64566
64566
روضة الصائم

كنت أحفظ بين العشاءين وبعد الفجر.. وأجيد روايتي حفص وشعبة عن عاصم

17 أبريل 2022
سليمان الرواحي: القرآن الكريم يحتاج إلى طرق مدروسة واستراتيجيات معينة تجعل الحافظ لا ينسى ما حفظه
17 أبريل 2022

حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اختارهم الله من بين الخلق لكي تكون صدورهم أوعية لكلامه العزيز، بفضله وتوفيقه، فتلك بركة أسبغها الله على حيواتهم، نالوها ثمرة لجهدهم في تدارس القرآن وحفظه، فبذلوا أوقاتهم رغبة منهم في حصولهم على هذا الوسام الرباني، فنالوا ما كانوا يرجون.

كيف بدأت رحلتهم في الطريق المبين؟ ومَن أعانهم على سلوكه؟ وما العقبات التي ذللها الله لهم لاجتياز هذا الدرب؟ وقصص الشغف التي رافقتهم في هذا الطريق القويم؟ وما آمالهم وطموحاتهم المستقبلية التي يطمحون إلى تحقيقها، كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع الحافظ لكتاب الله «سليمان بن سعيد الرواحي»

متى بدأت رحلتك مع حفظ كتاب الله؟ وهل شجعتك العائلة على ذلك أم كانت رغبة شخصية لديك؟ حدثنا عن قصة حفظك بالتفصيل؟

بادئ ذي بدء شرعت في حفظ كتاب الله تعالى منذ الصغر حالي كحال كثير من حفظة كتاب الله الذين ترعرعوا منذ الصغر على حب القرآن وتعلمه وحفظه، وكانت الرغبة الداخلية المشتعلة هي الدافع الأول في مسيرتي، حيث إنني عندما كنت في مراكز القرآن الكريم وخاصة المراكز الصيفية كنا نتعلم القرآن الكريم وأهمية هذا الكتاب العزيز وما به من مكنونات عظيمة وأسرار عجيبة، وكذلك أيضا عندما كنت أسمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل القرآن الكريم وتعلمه وحفظه كان ينتابني ذلكم الشعور الجميل بأن أكون أحد حفاظ القرآن الكريم لما يناله الحافظ من بركات وأجور عظيمة في الدنيا وفي العقبى وأيضا لا أنسى دعاء الوالدين الذي أرى أثره جليا واضحا في ذلك.

كيف كنت تنظم وقتك في حفظ القرآن الكريم أثناء التحصيل الدراسي أو مزاولة أعمالك والتزاماتك؟

حقيقة الأمر منذ أن كنت في المرحلة المدرسية مرورا بدراستي الجامعية إلى أن انخرطت في سوق العمل لم أر مثل القرآن الكريم يرتب وقتي وينظمه، لأنه القرآن ما زاحم شيء إلا باركه وجعله ميسرا سهلا ولا ريب، لأنه كلام الخالق العظيم الحق سبحانه. فمثلا أيام المدرسة كنت أحب أن أضع لحفظ القرآن الوقت الذي يكون بين العشاءين (بين صلاة المغرب والعشاء) وهذا كان من أكثر و أجمل أوقاتي لحفظ القرآن، فهو وقت قصير مبارك ارتحت إليه، يليه بعد صلاة الفجر أيضا كنت أحفظ وأراجع وأثبت القرآن فيه، ولا يوجد أبدا تعارض مع المذاكرة أو مراجعة دروسي المدرسية، أو عندما كنت أيضا في مرحلتي الجامعية لأنني خصصت أوقاتا لذلك.

ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتك في مسيرة حفظك للكتاب العزيز؟

من أكبر التحديات التي واجهتني هي فقدان المؤازر والصاحب القرآني الذي يكون معي ويعينني على المراجعة والحفظ والتثبيت وبالأخص في قريتي، ولفظة المؤازر أو الوزير معناها في آي الذكر الحكيم (ظهيرا ومعينا) حيث يقول الحق سبحانه في قصة سيدنا موسى عليه السلام عندما دعا الله في سورة طه بعد ما قال ( رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري)... إلى أن قال (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا)

فكان هذا هو الأمر الذي أتعبني لأني لا أجد من هم في عمري وبالتحديد في قريتي ممن هم مقبلون على حفظ القرآن ولكن بفضل الله تجاوزت الصعوبات وحاولت أن أستعين بمعلم يسمّع لي عندما تكون لديه الفرصة سانحة والحمد لله.

