No Image
روضة الصائم

فتاوى يجيب عنها فضيلة سماحة المفتي العام لسلطنة عمان

31 مارس 2022
31 مارس 2022

السؤال:

فيمن رأى الهلال بمفرده وردت شهادته، هل يصوم برؤيته ويفطر برؤيته ؟

الجواب:

الصيام منوط بثبوت رؤية الهلال، إما بالمشاهدة أو بشهادة عدلين أو بالشهرة، واختلف في العدل الواحد، وعليه فإن رؤية الإنسان بنفسه حجة عليه فهو متعبد بما رآه، ولا يجوز له أن يكذّب نفسه، فيلزمه الصوم والإفطار، وإنما يفطر مختفيا حتى لا يساء به الظن، وله أن يجهر بصومه ويمسك عن سائر المفطرات، هذا هو القول الراجح الذي عليه أصحابنا وأكثر علماء الأمة.

هذا وذهب الحنابلة إلى أنه عليه أن يتبع الناس في صيامهم وإفطارهم، فإن ردت شهادته فليصم وليفطر مع الناس، وحجة هؤلاء حديث: (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والحج يوم تحجون)، ولكن الغاية من الحديث أن الناس يتعبدون بما بلغهم من العلم، فإن اختفت رؤية الهلال عليهم بغيم أو غيره فأخروا الصيام بناء على أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكملوا العدة، فإن الصيام المعتبر هو ذلك الصيام الذي صاموه، فصومهم وفطرهم إنما هو بحسب ما ثبت عندهم. وليس المراد بالحديث أن يمتنع الإنسان المتعبد به في خاصة نفسه، وأي حجة أثبت وأقوى وأبلغ من أن يرى الإنسان ما نيط به فرض الصوم أو حكم الإفطار -وهو الهلال- بأم عينيه، والله تعالى يقول: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» وهذا قد صدق عليه أنه رأى الهلال، فهو متعبد بما رآه، والله أعلم.

السؤال:

ما هي الشروط الواجب توافرها في الشخص الذي يرى هلال رمضان؟

الجواب:

لا بد من أن يكون عاقلا بالغا عدلا في دينه، وأن تكون شهادته لا يكذبها الواقع، والله أعلم.

السؤال:

ما حكم من صام على توقيت أهل عمان ثم سافر إلى دولة أخرى متقدمة في صيامها فكان صوم هذه الدولة ثلاثين يوما فأفطر معها، رغم أنه صام تسعة وعشرين يوما فقط، فهل عليه أن يعيد ذلك اليوم إذا أتمت سلطنة عمان ثلاثين يوما؟ وما حكم من صام ثلاثين يوما ثم سافر إلى دولة متأخرة في الصوم؟ فهل يصوم معها هذا اليوم ليكون صومه واحدا وثلاثين يوما أم يفطر؟

الجواب:

إن صام تسعة وعشرين يوما، ثم انتقل إلى بلدة أخرى تقدم صيام أهلها، وثبت عنده أن الصيام كان مبنيا على شهادة عادلة فليفطر يوم عيدهم، أما إن كان صيامهم وإفطارهم بمجرد الاتباع لغيرهم كما الحال الآن فعليه مواصلة الصوم حتى ينتهي فرضه المحدد.

وإن صام ثلاثين يوما، وكان قد رأى الهلال بنفسه عند دخول الشهر، وصام على هذه الرؤية، أو على شهادة الشهود الأمناء بأنهم رأوا الهلال، ولم تكن شهادتهم مشكوكا فيها، فليس عليه زيادة على الثلاثين إن انتقل إلى بلد تأخر صيامه، قيل بل عليه أن يكون معهم في إفطارهم، والله أعلم.

السؤال:

ماذا يفعل من صام في بلد، ثم انتقل إلى بلد آخر قد تأخر فيه الصوم بيوم واحد؟

الجواب:

إذا صام الإنسان في بلد برؤية ثابتة في نفس ذلك البلد، ثم انتقل بعد ذلك إلى البلد لعدم ثبوت الرؤية فيه، وانتقل بعد ذلك إلى بلد آخر تأخر صيامه عن ذلك البلد لعدم ثبوت الرؤية فيه فما عليه إلا أن يتم ثلاثين يوما فقط لأن الصوم لا يزيد عن ثلاثين، وهذا هو الراجح وقيل غيره.

وأما إذا كان دخول رمضان في البلد الذي ابتدأ الصيام فيه بدون رؤية صحيحة ثابتة، فعليه أن يكمل صومه حسب صوم أهل البلد الذي انتقل إليه، لأن ابتداء صومه لم يكن بسبب ثابت، والله أعلم.

السؤال:

من سافر عن وطنه إلى بلد آخر تقدم فيها الطلوع، فكيف يكون إفطاره؟

الجواب:

من سافر من بلد إلى آخر وهو صائم، وبين البلدين تفاوت في الطلوع والغروب، فليس له أن يفطر إلا عندما تغرب الشمس في البلد الذي انتقل إليه، سواء تقدم الطلوع والغروب فيها أو تأخر، والله أعلم.

