No Image
روضة الصائم

عبدالله السيفي: لرمضان ذكريات جميلة وعادات تغلّفها الروابط الاجتماعية

03 أبريل 2022
في السابق نأكل المحاصيل التي كنا نقوم بزراعتها
03 أبريل 2022

لشهر رمضان ذكريات لا تنسى حيث يحتفظ الجميع بهذه الذكريات مع تقدّم العمر ويعقدون المقارنة بين رمضان الماضي والحاضر يوم أن كانت المدن والقرى تغلّفها الروابط الاجتماعية بصورة أكثر مما نشاهده حاليًا. في السطور التالية نستذكر أحاديث ومواقف من رمضان مع الشيخ عبدالله بن سعيد السيفي فنبدأ بالحديث عن أول رمضان أتمّ صيامه ومن شجّعه على الصيام وتوقيت شهر رمضان في ذلك العام فيقول: أول تجربة لي مع الصيام كانت في عمر سبع سنوات وهو العمر الذي يؤمر فيه الصبي بالصلاة كما جاء في حديث الرسول الكريم وأمرني بالصيام جدي لأمي سعود بن محمد الفرقاني (رحمه الله) وجدتي لأمي فيرجع إليهما الفضل بعد الله في تربيتي وتشجيعي على الصيام في هذه السن وصادف ذلك العام فصل الشتاء. انتقل بنا الحديث لمعرفة كيفية تحرّي هلال شهر رمضان، ومعرفة دخول الشهر ومكان رؤية الهلال وتحري رؤية هلال العيد فقال: يتم تكليف بعض الأشخاص بتحري الهلال في قلعة نزوى وبرج القرن وبعضهم من سطوح منازلهم فإذا رأوه ذهبوا لفضيلة القاضي والشيخ الوالي في حصن نزوى وبذلك يتم الإعلان عن دخول الشهر الفضيل ويتم طلق المدافع من القلعة وبرج القرن بحيث يعرف كل أهالي ولاية نزوى والقرى المحيطة بدخول الشهر كذلك يتم إيفاد بعض العسكر للقرى البعيدة عن طريق الخيول لإبلاغهم بذلك. ينتقل الحديث إلى بعض المواقف التي لم يصل فيها خبر خروج شهر رمضان ودخول شهر شوال أحد الأعوام فقال: نعم وقد حدث ذلك في أحد الأعوام حيث تم إثبات هلال شوّال من بعض القرى البعيدة ووصل الخبر إلى نزوى في حدود الساعة التاسعة صباحًا حيث أُطلقت المدافع في ذلك الوقت وخرج الناس لصلاة العيد وعمل التصبيحة وتناولوها بعد عودتهم من الصلاة.

نهار بأعمال متنوعة

يواصل الشيخ السيفي سرد قصّته الجميلة فيقول: كنا نقضي نهار رمضان في مساعدة الأهل لبعض الأعمال وبعد الفراغ منها نتفرّغ لقراءة القرآن الكريم وبعض الكتب التي كنّا ندرسها في الجامع كما أننا نخصص وقتًا في المسجد لقراءة القرآن، وفي أيام الدراسة كنا نذهب فترة الصباح إلى الجامع للدراسة والتعليم وبعد العودة نساعد الأهل في أعمال الزراعة وإصلاح الفسائل والسقي وبعد الفراغ نقرأ القرآن وكتب الفقه والعقيدة والنحو.

أما عن أهم الوجبات الرمضانية وقت الإفطار والسحور فيقول: الوجبات الرئيسية عند الإفطار التمر في فصل الشتاء والرطب في فصل الصيف وعند الانتهاء من صلاة المغرب نتناول بعض الوجبات كالأرز والشوربة والحسيوَه «عبارة عن حلبة مع الأرز والدنجو أو اللوبيا» وبعض الوجبات الأخرى.