من خلال تجربتك الذاتية، كيف تجسدت البركة التي يتركها القرآن في حياة من يحفظه؟

لا ريب أن القرآن الكريم من انغمس فيه خرج منه محملا بالخيرات والبركات العظيمة فمن تجربتي الشخصية وجدت التيسير والتسهيل والبركة في كافة شؤون حياتي سواء كانت العلمية أو العملية، وإن واجهت صعوبة من الصعوبات أراها تنزاح مباشرة وذلك بفضل القرآن الكريم لأنه يروي العطشان روحا أخرى تكون معلقة بالله تعالى. ومن تعلق بالله وبكلام الله نزلت عليه فيض كرامته سبحانه.

هل تغيير القناعات حول قدرات الراغبين في حفظ كتاب الله من الممكن أن تجعل عملية الحفظ أسرع؟

أجل لأن كثيرا ممن يرون حفظ القرآن الكريم صعبا جدا هم في الأساس قد بنوا أنفسهم على قناعات خاطئة، فكيف تحكم على العسل وأنت لم تتذوقه؟، فإذن تغيير القناعات عامل مهم، فمن بنى نفسه على قناعة التيسير وأن القرآن حفظه سهل ميسر، وأخذ بكافة الأسباب فسوف يحقق مراده حتما والله تعالى يقول (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).

يعاني البعض من سرعة نسيان ما حفظه من القرآن الكريم، ما هي الطرق الحديثة التي طبقتموها والتي تعين على رسوخ الحفظ وعدم النسيان؟

هذا سؤال يتردد كثيرا على الألسن، والحقيقة أن كل شيء في أمور حياتنا إن أردنا أن نثبته أو نتقنه أو نكون فيه محترفين لابد من التكرار والممارسة فيه حتى يتحقق الهدف الذي نصبوا إليه، وكذلك القرآن الكريم يحتاج إلى طرق مدروسة واستراتيجيات معينة تجعل الحافظ لا ينسى ما حفظه، ومنها: أولا لا بد أن يعلم كل واحد منا مراحل الحفظ، وهي الحفظ ثم التكرار ثم التثبيت حتى الإتقان والمقام لا يتسع لذكر كل الطرق الحديثة فهناك كثير من الطرق المختلفة التي تعين الحافظ لتثبيت ما حفظه.

ثانيا: أيضا من الأمور التي تعين الحافظ لتثبيت حفظه هو الابتعاد عن الذنوب والمعاصي لأنها سبب من الأسباب للنسيان وعدم نزول الآيات في القلب.

ثالثا: وضع خطة مكتوبة باليوم والتاريخ والمقدار الذي يريد حفظه لكي يمضي وفق منهجية صحيحة.

رابعا: لو افترضنا أن أحدا أراد أن يحفظ وجها من القرآن ولتكن صفحة في اليوم يقوم بحفظها آية آية حتى يتم حفظها ثم يكررها عدة مرات ثم يصلي بها في ذات اليوم لأنه من العوامل القوية التي تثبت الحفظ هو الصلاة به وهكذا يمضي في خطته مع مراجعة ما سبق.

خامسا: الابتعاد عن المشتتات بكل أنواعها.

