سفانة بنت حاتم الطائي
نساء فتح التاريخ لهن الأبواب فشيدن بأخلاقهن بنيانا، التزمن بتعاليم الإسلام منذ بداياته.. فتركن أثرا لا يمكن طمسه، ربت المرأة شجعانا.. ودافعت عن الدين.. فبنت أوطانا، وجاهدت بالمال.. وعالجت الأبطال.. وشاركت في النزال، وحفظت مكانتها وتعلمت وتفقهت وكانت منارا للأجيال..
تصاحبنا في كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك صحابية من النساء اللاتي عاصرن النبي صلى الله عليه وسلم وشهدن الإسلام في بداياته، وتركن بصمتهن في من حولهن وساهمن في رفع راية الإسلام..
الصحابية التي نقف معها اليوم، حازت أجمل الصفات وأرفعها، فهي كريمة بنت رجل كريم، تميزت بأخلاقها ونسبها، فهي سفانة بنت حاتم الطائي وهو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء، يكنى بأبي سفانة، وهي تلقب بالكريمة بنت الكريم.
سكنت حائل ، ولم يورد المؤرخون أو المصادر سنة ميلادها ووفاتها، إلا أنها أسلمت في العام الهجري التاسع، أي أنها عاصرت النبي صلى الله عليه وسلم ونطقت الشهادة بين يديه.
إسلامها
في السنة التاسعة للهجرة عاد علي بن أبي طالب من سرية طي محملا بالغنائم وكان من بين السبايا ابنة حاتم الطائي، التي وقفت بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام وقالت: «يا محمد إن رأيت أن تخلي عني فلا تشمت بي أحياء العرب فقد هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علي من الله عليك ، فإن أبي كان سيد قومي، يفك العاني، ويعفو عن الجاني، ويحفظ الجار، ويحمي الذمار، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام، ويحمل الكل (الضعيف)، ويعين على نوائب الدهر، وما آتاه أحد بحاجة فرده خائبا، أنا بنت حاتم الطائي».
فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم «هذه صفات المؤمنين حقا»، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته بأن يخلوا عنها لأن أباها يدعو إلى مكارم الأخلاق.
ويشار في المصادر إلى أنها نطقت الشهادتين، وتوسطت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعفو عن قومها، وقد أسلموا على أثرها، وشهدت بأخلاق النبي وسيرته الزكية وحملت ذلك إلى أخيها ودعته لمقابلة النبي الكريم الذي فاق والدها بالكرم.
أثرها
كانت سفانة بنت حاتم سببا في إسلام عدي بن حاتم ودخوله للإسلام، كما كانت سببا في إسلام أهل طي، ولم يرد لها أثر غير سيرتها في الكرم والأخلاق الحسنة، والشجاعة وقوة الرأي وفصاحة اللسان.
صفاتها
اشتهرت سفانة بالكرم والسخاء، وكانت تنافس والدها في الكرم، كما عرف عنها فصاحة اللسان وشجاعة القلب، وتجلى ذلك في حديثها مع النبي أثناء أسرها، وتناولت المصادر حسنها وخلقها وبأنها عيطاء أي طويلة القامة، ولعساء جميلة الفم والفتين، وعيناء أي واسعة العينين، فضلا عن دماثة أخلاقها ونبل أصلها، وحكمتها وسداد رأيها.
