزراعة.

التمر والليمون

وعن حصاد الأصناف الأخرى يقول العبري : اعتادت ولاية الحمراء على مواسم الحصاد طوال العام فهناك موسم حصاد التمور بدءا من عملية الجداد الى تنقية التمور وتعريضها لأشعة الشمس حتى تجف ويتم وضعها في أوان فخارية وظروف مصنوعة من سعف النخيل وكذلك موسم حصاد الليمون حيث يتم طناؤه حاله حال النخيل وتأخذه فئة معينة كالتجار ويتم تشكيل فرق للحصاد وخصصت مواقع لتجفيف الليمون تسمى مساطيح والمفرد مسطاح وكانت أغلب المساطيح في تلة الحبل لكونها انسيابية لو تعرض المحصول لهطول أمطار فإن الماء يجري ولا يبقى تحت الليمون ويفسده ويعد ليمون ولاية الحمراء ومسفاة العبريين والمناطق الجبلية من أجود أنواع الليمون على مستوى سلطنة عمان حيث يشكل موسما للبيع بالوزن، ويأتي إلى الولاية تجار الليمون من مسقط والباطنة.