No Image
روضة الصائم

سعيد بن محمد المحروقي: فقدان بصري شجعني أكثر على حفظ القرآن الكريم

10 مايو 2021
10 مايو 2021

فقد البصر ولكنه لم يفقد البصيرة، ووهبه الله تعالى ملكة الحفظ منذ طفولته فأكرمه بحفظ القرآن الكريم منذ صغره، وأخذ العلم من بين يديه في القرآن الكريم وبعض علومه مجموعة كبيرة من أبناء ولاية أدم إنه الوالد سعيد بن محمد المحروقي الذي يقارب عمره 77 عاما.

شدني الحوار معه والتقرب إليه كثيرًا للتعرف على حياته وقصته مع القرآن الكريم وحفظه، فنبش في حديثه الشوق والحنين للأيام الخوالي التي عاشها ما بين طالب علم وطالب لقوت يومه ليعيش عيشة هنيئة وسعيدة تتوفر فيها متطلبات الحياة في ذلك الزمان رغم المشاق والمصاعب لنيلها، ولينفرد في حياته عن كثير من أقرانه في ذاك الزمن بحفظ القرآن الكريم بما أنعم الله عليه من ذكاء وملكة حفظ.

فبدأ حديثه قائلا: ولدت بصيرًا أشاهد نعم الله تعالى العظيمة المحيطة بي وأتمعن فيها، ولكن بمشيئته جلّت قدرته أفقدتني البصر وعمري ما يقارب خمسة أعوام بسبب تفشي بعض الأمراض التي كانت في ذلك الوقت.. أفقدت بصري رغم المحاولة للاستشفاء في تلك الفترة بالأدوية والعلاج التقليدي لعدم وجود المراكز الصحية والمستشفيات ولكن قدرة الله تعالى فوق كل شيء وليكون لي ذلك دافعًا وتقوية لإيماني بالله تعالى. وحضرت في مدارس القرآن الكريم حينذاك والتي يطلق عليها مسمى «الكتاتيب» والتي كانت حينها منابر وأماكن للعلم لنهل علومه الدينية والفقهية خاصة والمتمثلة في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وقراءة الحديث الشريف وحفظه وعلوم النحو والفقه والسيرة النبوية وغيرها.

فقد أخذ بيدي بتعليمي للقرآن الكريم وحفظه بالإضافة إلى علم النحو المعلم خلفان بن محمد بن خميس المحروقي بمدرسة الرحبة بالولاية وبعض الأوقات المعلم سليمان بن سيف المحروقي.

بدأت أحفظ القرآن الكريم وعمري ما يقارب سبع سنوات وقد أتممت حفظه في عشر سنوات حيث كان المعلم يقوم بتحفيظي القرآن الكريم عن طريق ترديد الآيات الكريمة عدة مرات ولما أحسست به من ملكة للحفظ منّ بها الله تعالى عليّ فقد استطعت حفظ الآيات الكريمة بعد ترديدها ثلاث مرات أحيانا فقد اعتمدت في حفظي على المصاحف الهندية والتي كانت تتميز بوضع علامة (ع) على كل جزء من السور القرآنية وخاصة السور الطويلة والتي تدل على تقسيماتها وحسن الوقف عليها.

وبعد إتمامي لحفظ القرآن الكريم كاملا قمت وأنا ما يقارب في السن السابعة عشرة بالعمل في تعليم القرآن الكريم بالأجر الشهري في بيتي بتعليم مجموعة من أبناء ولايتي حتى التحقت بالعمل بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية حاليا كمعلم للقرآن الكريم في عام 1982م لأستمر فيها 26 عاما متنقلا بين مدرستين بالولاية أولهما: مدرسة منطقة النهضة لمدة 12 عاما ومدرسة منطقة السليل لمدة 14 عاما.

وعن مراجعتي لحفظ القرآن الكريم فهو بشكل يومي حيث أقوم بمراجعة عدد من الأجزاء منه قد تصل إلى خمسة أجزاء ولا أحدد وقتًا معينًا لذلك وتتابع المراجعة زوجتي أو عن طريق الاستماع للمسجل الصوتي، كما كان للحلقات القرآنية في المساجد الدور الكبير في مساندتها في مراجعتي للحفظ حيث كنا نستقطع وقتا بعد كل صلاة قبل أن تبدأ هذه الجائحة التي أبقتنا في منازلنا.

وعن استغلاله للشهر الفضيل يقول المحروقي: أجد أن شهر رمضان المبارك سابقا يتميز بالكثير عن الوقت الحالي حيث كنا نستعد له وله طعم آخر في كثير من الأمور منها: المبادئ الحميدة كالألفة والمحبة وصلة الرحم والتعاون والتكاتف وغيرها رغم بساطة المعيشة وقتها وصعوبة كسب الرزق عند كثير من الناس بتلك الفترة الزمنية وتلاشى الكثير من ذلك بسبب الأوضاع المعيشية والصحية التي نعيش فيها.

أما عن الكتب التي قرأها فيقول: كتاب الجامع الصحيح وتلقين الصبيان ما يلزم الإنسان وجوهر النظام لمؤلفهما الإمام نور الدين السالمي وكتاب السيف النقاد للعلامة الفقيه الشيخ الحضرمي وملحة الإعراب لمؤلفها أبو محمد الحريري البصري وغيرها مستكملًا المحروقي حواره بأنه كانت له مشاركات في المسابقات المحلية في حفظ القرآن الكريم والتي تنفذها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وحصوله على مراكز متقدمة كما أن له مشاركات مع بدايات الإذاعة العمانية بعرض تلاواته للآيات الكريمة بالإضافة إلى حضوره لحلقات دينية مع سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة ومجموعة من الشيوخ بالسلطنة بجامع السلطان قابوس بروي وحضوره لبعض المحاضرات والندوات عندما يكون زائرا في محافظة مسقط في تلك الأيام الماضية.