روضة الصائم

زكريا المكدمي: القرآن عزيز ومن عزته أنه لا يلبث عند من لا يتعهده

19 أبريل 2022
حوار مع أهل القرآن
19 أبريل 2022

تعلمت قراءة عاصم برواية حفص وشعبة

حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اختارهم الله من بين الخلق لكي تكون صدورهم أوعية لكلامه العزيز، بفضله وتوفيقه، فتلك بركة أسبغها الله على حيواتهم، نالوها ثمرة لجهدهم في تدارس القرآن وحفظه، فبذلوا أوقاتهم رغبة منهم في حصولهم على هذا الوسام الرباني، فنالوا ما كانوا يرجون، كيف بدأت رحلتهم في الطريق المبين؟ ومَن أعانهم على سلوكه؟ وما العقبات التي ذللها الله لهم لاجتيازهم هذا الدرب؟ وقصص الشغف التي رافقتهم في هذا الطريق القويم؟ وما آمالهم وطموحاتهم المستقبلية التي يطمحون إلى تحقيقها، كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع الحافظ لكتاب الله «زكريا بن عبدالله المكدمي»

متى بدأت رحلتك مع حفظ كتاب الله؟ وهل شجعتك العائلة على ذلك أم أنها كانت رغبة شخصية لديك؟ حدثنا عن قصة حفظك بالتفصيل؟

بدأت رحلة حفظي مع كتاب الله منذ نعومة أظافري بفضل الله تعالى فقد كان أبي حفظه الله ورعاه يحفظني قصار السور يوميا وأنال على إنجاز كل سورة مكافأة مالية. بعد ذلك انتقلت إلى معلم القرآن في القرية المعلم سيف البوسعيدي وكان بفضل حرص الوالدة الكبير على استمراري معه أنجزت قدرا ممتازا من سور المفصّل، ثم التحقت بمركز إسماعيل العوفي الصيفي فالتقيت فيه بنخبة من حفظة كتاب الله مما أوقدت بهم الهمم وشدت بهم العزم. بعد ذلك أكرمني الله بالانضمام إلى معهد العلوم الإسلامية بخصب فلقيت صحبة همتهم فاقت ذرى المعالي لتحصيل العلوم وحفظ كتاب الله تعالى. في هذه المرحلة تعرفت إلى واعظ الولاية أستاذي سيف بن ناصر الكيومي فوجهني إلى الختم وكان يتابعني بين الحين والآخر جزاه الله عني كل خير. وأكرمني الله تعالى بختم كتابه العظيم في صيف السنة الجامعية الأولى. بعد ذلك أنعم الله علي بالانضمام إلى برنامج مكنون لتحفيظ القرآن الكريم فساعدني على ضبط القرآن كاملا. وكان يتخلل هذه المراحل كلها وما بعدها متابعة من الأهل وتشجيعا مستمرا مما دعاني إلى ختم كتاب الله تعالى كاملا متقنا.

كيف كنت تنظم وقتك في حفظ القرآن الكريم أثناء دراستك أو مزاولة أعمالك والتزاماتك؟

منذ مراحل الدراسة المبكرة كان للقرآن وقت معروف مخصص واستمر هذا النظام في المرحلة الجامعية وحتى مرحلة العمل بفضله تعالى. أضع وردي من القرآن نصب عيني منذ الليل فأنجز منه ما تيسر قبل الفجر وبعده ثم بين زحام الأعمال اليومية يجد القرآن نصيبه منها. وأستمر في نهاية اليوم الدراسي أو بعد العمل في إنجاز المقرر وإن تبقى منه أنجزه قبل النوم. بهذه الطريقة أجد لذة في الحياة وأشعر بالإنجاز نهاية يومي وصدق قولهم «ما زاحم القرآن شيئا إلا باركه».

ما الصعوبات والتحديات التي واجهتك في مسيرة حفظك للكتاب العزيز؟

كان غياب الخطة الواضحة للوصول إلى الهدف من أكبر الصعوبات. فكنت لا أعرف كيف أوفق بين الحفظ والمراجعة، ثم فقدان المتابع المستمر والمرشد الموجه هو ثاني الصعوبات. تغلبت عليهما بالبحث عن صاحب يشاطرني هدفي السامي فوجدت الصاحب ذا الهمة رياض بن محمد الربخي.

من خلال تجربتك الذاتية، كيف تجسدت البركة التي يتركها القرآن في حياة من يحفظه؟

وجدت البركة في كل شيء، توفيق في الدراسة، إنجاز أعمال كثيرة في وقت قصير، وبركة في الرزق، وتيسير الزواج وتبعاته.