ما أجمل قصة حصلت لك أثناء مسيرتك مع حفظ كتاب الله؟ أحكيها لنا؟

هي ليست قصة ولكنه موقف من المواقف، فعندما كنت في المدرسة طلب مني أستاذي أن أشارك في مسابقة حفظ القرآن الكريم في المدرسة وأنا كنت لا أحفظ شيئا في ذلك المستوى وهو حفظ سورة البقرة وهي أطول سورة في القرآن الكريم فقال سوف تشارك فقلت له أستاذي كيف؟ وأنا لا أحفظ والوقت قصير، والمسابقة قريبة جدا قال لي أبدأ من اليوم واحفظ حتى موعد المسابقة. وفعلا حفظت حتى وصلت لحفظ قرابة نصف جزء أو أكثر بقليل، فعندما جاء وقت المسابقة قلت له أستاذي كيف سأشارك وأنا لم أتم حفظها قال لي: عندما تكون عند لجنة التحكيم أخبرهم بأنك تحفظ حتى آية كذا، قلت له حسنا، فعلا عندما دخلت المسابقة وحضرت عند لجنة التحكيم أخبرتهم بأني أحفظ حتى موضع كذا، وإذا أسمع كلاما لم يخطر ببالي، وهي كلامات التحفيز والتشجيع من قبل لجنة التحكيم فكانت هي الجرعة المغذية لي لكي أواصل حفظ القرآن الكريم.

ما الآية التي تتردد في ذهنك دائما؟ تجد نفسك تتلفظ بها دون أن تشعر؟

حقيقة لا توجد آية بعينها تتردد في ذهني باستمرار لأن القرآن الكريم كله أشعر فيه بالطمأنينة والراحة والسكينة ولكن سبحان الله أحيانا يأتي في ذهني قول الله تعالى في سورة هود عليه السلام (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) فأحب أحيانا أردد هذه الآية الكريم لما لها من أثر عظيم.

أمام هذا الكم الهائل من الملهيات ووسائل الترفيه واللعب.. ما هي الطرق والأساليب الحديثة التي تتبعونها في ربط الناشئة بالقران الكريم؟

كما هو معلوم لدى الجميع من انتشار هذه الوسائل ولما لها من أثر إما إيجابا أو سلبا يعود على النشء فلا بد من تخصيص أوقات للعب والترفيه ووقت للقرآن الكريم ووقت للمذاكرة وهكذا حتى ينمو هؤلاء النشء على ضبط أنفسهم بأوقات ويثمنوا قيمة الوقت، وأن لا يذهب عنهم سدى دون تحقيق هدف أو وصول لغاية معينة.

ما هي المسابقات القرآنية التي شاركت فيها؟ وهل تجد أن هذه المسابقات حافز للحفظ ولتجويد الحفظ؟

مسابقات متعددة لتلاوة وحفظ القرآن الكريم في الولاية وخارجها وأيضا عندما كنت في المدرسة وكذلك في الكلية وحاليا شاركت في مسابقة السلطان قابوس النسخة الأخيرة.

لا شك في ذلك فإن هذه المسابقات لها دورا كبيرا في تثبيت المحفوظ، وأن لا ينفلت بسرعة ويعين الحافظ على التعلم المستمر من ينبوع هذا الكتاب المبارك حفظا وتلاوة وتدبرا وتجويدا وعملا.

كيف يستعد الحفاظ للمشاركة في المسابقات الدولية لحفظ القرآن الكريم؟

حقيقة لم أدخل بعد في هذا المضمار، ولكن لدي النية والعزيمة والطموح، ونسعى لنرتقي ونحلق خارج الصندوق لنكون مثل أولئك الأبطال الذين يشاركون في مثل هذه المسابقات الدولية

ولكنهم بطبيعة الحال يستعدون الاستعداد الأمثل من تثبيت حفظ القرآن ومراجعة المتشابهات والاستعانة بالمقرئين المجازين.

ما هي القراءات القرآنية التي تجيدها؟ وكيف تعلمتها؟

رواية حفص عن عاصم ورواية شعبة عن عاصم، تعلمتها عن طريق شيخي الجليل المقرئ حمد بن سعود المشعري حفظه الله ونفعنا بعلمه.

ما هي المشاريع المستقبلية التي تطمحون إلى تحقيقها والتي تخص كتاب الله؟

تعلم القراءات العشر وأخذ إجازة فيها، وأن أكون أحد المقرئين في الإذاعة والتلفاز وأن نكون في خدمة القرآن لهذا الوطن الغالي عُمان، وأيضا جمع الناس على مائدة صلاة التهجد بختمة القرآن بمعدل جزء كل جمعة وسبت من كل أسبوع وقد بدأنا بذلك ولله الحمد.