السؤال:

رجل صام رمضان في دولة مجاورة ثم أفطر ثلاثة أيام منه لمرض ألّم به، وعاد إلى بلده قبل نهاية الشهر، ووجد أن الصوم في بلاده متأخر بيوم واحد عنه في تلك الدولة المجاورة فصام ذلك اليوم، فهل له أن يعتبر ذلك اليوم الأخير، أحد الأيام الثلاثة التي أفطرها بسبب المرض؟

الجواب:

يجب عليه صيام ثلاثة أيام من غير اليوم الذي صامه في بلده على أنه آخر يوم من رمضان، والله أعلم.

السؤال:

ما قولكم فيمن غاب سمعه وبصره، كيف يكون صيامه؟

الجواب:

من غاب سمعه وبصره ينبه بحضور شهر الصيام بما يمكن، فإن تعذر انتباهه فالتكليف ساقط عنه، والله أعلم.

السؤال:

لقد كثر النقاش في ثبوت دخول الشهر بالحساب الفلكي، فما الحق في ذلك؟ وهل لشخص في بلد ما أن يخالف صوم جيرانه من البلدان المجاورة؟

الجواب:

نيط أمر الصيام والإفطار بالرؤية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، ويقول كذلك: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما».

وهناك روايات متعددة تصب في المصب نفسه، وهي بأسرها دالة على أن الصيام والإفطار إنما هما منوطان بثبوت رؤية الهلال، هذا والرؤية أمرها ميسر، فإن كل أحد يمكنه أن يرى الهلال بنفسه إن كان بصيرا، وأن يقبل شهادة من قال برؤيته إن لم ير ذلك بنفسه، فأمرها معروف لدى الخاص والعام من الناس، يشترك فيه الرجل والمرأة والصغير والكبير والذكي والغبي والجاهل والعالم، لا فرق بين أحد وآخر فيه، ولذلك يسر الله سبحانه وتعالى الأسباب التي يناط بها الصيام والإفطار، فكان التعويل على الحساب الفلكي فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب»، وهذا يصدق على أكثر الناس وإن وجد فيهم من يحسب ويكتب، ولكن تراعى حالة عوام الناس الذين لا يستطيعون الكتابة، أما الحساب فأمره أصعب، فلا بد له من المتخصصين في هذا المجال، وعامة الناس لا يمكن أن يكونوا في مستوى أولئك المتخصصين في علم ما فيه من المجازفة، ويتبين ذلك الفلك، فلذلك نرى الاعتماد على ما دل عليه الشرع من رؤية الهلال أو الشهادة العادلة أو الشهرة التي لا يشك معها في رؤيته، ولكن عندما تفشى في الناس الكذب وقول الزور وكثرت الادعاءات في أمر الأهلة، ينبغي أن يكون الحساب الفلكي وسيلة لمعرفة صحة الشهادة من خطئها، حتى ترد الشهادة عندما يكون هنالك يقين باستحالة رؤية الهلال، كما لو إذا شهد الشهود بأنهم رأوا الهلال في يوم غيم، بحيث يدرك الكل بأن رؤيته متعذرة، فهذه الشهادة ولو صدرت من عدول هي مردودة، وإذا ما شهد الشهود بأنهم رأوا الهلال في غير مطلعه في غير الأفق الذي يرى منه فلا ريب أنها رؤية الهلال في ذلك في شهادة باطلة، ولو كان الشهود عدولا، وعندما يثبت ثبوتا جازما بأنه تتعذر ذلك اليوم بحسب ما يقتضيه علم الفلك، فالتعويل على رد هذه الشهادة أمر ليس فيه أي حرج، هكذا نرى ونعتمد، هذا وإذا ثبتت الرؤية في بلد لزمت أهل البلدان المجاورة التي لا تفصل بينها وبين البلد الذي رأى فيه الهلال مسافة تختلف معها المطالع، وهو معنى ما جاء في النيل: (والبلاد إذا لم تختلف مطالعها كل الاختلاف وجب حمل بعضها على بعض)، والله أعلم.

السؤال:

في كثير من الولايات الأمريكية، وكذلك الأقطار الأوروبية تصعب أو تتعذر رؤية هلال رمضان أو شوال، والتقدم العلمي الموجود في كثير من هذه البلدان يمكن من معرفة ولادة الهلال بشكل دقيق بطريق الحساب، فهل يجوز اعتماد الحساب في هذه البلدان؟ وهل تجوز الاستعانة بالمراصد، وقبول قول الكفار المشرفين عليها، علما أن الغالب على الظن صدق قولهم في هذه الأمور؟

الجواب:

الأصل في الصيام والإفطار رؤية الهلال أو إتمام العدة ثلاثين يوما، وقد استفاضت بذلك الروايات واعتمده السلف والخلف، وعندما تكون الرؤية بالعين المجردة متعسرة، حيث تندر الصحوة لكثرة الضباب والغيوم، لا تمنع الاستعانة بالآلات والمراصد الموثوق بها، شريطة أن تكون بأيدي مسلمين تقوم بهم الحجة في الصوم والفطر، والله أعلم.