300
300
روضة الصائم

زاوية لغوية :العلة القائمة مقام علتين في الممنوع من الصرف (2)

04 مايو 2021
04 مايو 2021

يقدمها : إسماعيل العوفي -

ثانيا: ما كان على مثال مفاعل ومفاعيل، فإنه يمنع من الصرف منكرا، ومعرفا، والنحاة يمثلون بهذين المثالين، ولا يقصدون بذلك الحصر، ففي حكمهما ما كان على صورتهما في سكون وحركة وعدد حروف نحو فعالل وفواعل أفاعيل وأفاعل، وهو الذي عبر عنه صاحب اللمحة بالجمع الذي كان بعد ألفه حرفان، أو ثلاثة، وعبر عنه ابن هشام بالجمع الموازن لمفاعل، أو مفاعيل، أو بالجمع الذي لا نظير له في الآحاد، وفي الكتاب «باب ما كان على مثال مفاعل ومفاعيل اعلم أنه ليس شيءٌ يكون على هذا المثال إلاّ لم ينصرف في معرفة ولا نكرة»، وفي المقتضب «أما ما كان من الجمع على مثال مفاعل، ومفاعيل نحو: مصاحف، ومحاريب، وما كان على هذا الوزن؛ نحو: فعالل، وفواعل، وأفاعل، وأفاعيل وكل ما كان مما لم نذكره على سكون هذا وحركته وعدده، فغير منصرف في معرفة ولا نكرة».

ويعلل النحاة سبب منع هذين المثالين، وما كان في حكمهما أنهما ليسا على صورة شيء من أبنية المفرد بخلاف غيرهما من الجموع؛ فلذلك اختلف حكمهما قال سيبويه: «وذلك لأنه ليس شيء يكون واحداً يكون على هذا من البناء، والواحد الذي هو أشدُّ تمكنا، وهو الأول، فلما لم يكن هذا من بناء الواحد هو أشد تمكناً وهو الأول تركوا صرفه؛ إذ خرج من بناء الذي هو أشدّ تمكنا»، وفي المقتضب: «وإنما امتنع من الصرف فيهما؛ لأنه على مثال لا يكون عليه الواحد، والواحد هو الأصل، فلما باينه هذه المباينة، وتباعد هذا التباعد في النكرة، امتنع من الصرف فيها، وإذا امتنع من الصرف فيها فهو من الصرف في المعرفة أبعد، ويدلك على ذلك قول الله عز وجل (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) ﱠ سبأ: ١٣، وقوله « وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»: الحج: ٤٠».

وزاد الأعلم سببين آخرين فقال: «ووجه آخر يقال: لما لم يحتمل هذا الجمع أن يكسر، وفي الجمع ما يحتمل التكسير صار له بذلك مزية في البعد عن الواحد يكسر، ووجه آخر: أنه لما لم يحتمل التكسير أشبه الفعل لأن الفعل لا يجمع فكأن فيه شبه الفعل والجمع».

ولا يعترض على العلة التي عللوا بها منع صيغة منتهى الجموع من الصرف بنحو أكلب، وأجمال، فإنهما لا مثال لها في الآحاد، وهما مصروفان؛ لأن الفرق بين أكلب وأجمال وبين أبنية الآحاد حركة، وهو فرق يسير، قال صاحب اللباب: «وقد نقض هذا ب أكلب وأجمال، فإنَّهما لا نظير لهما في الآحاد، وهما مصروفان وقد أجبت عنه بأنَّ الفرق بين أكلب وأجمال وبين الآحاد حركة فقط وذلك أنَّ أكلباً مضموم اللام، وفي الآحاد كثير على أَفْعَل نحو أحمر، وأفكل، وليس بينهما إلاَّ اختلاف حركة، وكذلك أجْمال مثل إجمال إلاَّ في الفتحة، والكسرة وذلك اختلاف يسير بخلاف هذا الجمع فإنَّه يخالف الواحد في الحروف والحركات»