هل تغيير القناعات حول قدرات الراغبين في حفظ كتاب الله من الممكن أن تجعل عملية الحفظ أسرع؟

بالتأكيد. فلا شك أن الإنسان عبارة عن مجموعة من القناعات على إثرها يُمضي حياته. فإذا أصبح من يقين الإنسان أن حفظ القرآن الكريم ممكنا ميسرا ويرى نماذج واقعية حوله كان من أكبر الحوافز له لبلوغ هدفه المنشود.

يعاني بعضهم من سرعة نسيانه لما حفظه من القرآن الكريم، ما الطرق الحديثة التي طبقتموها والتي تعين على رسوخ الحفظ وعدم النسيان؟

القرآن الكريم عزيز ومن عزته أنه لا يلبث عند من لا يعزه. وهذه الصفة هي رحمة للناس لو أدركوا محاسنها.

فبفضلها يتعهد الحافظ محفوظة ليل نهار لا يبرحه في حضره وسفره في شغله وفراغه.

لكن من المعين على تقليل النسيان هو تكرار المحفوظ الجديد بطريقة صحيحة متفرقة بحيث يكرره خلال يومه كاملا مرات متفرقة. ثم تكون له مراجعة أسبوعية، يراجع كل الذي حفظه وبها يحصل الإتقان والتثبيت ويتلاشى النسيان.

وخلاصة القول لابد من وجود خطة محكمة مدروسة عملية وضعها خبراء تحفيظ وتم تطبيقها وإثبات نجاحها. وهذه الخطة لابد أن يصاحبها إشراف مستمر منظم حتى يستمر الحفظ.

ما أجمل قصة حصلت لك أثناء مسيرتك مع حفظ كتاب الله؟ أحكيها لنا؟

أجمل قصة هي لحظة ختمي لكتاب الله تعالى أول مرة وكانت في جزيرة مصيرة وقت الصباح كنا نتجول في المنطقة وأنا أستمتع بحفظ آخر آيات سورة آل عمران الشريفة فكانت فرحة ما بعدها فرحة وسعادة لا تقاس بمقياس.

ما الآية التي تتردد في ذهنك دائما؟ تجد نفسك تتلفظ بها دون أن تشعر؟

قوله تعالى: «رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته»

أمام هذا الكم الهائل من الملهيات ووسائل الترفيه واللعب.. ما هي الطرق والأساليب الحديثة التي تتبعونها في ربط الناشئة بالقرآن الكريم؟

يجب على الأهل أن يقوموا بتحفيز وتشجيع أبنائهم لحفظ كتاب الله، وبالإمكان عمل حلقات تحفيظ جماعية للناشئة عن بعد، كما ينبغي تغيير قناعة الوالدين نحو أهمية القرآن في هذا العصر، وضرورة أن يغرسوا هذا المبدأ في نفوس أبنائهم، وأن يكونوا قدوة لهم.

ما المسابقات القرآنية التي شاركت فيها؟ وهل تجد أن هذه المسابقات حافز للحفظ ولتجويد الحفظ؟

شاركت في مسابقات محلية ودولية بفضل الله تعالى، شاركت في مسابقات محلية كثيرة منها مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم، ومسابقة نادي الرستاق الرياضي الثقافي لحفظ القرآن الكريم، ومسابقة جامعة السلطان قابوس لحفظ القرآن الكريم.

أما في ما يخص المسابقات الدولية فقد شاركت في مسابقة مصر العالمية للقرآن الكريم، ومسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم، وجائزة الجزائر الدولية للقرآن الكريم.

كيف يستعد الحفاظ للمشاركة في المسابقات الدولية لحفظ القرآن الكريم؟

هناك جانبان في الاستعداد لمسابقات القرآن الكريم، وهما ضبط الحفظ، وضبط الأداء، أما في ما يتعلق بضبط الحفظ لابد من تعهد القرآن قبل المسابقة بفترة طويلة ومضاعفة الجهد حين قرب المسابقة، وأما ضبط الأداء فهو لا يتحصل من جلسات معدودة وإنما يحتاج أن يفني الحافظ حياته فيه، وعليه أن يصبر حتى يبلغ الغاية في الإتقان، وإنما قبل المسابقة يكون منه مزيد تركيز على ما أتقنه.

ما القراءات القرآنية التي تجيدها؟ وكيف تعلمتها؟

تعلمت قراءة عاصم برواية حفص وشعبة من شيخي الدكتور سعيد الصوافي

ما المشروعات المستقبلية التي تطمحون إلى تحقيقها التي تخص كتاب الله؟

من المشروعات التي أسعى إلى تحقيقها تتمثل في ربط الناشئة بكتاب الله تعالى من خلال إقامة حلقات التحفيظ، وكذلك بناء شريحة كبيرة من الشباب العماني الحافظين للقرآن الكريم كاملا، وإقامة حلقات التلاوة في الأسرة والمسجد.