سألته: هل مررتم بمواقف صعبة وأنتم صائمون في نهار رمضان، احكي لنا تلك المواقف؟ وما هو أصعب رمضان صمته؟ قال الشيخ السيفي: لم أذكر مواقف صعبة ونحن صائمون فالعبادات يسهّلها الله ويعين العباد عليها مهما كانت الظروف ولله الحمد لم نصادف أي موقف صعب.

ولكون ولاية نزوى مشتهرة بالزراعة تحدّث الشيخ السيفي عن مصادر التغذية في ذلك الوقت فقال: كنا نأكل المحاصيل التي كنا نقوم بزراعتها كالتمور والتين واللوبيا والسفرجل والعنب وبعض المأكولات والأغذية نشتريها ويتم تجهيز الوجبات في البيوت عن طريق الأمهات، أما عن مصادر الماء فقد كنا نحصل عليه من الآبار الموجودة في المنازل ومن الأفلاج إذ نجلبها في بعض الأواني والأوعية ثم نقوم بوضع الماء في السعن أو الجحلة المصنوعة من الفخار التي يتم تعليقها في الأوتاد وتكون باردة جدًا ولا حاجة للثلج أو أدوات التبريد.

معرفة التوقيت ومواعيد الأذان

وحول معرفة الناس في ذلك الوقت بالتوقيت الزمني وهل كانت تتوفر الساعات لمعرفة أوقات الإفطار والسحور أم الاعتماد على طرق أخرى لمعرفة الأوقات قال: الساعات متوفرة في المساجد والبيوت لمعرفة الأوقات ويتم رفع الأذان في المساجد من قبل الموكول إليهم وهم أهل ثقة، وبما أن المساجد ولله الحمد منتشرة فكنّا نسمع الأذان في البيوت ولا يوجد داعٍ للذهاب للمساجد كما أن الساعات متوفرة والجميع يعرف أوقات الصلوات بسهولة، ولا داعي للصعود إلى سطح المساجد وكان توقيت الساعات في الماضي عن طريق غروب الشمس ولا توجد ضوضاء أو ضجيج الأمر الذي يسهّل سماع الأذان للجميع.

مظاهر اجتماعية جميلة

وتطرّق الحوار إلى المظاهر الاجتماعية التي كانت موجودة سابقا، وأصبحت قليلة الآن فقال كان الناس سابقًا يجتمعون تحت القلعة والحصن وخاصة الشباب لسماع خبر دخول وخروج شهر رمضان وعندما يتم ثبوته يتم طلق المدافع من القلعة وبرج القرن كذلك المدافع الصغيرة التي يصنعونها والآن اختفت هذه المظاهر، كما أن في السابق يكون الإفطار جماعيا عند أكثر الأسر وهناك من يقوم بالإفطار بالمساجد حيث توجد أوقاف خاصة لإفطار الصائم ويذهب أهل الحارة للمساجد لتناول الإفطار معًا في جو تسوده الألفة والمحبة وعند اقتراب أيام العيد السعيد تقوم النساء بخياطة ملابس العيد سابقًا قبل وجود مكائن الخياطة وبعد ذلك اشتغل بعض الأشخاص في الخياطة وكنّا نخيط الملابس معهم، كما أن بعض النساء اقتنين مكائن ويقمن بالخياطة للنساء وهكذا كان التعاون بين الجميع ثم تبدأ مظاهر العيد في أول يوم من شوال ويبدأ الناس بالاغتسال والوضوء ولبس الملابس الجديدة استعدادًا للخروج لصلاة العيد وتناول تصبيحة العيد وبعد الفراغ من الصلاة يسلّمون على بعضهم البعض ويتبادلون التهاني ثم يعودون للسلام على الأرحام والأقارب ويستقبلون المهنئين طوال اليوم علمًا أن تناول التصبيحة يكون قبل صلاة عيد الفطر عملًا بالسنة أما في عيد الأضحى فيكون تناول التصبيحة بعد الصلاة.