No Image
روضة الصائم

فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان

20 أبريل 2023
20 أبريل 2023

شخص وقّت رمضان لأداء زكاة ماله، وأخرج الزكاة في بداية رمضان، ثم بعد أسبوع استفاد مالا آخر، هل أيضا يؤدي زكاته أم لا؟

لا بد أن ينظر في حال هذا المزكي، هل هو ممن يقدم زكاته، لأن كثيرا من الناس لا يلتزمون بالحول لإخراج زكاة أموالهم، وكثير منهم يقدمونها في رمضان، فإذا كان هذا السائل قد تقدم في إخراج زكاته عن موعد حوله، فإن الأموال التي تأتي بعد إخراجه للزكاة التي قدمها وقبل حولان الحول فإن عليه أن يزكيها، أما إن كان قد أخرج زكاة ماله عند حولان الحول، وجرى عمله أن يزكي في بداية شهر رمضان، فإن موعد الحول لهذا المزكي هو مطلع شهر رمضان، وعلى هذا فإن الذي يأتي من بعد يكون من الحول القادم شأنه في ذلك شأن من اتخذ يوما، والأولى في حقه أن يتخذ يوما، ولا حاجة إلى التقديم، إلا إذا وجدت منفعة للفقراء والمساكين، أو أنه يمكن أن يتذكر في شهر رمضان بينما في سائر الشهور قد يغفل، فإن وجدت علة فلا مانع من تقديم الزكاة، ولكن مع ذلك حتى لو تم التقديم فالأولى أن يكون في تاريخ محدد، فما يأتي من أموال في حالة تقديم موعد الزكاة قبل حولان الحول، فإن عليه أن يزكيه، أما إن كان قد التزم بموعد زكاته عند حولان الحول، فإن الذي يأتي من بعد يحسب من زكاة الحول القادم إن بقي معه هذا المال مدخرا، والله تعالى أعلم.

هل جلسات الليزر في نهار رمضان تؤثر على الصيام وبالأخص في الوجه؟

أما حسب علمي ليس فيها ما يدعو إلى التفطير إذا كانت في أمر مباح، فهي ليست بمفطر في ذاتها، فلا تحمل حكم الأكل أو الشرب أو الجماع، ما لم تكن بمعصية فيخشى على صاحبها أن يبطل ثواب صيامه لعدم كفه عن محارم الله تبارك وتعالى في نهار الصيام، وقال صلى الله عليه وسلـم: «ولا صوم إلا بالكف عن محارم الله» والله تعالى أعلم.

ـ هل من الممكن أن يستخدم الإنسان العلاقة مع الله والقناعة ليتحصل على السعادة في الدنيا وهو لا يفكر كثيرا في الآخرة؟

في قوله أن يبني على علاقته بالله تبارك وتعالى وذكره له ما يجلب له السعادة في الدنيا والآخرة دون التفات إلى الآخرة نظر، إذ لا يتأتى تذكر جلال الله تبارك وتعالى وجماله جل وعلا وما يتصف به من صفات عليا وأسماء حسنى، وما لمقام الألوهية من هيبة وجلال، وما لمقام الربوبية أيضا مما يستدعي أداء الحقوق والديمومة لله تبارك وتعالى بما يلزم، والسعي فيما يرضي ربه تبارك وتعالى، وأن يجتنب ما يسخطه، وأن يعمر قلبه حتى يبلغ حد الطمأنينة بذكره، وأن يرى ربه جل وعلا في كل مشاهد حياته، فإن مثل هذا يتعذر معه أن ينقطع عن تذكر الآخرة.

ولكن إن كان يقصد في كلامه أن يغلب جانب الترغيب على الترهيب، وجانب الإجلال والمحبة على الخشية والمهابة، فهذا مسلك لبعض العباد طالما أنه لن يخرجه إلى حدود أن يغفل عن حقوق الله تبارك وتعالى عنه، وأن يستكبر أو يستعلي فلا حرج، فمن العباد من يجد أن تقوية صلته بربه تبارك وتعالى على أسس من المحبة والإجلال والرغبة فيما عنده أدعى لحضور قلبه، وأبلغ به إلى ما يورثه الطمأنينة والسعادة في الأولى والآخرة، وما يمكنه أيضا من مواجهة هذه الحياة الدنيا ولإغوائها وفتنها وشهواتها، بينما تجد آخرين قد يغلبون جانب الرهبة والخوف من الله عز وجل، أيضا لا يثرب عليهم، فإن هذه النفوس نوازع ومشارب لا يمكن أن تحمل على منزع أو مشرب أو طريقة واحدة، طالما أن هذا الخائف لا يبلغ حد القنوط واليأس من رحمة الله تبارك وتعالى فلا حرج عليه إن كان هذا هو المقصود، والله تعالى أعلم.

في سورة الكهف لماذا ذكرت الإرادة البشرية في قوله «فأردنا» الآية 81 «فَأَرَدنَا أَن يُبدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيرا مِّنهُ زَكَوة وَأَقرَبَ رُحما» وذكرت بالتالي بعدها «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا» واستخدمت عبارة «فأراد ربك» ما الحكمة في ذلك؟

في هذه المسألة كلام كثير للمفسرين، وملخص مدار هذا الكلام حول اختلاف التعبير القرآني في تفسير ما قام به العبد الصالح لموسى عليه السلام، ذلك أنه قال في شأن السفينة وما أحدثه فيها فأردت أن أعيبها، «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا»، أما في شأن الغلام قال: «فَأَرَدنَا أَن يُبدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيرا مِّنهُ زَكَوة وَأَقرَبَ رُحما» ثم في شأن الجدار والكنز لليتيمين، فإنه قال: «وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ»

لم الاختلاف في التعبير في هذه المواضع الثلاثة، وخلاصة ما ذكره المفسرون يدور حول لطيفة لها اطراد لكتاب الله عز وجل، وهي أن الخير ينسب إلى الله تبارك وتعالى، أما الشر فإنه لا ينسب إليه تأدبا، والله تعالى أعلم.